الثلاثاء، 3 أبريل 2012

المراة التي اصبحت ملكة





 



قصة المراة التي اصبحت ملكة

 

يحكى أن رجلاً من بني إسرائيل

خرج في بعض حوائجه،

وكانت له امرأة فأوصى بها أخاه وسأله

 يتعهدها ويقوم بحوائجها وما تريد،

 فكان يأتيها فيسألها عن بعض حوائجها وما تريد،

 إلى أن رآها فوقعت في نفسه، فراودها

فأبت عليه،

 فقال لها:

 والله لئن لم تفعلي لأهلكنك، قالت:

لا والله ما أنا بفاعلة ولا أنا متابعتك

على ما تريد فعله فافعل ما أنت فاعل،

 فسكت عنها إلى أن قدم أخوه فتلقاه

 وسأله وحادثه إلى أن جرى ذكرها،

 فقال:

 يا أخي علمت أنها راودتني عن نفسي

 وفعلت وفعلت؟

 فقال: أخوه أي شيء تقول؟

 قال:

 هو والله ما قتل لك، فلما قدم

 الرجل لم تكن له همة إلا أن حملها

 ولم يسألها عن شيء تصديقاً لأخيه،

 فأنزلها ليلاً وضربها بسيفه حتى ظن

أنه قتلها ثم مضى، وإن المرأة بقي بها رمق، 


فقامت تدب إلى أن انتهت إلى أصل دير

 راهب فسمع أنينها فأشرف عليها من ديره،

 فلما رآها نزل ودعا غلاماً له أسود

 فاحتملاها فأدخلاها الدير،

فلم يزل الراهب يعالجها حتى برأت،

وكان له ابن صغير قد ماتت أمه،

 فقال الراهب:

إن شئت أن تذهبي فاذهبي،

 وإن شئت أن تقيمي فأقيمي،

 فقالت:

 بل أقيم فأخدمك أبداً، فدفع إليها ابنه

 وكانت تربيه إلى أن وقعت في نفس

 العبد الأسود فراودها،

 وقال:

 والله لئن لم تتابعيني لأهلكنك،

 قالت:

ما أنا بمتابعتك فافعل ما أنت فاعل،

 فلما كان الليل جاء إلى الصبي وهو

 نائم بين يديها فذبحه،

 فلما فعل ذلك مضى إلى الراهب فقال له:

 أما علمت ما كان من أمر هذه الخبيثة

وما فعلت بابنك؟

 وترى هذه فعل بها ما فعل إلا من أمر

 عظيم قد أتته،

 قال الراهب:

 ويحك وما فعلت بابني؟

 قال:

 ذبحته. فجاء الراهب فوجد ابنه متشحطاً في دمه،

 فقال لها:

 ما هذا؟

 قالت:

لا علم لي غير أن غلامك كان من

 أمره وكان،

 فقصت عليه القصة،

 فقال الراهب:

 قد شككتني في أمرك،

 ولست أحب مقامك معي،

 فهذه خمسون ديناراً فخذيها وامضي

 حيث شئت تكون لك قوة، 


فأخذتها ومضت حيث انتهت إلى قرية،

 فإذا رجل قدم ليصلب والناس مجتمعون

 والوالي، فقالت للوالي –

 وقد يرفع الرجل على الخشبة –

هل لك أن تأخذ مني خمسين ديناراً

 وتخلي سبيل هذا الرجل؟

 قال:

 هات.

 فحلت كمها فدفعت إليه الخمسين ديناراً

 فخلى سبيل الرجل،

 فقال لها الرجل:

 ما صنع أحد بأحد ما صنعت لي أنت،

 ولست بمفارقك،

أخدُمك حتى يفرق الموت بيننا.

 فمضى معها حتى انتهيا إلى ساحل البحر

 والناس يعبرون في السفن فدخل وأدخلها

وكان لها هيئة وجمال،

فلما رآها أهل السفينة قالوا:

 من هذه المرأة منك؟

 قال:

 مملوكة لي،

 وقد وقعت في نفس رجل منهم لما رآها، فقال له الرجل:

 أتبيعها؟

 قال:

 إني لأكره بيعها،

 ولو أردت ذلك ثم علمت للقيتُ

منها أذى لأنها تحبني،

 وقد أخذت على ألا أبيعها أبداً،

قال الرجل:

 بعها وخذ مالك واخرج ولا تعلمها،

 فباعه إياها بمال كثير فدفعه إليه

 وأشهد عليه أهل السفينة وهي مع النسا،

 وقرب إليه قارباً فرجع فيه وهي لا تعلم

ومضوا في البحر، فلما علم الذي اشتراها

أنه قد تباعد ولا تقدر عليه قام يكلمها

ويعلمها أنه قد اشتراها،

 قالت:

 اتق الله فإني امرأة حرة،

 قال:

 دعي هذا عنك فقد مضى صاحبك فلا

تقدرين عليه،

 فلا تزوجي بما لا تنتفعين به،

وأقبل أهل السفينة عليها وقالوا:

 يا عدوة الله!

 قد اشتراك الرجل ونحن نشهد،

 قالت:

 ويحكم! خافوا الله فإني والله امرأة

 حرة وما ملكني أحد قد،

قالوا:

 قم إليها حتى تفعل بها كذا وكذا، فإنك

 إذا فعلت ذلك سكنت،

 فقام إليها فلما خافت على نفسها دعت

الله عز وجل عليهم فإذا السفينة قد انقلبت

 بهم، فلم ينج منهم غيرها على ظهر السفينة،


وكان للملك ذلك اليوم عيد على ساحل

البحر من الجانب الآخر، وهو واقف

وأهل مملكته فلما رأى ذلك بعث

من دخل عليهم في السفن فلم يقدر

على غيرها،

 فأخرجت إليه، فساءلها عن أمرها

 ودعاها إلى التزويج فأبت،

 وقال:

إن لي قصة وليس يجوز لي التزويج،

 فصيرها في دار فكان إذا ورد عليه

الأمر الذي يهوله أتاها فشاورها،

 فتشير عليه فيرى في مشورتها

البركة،

 إلى أن حضر الملك فجمع أهل مملكته،

 فقال: كيف كنت لكم؟

 قالوا:

 كالأب الرحيم فجزاك الله خيراً،

 فقال:

 كيف رأيتم أول أمري من آخره قالوا:

 كنت في آخر أمرك أحزم،

 قال:

 فإن جميع ما رأيتم من ذلك كان

 بمشورة هذه المرأة، وقد رأيت لكم رأياً،

 قالوا:

 وما هو أيها الملك؟

 قال:

أملكها عليكم من بعدي،

قالوا:

 فرأيك، فملكها عليهم 


ومات الملك،

 وإنها أمرت بحشر الناس إليها ليبايعوها،

 فحشر الناس وجلست تنظر،

 فمر بها زوجها وأخوه،

 فقالت:

اعزلوا هذين ثم مر بها المصلوب الذي باعها،

 فقالت:

اعزلوا هذا،

 ثم مر بها الراهب وغلامه،

 فقالت:

اعزلوا هذين،

 ثم صرفت الناس ودعت بهم فقالت لزوجها:

 تعرفني؟

قال:

لا والله، إلا أني أعلم أنك الملكة،

قالت:

 أنا فلانة امرأتك،

 وإن أخاك فعل بي وفعل وخبرته الخبر،

 وإن الله تعالى يعلم أنه لم يصل إلي رجل منذ فارقتك،

 ثم دعت بأخيه فقتل،

 ثم دعت بالراهب فأجازته،

وقالت:

 ارفع غلي ما كانت لك من حاجة،

وحدثته بقصة الغلام وما صنع بابنه،

 ثم أمرت بالغلام فقُتل،

 ثم دعت بالمصلوب وأمرت به أن يقتل ويصلب،

 ففعل ذلك بهن ومكثت في ملكها

 ما أراد الله أن تمكث ثم ماتت.



ليست هناك تعليقات: