رساله الى اموالي
صاحب ثروة طائلة عاش حياته غافلاً
من أجله لاهياً عن حفرة القبر الموحشة،
كان أصدقاء المصلحة في حياته
لا يفارقونه،فامتلأت حياته ضجيجاً
وأضواءً وانشغالاً،
كان من أطيب الناس
ريحاً وأحسنهم ثياباً وأكملهم رونقاً
وأوبهه،
فلو خرج من قبره بكفنه المهترئ
ورائحته الكريهة فماذا عساه أن يقول
أو يفعل لعله هل كانت هذه الدنيا وتلك
الأقوال تستحق ماكنا نبذله من أجلها
فمن أجل الأموال عاديت أقاربي
وقسوت على أصدقائي وأهملت
أولادي وقصرت في حق زوجتي
بل قصرت في حق نفسي،لقد أفنيت عمري
وزهرت شبابي في جمع هذا المال ثم حين
حصل لي صرت أكافح من أجل أن أبقى
غنياً متفرداً فلا أريد أن يسبقني في كثرة
المال أحد وكان ذلك كله على حساب صحتي
واستقرار نفسي وحقوق زوجتي وولدي ضللت
ألهث وألهث بحثاً عن السعادة حين والمباهات
حين آخر لم أكن أتوقع أن يداهمني
الأجل بهذه السرعة فتنقطع آمالي وتتحطم
تطلعاتي،لقد كنت أرى الناس يموتون
ولكن كنت أظن أن الموت الذي داهم الآخرين،
كان لأسباب خاصة لا تنطبق عليّ هكذا
كنت أفكر بسذاجة وغفلة ليتني أنفقت
من هذا المال ليكون مزرعة تنتج الأجر
والمثوبة إلى الأبد لقد كنت أسمع القرآن
فلم أعي ما كان فيه من عضات وعبر
لقد أعمى قلبي حب الدرهم والدينار،
كان مما أسمع قول الله تعالى
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ (9) وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنْ الصَّالِحِينَ (10) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }.
.نعم لقد كنت أستمع إلى هذه المواعظ العظيمة
ولكن ندائها
{ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ }
ولعله أن يمر ببيت أحد أبناءه ليجد
أن زوجته قد تزوجت وأن ورثته
قد اجتمعوا ليقتسموا تريكته
هذه غرفة الضيوف مضاءة فيها
ورثتي وقد علت أصواتهم يتجادلون
في قسمة أموال هذا الابن الأكبر له
كذا من الملايين وهذه البنت لها النصف
من ذلك وهذه الزوجة لها نصيبها،
فماذا عساه أن يقول لعله أن يقول:
لقد قسمت أموالي التي كنت أبخل
بها على نفسي وولدي قسمت
على أولادي وأزواج بناتي وزوج
امرأتي،
لقد كنت في الدنيا في عماية عظيمة
حين كنت أسمع
قول النبي-صلى الله عليه وسلم-
(أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله))
قالوا يارسول الله مامنا أحد إلا ماله أحب
إليه من مال وارثه قال(
(فإن ماله ما قدم ومال وارثه ما أخر)
كل ماتركته فليس
بمالي صدق الصادق المصدوق-
صلى الله عليه وسلم-
لقد كنت أنا أخشى على أولادي
العيلة وهذا من قلة التوكل وضعف
اليقين ولقد كنت أنا أولى بهذا المال
منهم لقد كدت أصيح فيهم فأقول
إن في هذا المال زكاة مهملة فأخرجوها
وفي هذا المال ربا فتخلصوا منه،
وفي هذا المال حقوق لبعض الخلق
منعني البخل من أدائها فأدوا الحقوق
أهلها ولكنني لا أستطيع النطق لقد
انقضى زمن العمل وجاء زمن الحساب
والعقاب،آه من الغفلة وطول الأمل
لقد كنت أعيش على أمل يطول
عمري بحياة مرفهة سعيدة
{ ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمْ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ }.
|
الجمعة، 13 أبريل 2012
رساله الى اموالي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق