الأحد، 29 أبريل 2012

حوار بين شقي وسعيد





حوار بين شقي وسعيد





السعيد من سعد بالناس وسعد الناس به، والشقي من أشقى نفسه أو أشقاه زمانه.
السعيد : 
أنا مثل ذاك الفراش الذي يحوم في الحقول..يستعذب رحيق الأزهار ويسكن في الورود ،
ويتنعم بالأشعة الذهبية المنبعثة من شمس الحياة.


الشقي 
: أنا مثل ذاك الفراش الذي يحوم حول الضوء، لا هو تاركه ولا هو مقترب منه، ففي كلتا
الحالتين كتب عليه الهلاك، فهو لا يقدر على فراقه وإن اقترب منه احترق.


السعيد : 
أنا مثل ذاك المزن الذي يتربع في السماء، يحمل في طياته ماء الحياة ليجود به هنا
وهناك.. فيحيا به النبات والعباد.. وأرسم سجادة خضراء على وجه الأرض.


الشقي
 : أنا مثل ذاك المزن الذي يتربع في السماء، تتقاذفه الريح من مكان الى مكان، حتى تضربه
صاعقة فينهمر الماء منه هنا وهناك حتى آخر قطرة فتنتهي حياته.


السعيد: 
أنا مثل تلك الأرض الخضراء ذات المنظر البهيج والحسن البديع.. للناس كالأم أحملهم في
حياتهم، وأحضنهم عند مماتهم، وأعطيهم بلا حدود.


الشقي : 
أنا مثل تلك الأرض الجرداء التي تتطلع الى قطرة ماء تسقط عليها من سحابة، فلا تحيا
الأرض بها ولا تغرقها لتقتل الحياة فيها.


السعيد : 
أنا مثل ذاك التائه في الصحراء قد أحرقته شمس السماء بحرها فوجد شجرة ذات أوراق
مخضرة، وأثمار مكتظة، وظلال منها منتشرة، فأدركته الحياة بها.


الشقي : 
أنا مثل ذلك التائه في الصحراء قد أحرقته شمس السماء بحرها فما وجد سوى شجرة
عارية الأوراق معدومة الثمر فاقدة الظل فلا استظل بها ولا أكل منها.


السعيد 
: أنا كذاك البحر في الجود والكرم، فإن غرق بي أحدهم كان شهيداً، عيشهم من خيراتي
وأحملهم مع الأفلاك، جُعلتُ حياة لكل حي منهم، وطهارة لكل متطهر فيهم.

الشقي 
: أنا كذاك البحر في هيجانه واضطرابه، فإن غرق به أحدهم وشموه بالغدر وختموه باللعن.


السعيد : 
أنا كذاك البدر المتربع في عرش الفضاء، الذي يوحي بالطمأنينة وهدوء النفس، مُلهم
الشعراء، ومؤنس العشاق، وصديق المسافر.


الشقي : 
أنا كذاك البدر الذي تحجبه سحابة سوداء، ما إن يحل نور النهار حتى أتلاشى من الوجود
وأغيب عن العيون.


السعيد: 
من أشقاك يا شقي؟ الشقي: أشقاني الدهر! السعيد: الدهر لا يشقي أحداً.


الشقي: 
هل جربت لسعة الزمن أيها السعيد؟ السعيد: الأيام متقلبة لك وعليك.


الشقي: 
أراها كلها عليّ!


السعيد: 
تعيب الزمان والعيب فيك.


الشقي: 
ويحك.. على رسلك، فلا تكن أنت والزمن والأيام عليّ، يكفيني ما أنا فيه.


السعيد: 
يبدو أنك لم تأخذ من الدنيا إلا جانب السواد، فلِمَ لا تنظر بعين التفاؤل ونور الأمل ؟


الشقي : 
دع عنك نصحي يا صديقي.. ألم تسمع قول الشاعر :
إن من أشقاه ربي
..............كيف أنتم تسعدوه

ليست هناك تعليقات: