ذم قسوة
القلب
أفِي دَارِ الخَرَابِ
تَظلُّ تَبنِي *** وتَعمُرُ مَا لِعمرَانٍ خُلِقتَ
وَمَا تَركَتْ لَكَ
الأَيَّامُ عُذرًا *** لَقَد وَعَظَتكَ لَكِنْ مَا اتَّعَظتَ
تُنَادِي للرَّحِيلِ
بِكُلِّ حِينٍ *** وَتُعلِنُ إنَّمَا المَقصُودُ أنْتَ
وتُسمِعُكَ النِّدَا
وأنتَ لاَهٍ *** عَنِ الدَّاعِي كأنَّكَ مَا سَمِعتَ
وتَعلَمُ أنَّهُ
سَفَرٌ بَعِيدٌ *** وعَن إِعدَادِ زَادٍ قَد غَفَلتَ
تَنَامُ وَطالِبُ
الأيَّامِ سَاعٍ *** ورَاءكَ لاَ يَنَامُ فَكيفَ نِمتَ
مَعائِبُ هَذِهِ
الدُّنيَا كَثِيرٌ *** وأنتَ عَلَى محبَّتِهَا طُبِعتَ
يَضِيعُ العُمرُ فِي
لَعِبٍ وَلهوٍ *** وَ لَو أُعطِيتَ عَقلاً مَا لَعِبتَ
فمَا بَعدَ الممَاتِ
سِوَى جَحِيمٍ *** لِعاصٍ أو نَعِيمٍ إِن أَطعتَ
ولست بآمل بَاطِلٌ
ردًّا لِدُنيَا *** فَتعملُ صَالِحًا فِيمَا تَركتَ
وأوَّلُ مَن ألُومُ
اليَومَ نفسِي*** فَقَد فَعَلتْ نَظَائِرَ مَا فَعلتَ
أيَا نفسِيَ أَخوضًا
فِي المَعاصِي*** وَبعدَ الأربَعِينَ وغِبَّ سِتَّة
وَأرجُو أَن يَطُولَ
العُمرُ حَتَّى ** أَرى زَادَ الرَّحِيلِ وقَد تأتَّى
أيَا غُصنَ الشَّذَا
تَمِيلُ زَهوًا** كأنَّكَ قَد مَضَى زَمنٌ وعِشتَ
عَلِمتَ فَدَعْ
سَبِيلَ الجَهلِ واحذَرْ ***وَصحِّحْ قَد عَلِمتَ ومَا عَمِلْتَ
وَيَا مَن يَجمعُ
الأَمواَلَ قُلْ لِي *** أَيَمنَعُكَ الرَّدَى مَا قَد جَمَعتَ
وَيَا مَن يَبتَغِي
أَمرًا مُطَاعًا *** يُسمَعُ نَافِذٌ مَن قَد أَمَرتَ
أَجَجْتَ إلَى
الوِلاَيَةِ لاَ تُبَالِي *** أَجِرْتَ عَلَى البرِيَّةِ أَم عدَلتَ
ألاَ تَدرِي بأنَّكَ
يَومَ صَارَتْ*** إِلَيكَ بِغَيرِ سِكِّينٍ ذُبِحتَ
ولَيسَ يَقُومُ
فَرحةُ قَد تَولَّى *** بِتَرحةِ يَومَ تَسمعُ قَد عُزِلتَ
وَلاَ تُهمِلْ فَإنَّ
الوَقتَ يَسرِي ***فإنْ لَم تَغتَنِمهُ فَقَد أَضَعتَ
تَرَى الأيَّامَ
تُبلِي كُلَّ غُصنٍ *** وَتَطوِي مِن سُرُورِكَ مَا نَشَرْتَ
وَتَعلَمُ إنَّمَا
الدُّنيَا مَنامٌ *** فَأحلَى مَا تَكُونُ إذَا انتبَهتَ
فَكَيفَ تصدُّ عَن
تَحصِيلِ بَاقٍ *** وَبِالفَانِي وزُخرُفِهِ شُغِلتَ
هِيَ الدُّنيَا إذَا
سَرَّتكَ يَومًا *** تسُوءُكَ ضِعفَ مَا فِيهَا سُرِرتَ
تَغُرُّكَ كالسَّرابِ
فأنتَ تَسرِي ***إليهِ ولَيسَ تَشعُرُ إن غُرِرتَ
وَأشهدُ كَم أبادَت
مِن حَبِيبٍ*** كأنَّكَ آمٍنٌ مِمَّنْ شَهِدتَ
وَتدْفِنُهُم
وَترجِعُ ذَا سُرُورٍ *** بِمَا قَد نِلتَ مِن إِرثٍ وَحَرثَ
وتَنسَاهُم وأنتَ
غَدًا سَتَفنَى *** كأنَّكَ مَا خُلِقتَ ولاَ وُجِدتَ
تُحدِّثُ عَنهُم
وَتقُولُوا كَانُوا ***نَعمْ كَانُوا كَماَ واللهِ كُنتَ
حَدِيثُكَ همُ وأنتَ
غدًا حَدِيثٌ*** لِغَيرِهِم فَأحسِن مَا استطَعتَ
يَعُودُ المرءُ بَعدَ
الموتِ ذِكرًا *** فَكُن حَسَن الحَدِيثِ إذَا ذُكِرتَ
سلِ الأيَامَ عَن
عَمّ وخالٍ *** وَمَالَكَ والسُّؤالُ وقَد عَلِمتَ
ألَستَ تَرى دِيارهُم
خَواءٌ *** فَقَد أنكَرت منهَا مَا عرفتَ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق