السبت، 28 سبتمبر 2013

يا حادي العيس



 يا حادي العيس 





صاحب القصيدة جندي جاء مع جيوش الفتح الاسلامي من مصر الى بغداد حيث عاش فيها
رغم قصر القصيدة الا انها خلدت بحناجر عراقية وكويتية وشامية ومصرية ، حيث ترسم مشهدا دراميا يصف ألم رحيل المحبوب وجنونه في تذكرها
فهل حقا كان الشاعر مجنونا؟؟؟؟ 

ما هي قصتها..؟؟؟
ذكرت القصة في كتاب العقد الفريد لابن عبد ربه انه والقصة حدثت في الفترة العباسية في سنة ست وأربعين وأربعمائة هـ :
حدثنا عبد الله بن عبد العزيز السامري قال: مررت بدير هرقل أنا وصديق لي.... ( الدير موجود على طريق بغداد وواسط)
فقال هل لك أن تدخل فتنظر إلى ما فيه من ملاح المجانين،
دخلنا وإذا بشاب حسن الوجه، مرجل الشعر، مكحول العين، أزج الحواجب، كأن شعر أجفانه قوادم النسور، وعليه طلاوة تعلوها حلاوة، مشدود بسلسلة إلى جدار،فحين بصر بنا قال مرحبا بالوفد قرب الله بكم بابي، من أين أقبلتم ؟ فقلنا جعلنا فداءك ومتسع الله بك أقبلنا من كذا، ثم قلنا له ما أجلسك ههنا وأنت لغير هذا المكان أهل وهو لغيرك محل، فتنفس الصعداء وهو مشدود إلى الجدار في سلسلة وصوب طرفه إلينا وأنشد:

الله يعلم أنني كمد ... لا أستطيع أبث ما أجد
روحان لي روح تضمنها ... بلد وأخرى حازها بلد
أما المقيمة ليس ينفعها ... صبر وليس يقرها جلد
وأظن غائبتي كشاهدتي ... بمكانها تجد الذي أجد


ولما فرغ من شعره التفت إلينا فقال هل أحسنت فقلنا نعم ثم ولينا، فقال بأبي ما أسرع ذهابكما أعيراني سمعكما فعدنا إليه فأنشد:






لما أناخوا قبيل الصبح عيسهم

وحمّلوها وسارت في الدجى الأبل

و أرسلت من خلال الشق ناظرها

ترنو اليّ و دمع العين ينهمل

و ودّعت ببنان عقدهُ علم

وناديت لا حملت رجلاك يا جملُ

يا حادي العيس عرِّجْ كي أودعهـم

يا حادي العيس في ترحالك الأجـل

اني على العهد لم انكر مودتهم

يا ليت شعري بطول البعد ما فعلوا

ويلي من البين ما حل بي وبهم

من ناظرِ البين حل البينُ فارتحلوا

لما علمت أن القوم قد رحلوا

و راهب الدير بالناقوس منشغلُ

شبكت عشري على رأسي وقلت له

يا راهب الدير هل مرت بك الابلُ

يا راهب الدير بالإنجيـل تخبرنـي

عن البدور الللواتي ها هنـا نزلـوا

فحن لي وبكى وأنّ لي وشكى

و قال لي يا فتى ضاقت بك الحيلُ

ان البدور الواتي جئت تطلبها

بالأمس كانوا هنا واليوم قد رحلوا

شبكت عشري على رأسي وقلت له

يا حادي العيس لا سارت بك الإبـل

ليت المطايا التي سارت بهم ضلعت

يوم الرحيل فلا يبقـى لهـم جمـل



فقلنا له ( على سبيل المزاح الثقيل )لننظر ما يفعل : لقد ماتوا.
قال: أقسمت عليكم ماتوا
قلنا: نعم
فجذب نفسه في السلسلة جذبة دلع منها لسانه وبرزت عيناه وانبعث الدم من شفتيه وشهق فإذا هو ميت. فما ندمنا على شيء أعظم منه.

____________

شرح بعض المفردات
الدجى : الهودج الذي يوضع على ضهر الجمل
العيس : جمع الجمال
عرج : مر من صوبنا
حادي العيس : قوّاد الجمال
بنان : اصابع اليد
الاجل : الموت
البَينِ : الفراق
شبكت عشري : اي وضعت يداي على رأسي

___________________
 
وللعلم ان الكثير من الشعراء لهم قصائد بعنوان ياحادي العيس..
وذلك لان حادي العيس هو ماسك خطام الابل عند السفر وقائد الركب من القوافل
والسفر في ذلك الزمان كان متعبا ومملا،، لذلك قيلت الكثير من القصائد للتخفيف من وحدة السفر ومشاقه..

وهذه بعض الابيات لشعراء مشهورين وكلها بعنوان ياحادي العيس::

ابو العلاء المعري

وما كان حادي العيس في غربة النوى *-*-*- علي كحادي النجم حين قلاه

احمد البهلول

وإن سار حادي العيس سرت بسيره *-*-*- وقالوا تسلى عن هواه بغيره
دع العيس يا حادي الركائب واتئد *-*-*- وها مقلتي العبرا فخذ ماءها ورد

احمد تقي الدين

يا حادي العيس عرج بي على الخيم *-*-*- على منازل أعراب بذي سلم

ابن الزيات

يا حادي العيس لا تربع فإن لنا *-*-*- بها لحاقا قبيل الصبح أو سحرا

ابن الكيزاني

يا حادي العيس اصطبر ساعة *-*-*- فمهجتي سارت مع الركب
ابن خاتمة الأندلسي

يا حادي العيس نحو القوم مرتهنا *-*-*- يرمي به الشوق من غور إلى تهم
ابن قلاقس

يا حادي العيس قف بها سحرا *-*-*- فحي رسم الكثيب من كثب

الباجي المسعودي

لو أن لسان الدين عاناه لم يقل *-*-*- عسى وقفة بالركب يا حادي العيس

الساعاتي

يا حادي العيس ذرها في ترادفها *-*-*- واقصد بها مهبط التنزيل من إضم
جرمانوس

يا حادي العيس لا ترفق براحلتي *-*-*- شرق و غرب عسى أن ندرك الأملا



وكذلك هناك قصيدة شهيرة بنفس الاسم للشاعر : ابو حسن المصري الشهير ب ماني الموَسوَس

هو محمد بن القاسم أبو الحسن المصري ، الملقب بـ : ماني الموسوس
وكما هو معروف أن الوسوسة
( او الجنون الخفيف ) كان شائعاً في العصر العباسي وذهب المؤرخون والأدباء في تفسير هذه الظاهرة مذاهب شتى لكن معظهم رأى أن الوسوسة كانت غير حقيقية بل أسلوب يجري عليه المسوس لقول مالا يستطيع العقلاء قوله عندما يكبت الحكام الحريات
وربما لهذا كان العرب يقولون
(خذ الحكم من أفواه المجانين)

و قصيدته::

لمّا أناخوا، قُبيل الصبحِ، عيسهمُ

وثوّروها فثارت بالهوى الإبِلُ

وأَبرزت من خلال السّجف ناظرها

ترنو إليَّ ودمع العينِ ينهملُ

وودَّعتْ ببنانٍ خلتُهُ عنماً

فقلتُ: لا حملتْ رجلاكَ يا جملُ

ويلي من البينِ ماذا حلَّ بي وبها

من نازحِ الوجدِ حلَّ البينُ فارتحلوا

يا حادي العيسِ عرَّج كي أودِّعها

يا حادي العيسِ في ترحالكَ الأجلُ

إنّي على العهدِ لم أنقض مودتهم،

يا ليت شعري بطول العهدِ ما فعلوا؟

ذنبي إليه خضوعي حينَ أُبصرُه

وطولُ شوقيْ إليهِ حينَ أَذكرهُ

وما جرحتُ بطرفِ العينِ مهجتهُ

إلا ومنْ كبدي يقتصُ محجرهُ

نفسي على بُخلهِ تفديهِ من قمرٍ

وإنْ رماني بذنبٍ ليسَ يغفرهُ

وعاذلٍ باصطبارِ القلبِ يأمُرني

فقلتُ: مِنْ أينَ لي قلبٌ أُصبِّرُهُ

لا تنكرِنَّ رَحيليْ عنكَ في عجلٍ

فإنّني لرَحيلي غيرُ مختارِ

وربّما فارقَ الإنسانُ مُهجتَهُ

يومَ الوغى غيرَ قالٍ خيفةَ العارِ


مِن الظباءِ ظباءٌ همُّها السُّخُبُ

ترعى القلوبَ وفي قلبي لها عشبُ

أَفدي الظِّباءَ اللَّواتي لا قرونَ لها

وحليُها الدُّرُّ والياقوتُ والذَّهب

يا حسنَ ما سرقتْ عيني وما انتهيت

والعينُ تسرق أحياناً وتنتهِبُ

فتلكَ من حُسن عينيها وهبتُ لها

قلبيَ ولوْ قبلتْ منِّي الذي أَهبُ

وما أريدهما إلا لرؤيتها

فإنْ تأبّت فما لي فيهما أَربُ

إذا يدٌ سَرقتْ فالحدُّ يقطعها

والحدُّ في سرقِ العينينِ لا يجبُ

لو يكتبُ أسماءَ الملوكِ إذاً

أَعطوطَ موضعَ بسمِ اللهِ في الحَسَبِ

لو كانَ يقعدُ فوقَ الشّمس من كرمٍ

قومٌ لقيل اقعدوا يا آل عبّاسِ

ثمَّ ارتقوا في شُعاع الشمس كلكمُ

إلى السماءِ فأنتمْ سادة الناسِ





الأربعاء، 25 سبتمبر 2013

مالى والدنيا



مالى والدنيا




((كل من عليها فان . ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام))
صدق الله العظيم



لم أعرف حقا ً لماذا اعطيتها ذلك العنوان .. لكنني اعتقدت بأنه يناسب الصورة .
ورقة وحيدة فارقت الحياة بعد أن كانت في أعلى الأشجار مع بقية الأوراق
هاهي تسقط ...
فارقت الحياة...
وفارقت الأصدقاء
وانتقلت إلى مصيرها .... وحيدة...
وهذا حال الإنسان...
يعيش فمنهم من يجري خلف الطاعات ومنهم من يجري خلف المنكرات والملذات
وفي النهاية...
يلقى كل منا مصيره ...
(( وحــــــــيـــدا ً ))...

فهل منا من فكر في الاستعداد لاخرته قبل أن يفارق الحياة والأصحاب والأحباب؟؟!؟

يقول عز وجل في منزل تحكيمه::::

"كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فانٍ . وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ" سورة الرحمن...

قال صلى الله عليه وسلم عن الدنيا:
[ مالي وللدنيا, ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف ,
فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار , ثم راح وتركها ] رواه الترمذي
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الدنيا..
إذا كسـت أو كست..
وإذا أيـنـعـت نـعــت ..
وإذا جـلـت أوجـلــت ..
وكم من قبـور تـُـبـنى وما تبنا ..
وكم من مــريض عدنا وما عــدنا..
وكم من ملك رفعت له علامات ,فلما علا.. مات..
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

"يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرنَكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرنّكُم باللَّهِ الْغَرُورُ "

"يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ "


نعيشُ الحياةَ بسيلِ آمالٍ ..نَحيا أيَّـامهَا بساعاتِهَا ودقَائِقِهَا ..
نُهرولُ لتحقيقِ الأحلامِ فمَا هيَ إلاّ و قدْ سبقتْنَا الآجــالُ

أَينَ منْ كانَ بالأمسِ معنَا؟ .. أيْنَ منْ كانَ لهُ وجودٌ و الآنَ ليسَ هُنا؟

غَيَّبهُ هادِمُ اللذَّاتِ ومُفرِّقُ الجماعاتِ عنَّا

إنَّهُ المـــــــوتُ الذي سَيزورُنا جميعاً .. سأمُوتُ

وتموتُ .. وسَنرْحلُ جميعاً

قالَ تعالَى:

" كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ " 


أيها العبد : راقب من يراك على كل حال ، وما زال نظره إليك في 

جميع الأفعال ، وطهر سرك فهو عليم بما يخطر بالبال ، المراقبة 

                        على ضربين ، مراقبة الظاهر لأجل من يعلم ، وحفظ الجوارح                                                         
عن رذائل الأفعال ، واستعمالها حذراً ممن يرى ،

 فأما مراقبة الباطن فمعناها أدب القلب من مساكنة خاطر لا يرضاه المولى ،

 وأجد السير في مراعاة 

الأولى ، وأما مراقبة الظواهر فهي ضبط الجوارح عن رذائل الأفعال ،

 واستعمالها في معالي الأعمال ، فمن كان مقامه المراقبة فحال المحاسبة .

قال سري :

 الشوق والأنس يرفرفان على قلب فكان هناك الإجلال والهبية حلاً ولارحلاً ،

 ومن ظهر الخشوع على قلبه دخل الوقار على جوارحه .

قال حاتم الأصم :

 إذا علمت فانظر نظر الله إليك ، وإذا شكرت فاذكر علم الله فيك .

وقال أبو الفوارس الكرماني :

 من غض بصره عن المحارم وأمسك نفسه عن الشهوات ، وعمر 

باطنه بدوام المراقبة ، وظاهره باتباع السنة ،

 وعود نفسه أكل الحلال لم تخطىء ، له فراسة :

     ‌   كان رقيباً منك يرعى خواطري  

  وآخر يرعى ناظري ولساني

        فما نظرت عيناي بعدك منظراً  

  لعمرك إلا قلت : قد رمقاني 

        ولا بدرت من في بعدك لفظةً 

  لغيرك إلا قلت : قد سمعاني 

        ولا خطرت في ذكر غيرك خطرةً  

  على القلب إلا عرجا بعنان

        وفتيان صدق قد سمعت كلامهم   

وعفف عنهم خاطري وجناني

        وما الدهر أسلا عنهم غير أنني 

   أراك على كل الجهات تراني











 

الموت قادم



الموت قادم





 

الموت قادم لا محاله فهل من مستعد له انتبهوا يا كسالى الموت حق والفراق مؤلم


الموت قادم لا محاله فهل من مستعد له انتبهوا يا كسالى الموت حق والفراق مؤلم


الموت قادم لا محاله فهل من مستعد له انتبهوا يا كسالى الموت حق والفراق مؤلم


لابد من ألـــــــــم الفراق فلنستعـــــــــد





أحيانايتعلق أحدنا بشخص تعلقا شديدا، فيحبه ويتفانى في خدمته والتودد إليه 
لدرجة يعتقد معها استحالة الحياة من دونه، وهو في ذلك صادق! 

وعلى حين غرة وعلى غير موعد، يقدم هادم اللذات ومفرق الجماعات، فينتزع المحبوب من محبيه انتزاعا، ويترك المحب من حرقة الفراق يتألم 
سنة الله في خلقه .:" كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فانٍ . وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ".... 
. 

سنة الله العادل التي لا تجامل أحدا، ولو كانت تجامل لجاملت حبيبنا محمد 
صلى الله عليه وسلم، فعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله 
عليه وسلم: أتاني جبريل فقال: "يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت 
فانك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزى به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه 
بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس" 

سنة الله الرحيم بخلقه الذي إذا أراد شيئا يقول له كن فيكون، فأحبب من شئت،
وتعلق بمن شئت، فإنك مفارقه......لا إله إلا الله وحده الحي الذي لايموت..


لنا أحبة، وما ظننا يوما أن الموت سيأخذهم منا منهم من هم في ريعان شبابهم -بالرغم من إيماننا أن الموت
لا يفرق بين صغير وكبير، سقيم ومعافى، غني وفقير- غادرونا إلى الرفيق 
الأعلى تباعا، واحترقت قلوبنا لفراقهم - ونحن راضون بقضاء الله مؤمنون بأن 
ما يريده المولى لنا خير مما نريده لأنفسنا- . 

فاللهم ياواسع الرحمة،أشملهم بعنايتك، وأدخلهم فسيح جنانك، وتقبلهم قبولك 
للأبرار, ولا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم. 

كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فانٍ . وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ 
وَالإكْرَامِ...


﴿ كل من عليها فان﴾ كل من على الأرض فان، زائل، فأنت لا 
محالة ميت، وكل من تحبه ومن تراه عينك قبور تمشي على الأرض.
لابأس هنا من الإشارة إلى أن الفناء ليس. 
مقتصرا على البشر ولمن على الأرض، يقول عز وجل: ﴿ كل شيء هالك إلا وجهه 
كل شيء هالك... نهاية يتساوى عندها كل مخلوووووووووووق. 

وقد يطرح السؤال التالي: هل قدر الإنسان أن يعيش حياته كلها يتجرع ألم فقدان الأحبة؟ أليس ثمة من حبيب لا يموت؟ 


يقول سبحانه: ﴿ إلا وجهه﴾أدة استثناء –إلا - ويقول أيضا: ﴿ ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام﴾ أي "ويبقى ذات الله الواحد الأحد، ذو العظمة والكبرياء
والإنعام والإكرام.] 

الله اكبر‼ الله اكبر‼ 

الكل فان والله باق، حي لا يموت، فبشرى- من صميم القلب – لمن كان المولى جل
وعلا محبوبه، هنيئا لمن غلب حب ذو الجلال والإكرام، حبه لمن سواه، فاستعجل
الموت سبيلا للقاء المحبوب. 

كانت إحدى العابدات تقول: "والله لقد سئمت الحياة حتى لو وجدت الموت
يباع لاشتريته شوقا إلى الله وحبا للقائه، فقيل لها: على ثقة أنت من عملك 
قالت: لا والله! لحبي إياه وحسن ظني به، أفتراه يعذبني وأنا أحبه؟" . 

فيا رب! يا الله! يا واسع الرحمة! يا باق، أسالك أن ترزقنا حبك وحب من يحبك وحب العمل الذي يقربنا من حبك، وحب لقائك. آمين 


سبحان الخالق

السبت، 14 سبتمبر 2013

عودوا إلى الرحمن









 عودوا إلى الرحمن


قال الله تعالى :
{ اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون } 

قال الله تعالى :
{ يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم } .

قال الله تعالى :
{ فوربك لنسأ لنهم أجمعين عما كانوا يعملون } .

* أخواني ...

تذكروا الموت بسكراته وتذكروا القبر وأهواله وتذكروا البعث وأهواله وتذكروا يوم القيامة بشدائده ...

* أُحبتي ..
كم ستعيشون في هذه الدنيا ؟ ستين سنة ..مائة سنة ..ألف سنة ثم ماذا ؟

ثم الموت ..ثم البعث إلى جنان النعيم أو نيران الجحيم .

* أخواني في الله ..
ماذا تفعلون لو جاءكم ملك الموت الآن ؟ أخواني حاسبوا نفسك قبل أن تحاسبو .
لما حضرت الوفاة معاوية بن أبي سفيان رضى الله عنه قال : أقعدوني فأقعدوه فجعل يذكر الله ويسبحه ويقدسه ثم قال : الآن تذكر ربك يا معاوية بعد الانحطام والانعدام إلا كان ذلك وقض الشباب قصير الزمان وبكى حتى على بكاءه ثم قال

هو الموت لا منجى من الموت

والذي أحاذر بعد الموت أدهى أمر


ثم قال : اللهم يا ربي ارحم شيخ العاصي ذو القلب القاسي اللهم أقل العسرة واغفر الزلة وخذ بحلمك على من لم يرجوا غيرك ولا وثق بأحد سواك .


http://dl10.glitter-graphics.net/pub/2048/2048890dm4mghdczi.gif

* اعلموا يا أخواني ..
إنما أنتم أيام مجموعة كلما مضى يوم مضى بعضكم تذكروا يوم توضع الموازين وتتطاير الصحف كم في كتابكم من زلل وكم في عملكم من خلل .. تذكروا تقفون بين يد الله الملك الجبار .



* يا أمة الاسلام ..
ألا تعلمون ما هي التوبة إن التوبة هي الرجوع عن معصية الله إلى طاعته قال تعالى :{ يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحة } .
والتوبة النصوح يغفر بها الله الذنوب مهما عظمة ومهما كثرت .

* أخوتي في الله ..
لا تقنطوا من رحمة ربكم فباب التوبة مفتوح حتى تطلع الشمس من مغربها ..وكم من تائب عن ذنوب كثيرة عظيمة تاب الله عليه قال رسول الله ((من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه )) .

* واعلموا يا أخوتي ..
أن التوبة النصوح هي الإخلاص لله تعالى والندم على فعل المعصية والعزم على الإقلاع عنها وعدم العودة إليها وأن لا تكون التوبة قبل فوات قبولها إما بحضور الأجل أو بطلوع الشمس من مغربها .



وتذكروا قوله الله تعالى :{ قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم } .
فعودوا إلى الرحمن عوداً صادقاً واستغفروه وتوبوا إليه قبل فوات الاوان ..







نداء من القلب









نداء من القلب 



أما الوقفة الثالثة نداء اهديه من قلبي إلى قلوبكم فأقول أيها الغافل يا من تسير في طريق الغفلة والضياع ألا تتقي الله أما تستحي من الله تعالى وهو ينظر إليك أما تخشى من عقابه وعذابه كما سمعت أنفا ألا تخاف أخذه إن أخذه اليم شديد إلى متى تبقى على وقفتك ولا تحيد أما تستوحش من كثرة الذنوب أما تغار وأنت ترى عباد الله يسارعون بالخيرات والطاعات وأنت غارق في غفلتك أيها المغرور لا تغتر بالدنيا فإنها ذاهبة ولا تنفعك بها شهوة زائلة ألا تعلم أن غفلتك عن الله من أعظم العقوبة. أناديك أخي الغالي وأناديكِ أختي الغالية فأقول ألا تستجيبون لنداء الله، من هو ارحم من الأم بابنها انه الرحمن الرحيم انه الكبير المتعال ينادي (( يا بني ادم لا يفتتنكم الشيطان كما اخرج أبويكم من الجنة )) فأين المستجيب لنداء الله الناس في غفلة والموت يوقظهم ينقضي العمر يشيعون أهاليهم بجمعهم وينظرون إلى ما فيه قد قدروا ويرجعون إلى أحلام غفلتهم كأنهم ما رأوا شيئا أو نظروا فيا أيها الغافل إن كنت من الذاكرين المصلين العابدين فاستمع لما أعده الله لهم من أهل النعيم وما اعد الله للذاكرين الشاكرين قال سبحانه وتعالى (( اعد الله لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم)) وقال عز من قائل (( تحيتهم يوم يلقونه سلام واعد لهم أجرا كريما)) فأبشر يا خائف وابشر يا طائع فابشر بجنة طابت وطاب نعيمها ونعيمها بباق وليس بفاني فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فلتكن أنت من أهلها بإذن الله تتمتع بحورها ونعيمها وأنهارها وخيرها وقصورها وأنت تأكل من ثمارها وتشرب من مائها. أخي الغالي ربما تساءلت عن نعيمها ففيها الحور الحسان حور مقصورات في الخيام والطعام الكريم ولحم طير مما يشتهون آنيتهم الذهب والفضة عاليهم ثياب خضر سندس وإستبرق وحلو أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا. اللهم اجعلنا منهم يا رب العالمين. أرضها المسك والزعفران تأمل يا غافل وتأمل يا من ترجو رحمة عرضها السموات والأرض تأمل في ارض الجنة أرضها المسك والزعفران وسقفها عرش الرحمن فابشروا يا معشر المؤمنين وابشروا يا معشر التائبين وابشروا يا معشر الصالحين (( وبشر الذين امنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا فيها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأوتوا به متشابها ولهم فيها أزواجا مطهرة وهم فيها خالدون )) وان سالت عن أنهارها فأنهارها من ماء غير آسن وانهار من لبن لم يتغير طعمه وانهار من عسل مصفى وانهار من خمر لذة للشاربين وان سالت عن شراب أهل الجنة فالتسنيم والزنجبيل. وان سالت عن بناء الجنة فلبنة من فضة ولبنة من ذهب. وان سالت عن سعتها فأدنى أهلها يسير في ملكه وسروره وقصوره وبساتينه مسيرة ألفي عام. وان سالت عن وجوه أهلها فوجوه ناضرة إلى ربها ناظرة. وان سالت عن غلمانها فولدان مخلدون كأنهم لؤلؤ مكنون. وان سالت عن يوم المزيد فاستمع يوم ينادي المنادي يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا يريد أن يلجئكموه فيقولون الم يبيض وجوهنا ويثقل موازيننا ويدخلنا الجنة ويزحزحنا عن النار وبينما هم كذلك إذا سطع لهم نور أشرقت له الجنة فرفعوا رؤوسهم فإذا الجبار جل جلاله وتقدست أسمائه قد اشرف عليهم من فوقهم وهو يناديهم يا أهل الجنة سلام عليكم بما صبرتم فلا يرد عليه بأحسن من قولهم اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام ثم ينادي الرحمن أين عبادي الذين أطاعوني بالغيب ولم يروني فهذا يوم المزيد فاسألوني فيجتمعون على كلمة واحدة أرنا وجهك ننظر إليه فيكشف لهم الرب جل جلاله الحجب ويتجلى لهم فيغشاهم من نوره ما لولا أن الله تعالى قضى إلا يحترقوا لاحترقوا ولا يبقى في ذاك المجلس احد إلا حاضره ربه محاضرة فيا لذة الإسماع بتلك المحاضرة ويا قرة عيون الأبرار بالنظر إلى وجهه ((ووجوه   يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ووجوه يومئذ باسرة تظن أن يفعل بها فاقره)) حينما شاء كرم الجبار جل جلاله أكرمهم بالنظر الى وجهه فإذا بالجبار جل جلاله يحاضرهم فيا حبذا تلك المحاضرة فيدخلهم جنته جل جلاله فينادون الجبار يا ربنا هل رضيت علينا فيقول جل جلاله يا عبادي لو لم ارض عنكم ما أدخلتكم جنتي. الله اكبر هذا كرم الرحمن جل جلاله فماذا أعددت يا أخي وماذا اعددتي يا اخية لجنة عرضها السموات والأرض؟ وماذا أعددتم يا عباد الله لكرم الرحمن جل جلاله؟
أخي وحبيبي / أختي الغالية إن الله جل جلاله اعد جنات غالية هي جنة غالية وليست برخيصة 


  يا جنة الرحمن لست رخيصة بل أنتِ غالية على الكسلان 


يا جنة الرضوان ليس ينالها في الألف إلا واحد لا اثنان 


                                                                              
هذه جنة الرحمن وهذا بعض ما اعد الله جل جلاله لعباده المؤمنين لعباده الذاكرين لعباده المصلين في جنة الرضوان 
فحيا على جنة عدن فإنها منازلنا الأولى وهي المخيم ارض لها ذهب والمسك طينتها والزعفران حشيش نابت فيها. اللهم اجعلنا من أهل الجنة يا ارحم الراحمين اللهم تب علينا واعف عنا يا ارحم الراحمين

استعدوا يا نيام









استعدوا يا نيام
أخي الغالي / أختي الغالية كونوا من الدنيا على حذر واستعدوا للموت وما بعده من أهوال استعدوا يا نيام قبل حلول الأجل وظهور الأمر الجلل ونزول البلاء بأهل الظلم والشقاء وسعادة المتقين برضا رب الأرض والسماء قال الفقيه الليثي رحمه الله تعالى على الإنسان أن يستعد للموت فانه في الدنيا ما دام فيها له التأمل والرجوع فإذا دخل القبر أول منازل الآخرة يتمنى أن يؤذن له بحسنة واحدة فلا يؤذن له فيبقى في حسرة وندامة فاستعدوا يا نيام إذا نادى المنادي من مكان قريب قل لي بربك كيف سيكون حالك وقت الصيحة؟ يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخلود كيف سيكون حالك أيها الغافل يوم يقوم الناس لرب العالمين كيف سيكون حالك أيها الغافل قل لي كيف سيكون حالك؟ يا عبد الله يا معرضا عن الله إذا قال الله تعالى (( إذا السماء انفطرت وإذا الكواكب انتثرت وإذا البحار فجرت وإذا القبور بعثرت علمت نفس ما قدمت وأخرت)) فخرجنا أنا وأنت وأنتِ يا امة الله من قبورنا حفاة عراة قد غطى وجوهنا التراب للعرض على الله تعالى. هل تذكرنا الموقف العظيم بين يدي الجبار جل جلاله في موقف رهيب عظيم جليل؟


 قال الله تعالى

(( يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد))

وقال عز من قائل

(( يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار)) بماذا سنجيب يا عبد الله إذا سألنا ربنا عن كل صغير وكبير ودقيق وحقير يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا. يا الله ما اشد الموقف يومها سترى يا عبد الله ما أسررت وما أعلنت في كتاب جليل قد حوا النظرات وحس السكتتات (( ووضعنا الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا)) كيف نحن غدا يا عبد الله إذا شهدت علينا العينان واليدان والقدمان والأذنان والفرج واللسان بما عملنا في الدنيا من آثام قال الله تعالى (( اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون)) فماذا أعددت لهذا الموقف العظيم يا عبد الله . 
العمر ينقص والذنوب تزيد وتطال عثرات الفتى فيعود 
هل يستطيع جحود ذنب واحد رجل جوارحه عليه شهود
قال صلى الله عليه وسلم واله (( سيختم على فيه فيقال لأركانه انطقي قال فتنطق بأعماله قال ثم يخلى بينه وبين الكلام قال فيقول بعدا لكن وسحقا فعنكن كنت أناضل )) لا اله إلا الله أين الغافلون اللاهون في الدنيا كيف سيكون الحال والمآل. تذكروا عباد الله وتأملوا حال الخلائق وقد قاسوا يوم القيامة وأهوالها ما قاسوا وبينما هم كذلك وقوفا ينتظرون حقيقة أخبارها وتشفيع شفعائها إذا أحاطت بهم الهموم والغموم والكروب والحسرات وحيل بينهم وبين ما يشتهون وحالهم قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون وجاءهم الألم والأوجاع إذ تكالبت عليهم النار من كل مكان وأحاطت بالمجرمين ظلمات ذات شعب وأطلت عليهم النار ذات لهب وسمعوا لها تغيظا وزفيرا مع شدة الهول والغضب إذا رأوها من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا عندها أيقن المجرمون بالعذاب وشدة الأخذ الشديد ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون تلفح وجوههم النار وهم فيها كادحون هذا هو الحال فتصور النداء العظيم المخيف من زبانية النار أين الظالم فلان أين المسوف فلان أين العاصي فلان الذي ضيع عمره بالتسويف وطول الأمل؟ فيجر بمقامع من حديد مع عظائم التهديد ويأخذونه إلى العذاب الشديد. أفق يا عبد الله فان الزبانية يأخذون العبد العاصي إلى العذاب الشديد وينكسونه على وجهه في الجحيم. فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق فيا ليت شعري عسى ألا نكون منهم وألا نكون ممن تلفح وجوههم النار أيها الغافل إياك أن تنادي إذا ذق انك أنت العزيز الكريم فاسكنوا دارا ضيقة إرجائها مظلمة المسالك مبهمة المهالك عذابها في الجسوم والوجوه سالك. يوم تقلب وجوههم في النار ماذا يقولون؟ يا ليتنا اطعنا الله واطعنا الرسول، يدعون بالويل والثبور وعظائم الأمور وإذا القوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا أمانيهم فيها الهلاك وما لهم من اسر جهنم فكاك قد شدت أقدامهم إلى النواصي واسودت وجوههم من ظلمة المعاصي فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون ينادون في أكنافها ويصيحون في نواحيها وأطرافها (( يا مالك قد حق علينا الوعيد يا مالك قد أسبلنا الحديد يا مالك قد نضجت منا الجلود يا مالك ادعوا ربك يخفف عنا يوما من العذاب يا مالك العدم خير من هذا الوجود يا مالك أخرجنا منها فان عدنا فانا ظالمون يا مالك أخرجنا منها فانا لا نعود(( ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون)) عند ذلك يندمون على فرطوا وغفلوا وتركوا وعن دين الله اعرضوا وتكبروا قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين فتصور لو انك معهم النار من فوقهم والنار من تحتهم والنار عن أيمانهم والنار عن شمائلهم فهم غرقى في النار هلكى في النار شرابهم نار وسقوا ماءا حميما فقطع أمعائهم وطعامهم نار ولا طعام إلا من غسلين ولباسهم نار ويمطرون سحائب من نار وأغلال تزيد في أغلالهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رؤوسهم الحميم يصهر به ما في بطونهم والجلود ولهم مقامع من حديد 
لقد خاب من أولاد ادم من مشى إلى النار مغلول القلادة أفرطا
يساق إلى نار الجحيم مسربلا سرابيل قطران لباسا محرقا 
إذا شربوا فيها الصديد رايتهم يذوبون من حر الصديد تمزقا
هذه غمومك إن كنت معهم يا غافل فتأمل وانتبه وراجع نفسك. أفق من غفلتك فان الوقت يا عبد الله كالسيف إن لم تقطعه قطعك أفق يا أخي أفق قبل ألا ينفع الندم وتنبه من نعاسك فرب يقظة من الدنيا تكون سعادتك في الدنيا والآخرة 




داء الغفلة










 داء الغفلة



قال الله جل جلاله في كتابه الكريم (( اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون)). قال ابن كثير رحمه الله تعالى هذا تنبيه من الله تعالى لعباده على اقتراب الساعة وان الساعة آتية لا ريب فيها وان الناس عنها في غفلة أنى يعملون لها ولا يستعدون من اجلها. قال النسائي رحمه الله تعالى عن أبي صالح عن أبي سعيد قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم (( في غفلة أي في الدنيا)) فاعلم يا رعاك الله يا مهجة الفؤاد واعلمي يا رعاكِ الله يا بنت الهدى أن الغفلة داء وبيل ومرض خطير قد استحوذ على القلوب وتمكن من النفوس واستأثر الجوارح والأبدان فأكثر الناس يعيشون غفلة حقيقية عن الله تعالى والدار الآخرة قد فتنتهم الدنيا وزخارفها وغرهم طول الأمل وتمكن من قيادهم الهوى والشيطان والنفس الأمارة بالسوء أيها السكران بالآمال قد حان وقت الرحيل فانتبه من ركدة الغفلة فالعمر قليل واطرح سوف وحتى فهما داء وبيل الست الذي دمت على الخطايا وعصيت الست الذب بادرت الله بالقبيح وما استحييت وعلمت تحريم الذنب ثم أتيت وعرفت عظيم الجزاء وتناسيت سيبدل النطق بالسكوت والهمس وقد قرب يوم ألح في بحر الرمس قال الله جل جلاله ((الم اعهد إليكم يا بني ادم ألا تعبدوا الشيطان انه لكم عدو مبين)) يا ابن ادم لقد حصدت الغفلة فبئس ما حصدت ورجعت بالخيبة والحرمان وأطعت الشيطان والله ينادي لا تتبعوا خطوات الشيطان فانه لدار خسران 


يا غاديا في غفلة ورائحا إلى متى تستحسن القبائح

 
وكم إلى كم لا تخاف موقفا يستنطق الله به الجوارح 


يا عجبا منك وأنت مبصر كيف تجنيت الطريق الواضح 


كيف تكون حين تقرأ في غد صحيفة قد حوت الفضائح


وكيف ترضى ان تكون خاسرا يوم يفوز من يكون رابحا


الغفلة يا عباد الله داء تغلغل في القلوب وتمكن من سويدائها ولتعلم ولتعلمي أن صاحب الذنب من أطول الناس أملا وأغفلهم عن الطاعات فالغفلة يا عباد الله تورث قسوة القلب وطول الأمل قال الله تعالى (( ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون)) قال الحسن رحمه الله تعالى ما أطال عبد الأمل إلا أساء العمل وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن أخوف ما أخاف عليكم إتباع الهوى وطول الآمل فإما إتباع الهوى فيصد عن الحق وأما طول الأمل فينسي الآخرة فيا أيها الغافل إياك أن يبادرك الموت وأنت في غفلتك ساه لاه فيومها ستطول الحسرات وتتضاعف المصيبات قال رجل لزهير البابي آلا توصي بشيء فقال احذر أن يأخذك الله وأنت في غفلة . قال الحسن رحمه الله تعالى عجبا لقوم اؤذنوا بالرحيل وترحل اوائلهم وهم يلعبون. قال عبد الله بن ثعلبة يا ابن ادم تضحك ولعل أكفانك قد خرجت من القصاء إخواني بين أيديكم الموت وليس بمغدور والرحيل إلى القبور واللحود ثم تخرجون وحوض الندم مورود وينصب الميزان وترى الأجل لا يعود ويبكي العاصي على ما فرط من المقصود وتصبح وجوه المذنبين كالليالي السود ويكبل العاصي وليس له من يقود يتمنى العودة وهيهات يبس العود وكل مورود مولود ينادي الله ربي ارجعون وباب الرجوع مسدود وما ينفع العاصي قوله أعود أسمعتم قول الغافل ناقض العهود ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود وقال الله جل وعلا (( يوم يأتي لا تكلم نفس إلا بأذنه فمنهم شقي وسعيد)) الله اكبر كم في النفوس الظالمة من نار أوقد أوارها واشتد سوادها اللهم اجعلنا من المتيقظين قبل نزول العذاب بالهالكين يا رب العالمين. فيا أيها الغافل هل تذكرت الموت وسكرته؟ هل تذكرت القبر وظلمته؟ أخي الغالي قل لي بالله متى تفيق من غفلتك؟ متى تصحو من ركدتك؟ متى تعود إلى رشدك؟ متى تصلح الذي بينك وبين ربك؟ متى تقتدي بنبيك صلى الله عليه واله وسلم؟ متى تعمل يا عبد الله للذي لا بد منه بد؟ متى تعمل لآخرتك؟ ((وتزودوا فان خير الزاد التقوى واتقوني يا أولي الألباب)) قال ابن القيم رحمه الله تعالى ومن تأمل حال الخلق وجدهم كلهم إلا من رحم الله تعالى ممن غفلت قلوبهم عن ذكر الله تعالى واتبعوا أهوائهم وصارت أمورهم ومصالحهم فرطا أي فرطوا فيما ينفعهم ويعود بصالحهم واشتغلوا بما لا ينفعهم بل يعودوا بضررهم عاجلا وآجلا. أخي الغالي ألا ترى أكثر الناس غافلين معرضين متكبرين وكأنهم ضمنوا جنة الرضوان قال الله تعالى (( وان كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون)) إن الناس قد غفلوا غفلة عظيمة ويظنون أن هذه حجة لهم لا والله بل إنها حجة عليهم لان الله تعالى أرسل الرسل وأقام الحجج على بني ادم فويل لمن ضيع أوامر الله وويل ثم ويل لمن ضيع وسها عن أوامر الله واشتغل بالدنيا عن الرحمن وأطاع الشيطان إلى متى الغفلة يا عباد الله؟ هل انتم مخلدون في الدنيا؟ هل انتم باقون ولا تموتون؟ يا معشر الغافلين أن الدنيا راحلة ولن يبقى إلا حسن العمل بعد رحمة الله تعالى. قلوب أعمتها الدنيا وهم يسمعون (( وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خير وأبقى أفلا تعقلون)) وقال الله تعالى (( إن الذين لا يرجون لقائنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون )) إخواني ما بالكم تحصدون الفاني وتتركون الباقي أغرتكم الحياة الدنيا فما بالكم أعرضتم عن لذة الطاعات وتلذذتم بمرارة الخطيئات ؟ إنها والله الغفلة نعوذ بالله منها. كان عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى يقول 
نسر بما يبلى ونفرح بالمنى كما اغتر باللذات بالنوم حالم 
نهارك يا مغرور سهو وغفلة وليلك نوم والرجى لك لازم
وسعيك فيما سوف تكره لذة كذلك في الدنيا تعيش البهائم
تأملوا يا عباد الله أن الغفلة مالها خطير وشرها دفين كيف لا وقد جعل الله عقوبة الغافلين العذاب المهين والمرد الحزين فلا تغفل يا عبد الله عن موتك ومعادك وجهز نفسك لحشرك وحسابك قال الله (( ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم أذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون)) سبحان الله هذا مآل أهل الغفلة الذين يتنعمون بالحرام في الدنيا من اجل شهوة زائلة ونظرة خاسرة قلوب أقسى من الحديد وعيون جامدة لا تلين سبحان الله ما أصعب الموقف عليهم يوم الحسرة والندامة أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون. يا عبد الله يا من عبثت مع العابثين وأضعت العمر مع اللاهيين هل تذكرت الرحيل لقد نادت الدنيا على أصحابها الرحيل الرحيل. أزف الرحيل فيا لشقاء نفسك في أي شيء لم اعصي ربي يا لشؤم معصيتي يا لظلم نفسي يا لطول حزني إن حشرت على وجهي وطردت عن ربي عجيب حال الغافل يوقن بالموت وينساه ويتحقق من الضرر ويخشاه يخشى الناس والله أحق أن يخشاه يغتر بالصحة وينسى السقم يفرح بالعافية ولا يتذكر الألم يزهو بالشباب ويغفل عن الهرم يهتم بالعلم ولا يكترث بالعمل يحرص على العاجل ولا يفكر في خسران الأجل قلوب مريضة عز شفاؤها وعيون تكحلت بالحرام فقل بكاؤها إلى الله نشكو قسوة في قلوبنا سبحان الله يا عباد الله الم يئن لأهل الغفلة أن يدركوا حقيقة هذه الدار أما علموا أن حياتها عناء ونعيمها بلاء جديدها يبلى وملكها يفنى ودها ينقطع وخيرها ينتزع المتعلقون بها على وجل إما في نعم زائلة أو في بلايا نازلة أو منايا قاضية يا قومي إنما هذه الحياة الدنيا متاع وان الآخرة هي دار القرار يا عباد الله إن الرحيل قد قرب وان الموت قد أزف فهل من دمعة تراق على الوجنات بين يدي رب المكرمات عودوا إلى الله فالعود احمد وتوبوا إلى الله فان باب التوبة مفتوح يا أيها الغافل تأمل بالذي لا بد منه إما موت وما بعده جنة ونعيم وإما موت وما بعده نار تلظى وما بعده عذاب وغصص والآلام فتأمل أيها الغافل فتأملوا يا عباد الله فتأملوا قبل أن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله تأملوا يا معشر الغافلين إن الأيام تمضي وان العمر ينقضي وهي الغفلة داء قد ضيع القلوب وجعلها متعلقة بالعيون إخواني هذه وقفة قد وقفناها مع داء الغفلة أما الوقفة الثانية استعدوا يا نيام