الاستهزاء بالدين
هو ردة عن الإسلام، وخروج عن الملة بالكلية قال تعالى (قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون لاتعتذرو قد كفرتم
بعد إيمانكم)
وهذه الآية نزلت في المنافقين في
عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي عامة لكل زمان ولكل أحد، لأن الاستهزاء بالله
أو برسوله أو بآياته، أو بشيء منها كفر مخرج عن الملة
بنص هذه الآية.
والاستهزاء على ضربين :
- الاستهزاء بالقول: كالذين نزلت فيهم هذه الآية، فقد كانوا يقولون عن الرسول صلى الله عليه
وسلم وأصحابه : ما رأينا أرغب بطوناً، ولا أكذب ألسناً، ولا أجبن عند اللقاء من
قرائنا هؤلاء.
وكذلك كل عبارة فيها تنقص أو سخرية بالإسلام كقول: هذا دين رجعي، أو
متخلف، أو أهله رجعيون، أو السخرية من المؤذنين، أو الآمرين بالمعروف والناهين عن
المنكر، أو السخرية بمن طبق سنة من سنن الرسول صلى الله عليه وسلم، كلبس الثياب إلى
نصف الساق، أو إعفاء اللحى، أو السخرية من الدعاة إلى الله الذين يدعون إلى توحيده
وعبادته، ويلتحق بهذا التهكم بإقامة الحدود الشرعية من القصاص أو الرجم أو الجلد،
وقول بعضهم : هذا أسلوب غير حضاري، أو رجعي، أو لا يصلح لهذا الزمان، أو ينافي حقوق
الإنسان... ونحو ذلك من العبارات المسعورة التي ينخدع بها الغِرُّ، ويراها براقة،
وهي تحمل السموم في طياتها، وكقولهم عن المسلمين المتدينين، أو المتمسكين بإسلامهم،
ودينهم: هذا متطرف أو إرهابي، أو قاطع طريق، أو متزمت.
ومن ذلك السخرية بالمؤمنات المحجبات، من أجل حجابهن.
ولا شك أننا ابتلينا في هذا الزمن بمثل هذا اللمز الذي أصبح يملأ
الإعلام الفاسد في مشارق الأرض ومغاربها، فكل مسلم، لايتناسب توجهه مع أعداء
الإسلام، ومخططاتهم أصبح يلمز بهذه الألقاب، على وجه التحقير له، ولدينه، وللتنفير
منه ومن دينه، وللأسف الشديد أصبح كثير من الأبواق الجوفاء من دهماء الناس، يحكون
هذه العبارات تبعاً لأعداء الله دون تمييز، ولا تعرف على معناها، وخصوصاً رجال
الاعلام، والغوغاء من الناس تبع لهم . وفي المقابل غابت
عن إعلامنا المصطلحات الشرعية التي يوصف بها المتمسكون بالدين، الذائدين عن حياضه،
كالمجاهدين، أو الدعاة إلى الله، طلاب العلم، أو أهل السنة، أو أتباع السلف، أو
المصلحين، ونحو ذلك من العبارات التي استعملها سلفنا، أو وردت في شرعنا المطهر
الحنيف. وإلى الله المشتكى من هذه الهجمة الشرسة العنيفة، على ديننا من كل
حدب وصوب، فقد أحاطت بنا من كل الجهات، وطالت كل شيء له صلة بالدين .
- الاستهزاء بالعمل : وهو أعم من الأول : فمثلاً الأمور السابقة التي ذكرت أو لم تذكر، لو أن
إنساناً كتبها بيده، أو أشار بكتابتها فهي نوع من الاستهزاء العملي، أضف إلى ذلك ما يحصل من الضحك الساخر عندما تتلى آيات الله،
أو سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومثلها الإشارة بالعين، أو اليد، أو مد الشفة،
ونحو ذلك .
ومن ذلك إقامة التمثيليات أو المسرحيات الساخرة بالإسلام والتنقص منه أو
أهله، أو تصوير أهله المتمسكين به في صورة مزرية أو مقذعة، أو قذرة، أو أنهم أصحاب
نهم في الدنيا وجشع وطمع، وذلك يفعله بعض الممثلين المنحلين الذين يعرضون هذه
القاضايا، وينسبونها لأهل التدين .
ومن السخرية الفعلية بالدين الرسوم الكاركاتيرية التي تعرض في بعض الصحف
والمجلات، فتعرّض بشيء من أمور الدين، أو تصور حملته في وضع فيه انتقاص لهم، لأن
هذا الطعن لا يوجه لأشخاصهم، بل للدين الذي أرشدهم إلى ذلك الزي أو المظهر المسخور
منه، فيكون الأمر موجهاً للدين، وفي هذا محاكاة لأعداء الله الذين يستغلون وسائلهم
الإعلامية في السخرية من الإسلام وأهله، ويصورونهم في أقبح الصور، وأبشع المناظر
تنفيراً منهم ومن دينهم، والله المستعان.
فعلى من ابتلي بشيء من هذه الأمور، فوقع في الاستهزاء بالدين، أن يبادر
بالتوبة، والاقلاع، عن تلك الأمور، وهجرها وهجر من يتعاطاها، والله المسؤول أن يصلح
أحوال المسلمين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق