الإيمان بالملائكة
يؤمن المسلم بملائكة الله تعالى ، وأنهم خلق من أشرف خلقه ، وعباد
مكرمون من عباده ، خلقهم من نور ، كما خلق الإنسان من صلصال كالفخار ، وخلق الجان
من مارج من نار ، وأنه تعالى وكلهم بوظائف فهم بها قائمون ، فمنهم الحفظة على
العباد ، والكاتبون لأعمالهم ، ومنهم الموكلون بالجنة ونعيمها ، ومنهم الموكلون
بالنار وعذابها ، ومنهم المسبحون الليل والنهار لا يفترون .
وأنه تعالى فاضل بينهم ، فمنهم الملائكة المقربون ، كجبريل
وميكائيل وإسرافيل ومنهم دون ذلك .
وذلك لهداية الله تعالى له أولاً ، ثم للأدلة النقلية
والعقلية الآتية :
الأدلة النقلية
1
_ أمره تعالى بالإيمان بهم ، وإخباره عنهم في قوله : ( ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم
الآخر فقد ضل ضلالاً بعيداً ) .
وفي قوله جل جلاله : ( من كان عدواً لله وملائكته ورسله وجبريل وميكائيل
فإن الله عدوٌ للكافرين ) وفي
قوله لا إله إلا هو ( لن يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله ، ولا
الملائكة المقربون ) وفي
قوله جلت قدرته : ( ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذٍ
ثمانية) وفي
قوله عظمت حكمته : ( وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة
) وفي
قوله تقدست أسماؤه : ( والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم
بما صبرتم ) وفي
قوله تعالى : ( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة
قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم
ما لا تعلمون ) .
2 _ إخبار رسوله صلى الله عليه وسلم بقوله في دعائه عندما
يقوم لصلاة الليل : ( اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل ، فاطر السموات والأرض ،
عالم الغيب والشهادة ، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، اهدني لما
اختلف فيه من الحق بإذنك ، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم ) . وفي قوله صلى
الله عليه وسلم : ( أطَّت السماء وحق لها أن تئط ، ما فيها موضع أربع أصابع إلا
وعليه ملك ساجد ) وفي قوله : ( إن البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك
ثم لا يعودون ) وفي قوله : ( إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب
المسجد ملائكة يكتبون ، الأول فالأول ، فإذا جلس الإمام طووا الصحف وجاؤوا يستمعون
الذكر ) وفي قوله( يتمثل لي الملك أحياناً رجلاً فيكلمني فاعي ما
يقول ) وفي قوله : ( يتعاقب فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار
) وفي قوله ( خلق الملائكة من نور ، وخلق الجان من مارج من نار ، وخلق آدم
مما وصف لكم ) .
3 _ رؤية العدد الكثير من الصحابة رضي الله عنهم للملائكة
يوم بدر ورؤيتهم الجماعية غير مرة لجبريل أمين الوحي –عليه السلام – إذ كان ياتي
أحياناً في صورة دحية الكلبي فيشاهدونه ، ومن أشهر ذلك حديث عمر بن الخطاب رضي الله
عنه في مسلم ، وفيه قول الرسول صلى الله عليه وسلم : أتدرون من السائل ؟ قالوا :
الله ورسوله أعلم ، قال : هذا جبريل أتاكم يعلمكم أمر دينكم .
4 _ إيمان آلاف الملايين من المؤمنين أتباع الرسل في كل
زمان ومكان بالملائكة وتصديقهم بما أخبرت عنهم الرسل من غير شك ولا تردد
.
الأدلة العقلية :
1_ إن العقل
لا يحيل وجود الملائكة ولا ينفيه ،
لأن العقل لا يحيل ولا ينفي إلا ما كان مستلزماً لاجتماع الضدين ككون الشيء موجوداً
ومعدوماً في آن واحد ، أو النقيضين ، كوجود الظلمة والنور معاً مثلاً ، والإيمان
بوجود الملائكة لا يستلزم شيئاً من ذلك أبداً .
2 _ إذا كان من المسلم به لدى كافة العقلاء أن أثر الشيء
يدل على وجوده ، فإن للملائكة آثاراً كثيرة تقضي بوجودهم وتؤكده ، ومن ذلك
:
أولاً – وصول الوحي إلى الأنبياء والمرسلين ، إذ كان
غالباً ما يصلهم بواسطة الروح الأمين جبريل – عليه السلام – الملك الموكل بالوحي ،
وهذا أثر ظاهر لا ينكر ، وهو مثبت ومؤكد لوجود الملائكة .
ثانياً – وفاة الخلائق بقبض أرواحهم ، فإنه أثر ظاهر ،
كذلك دال على وجود ملك الموت وأعوانه ، قال تعالى : ( قل يتوفاكم ملك الموت الذي
وكل بكم ) .
ثالثاً – حفظ الإنسان من أذى الجان والشيطان وشرورهما طول
حياته ، وهو يعيش بينهما ويريانه ولا يراهما ، ويقدران على أذيته ولا يقدر على
أذاهما ، أوحتى دفع شرهما دليل على وجود حفظة للإنسان يحفظونه ويدفعون عنه ، قال
تعالى : ( له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله )
.
رابعاً – عدم رؤية الشيء لضعف البصر أو لفقد الإستعداد
الكامل لرؤية الشيء لا ينفي وجوده ، إذ هناك أشياء كثيرة من الماديات في عالم
الشهادة كانت تقصر عنها الرؤية بالعين المجردة وأصبحت الآن ترى بوضوح وذلك بواسطة
المكبرات للنظر .
اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها ، وخير أيامنا يوم لقائك
، واجعلنا مع الذين أنعمت عليهم في جنتك وجوارك ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق