الخميس، 8 نوفمبر 2012

النفاق






النفاق




النفاق: لغة مصدر نافق: يقال: نافق ينافق نـفاقـاً.
وهو في الشرع : اظهار الإسلام والخير، وإبطان الكفر والشر. والمنافق كافر من الكفار لكن كفره وشره أشد من الكافر الواضح. قال تعالى (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار)، وقد وصف الله المنافقين في القرآن بأوصاف كثيرة، وتكلم عنهم وبين خطرهم وطرقهم في كيد الإسلام وأهله، فقد ذكرهم في أطول وثاني سورة في القرآن الكريم وهي سورة البقرة، وأنزل سورة باسمهم تتلى إلى يوم القيامة، ووصفهم في سور أخرى من القرآن كسورة التوبة، وهي التي تسمى الفاضحة لأنها ذكرت من أوصافهم ما كشف سوء طويتهم وبين عوارهم.
والنفاق أحد الأمراض الخطيرة التي بليت بها أمة الإسلام على مر العصور لا سيما في هذا العصر الذي اضطهد فيه المسلمون، واستضعفوا فهنا كشر المنافقون عن أنيابهم، وأخرجوا ما كانوا بالأمس يخفونه، من الدعوة إلى الكفر والزندقة والإلحاد، وذلك في صور براقة لماعة ، كالسراب يحسبه الظمآن ماءً، فإذا جاه لم يجده شيئاً.
وقد قسم أهل العلم النفاق إلى قسمين:
نفاق أكبر ونفاق أصغر.
فالأكبر هو المخرج من الملة، وهو أحد أنواع الكفر المتقدمة، وقد وصف الله أهله بصفات الشر كلها من كيد المؤمنين، والمكر بهم والاستهزاء بدينهم، والتحريض عليهم ومناصرة أهل الكفر، والتثبيط للمؤمنين عن الجهاد والقيام به ، والتحريش بينهم وإثارة الفتن والنعرات الجاهلية. وقد ثبت من بزوغ شمس الإسلام في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المنافقين طابور خامس لأعداء الملة، وحماة الصليب والوثنية، وهم مطية لكل مغير على الدين والعقيدة، وهم الذين يتترسون بالإسلام تقية ونفاقاً ليحمى دمائهم وأموالهم، وهو منهم بريء، وقد برؤا منه . ولا شك أن فتنة المنافقين على أهل الإسلام عظيمة، وخطرهم داهم لأنهم محسوبون في الظاهر على المسلمين، وهم من الداخل يكيدون كيداً، يخرجون عداوة الدين في قالب يظن الجاهل أنه خير وإصلاح، وهو غاية الجهل والإفساد.
ومن أبرز صفات المنافقين:
1- تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم أو تكذيب بعض ما جاء به.
2- بغض الرسول صلى الله عليه وسلم أو بغض ما جاء به كلهم أو بعضه.
3- كراهية الإسلام، وكراهية انتصاره، والمسرة بانخفاضه، وهزيمته.
4- لمز المؤمنين، وانتهاز الفرص والمناسبات المختلفة للنيل من الدين وأهله.
5- تبني الدعوات الهدامة المخالفة لدين الإسلام كالدعوة إلى السفور والتبرج، والدعوة لخروج المرأة واختلاطها بالرجال، وكالقول بأن الإسلام دين الرجعية والتخلف، أو دين العنف، والإرهاب ...
6- السعي وراء كل ناعق يدعو للشهوات والشبهات.
7- كراهية العلماء والمصلحين والدعاة إلى الخير والهدي، ولمزهم بأقبح الأوصاف، والتنفير عنهم وعن دعوتهم، والتحقير من شرائع الإسلام وهديه وسننه في المآكل والمشارب، والملابس، والمظاهر الداخلية والخارجية ، كالاستهزاء بالثياب القصيرة أو اللحى، أو السواك، وأشر من ذلك التحقير من أمور الدين العظام كالصلاة والجهاد والحج..وغيرها مما يطول ذكره.
النوع الثاني: من أنواع النفاق هو :
النفاق الأصغر: ويسمى النفاق العملي، وهو عمل شيء من أعمال المنافقين مع بقاء الإيمان في القلب، وهذا لا يخرج من الملة، لكنه وسيلة إلى ذلك، وصاحبه يكون فيه إيمان ونفاق، وقد يكون منافقاً خالصاً كما قال صلى الله عليه وسلم : (أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً ومن كانت فيه خصلة منهن كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها. إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان، وإذا عاهد غدر) وفي رواية: (وإذا خاصم فجر) فتكون الصفات خمس. فمن كانت هذه صفاته فهو المنافق الخالص، ويسمى نفاقه نفاقاً عملياً، ومن كانت فيه خصلة منهن كان فيه خصلة من النفاق إلا أن يتوب منها.
ولا شك أن التكاسل عن الطاعات هو من صفات المنافقين مثل التكاسل عن صلاة الجماعة، أو مراءات الناس بها كما قال تعالى: (وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلاً)، وفي الحديث: (إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلا فيصلي بالناس ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار)رواه مسلم.
وكذلك من صفاتهم تأخير الصلوات عن وقتها . عن العلاء بن عبد الرحمن أنه دخل على أنس بن مالك في داره بالبصرة حين انصرف من الظهر وداره بجنب المسجد فلما دخلنا عليه قال: أصليتم العصر فقلنا له إنما انصرفنا الساعة من الظهر قال فصلوا العصر فقمنا فصلينا فلما انصرفنا قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقرها أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلاً) رواه مسلم.
والله المسؤول أن يعصمنا من النفاق وخصاله إنه قريب مجيب.

ليست هناك تعليقات: