الأربعاء، 7 نوفمبر 2012

توحيد الأسماء والصفات






توحيد الأسماء والصفات




يؤمن المسلم بما لله تعالى من أسماء حسنى ، وصفات عليا ، ولا يشرك غيره تعالى فيها ، ولا يتأولها فيعطلها ، ولا يشبهها بصفات المحدثين فيكيفها أو يمثلها ، وذلك محال ، فهو إنما يثبت لله تعالى ما أثبت لنفسه ، وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات ، وينفي عنه تعالى ما نفاه عن نفسه ، ونفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم من كل عيب ونقص ، إجمالاً وتفصيلاً ، وذلك للأدلة النقلية والعقلية الآتية .
الأدلة النقلية :
1 _ إخباره تعالى بنفسه عن أسمائه وصفاته ، إذ قال تعالى : ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون ) ، وقال سبحانه : ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياً ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ) كما وصف نفسه بأنه سميع بصير ، وعليم حكيم ، وقوي عزيز ، ولطيف خبير ، وشكور حليم ، وغفور رحيم ، وأنه كلم موسى تكليماً ، وأنه استوى على عرشه ، وأنه خلق بيديه ، وأنه يحب المحسنين ، ورضي عن المؤمنين ، إلى غير ذلك من الصفات الذاتية والفعلية ، كمجيئه تعالى ونزوله وإتيانه ، مما أنزله في كتابه ، ونطق به رسوله صلى الله عليه وسلم .
2 _ إخبار رسوله صلى الله عليه وسلم بذلك فيما ورد وصح عنه من أخبار صحيحة وأحاديث صريحة كقوله صلى الله عليه وسلم : ( يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر ، كلاهما يدخل الجنة ) ، وقوله : ( لا تزال جهنم يلقى فيها وهي تقول : هل من مزيد ؟ حتى يضع رب العزة فيها رجله – وفي رواية : قدمه- فينزوي بعضها إلى بعض ، فتقول قط قط ) وقوله صلى الله عليه وسلم (ينزل ربنا إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول : ( من يدعوني فأستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له )) وقوله عليه الصلاة والسلام : ( لله أشد فرحاً بتوبة عبده من أحدكم براحلته ) الحديث ، وقوله صلى الله عليه وسلم للجارية : ( أين الله ؟ فقالت في السماء ، قال : من أنا ؟ قالت : أنت رسول الله ، قال : أعتقها فإنها مؤمنة ) ، وقوله : ( يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه ، ثم يقول : أنا الملك ، أين ملوك الأرض ) .
3_ إقرار السلف الصالح من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة رضي الله عنهم أجمعين بصفات الله تعالى ، وعدم تأويلهم لها ، أو ردها أو إخراجها عن ظاهرها ، فلم يثبت أن صحابياً واحداً تأول صفةً من صفات الله تعالى ، أو ردها ، أو قال فيها أن ظاهرها غير مراد ، بل كانوا يؤمنون بمدلولها ، ويحملونها على ظاهرها ، وهم يعلمون أن صفات الله تعالى ليست كصفات المحدثين من خلقه ، وقد سئل الإمام مالك رحمه الله تعالى عن قوله عز وجل : ( الرحمن على العرش استوى ) فقال : الاستواء معلوم والكيف مجهول والسؤال عنه بدعة .
وكان الشافعي ، رحمه الله تعالى يقول : آمنت بالله وبما جاء عن الله ، على مراد الله وآمنت برسول الله ، وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله ، وكان الإمام أحمد رحمه الله تعالى يقول في مثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم : إن الله ينزل إلى السماء الدنيا ، وإن الله يرى يوم القيامة ، وانه تعالى يعجب ، ويضحك ويغضب ، ويرضى ويكره ويحب ، كان يقول : نؤمن بها ، ونصدق بها ، لا بكيف ولا معنى ، يعني أننا نؤمن بأن الله تعالى ينزل ويرى ، وهو فوق عرشه بائن من خلقه ، ولكن لا نعلم كيفية النزول ، ولا الرؤية ، ولا الاستواء ولا المعنى الحقيقي لذلك ، بل نفوض الأمر في علم ذلك إلى الله قائله وموحيه إلى نبيه صلى الله عليه وسلم ، ولا نرد على رسول الله ، ولا نصف الله تعالى بأكثر مما وصف به نفسه ، ووصفه به رسوله ، بلا حد ولا غاية ، ونحن نعلم أن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير .
الأدلة العقلية :
1_ لقد وصف الله تعالى نفسه بصفات ، وسمى نفسه بأسماء ولم ينهنا عن وصفه وتسميته بها ، ولم يأمرنا بتأويلها ، أو حملها على غير ظاهرها ، فهل يعقل أن يقال إننا إذا وصفناه بها نكون قد شبهناه بخلقه فيلزمنا إذاً تأويلها ، وحملها على غير ظاهرها ؟ وإن أصبحنا معطلين نفاةً لصفاته تعالى ، ملحدين في أسمائه ، وهو يتوعد الملحدين فيها بقوله : ( وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون ) .
2 _ أليس من نفى صفة من صفات الله تعالى خوفاً من التشبيه كان قد شبهها أولا بصفات المحدثين ، ثم خاف من التشبيه ففر منه إلى النفي والتعطيل ، فنفى صفات الله تعالى التي أثبتها لنفسه وعطلها ، فكان بذلك قد جمع بين كبيرتين ، التشبيه والتعطيل ؟ .
أفلا يكون من المعقول إذاً ، والحالة هذه ، أن يوصف الباري تعالى بما وصف بها نفسه ووصفه به رسوله مع اعتقاد أن صفاته تعالى لا تشبه صفات المحدثين ، كما أن ذاته عز وجل لا تشبه ذوات المخلوقين ؟ .
3 _ إن الإيمان بصفات الله تعالى ووصفه بها لا يستلزم التشبيه بصفات المحدثين ، إذ العقل لا يحيل أن تكون لله صفات ٌ خاصة بذاته لا تشبه صفات المخلوقين ، ولا تلتقي معها إلا في مجرد الاسم فقط ، فيكون للخالق صفات تخصه ، وللمخلوق صفات تخصه .
والمسلم إذ يؤمن بصفات الله تعالى ، ويصفه بها لا يعتقد أبداً ولا حتى يخطر بباله أن يد الله تبارك وتعالى مثلاً تشبه يد المخلوق في أي معنىً من المعاني غير مجرد التسمية ، وذلك لمباينة الخالق للمخلوق في ذاته وصفاته وأفعاله ، قال تعالى : ( قل هو الله ، أحد الله الصمد ، لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفواً أحد ) وقال : ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) .
اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها ، وخير أيامنا يوم لقائك ، واجعلنا مع الذين أنعمت عليهم في جنتك وجوارك، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

ليست هناك تعليقات: