مشكلة البطالة
باسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله ... أما بعد : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
لا يوجد شيء أسوأ من البطالة، وأتعجب حقا ممن
يدعي أنه لم يجد عملا يعمله!، ثم يضع اللوم على الناس تارة، وعلى المقادير تارة
أخرى؛ وقد قال حكيم: من دلائل العجز كثرة الإحالة على المقادير.
أصبح الناس لا يرضون إلا بالمهن ذات الدخل المرتفع، ولا يبالي إن كان الدخل من حرام أو من حلال، أو يرضون بمهنة لا تحتاج إلى بذل جهد كبير، أو مهنة راقية؛ و لست أدري ما يقصدون بالمهنة الراقية!، فهل مهنة الحارس مثلا مهنة دنيئة، هل جمع النفايات مهنة دنيئة؟!،...ثم من أعطى هذه المعايير؟!!، ما أعرفه أن معيار المهن هو الحلال والحرام . صار الناس بذلك يستحبون البطالة؛ إن لم يجدوا المهنة أو الوظيفة الراقية أو السهلة أو ذات الدخل المرتفع . لست أدري بما أفسره؛ أهو تكبر، أم كسل، أم عجز؛ وقد قيل: من العجز والتواني تنتج الفاقة. وقال علي رضي الله تعالى عنه: التواني مفتاح البؤس، وبالعجز والكسل تولدت الفاقة ونتجت الهلكة، ومن لم يطلب لم يجد وأفضى إلى الفساد. عار على رجل أن يظل دون عمل، عار عليه!، قال الشاعر: لنقل الصخر من قلل الجبال ... أحب إلي من منن الرجال يقول الناس كسب فيه عار ... وكل العار في ذل السؤال وقال آخر: لا تحسبن الموت موت البلى ... وإنما الموت سؤال الرجال كلاهما مــــــــــــوت ولكن ذا ... أشد من ذاك لــــذل السؤال وقال الشاعر أيضاً: ما اعتاض باذل وجهه بسؤاله ... عوضاً وإن نال الغنى بسؤال وإذا السؤال مع النوال وزنته ... رجح السؤال وخــف كل نوال فإذا ابتلين ببذل وجهك سائلاً ... فابذله للمــــــتكرم المفضـــال وقال بعضهم : خاطر بنفسك كي تصيب غنيمة ... إن الجلوس مع العيال قبيح ولو أن يجمع النوى ويبيعه، ولو أن ينظف الشارع أو الحي الذي يسكن فيه، وإن كان دون مقابل!؛ أفضل من أن يجلس في بيته يندب حظه، ويبدي سخطه على الحكومة وعلى أهل السلطة... على الأقل شيء يغنيه عن ذل السؤال؛عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَأْتِيَ بِحُزْمَةِ الْحَطَبِ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهَا فَيَكُفَّ اللَّهُ بِهَا وَجْهَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ . وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ . وعن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من يكفل لي أن لا يسأل الناس شيئا فأتكفل له بالجنة ؟ " فقال ثوبان : أنا، فكان لا يسأل أحدا شيئا . وقال أيضا: ثلاث أقسم عليهن : ما نقص مال قط من صدقة فتصدقوا، و لا عفا رجل عن مظلمة ظلمها إلا زاده الله تعالى بها عزا فاعفوا يزدكم الله عزا، و لا فتح رجل على نفسه باب مسألة يسأل الناس إلا فتح الله عليه باب فقر . رغم ذلك فلا يزال كثير من الناس يحترف المسألة، فهي الطريق السهلة للحصول على المال، ولا هم عنده إن أهين، أو أذل، وليت الذي يسأل محتاجا حقا!، بل أكثرهم يسأل من غير حاجة، هكذا!، لأجل المسألة فقط!، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سأل وله ما يغنيه ؛ جاءت مسألته يوم القيامة خدوشا أو خموشا أو كدوحا في وجهه . قيل : يا رسول الله ! وما يغنيه ؟ قال : خمسون درهما أو قيمتها من الذهب ’’ . خمسون درهما!، لو يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم حالنا!، نملك الآلاف ولا نتحرج من سؤال غيرنا، والدنيا تخنقها المتاجر ! تجد أحدنا إن احتاج إبرة! يسأل جاره البائع، و يستثقل أن يبتاعها منه! . ثم مما يجهله الناس أن المسألة محرمة إلا للضرورة ؛ قَالَ النَّوَوِيّ :‘‘ ... وَقَدْ اِتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى النَّهْي عَنْهُ لِغَيْرِ الضَّرُورَة ، وَاخْتُلِفَ فِي مَسْأَلَة الْقَادِر عَلَى الْكَسْب وَالْأَصَحّ التَّحْرِيم ، وَقِيلَ يُبَاح بِثَلَاثِ شُرُوط : أَنْ لَا يُذِلّ نَفْسه ، وَلَا يُلِحّ فِي السُّؤَال ، وَلَا يُؤْذِي الْمَسْئُول ، فَإِنْ فُقِدَ شَرْط مِنْ هَذِهِ الشُّرُوط فَهِيَ حَرَام بِالِاتِّفَاقِ’’ . فقدت كل الشروط!، وليس شرطا واحدا ....!!! على أية حال، اعمل، إن أردت أن تتجنب المهانة والذل ... قال لقمان الحكيم لابنه: يا بني، استغن بالكسب الحلال عن الفقر، فإنه ما افتقر أحد قط إلا أصابه ثلاث خصال : رقة في دينه، وضعف في عقله، وذهاب مروءته، وأعظم من هذه الثلاث :استخفاف الناس به. وقال عمر بن الخطاب: إني لأرى الرجل فيعجبني، فأقول: أله حرفة، فإن قالوا لا، سقط من عيني. وكان زيد بن مسلمة يغرس في أرضه فقال له عمر رضي الله عنه: أصبت، استغن عن الناس يكن أصون لدينك وأكرم لك عليهم . وقال الهيثم: ربما يبلغني عن الرجل يقع في فأذكر استغنائي عنه فيهون ذلك علي. وقال أيوب: كسب فيه شيء أحب إلي من سؤال الناس. وجاءت ريح عاصفة في البحر، فقال أهل السفينة لإبراهيم بن أدهم رحمه الله وكان معهم فيها: أما ترى هذه الشدة؟ فقال: ما هذه الشدة، وإنما الشدة الحاجة إلى الناس. حقا إنما الشدة الحاجة إلى الناس، هذا لمن كان عنده شيء من عزة النفس، أو شيء من الكرامة! .
لنعد النظر في أمر البطالة ، هل هي أمر حقيقي
؟؟؟ ، هل تستحق البطالة كل هذه الضجة ؟؟؟ ...
الأمر لا يتعلق بالبطالة بقدر ما يتعلق بالقناعة ، وبجدية الفرد وسعيه نحو النمو و التطور ... منقول |
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق