الخميس، 24 مايو 2012

، أنا الدنيا .. أيكم ما افتتن بي




، أنا الدنيا .. أيكم ما افتتن بي








لولاك ما كنا وما كانت لنا .. دنيا ولا عمرت بنا أرجاء



أحبتي الكرام يحكى أن شاباً خرج من داره ذات يوم ،


 وفي طريقه وجد فتاة حسناء ، 


جميلة تلك الفتاة ،


 نظر إليها ذاك الشاب ،


 فملكت قلبه واستهوته وأحبها حباً عظيماً ،


 ذهب الشاب إلى تلك الفتاة ليخطبها من نفسها ،


 وافقت الفتاة ،


 لكن قالت بشرط : 


أن يكون مهري وصداقي كذا وكذا ،


وطلبت مهراً ضخماً طائلاً ،


 وذاك الشاب لا يستطيع على ذاك المهر ،


 أخذ يفكر في حلول سريعة ،


 يريد أن يتزوج بالفتاة ،


 يريد أن يظفر بالفتاة ،


 قال :


إذن أذهب إلى أحد التجار وأقترض منه المبلغ وأتزوج بتلك الفتاة ،


 ذهب ذاك الشاب إلى ذاك التاجر من أجل أن يقترض ذاك المبلغ ،


 أخبره الخبر وقص عليه القصة ، 


فقال ذاك التاجر :


 أنا لا أصدق ، 


أويعقل أن في هذا الكون فتاة هذا مهرها وهذا صداقها ؟ ! 


هذا كلام غير صحيح ،


قال الشاب :


 إذن ،


اذهب معي إلى تلك الفتاة ،


واسمع من الفتاة ،


 ذهب الشاب والتاجر إلى تلك الفتاة ،


 رآها التاجر ،


 فانفتن بها ،


وملكت قلبه ،


 واستهوته ،


 وقال :


هذه الفتاة التي أبحث عنها ،


 فاختصم الشاب والتاجر على هذه الفتاة أيهم يظفر بها ،


قالوا


 إذن ،


 نذهب إلى القاضي ،


ونختصم عند القاضي ،


ونتحاكم عند القاضي ،


 ذهبوا إلى القاضي ،


أخبروه الخبر ،


قال القاضي :


لا أفصل في القضية حتى تحضر الفتاة ،


وأسمع منها ،


 أحضروا الفتاة إلى القاضي ،


 رآها القاضي ،


 افتتن بها القاضي ،


 وقال : هذه الفتاة التي أبحث عنها ،


 ثم قال لهذا الشاب :


 هذه فتاة جميلة ،


 ومهرها طائل ،


 وأنت فقير ،


 معدوم الحال ،


لا تستطيع على مهرها وصداقها ،


 وقال للتاجر :


 أنت رجل تجارة وسوق ،


 يلهيك مالك وتجارتك عنها ،


 هي ما تصلح إلا لرجل دين وقضاء مثلي ،


 اختصم الثلاثة :


 الشاب والتاجر والقاضي على هذه الفتاة أيهم يظفر بها ،




 قالوا :


 إذن ،


 نحتكم إلى أعلى سلطة في البلدة ،


 نذهب إلى والي المدينة ،


 ونتحاكم عنده ، ذهب الأربعة :


 الشاب والتاجر والقاضي والفتاة إلى الوالي ،


فلما دخلوا على الوالي ،


ورأى الوالي تلك الفتاة ،


افتتن بها الوالي ،


 وقال :


 هذه الفتاة التي أبحث عنها عمري كله ،


 هذه الفتاة ما تصلح إلا لسلطان مثلي ،


أما أنت أيها الشاب ،


 فأنت شابٌّ صعلوكٌ ،


 فقيرٌ ،


 معدوم الحال ،


لا تستطيع على مهرها وصداقها ،


وقال للتاجر :


 أنت رجل تجارةٍ وسوق ،


يلهيك مالك وتجارتك وسوقك عنها ،


 وقال للقاضي :


أنت رجل دينٍ وقضاء ،


 يلهيك دينك وقضاؤك عنها ،


هي لا تصلح إلا لسلطان مثلي ،


 صاحب أموال ،


 وصاحب تجارة ،


 وصاحب حشود وبنود وقصور ،


اختصم الأربعة :


 الشاب والتاجر والقاضي والوالي أيهم يظفر بتلك الفتاة ،


 عندها قالت الفتاة :


 أنا التي أفصل في القضية ، 


أوتقبلون حكمي ؟


 قالوا :


 قبلنا حكمك ،


 قالت :


 أنا أجعلكم على مضمار ،


 تتسابقون على هذا المضمار ،


 وأيكم يسبق هو الذي يتزوجني ،


 رضي الجميع بهذا الحل ،


فأخذ الجميع يعدو في ذاك المضمار ،


أخذ الجميع يسير مسرعاً ومهرولاً يوماً تلو يوم ،


 وأسبوعاً تلو أسبوع ،


وشهراً تلو شهر ،


وسنة تلو سنة ،


 سنة تلو سنة ،


 سنة تلو سنة ، 


وما هي إلا أيام قلائل حتى يهوي الجميع في حفرةٍ سحيقةٍ مظلمةٍ ضيقة ،


 تنظر إليهم الفتاة من علو وتقول :



أنا الدنيا ، 



أنا الدنيا ، 


أنا الدنيا ..


 أيكم ما افتتن بي ؟


 أيكم ما صددت ؟


 أيكم ما أشغلت ؟

ليست هناك تعليقات: