الاثنين، 27 فبراير 2012

دروسٌ عشرة من هِمَّة نملة [2]


دروسٌ عشرة من هِمَّة نملة [2]


دروسٌ عشرة من هِمَّة نملة [2]




|


أهلا ومرحبا بكم إخواني وأخواتي في رحاب: همة نملة، ها قد وصلنا إلى القيمة السادسة من القيم المستفادة من همّة نملة نبي الله سليمان عليه السلام، وقد تحدثنا سابقا عن الهمة والتضحية وإتقان العمل والتيقظ والانتباه وإنكار الذات، وتغليب المصلحة العامة على المصالح الشخصية.
اليوم نكمل سويا هذه القيم العشر، على النحو التالي:  
سادسا: النظام وتقسيم العمل؛ ما أجمل النظام!! لا أقصد به نظام دولة ما، ولكن أقصد به نظام العمل وتقسيمه بصورة تليق بالمجتمع والأمة وتدفع إلى النهضة والتقدم والإنجاز. لعل من قرأ عن عالم النمل قد اكتشف أن النمل يعد أروع عالم منظم في الكون، بالإضافة إلى الطيور في السماء والبهائم في الأرض والنحل في بيوته، وهكذا نكتشف أن الكون كله منظم ويسير وفق خطط منظمة مرتبة، -لكن للأسف هذا الإنسان المكرم – إلا من رحم ربي- يكره النظام وترتيب الأدوار، مع أن حاجة الإنسان لذلك أهم وأخطر. فليتعلم عالّم البشر من عالَمِ النّمل طريق أداء الأعمال وتقسيم الأدوار وتوظيف الطاقات على وجه نهضوي بارع.
سابعا: الحنكة في إدارة الأزمات؛ بالتأكيد الأمة تتأزم أحوالها بين حين وآخر، وتتعد الأزمات والكرب بها، وليست المشكلة في وجود الأزمات فطبيعة الحياة أنها فترة أزمة، لكن المشكلة الأكبر في عدم الحنكة في إدارة الأزمات، النملة أدارت الأزمة بصورة صحيحة غير مستفزة لقومها ولا للجيش الذي يمر من أمامها: ما قالت أن الجيش سيتعمد أن يحطمكم، أو أنه جاء هنا لإهلاككم، ولكنها نسبت الغفلة إلى قومها –فليفعل الآخرون ما يفعلوا- المهم أنت: ماذا تفعل تجاه ما يقوم به الآخرون، فقالت النملة: [وهم لا يشعرون] فانتبهوا يا قوم، وكان بحمد الله تذكرتهم بأهمية الانشغال بالله عن أي شيء آخر.
ثامنا: المبادرة والإيجابية والجديّة؛ لطالما تاهت الأمة في رحاب سلبية مهينة أوردتها المهالك، فترات طوال، غير أن مع ربيع الثورات العربية بدأت الأمة –بفضل من الله وحده- بخلع رداء السلبية وارتدت من جديد ثوب الإيجابية، وهو ما يمكن أنت نتعلمه من شأن هذه النملة: لم تقل: وأنا مالي – هو أنا اللي هغير الكون – هما أحرار؛ المهم أنا – ما ليش دعوة – عيش جبان تمت مستور...... إلى آخر ما نسمع من كلمات السلبية!! لا بل تحركت وكانت صاحبة همة عالية وإيجابية فذة لم يرى الكون لها مثيل في عالم الحشرات!!. فليتعلم بنو الإنسان من هذه الإيجابية ولا تكن النملة أفضل منك أخي المسلم وأختي المسلمة: كن إيجابيا في خدمة أمتك ومجتمعك الذي فيه تحيا وتعيش وقدم اليوم ما ينفعك للغد.
تاسعا: الإنجاز العالي؛ هذا الإنجاز الذي أنجزته النملة بخطابها وهمتها جعل سليمان النبي يتبسم ضاحكًا فرحًا لأسباب عدة؛ من أهمها: شكر نعمة الله الذي منحه فهم اللغات واللهجات، وكذا همة هذه النملة الصغيرة نحو مجتمعها بما ينقص مجتمع البشر أحيانا، لأنها قصة ستخلد وقد علم ذلك والمؤمنون من كل أمة سيعرفون عظمة هذا العالم العجيب [النمل] بما يدفعهم دفعا نحو الاعتراف بقدرة الله الخالق الرزاق. إنجاز ليس له مثيل في الدعوة!! إنجاز تحركت أمة بسبب!! إنجاز يدفع فينا روح الإنجاز والعمل على النهضة!! إنجازنا يا إخواني يحتاج إلى إنجاز، فأنجزوا أعمالكم وراقبوا ربكم وهو من سيحاسبكم على أوقاتكم وجهودكم وأعمالكم.
عاشرًا: الشعور والإحساس بالمسئولية؛ كثيرون أولائك الذين يعيشون في الدنيا بلا أهداف ولا غايات، وهؤلاء تجدهم في كل قطر ومصر، لكن أكثر منهم –بإذن الله- الذي يشعرون بالمسئولية ويملؤهم الحزن على أحوال أممهم ويسعون جادين نحو القيام بما هو مفروض عليهم؛ سواء مفروض شرعا، أو فرضوه هم على أنفسهم؛ من منطلق الإحساس بالمسئولية: إننا بحاجة ماسة هذه الأيام أن يحيا كل مسئول في أي مكان هذا المعنى الإحساس بالمسئولية؛ فإذا أحس الأب أو الأم بمسئوليته تجاه أبنائه ما فرّط في واجبه في التربية السليمة لهم، وإذا أحس الداعية بمسئوليته ما نام عن دعوته، ولا غمضت عيناه إلا وهو يفكر في حلم الأمة الأكبر من أستاذية العالم وسيادة الإسلام، وإذا أحس الحاكم في أي مكان بخطورة المسئولية نحو شعبه ووطنه راجع نفسه أهو ظالم أم لا؟ أهو قائم بالحق والعدل أم لا؟ أهو مراقب ربه أم لا؟ أهو يخاف الله أم لا؟ أو حريص على بلده أم على نفسه فحسب؟ وهكذا لو تحركنا جميعا بهذا المعنى: ما نام موظف في دائرة عمله، ولا تباطأ مسئول عن مسئوليته، وصدق رسولنا الحبيب: [كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته]...
وفق الله الجميع لما فيه خير نفسه والأمة، ونفع الله بهذه الكلمات.
وبهذه الخطة الإدارية وبتلك العناصر التنموية يمكن أن تتقدم الأمم، وتنجز كثيرًا من أعمالها بدون خسائر ولا تضييع وقت أو طاقات أو إهدار مال، كل ما في الأمر: أن نعمل سويا ونتعاون ونجتهد في تحقيق الأهداف، ننظر للأفق الرحب والفضاء الواسع، وننطلق من نقطة بداية إلى نقطة نهاية –وإن كان للمؤمن نقطة بداية لكن ليست له نقطة نهاية؛ فالموعد مع النعيم المقيم الدائم الذي لا ينقطع- فلنعمل ونجد ونجتهد ولا نتوانى أو نتباطأ عن نهضة أمتنا.
والله المستعان.


ليست هناك تعليقات: