الثلاثاء، 28 فبراير 2012

يافع ناطحات سحاب وتراث ومعالم تاريخية عريقه




يافع ناطحات سحاب وتراث 
ومعالم تاريخية عريقه



أ/عبد اللاه الضباعي
ما إن تلج وادي يهر حتى تأسرك حفاوة الطبيعة واستقبالها لك، ناهيك عن حفاوة وكرم أهل يافع المعهود والمشهود، ووادي يهر شأنه شأن بقية وديان يافع يتفرد بميزة خاصة من حيث تضاريسه الجبلية المطرزة بالمدرجات الزراعية الخضراء و وهاده الغنية بالأشجار الباسقة وارفة الظلال ومياه عيونه المتدفقة ومناخ طقسه الدافئ، يشعرك وأنت بين أحضانه الدافئة بشاعرية سحرية وحميمة تأخذك إلى عالم من سحر المكان وجماله الذي يلامس الذهن والنفس. ويصطحبك وادي يهر إلى أقصى حدوده حينها يستقبلك أول منعطفات نقيل الخلاء الذي يقع في أعلى الوادي.

اال عمرو لبعوس يافع ناطحات السحاب الحجرية

وأنت تتسلق منحدرات هذا النقيل صاعداً إلى لبعوس ترى شموخ جبال يافع وهي تعانق السحاب فتتوجس خيفة لعلوها وماهي إلى لحظات حتى تنحني لك وتحتضنك برقة. *وتبدو لك مدينة لبعوس كخيال لاتكاد تلملم أطرافه.. وأنت تشاهد ناطحات السحاب الحجرية تلك القصور والحصون السامقة التي تعانق النجوم وتتربع قمم الجبال، وأعالي الهضاب وضفاف الوديان وكأنها لؤلؤ منثور، فتشاهد لوحة آية في الجمال وغاية في الإدهاش، فالنمط المعماري اليافعي تجسيد لجمال الروح وخصوبة الأرض، وتلاحظ قوة الإنسان اليافعي وقدرته على تطويع هذه الطبيعة القاسية واستغلالها وتسخيرها بل وتكييفها بما يلبي متطلباته وحاجياته.. تلك هي يافع العصية والأبية، "يافع التاريخ والحضارة والفن المعماري والغنائي ومفردات أخرى" فالفن المعماري في يافع بأصالته ورصانته يمثل النموذج الأرقى والأجمل على مستوى الجزيرة والخليج وهذا مالم ندركه كيمنيين، غير أن الدكتورة سلمى سمر الدملوجي العراقية المنشأ والبريطانية الجنسية الأستاذة في جامعة لندن والباحثة المتخصصة في فن العمارة العربية هي وحدها من أدرك ذلك فقد خلصت إلى أن البناء في يافع يكاد يكون الأرقى والأكثر تطوراً في الجزيرة العربية.. كما انه سبق غيره من حيث الهندسة المعمارية... ويعكس نمط البناء اليافعي تراكم خبرات قرون عديدة من الزمن حتى وصل إلى مستواه المتميز في تصميمه وشكله وجماله المعماري وهذا ما أكدته المعمارية الدكتورة " سلمى الدملوجي " على الأهمية البالغة للعمارة اليافعية بالنسبة لتقنية البناء الفريدة في العالم في استخدام وتقويم الحجر في بناء ناطحات السحاب الحجرية ويبقى الإبداع شاهداً على قدرة الإنسان المتجددة لمخاطبة الجمال الروحي الوجداني وجمال الطبيعة التي تتجلى فيها قدرات الخالق عزوجل في تزيين وتجميل هذا الكون الفسيح الذي أبدع الرحمن في خلقه وتزيينه وتنسيقه وتنظيمه بدقة متناهية لإدراكه سبحانه وتعالى.. ومعرفته بأهمية ذلك ومدى حاجتنا للجمال والإبداع ولكي يحيي فينا هذا الجانب وهذه الملكة الفنية وينميها، فهي لاتقل أهمية عن غيرها من الجوانب إن لم يكن أهمها لارتباطها بالروح وتحكمها بالمشاعر والأحاسيس المرهفة وقدرة النفس البشرية. 
موقع يافع الجغرافي 
*تقع يافع (شمال شرق محافظة عدن) بين خطي طول 45- 46 وخطي عرض 13- 14 يحدها من الجنوب ساحل البحر ومن الشمال البيضاء، ومن الشرق لودر (مكيراس) ومن الغرب الضالع وحالمين. وبشكل عام تمثل الجهة الغربية لمحافظة أبين والجهة الشمالية الشرقية لمحافظة لحج وجغرافية منطقة يافع في معظمها شديدة الوعورة والتضاريس، وتمثل منطقة الهضبة أكثر المواقع ارتفاعاً في يافع لبعوس التي يقع فيها جبل ثمر ارتفاعه (حوالي 7500) قدم عن سطح البحر، وجبل العر ورد ذكرهما في كتاب الهمداني صفة جزيرة العرب ويتميز مناخ تلك المنطقة بالبرودة شتاءً وبالاعتدال صيفاً وبانخفاض معدل المطر السنوي. التقسيم الإداري


اثار ونقوش اكتشفت في سرار يافع
وكسر خزفية ونقود يرجع تاريخها إلى عصر بني رسول السلطان الملكي (شمس الدين بن يوسف) كما نجد أيضاً كلما اتجهنا بانحدار التبة بقايا أحجار رخامية وكسراً من الأحجار المنحوته وكلما تعمق الحفر، نجد في ( الخربة) بقايا أحجار عليها خط مسند وأحجار مربعة منحوتة بدقة فائقة كانت هذه الأحجار هي هدف مواطني القرى المجاورة شمالاً وجنوباً لغرض البناء ومنها تسربت بعض الآثار وتم بيعها في شمال الوطن قبل الوحدة، ولايستبعد أن التبة قد شهدت معبداً وقصراً من قصور( الأذواء ) ماقبل الميلاد، فأصيبت بزلزال، أو كارثة ما، ولايستبعد أن جزءاً منها كان (جبانة) لدفن الأعيان فيها مايدعم الاحتمال الأول، وفي (قطنان) شاهدناً بيوتاً كبيرة، مبنية بأحجار مربعة منحوتة أخذت من تلك الخربة، وبين تلك الأحجار رخامية مربعة ومتساوية الأضلاع وقد تمحى تلك الكتابة بسبب تعرضها للشمس والريح والأمطار.. كما يوجد إكليل على باب أحد البيوت من أحجار منحوتة مأخوذة من نفس المكان، لكن أهالي قرية (قطنان) احتفظوا بالأحجار المخطوطة في بيوتهم حرصاً عليها بعد أن عرفوا قيمتها وبعد منع المسئولين أخذ الأحجار.
الخلقة *
(الخلقة) قرية صغيرة تبعد مسافة الساعة عن مركز بني بكر، يقال أنها كانت مقراً لما تسمى بالدولة ( المسمارية ) ولاتتوفر معلومات كافية عنها وعلى مقربة من هذه القرية توجد مدافن وآثار مقبرة وتحوي هذه القرية ثلاثة مواقع تاريخية هي :
المعبد 
وتدل نتائج المشاهدة أن القرية تضم إضافة إلى الأبنية المحيطة موقعاً أثرياً يعود إلى ما قبل الاسلام وقد دلت المعاينة الأولية إنه عبارة عن معبد، أو ربما مستوطنة صغيرة ويتشابه هذا الموقع مع السابق في انتشار أحجاره في جوانب مختلفة منه، بينما لاتتأثر قطع الفخار أو الرخام على سطحه أما سور هذا المعبد فلازال قائماً بالكامل في بعض أجزائه.. كما أن أحد أبراج السور قائم وبحالة جيدة.
وبالرغم من صعوبة تحديد الحقبة التاريخية لهذا الموقع نظراً لعدم توافر النقوش على آثاره غير أنه يمكن تجاوز هذه المشكلة بالعودة إلى النقوش التي عثر عليها في هذا الموقع في العام 1976م ونقلت إلى العاصمة (عدن).
السدود:
*يوجد سدان قديمان يحملان اسم القرية أحدهما: مثلث الشكل مبني من أصل الجبل ومحاط من الأعلى بسور وهو ذو حجم صغير ومكسو بالقضاض الأبيض ومازال الناس يستخدمونه حتى اليوم وثانيهما: شبه دائري بعيد بعض الشيء عن القرية وهو مهمل قليل الاستعمال وسوره لايزال بحالة جيدة.
مسجد الخلقة :
*مسجد قديم اختفت سقوفه وأبوابه ونوافذه الخشبية وبقيت جدرانه وبهو صحنه الداخلي.. أما حوض الوضوء وكذا برك الحمامات فلازالت بحالة جيدة والمسجد مبني من الحجارة وليس واضحاً في أي عصر بني أو من الذي أسسه وهو محاط بقرية ( المسحر) غرباً وبجبل الفرع من الشمال الشرقي.
شرف بن عوسان (شرف بن أوسان) والفردة
وشرف تعني أنه مرتفع يطل على وادي حافة جبل، وعوسان تحوير لاسم، أوسان وفي القرية خربتان خربة العنسي وخربة الريد وفي هذه القرية نجد ملامح أثرية كثيرة إذ نجد على القمم صخوراً مسودة وناعمة مرمية على عرض وفوق الجبل وعلى الصخور كتابات كثيرة بخط مسند دقيق، وهي خطوط قديمة محفورة علي الصخر وقد انمحت تدريجياً بسبب تعرضها للشمس والرياح والأمطار والأتربة، ولايستبعد وجود آثار أخرى في هذه المنطقة وبالذات تحت كتلة الصخور التي يحتمل أنها كانت جداراً واحداً فارتمت على ظهرها..
قرية الفردة 
*قرية في (درقبان) تطل على وادي (تجه) وهو وادي خصب، وغزير المياه الغيلية، وفي هذه القرية تقع (خربة أم ريدان) وفي هذه الخربة كهف منيع يرزح في صدر جبل شاهق، يصعب الوصول إليه ويسمى الكهف (تنور الكفار) وكهف العفاريت إذ توجد في الكهف ثلاثة تماثيل متحاذية، احد هذه التماثيل يحمل



احد الكهوف في يافع يعتقد كثيرين انه لأصحاب الكهف
صورة اسد رابض يحرس تمثالين آخرين وواحد لامرأة وآخر لرجل وقد اتخذ المواطنون من هذه التماثيل هدفاً (نصع) ليتمرنوا على اطلاق النار وقد تعرضت التماثيل لطلقات الرصاص وتبدو منخورة بسبب ذلك.
وفي يافع توجد الكثير من المعالم الأثرية الظاهرة من حصون ومساجد وقلاع وأضرحة ونقوش ومخطوطات حميرية بالخط المسند إلى جانب السدود ( الكرفانات القديمة ) والتي تستخدم لخزن مياه الأمطار كما توجد آلالاف من مخازن الحبوب ( المدافن ) وتزخر يافع بالكثير من المواقع الأثرية المطمورة بما فيها الكتابات الحميرية على الصخور الجبلية إلى جانب لوحات نحتت من حجر البلق وهياكل حيوانات مصنوعة من البرونز بحوزة اشخاص استحوذوا عليها لعدم علمهم باهميتها ولم يعرف مصيرها حتى الآن كل هذا وذاك يدل على أن يافع سكنها الحميريون في بداية عهدهم وما عثر عليها اليوم في يافع من كتابات قديمة بالخط المسند دليل قاطع على أن يافع المسكن القديم للحميريين، كما تم العثور على كتابات قديمة بالخط المسند على صخور جبلية في مديرية سباح وبالتحدي د في منطقة العرقة ومديرية سرار وفي أماكن عدة ومتباعدة منها جبل النمارير وهي الأكثر من حيث تعرضها لاعمال الطمس والتخريب، كما شاهدنا في اثناء بحثنا كتابات متناثرة ورسوماً لغزال ونمر في جبل سقام وكتابات في مكان يطلق عليه منذ مئات السنين (ذراع الكتابات) كما شاهدنا كتابات من دون أي رسوم في مكان يسمى (ذراع الجيف) في منطقة علتيط الأسفل، على مايبدو لآن تلك المخطوطات قد تعرضت لأعمال تكسير وتخريب من قبل الرعيان بالذات صغار السن ان تلك الكتابات تحتاج إلى خبراء آثار للقيام بدراسات علمية أثرية جديرة بها لمعرفة خباياها وفك رموزها التاريخية القديمة لهذا ندعو علماء الآثار للتنقيب والبحث والدراسة والحفاظ عليها من عوامل الزمن وآيادي العابثين وهناك العديد من الآثار المنتشرة في عموم يافع التي لم تجد الرعاية والاهتمام ومنها على سبيل المثال النقوش الصخرية التي تم اكتشافها في مديرية سباح وسرا.
مدينة دخان
تقع مدينة دخان في الاتجاه الجنوبي من مديرية رصد في إطار مكتب كلد قبلياً، وتعتبر مدينة دخان واحدة من أقدم المعالم الآثرية في يافع وتزخر بالعديد من المدافن المحفورة في الصخر التي كانت تستخدم لخزن حبوب المحاصيل الزراعية وبقايا أساسات مبان قديمة وبقايا مبان متلاصقة بعضها ببعض مؤكدة ما يتداوله الناس انه كان لهذه المدينة سور وبابان رئيسيان وداخل سور المدينة مسجد قديم مبني باسلوب هندسي بديع تزين جدرانه بعض الزخارف والعقود الجميلة ويسمى مسجد دخان وبجوار المدينة من الخارج سد كبير يتسع لكميات كبيرة من مياه الأمطار ويقع في الاتجاه الجنوبي الغربي من المدينة، وهو مبطن بخرسانة النورة ومايزال صالحاً للاستخدام مع إضافة اللمسات التجميلية

موحسه لدق البن والحبوب




وبداخل المدينة مئات المواحس (حفر صغيرة في الصخر الاصم تستخدم لدهس وطحن الحبوب) بعضها ماتزال ظاهرة والبعض طمرتها الحجارة المتراكمة فوق بعضها البعض التي اسقطها الزمن وايادي العابثين ويوجد طريق مدرج مرصوف بالحجارة ذات الأحجام الكبيرة يبدأ من أسفل جبل ( قصبي ) ويمتد حتى أعلى قمة في الجبل على شكل سلم حلزوني وما تزال بقايا آثار ذلك الطريق باقية حتى الآن ويسمى طريق الجمال ويمر ذلك الطريق وسط مدينة دخان وتوجد اساسات مبان قديمة في اماكن متناثرة منها ( المعزبة ) الذي يحوي مسجداً وسقاية ويقع في الاتجاه الشمالي الشرقي من قمة جبل قصبي وبالقرب منه مكان ثان يسمى ساكن (حمر) ويحوي اساسات مبان قديمة وثلاث برك باحجام متفاوتة بالقرب منه مسجد مهدم يسمى ساكن (حمر) ويقع في هذا الساكن في الاتجاه الجنوبي الشرقي من قمة جبل قصبي، وفي الاتجاه الشرقي من ساكن (حمر) قبل الوصول إلى القمة بحوالي 50 متراً سد واسع اشبه بسد دخان يسمى (ماجل الزعيم).. الجدير بالذكر أن هذه المعالم تتعرض بين الحين والآخر للتخريب من قبل آياد عابثة تحت مسمى البحث عن كنوز وما تعرضت له هذه المدينة من طمس وتخريب يعد كارثة وخطراً يهدد باقي المعالم الأثرية الأخرى في القارة وجبل آل سالم، ولهذا نود لفت النظر للاهتمام بهذه المعالم من قبل جهات الاختصاص والعمل على ترميمها وحمايتها من آيادي العابثين فجميع هذه المواقع ماتزال بحاجة إلى فرقة كشف لآثارها المشهورة ولدراسة الأماكن الأثرية الأخرى واخذ تماثيل الكهف إلى متحف، كما أن ضرورة بناء متحف في المنطقة مسألة ملحة لصيانة وحفظ الآثار التي توجد هناك وضرورة شراء الأحجار من المواطنين وصيانتهـا.
العلم والأدب والفنون
في هذا الجانب برز من بين صفوف أبناء يافع العديد من العلماء والأدباء والقيادات السياسية والعسكرية الذين حملوا اسمها داخل اليمن وخارجها ومنهم على سبيل المثال:
العلامة عبدالله بن اسعد بن علي بن سليمان اليافعي الفقيه العابد فضيل مكة وفاضلها وعالم الابطح وعاملها إمام الحرم المكي.
أبوبكر بن محمد اليافعي الملقب بابي العتيق قاضي قضاة اليمن المناط به أحكام صنعاء وعدن وزير الدولتين الزريعية والوليدية وغيرهم الكثير في مختلف فروع العلم والأدب لايتسع المجال لذكرهم وتزخر يافع بالعديد من الشعراء الشعبيين الذين يصعب حصرهم لكثرتهم وهناك المهرجانات والاحتفالات الثقافية والشعبية السنوية التي يتم إحياؤها في يافع ومنها على سبيل الذكر مهرجان عيد الاضحى المبارك التي يتم تدشين اكبرها تاسع أيام العيد في مدينة الهجر لبعوس وتحرص القيادة السياسية على المشاركة وحضور هذا المهرجان الثقافي ويحضره الكثيرون من كافة محافظات الجمهورية وتليه العديد من المهرجانات الأخرى التي تقام في مختلف مناطق يافع.
ويافع اسم ذو دلالتين
يافع المنطقة ويافع القبيلة أو القبائل وقد احتل هذا الاسم مكانته التاريخية والدولية من خلال مواقف وأدوار ابنائه التاريخية الشهيرة في مختلف المراحل وكان مصدراً للنمر الأبيض قديماً وممراً للقوافل التجارية، ومنتجاً لاجود انوع البن اليمني الشهير دولياً الذي عرف في الاسواق العالمية ( واخيراً احتل هذا الاسم مكانته في الموسوعة العلمية الدولية التي ضمت قائمتها اسم ( النيزك يافع ) ويحق لليمن عامة ويافع خاصة أن تفخر بهذا في المحافل الدولية وفي مجال علم الفلك بما يعزز التاريخ الحضاري لليمنيين وتفوقهم في علوم الفلك منذو الأزل.. لقد سقط النيزك يافع في دخلة معربان التي تقع على خطي ( 24ـ 13 ـ 12 ـ 10 ـ 45ـ 40) في وادي لهب بمنطقة يافع في معربان

نيزك سقط في معربان
تاريخ*15 يوليو 2000م الساعة 45:5 بتوقيت مكة المكرمة وعدن و45:2 بتوقيت جرينيتش وقام برصده العالم الجيولوجي اليمني الدكتور محمد علي متاش اليافعي ودراسة معادنه وتسجيل احد المعادن الهامة عالمياً، وكمحصلة لنتائج هذه الدراسة تم قبول تسمية هذ النيزك بـ ( النيزك يافع ) وتم تسجيله رسمياً بهذا الاسم في العام 2002م وهو حالياً ضمن قائمة النيازك العالمية الموجودة في الوثائق والمراجع العلمية الخاصة بالاتحاد الدولي لعلوم الفلك والنيازك ومقره بريطانيا.
وعرفت يافع قديماً باسم (دهسم) أو (دهس) وكذلك (بسرو حمير) ودلت الآثار التي تم العثور عليها في يافع على أنها عرفت النشاط الإنساني والحضاري في وقت مبكر من تاريخ اليمن القديم ويرى جواد علي ـ المختص في تاريخ العرب قبل الإسلام ـ أن يافع تشكل المسكن القديم للحميريين وذلك قبل نزوحهم منها إلى مواطنهم الجديدة قبل القرن الأول الميلادي، كما أشار نقش النصر الذي عثر عليه في صرواح إلى حروب الملك السبئي (كرب ال بين) مع بعض الكيانات اليمنية ومنها مملكة (دهس) في يافع في

نقش النصر
القرن السادس قبل الميلاد تقريباً كما أن نقوش منطقة الحد في يافع قد أشارت إلى الحروب التي خاضتها قبائل ذو ريدان الحميرية ضد ملوك سبأ عند بداية العهد الحميري القوي في اليمن الذي أسفر عن قيام كيان سياسي مركزي في اليمن لأول مرة في تاريخه بل وتجاوز نفوذ ذلك الكيان الحميري إلى أن بلغ نجداً والحجاز في وسط الجزيرة العربية.. وقبيلة يافع من أوائل القبائل اليمنية التي هبت لنداء الإسلام وكان رجالها في طليعة الجيوش الإسلامية الفاتحة للشام ومصر ومن أشهرهم سراج بن شهاب اليافعي الرعيني وحسان بن زياد اليافعي ..
وفي ظل الدولة الإسلامية الموحدة قسمت اليمن إلى ثلاث أقسام إدارية (مخاليف) وكانت يافع تنتمي إلى أكبر مخاليفها وهو مخلاف الجند الذي يضم تهامة وعدن وأبين وفي الفترة التي ضعفت فيها دولة الخلافة الإسلامية وشهد فيها اليمن ظهور عدد من الدول المستقلة لعبت يافع أدواراً سياسية بارزة في معظم تلك الدول ومنها دولة علي بن الفضل والدولة الرسولية والدولة الطاهرية.
وبحكم طبيعة منطقة يافع الجبلية وشحة مواردها وكثافة سكانها كانت رجالها تحرص على الخروج عن نطاقها الضيق والانضواء في كيانات سياسية واجتماعية أكثر اتساعاً بغية توسيع مصالحها ويؤكد ذلك موازرتهم الدول المركزية العادلة وسبقهم إلى الثورات والخروج عن الطاعة ورفضهم لأي نظام يتصف بالظلم والتعسف والإخلال بالعدل والمساواة بين الناس، فقد قاومت الدول الكبيرة التي حاولت لآن تسيطر عليها لجمع الضرائب والجبايات منها، فلم يستطع العثمانيون إخضاعها رغم إمكاناتهم الكبيرة فبعد أربع سنوات من القتال اجبر العثمانيون على مغادرة حصن الخلقة في الحد إذ حاولوا منه بسط سلطتهم على المنقطة، وفي فترة الدولة القاسمية التي خلفت الحكم العثماني في اليمن التي تمكنت من مد سيطرتها على المنطقة لفترة زمنية محدودة حيث قامت القبائل في مقاومة ومواجهة شرسة داخل المنطقة وخارجها أسفرت عن إجبارها على الانسحاب والتراجع بعد أن كبدتها خسائر فادحة في العتاد والأرواح ولم تكتفي في مقاومتها داخل المنطقة بل امتد ذلك إلى مطاردتها ومقاومتها في المناطق المجاورة لها وخارجها وصل ذلك إلى حضرموت وغيرها من المناطق الجنوبية وأجبرتها على الرحيل منها بمؤازرة قبائل تلك المناطق ولم تتمكن حكومة الاستعمار البريطاني من السيطرة على يافع أو ضمه ضمن ماكان يعرف بالمحميات على الرغم من محاولتها المستمرة التي بآت بالفشل وجر ذيول الهزيمة.
لقد ظلت يافع العصية هذه في يفاعة اسمها منذ القرن الحادي عشر للهجرة تقريباً بعيدة عن أية سيطرة أجنبية حتى في عهود سلاطينها الذين كانت لهم صلات وطيدة مع الإدارة البريطانية في عدن المستعمرة آنذاك قبل ثورة الرابع عشر من أكتوبر 67م وبسطة التخلف الإمامي في صنعاء قبل ثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيـدة.
*
أ/عبد اللاه الضباعي

منقول من موقع العمري نت http://alamree.net



ليست هناك تعليقات: