هل تعلم ماذا حدث قبل فتح القسطنطينية بحوالى 50 سنة؟!
سنة الابتلاء التى تسبق النصر والتمكين
فى عام 1402م أى قبل حوالى 50 سنة من فتح القسطنطينيةو فى عهد السلطان بايزيد الأول
وفرحت الدولة النصرانية فى الغرب بنصر تيمورلنك , وهزها الطرب لمصرع بايزيد , وما آلت إليه دولته من التفكك والانحلال , واعتقدت أوروبا أنها قد تخلصت إلى الأبد من الخطر العثمانى الذى طالما روعها وهددها .
الأخطر من ذلك أن تيمورلنك بذر الشقاق بين أبناء بايزيد المتنازعين علىالعرش .
وبذلك تعرضت الدولة العثمانية لخطر داخلى تمثل فى نشوب حرب أهلية فى الدولة بين أبناء بايزيد على العرش , واستمرت هذه الحرب عشر سنوات (806-816ه/1403-1413م) .
كان لبايزيد خمسة أبناء اشتركوا معه فى القتال , هم : مصطفى و موسى وسليمان و عيسى ومحمد ؛ أما مصطفى: فقد ظن أنه قتل فى المعركة , وأما موسى : فقد أسر مع والده , ونجح الثلاثة الآخرون فى الفرار ؛ أما أكبرهم سليمان : فقد ذهب إلى أدرنة وأعلن نفسه سلطانا هناك. وذهب عيسى إلى بروسة وأعلن للناس أنه خليفة أبيه, وأما محمد –وهو أصغرهم- فقد انسحب مع بعض الجند إلى أماسيا فى الشمال الشرقى فى آسيا الصغرى .
ونشبت حربا بين هؤلاء الأخوة الثلاثة يتنازعون بينهم أشلاء الدولة الممزقة , والأعداء يتربصون بهم من كل جانب .
ثم أطلق تيمورلنك الأمير موسى ليؤجج به نار الفتنة ويزيدها ضراوة وشدة , وأخذ يحرضهم على القتال ويغرى بعضهم ببعض.
وبعد عام ارتحل تيمورلنك بجيشه ودمر الأخضر واليابس , وترك البلاد على أسوأ حال من الدمار والخراب والفوضى .
لقد كانت هذه المرحلة فى تاريخ الدولة العثمانية مرحلة اختبار وابتلاء , سبقت التمكين الفعلى المتمثل فى فتح القسطنطينية , ولقد جرت سنة الله تعالى ألا يمكن لأمة إلا بعد أن تمر بمراحل الاختبار المختلفة , وإلا بعد أن ينصهر معدنها فى بوتقة الأحداث , فيميز الله الخبيث من الطيب , وهى سنة جارية على الأمة الإسلامية لا تتخلف , فقد شاء الله تعالى أن يبتلى المؤمنين ويختبرهم ؛ ليمحص إيمانهم , ثم يكون لهم التمكين فى الأرض بعد ذلك .
وابتلاء المؤمنين قبل التمكين أمر حتمى من أجل التمحيص ؛ليقوم بنيانهم بعد ذلك على تمكين ورسوخ ؛ قال تعالى : { أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ *
وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ }العنكبوت 2*3
{الفتنة : الامتحان بشدائد التكليف من مفارقة الأوطان , ومجاهدة الأعداء , وسائر الطاعات الشاقة , وهجر الشهوات , وبالفقر والقحط وأنواع الصائب فى الأنفس والأمور , ومصابرة الكفار على أذاهم وكيدهم }تفسير النسفى3/249 .
قال ابن كثير رحمه الله :"الاستفهام فى قوله تعالى :{أحسب الناس} إنكارى , ومعناه أن الله سبحانه لا بد أن يبتلى المؤمنين بحسب ما عندهم من الإيمان" تفسير ابن كثير 3/405 .
إذا سنة الابتلاء جارية فى الأمم والشعوب والمجتمعات ؛ ولذلك جرت سنة الله بالبتلاء بالدولة العثمانية .
ولكن العثمانيون صمدوا لمحنة أنقرة على الرغم مما عانوه من خلافات داخلية إلى أن انفرد محمد الأول بالحكم فى عام 1413م , وامكنه لم شتات الأراضى التى سبق للدولة أن فقدتها .
فما لبثت هذه الدولة بعد كارثة أنقرة إلا بعثت من جديد من بين الأنقاض والأطلال ,وانتعشت , وسرى فى عروقها ماء الحياة وروح الشريعة , واستأنفت سيرها إلى الأمام فى عزم و إصرار حير الأعداء والأصدقاء .
وبعد حوالى 50عاما حدث النصر والتمكين المتمثل فى فتح القسطنطينية عام 1453م .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق