الإيمان بالقرآن الكريم
يؤمن المسلم بأن القرآن الكريم كتاب الله أنزله على خير
خلقه ، وأفضل أنبيائه ورسله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، كما أنزل غيره من
الكتب على من سبق من الرسل ، وأنه نسخ بأحكامه سائر الأحكام في الكتب السماوية
السابقة كما ختم برسالة صاحبه كل رسالة سالفة .
وأنه الكتاب الشامل لأعظم تشريع رباني ، تكفل منزله لمن
أخذ به أن يسعد في الحياتين ، وتوعد من أعرض عنه فلم يأخذ به بالشقاوة في الدارين ،
وأنه الكتاب الوحيد الذي ضمن الله سلامته من النقص والزيادة ، ومن التبديل والتغيير
وبقاءه حتى يرفعه إليه عند آخر أجل هذه الحياة . وذلك للأدلة النقلية والعقلية
التالية :
الأدلة النقلية :
1 _ إخباره تعالى بذلك في قوله : (
تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً ) وفي قوله :
( نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن
كنت من قبله لمن الغافلين ) وفي قوله عز وجل : (
إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين
خصيماً ) . وفي قوله : ( يا أهل الكتاب قد جاءكم
رسولنا يبين لكم كثيراً مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير ، قد جاءكم من الله
نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى
النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم ) . وفي قوله : ( فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة
ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى ) وفي قوله عز وجل : ( كتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من
حكيم حميد ) وفي قوله سبحانه : ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له
لحافظون ) .
2 _ إخبار رسوله المنزل عليه صلى الله عليه وسلم في قوله :
( ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه ) وفي قوله : ( خيركم من تعلم القرآن
وعلمه ) وقوله : ( لا حسد إلا في اثنتين : رجل آتاه الله القرآن فهو يتلوه
آناء الليل وآناء النهار ورجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار
) وقوله : ( ما من الأنبياء إلا وقد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر
، وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إلي ، فأرجو ان أكون أكثرهم
تابعاً يوم القيامة ) وفي قوله : ( لو كان موسى أو عيسى حياً لم يسعه إلا
اتباعي ) .
3 _ إيمان البلايين من المسلمين بأن القرآن كتاب الله
ووحيه أوحاه إلى
رسوله ، واعتقادهم الجازم
بذلك مع تلاوتهم وحفظ أكثرهم له وعملهم بما فيه من شرائع وأحكام .
الأدلة العقلية :
اشتمال القرآن الكريم على العلوم المختلفة الآتية ، مع أن
صاحبه المنزل عليه أمي لم يقرأ ولم يكتب قط ، ولم يسبق له أن دخل كُتاباً
ولا مدرسة البتة :
1 _ العلوم الكونية .
2 _ العلوم التاريخية .
3 _ العلوم التشريعية والقانونية .
4 _ العلوم الحربية والسياسية .
فاشتماله على هذه العلوم المختلفة دليل قوي على أنه كلام
الله تعالى ووحي منه ، إذ العقل يحيل صدور هذه العلوم عن أمي لم يقرأ ولم يكتب قط
.
2 _ تحدي الله منزله
الإنس والجن على الإتيان بمثله بقوله : ( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن
يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً) . كما تحدى فصحاء
العرب وبلغائهم على الإتيان بعشر سور من مثله ، بل بسورة واحدة فعجزوا ولم يستطيعوا
.
فكان هذا أكبر دليل وأقوى برهان على أنه كلام الله وليس من
كلام البشر في شيء .
3 _ اشتماله على أخبار الغيب العديدة ، والتي ظهر بعضها
طبق ما أخبر بلا زيادة ولا نقصان .
4 _ ما دام قد أنزل الله عز وجل كتباً أخرى على غير محمد
صلى الله عليه وسلم كالتوراة على موسى ، والإنجيل على عيسى عليهما السلام ، لم ينكر
أن يكون القرآن قد أنزله الله تعالى ، كما أنزل الكتب السابقة له ؟ . وهل العقل
يحيل نزول القرآن أو يمنعه ؟ . لا .. بل العقل يحتم نزوله ويوجبه .
5 _ قد
تتُبِّعت تنبؤاته فكانت وفق ما تنبأ به تماماً ، كما قد تتبعت أخباره فكانت
طبق ما قصه
واخبر به سواءً بسواءٍ ، كما جربت أحكامه وشرائعه وقوانينه فحققت كل ما أريد
منها من أمن وعزة وكرامة ، وعلم وعرفان يشهد بذلك تاريخ دولة الراشدين رضوان الله
عليهم .
وأي دليل يُطلب بعد هذا على كون القرآن كلام الله ووحيه
أنزله على خير خلقه وخاتم أنبيائه ورسله ؟ .
اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها ،
وخير أيامنا يوم لقائك ، واجعلنا مع الذين أنعمت عليهم في جنتك وجوارك، وصلى الله
وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.