يقول الله تعالى في كتابه العزيز:
{يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث} [الزمر: 6] .
لقد فسر العلماء هذه الظلمات تفسيرات متباينة، منهم من قال: "إنها ظلمة البطن، وظلمة الرحم، وظلمة الأغشية التي تحيط بالجنين"، وقال بعضهم: "إن الجنين محاط بأغشية ثلاثة، وربما كان هذا من إعجاز القرآن العلمي.
نقف وقفة عند غشاء واحد؛ هو الغشاء الأمنيوسي، هذا الغشاء هو الغشاء الباطن الذي من جهة الجنين، يحيط به من كل جانب إحاطة كاملة، وهو كيس غشائي رقيق ومقفل، وفي هذا الغشاء المقفل سائل يزداد مع نمو الجنين اسمه السائل الأمنيوسي، يصل إلى لتر ونصف في الشهر السابع، ثم يعود إلى لتر قبيل الولادة.
من منا يصدق أنه لولا هذا السائل لما نجا جنين من موت محقق؟
أولا: إن هذا السائل يغذي الجنين، ففيه مواد زلالية، ومواد سكرية، وأملاح غير عضوية.
ثانيا: هذا السائل يحمي الجنين من الصدمات، وقد طبقت هذا المبدأ مركبات الفضاء، حيث إن كبسولة الرواد كان بينها وبين جسم المركبة سائل من أجل امتصاص الصدمات، فحينما تأتي الجنين صدمة من هذه الجهة، قوتها 4 كيلو غرامات على سنتمتر مربع مثلا فإن السائل يوزع هذه القوة على كل السطح، فيصبح هذا الضغط نصف ميليمتر، وإن أحدث طريقة لامتصاص الصدمات أن يكون بين الشيء الذي تخاف عليه، والمحيط الخارجي سائل.
ومثل هذا السائل موجود في الدماغ أيضا، حيث إن المخ محاط بسائل يمنع تأذي المخ بالصدمات، بل إن هذا السائل يمتص كل صدمة مهما تكن كبيرة، وهذا السائل الأمنيوسي هو الذي يحمي الجنين من الصدمات، والسقطات، والحركات العنيفة، التي تصيب المرأة الحامل، فإن أي ضربة، أو أي صدمة يمتصها هذا السائل، ويوزعها على كل سطح الجنين حتى لا يتأثر.
ثالثا: هذا السائل يسمح للجنين بحركة حرة خفيفة، فإن الأجسام، وهي في السوائل تبدو حركتها أسهل بكثير مما لو لم يكن هناك سائل.
رابعا: إن هذا السائل جهاز تكييف، له حرارة ثابتة لا تزيد، ولا تقل، إلا في أجزاء الدرجة، فمهما كان الجو الخارجي باردا أو حارا، فإن هذا السائل يحقق للجنين حرارة ثابتة تعينه على النمو.
خامسا: يمنع هذا السائل التصاق الجنين بالغشاء الأمنيوسي، ولو أن هذا الالتصاق حصل لكان هناك تشوهات في خلق الجنين.
سادسا: إن هذا السائل نفسه يسهل الولادة، وهو الذي يعين على الانزلاق، وتوسيع الأماكن التي سوف يمر منها الجنين.
سابعا: هذا السائل حينما يسبق الجنين إلى الخارج يطهر، ويعقم المجرى لئلا يصاب الجنين بالتسمم، فمن تطهير المجرى، ومن تسهيل الولادة، ومن منع التصاق الجنين بالغشاء الأمنيوسي، ومن تحقيق الحرارة الثابتة، ومن تحقيق الحركة الحرة الخفيفة، ومن حماية الجنين من الضربات واللكمات، ومن تغذية الجنين، إن هذا السائل الأمنيوسي الذي جعله الله داخل الرحم، وداخل الغشاء الأول يسبح فيه الجنين لهو آية من آيات الله سبحانه وتعالى: {يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث ذلكم الله ربكم} [الزمر: 6] .
ذلك عالم الغيب والشهادة، ذلك هو الخلاق العليم، ذلك هو الرب الكريم.لتحميل معلومات أكثر حمل تطبيق هل للكون خالق مجانا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق