الاثنين، 27 أكتوبر 2025

باب بر الوالدين وصلة الأرحام

 

 باب بر الوالدين وصلة الأرحام

قال اللَّه تعالى:  {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} .

وقال تعالى:  {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ} .

وقال تعالى:  {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ}  الآية.

وقال تعالى:  {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} .

وقال تعالى:  {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيراً} .

وقال تعالى:  {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} .

312- عن أبي عبد الرحمن عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه قال : سأَلتُ النبي : أَيُّ الْعملِ أَحبُّ إلى اللَّهِ تَعالى ؟ قال : « الصَّلاةُ على وقْتِهَا » قُلْتُ : ثُمَّ أَيُّ ؟ قال: «بِرُّ الْوَالِديْنِ » قلتُ : ثُمَّ أَيُّ ؟ قال : «الجِهَادُ في سبِيِل اللَّهِ » متفقٌ عليه .

313- وعن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال : قال رسول اللَّه  : « لا يَجْزِي ولَدٌ والِداً إِلاَّ أَنْ يَجِدَهُ مملُوكاً ، فَيَشْتَرِيَهُ ، فَيَعْتِقَهُ » رواه مسلم .

314- وعنه أيضاً رضي اللَّه عنه أَن رسول اللَّه  قال : « مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ والْيوْمِ الآخِرِ ، فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ ، وَمَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ والْيوم الآخِر ، فَلْيصلْ رَحِمَهُ ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّه وَالْيوْمِ الآخِرِ ، فلْيقُلْ خيراً أَوْ لِيَصمُتْ » متفقٌ عليه.

315- وعنه قال : قال رسول اللَّه  : « إِنَّ اللَّه تَعَالى خَلَقَ الخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْهُمْ قَامَتِ الرَّحِمُ ، فَقَالَتْ : هذا مُقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعةِ ، قال : نَعَمْ أَمَا تَرْضينَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ ؟ قالت : بَلَى ، قال فذلِكَ ، ثم قال رسول اللَّه  : اقرءوا إِنْ شِئتُمْ :  { فهَلِ عَسَيْتمْ إِن تَولَّيتُم أَنْ تُفسِدُوا في الأَرْضِ وتُقطِّعُوا أَرْحامكُمْ ﷺ أُولَئِكَ الذين لَعنَهُم اللَّهُ فأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ } [ محمد : 22 ، 23 ] متفقٌ عليه.

        وفي رواية للبخاري : فقال اللَّه تعالى : « منْ وَصلَكِ ، وَصلْتُهُ ، ومنْ قَطَعكِ قطعتُهُ »

316- وعنه رضي اللَّه عنه قال : جَاءَ رَجُلٌ إلى رسول اللَّه  فقال : يا رسول اللَّه مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بحُسنِ صَحَابَتي ؟ قال : « أُمُّك » قال : ثُمَّ منْ ؟ قال: « أُمُّكَ » قال : ثُمَّ مَنْ ؟ قال : « أُمُّكَ » قال : ثُمَّ مَنْ ؟ قال : « أَبُوكَ » متفقٌ عليه .

وفي رواية : يا رسول اللَّه مَنْ أَحَقُّ الناس بِحُسْن الصُّحْبةِ ؟ قال : « أُمُّكَ ثُمَّ أُمُّكَ ، ثُمَّ أُمُّكَ ، ثمَّ أَباكَ ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ » .

 « والصَّحابة » بمعنى : الصُّحبةِ . وقوله : « ثُمَّ أباك » هَكَذا هو منصوب بفعلٍ محذوفٍ، أي ثم برَّ أَباك وفي رواية : « ثُمَّ أَبُوكَ » وهذا واضِح .

317- وعنه عن النبي  قال : « رغِم أَنْفُ ، ثُم رغِم أَنْفُ ، ثُمَّ رَغِم أَنف مَنْ أَدرْكَ أَبَويْهِ عِنْدَ الْكِبرِ ، أَحدُهُمَا أَوْ كِلاهُما ، فَلمْ يدْخلِ الجَنَّةَ » رواه مسلم .

318- وعنه رضي اللَّه عنه أَن رجلاً قال : يا رسول اللَّه إِنَّ لي قَرابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُوني ، وَأُحسِنُ إِلَيْهِمِ وَيُسيئُونَ إِليَّ ، وأَحْلُمُ عنهُمْ وَيجْهلُونَ علَيَّ ، فقال : « لَئِنْ كُنْت كما قُلْتَ ، فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ المَلَّ ، ولا يَزَالُ معكَ مِنَ اللَّهِ ظهِيرٌ عَلَيْهِمْ ما دمْتَ عَلَى ذَلكَ » رواه مسلم .

       « وتسِفُّهُمْ » بضم التاءِ وكسرِ السين المهملةِ وتشديد الفاءِ . « والمَلُّ » بفتحِ الميم ، وتشديد اللام وهو الرَّماد الحارُّ : أَيْ كأَنَّمَا تُطْعِمُهُمْ الرَّماد الحارَّ وهُو تَشبِيهٌ لِما يلْحَقُهمْ مِنَ الإِثم بِما يَلْحقُ آكِلَ الرَّمادِ مِنَ الإِثمِ ، ولا شئَ على المُحْسِنِ إِلَيْهِمْ ، لَكِنْ يَنَالهُمْ إِثْمٌ عَظَيمٌ بَتَقْصيِرهِم في حَقِه ، وإِدخَالِهِمُ الأَذَى عَلَيْهِ، واللَّه أعلم .

319- وعن أَنسٍ رضي اللَّه عنه أَن رسولَ اللَّه  قال : « مَنْ أَحبَّ أَنْ يُبْسَطَ له في رِزقِهِ ، ويُنْسأَ لَهُ في أَثرِهِ ، فَلْيصِلْ رحِمهُ » متفقٌ عليه .

       ومعْنى « ينسأَ لَهُ في أَثَرِه » : أَيْ : يؤخر له في أَجلهِ وعُمُرِهِ .

320- وعنه قال : كان أَبُو طَلْحَة أَكْثَر الأَنصار بِالمَدينَةِ مَالاً مِنْ نَخْلٍ ، وكان أَحبُّ ّأَمْوَالِهِ بِيرْحَاءَ ، وكَانتْ مُسْتقْبِلَة المَسْجِدِ ، وكَان رسولُ اللَّه  يدْخُلُهَا، وَيَشْرَب مِنْ ماءٍ فيها طَيِّبٍ ، فَلمَّا نَزَلتْ هذِهِ الآيةُ :  { لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ }  [ آل عمران: 92 ] قام أَبُو طَلْحة إلى رسول اللَّه  فقال : يا رسولَ اللَّه إِنَّ اللَّه تَبَارَك وتعالى يقول : { لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ }  وَإِنَّ أَحب مالى إِليَّ بِيَرْحَاءَ ، وإِنَّهَا صَدقَةٌ للَّهِ تعالى، أَرجُو بِرَّهَا وذُخْرهَا عِنْد اللَّه تعالى ، فَضَعْهَا يا رسول اللَّه حيثُ أَراكَ اللَّه. فقال رسولُ اللَّه  : « بَخٍ ، ذلِكَ مالٌ رابحٌ ، ذلِكَ مالٌ رابحٌ ، وقَدْ سَمِعْتُ ما قُلتَ ، وإِنَّي أَرى أَنْ تَجْعَلَهَا في الأَقْربِين » فقال أَبُو طَلْحة : أَفعلُ يا رسول اللَّه ، فَقَسَمهَا أَبُو طَلْحة في أَقارِبِهِ وبني عمِّهِ . متفقٌ عليه .

وَسبق بَيَانُ أَلْفَاظِهِ في بابِ الإِنْفَاقِ مِمَّا يُحِب.

321- وعن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رضي اللَّه عنهما قال: أَقْبلَ رجُلٌ إِلى نَبِيِّ اللَّه ، فقال: أُبايِعُكَ على الهِجرةِ وَالجِهَادِ أَبتَغِي الأَجرَ مِنَ اللَّه تعالى . قال: « فهَلْ مِنْ والدِيْكَ أَحدٌ حَيٌّ ؟ » قال : نعمْ بل كِلاهُما قال : « فَتَبْتَغِي الأَجْرَ مِنَ اللَّه تعالى؟» قال : نعمْ . قال : « فَارْجعْ إِلى والدِيْكَ ، فَأَحْسِنْ صُحْبتَهُما . متفقٌ عليه .

وهذا لَفْظُ مسلمٍ .

 وفي روايةٍ لهُما : جاءَ رجلٌ فاسْتَأْذَنُه في الجِهَادِ فقال:« أَحيٌّ والِداكَ ؟ قال: نَعَمْ ، قال:« ففِيهِما فَجاهِدْ» .

322- وعنه عن النبي  قال : لَيْسَ الْواصِلُ بِالمُكافئ وَلكِنَّ الواصِلَ الَّذي إِذا قَطَعتْ رَحِمُهُ وصلَهَا» رواه البخاري .

و « قَطعتْ » بِفَتْح القافِ وَالطَّاءِ . وَ « رَحِمُهُ » مَرْفُوعٌ .

323- وعن عائشة قالت : قال رسول اللَّه  : « الرَّحمُ مَعَلَّقَةٌ بِالعَرْشِ تَقُولُ : مَنْ وصلني وَصَلَهُ اللَّه ، وَمَن قَطَعَني ، قَطَعَهُ اللَّه » متفقٌ عليه .

324- وعن أُمِّ المُؤْمِنِينَ ميمُونَةَ بنْتِ الحارِثِ رضي اللَّه عنها أَنَّهَا أَعتَقَتْ وليدةً وَلَم تَستَأْذِنِ النَّبِيَّ  ، فلَمَّا كانَ يومَها الَّذي يدورُ عَلَيْهَا فِيه ، قالت: يا رسول اللَّه إِنِّي أَعْتَقْتُ ولِيدتي ؟ قال : « أَوَ فَعلْتِ ؟ » قالت : نَعمْ قال : « أَما إِنَّكِ لو أَعْطَيتِهَا أَخوالَكِ كان أَعظَمَ لأجرِكِ » متفقٌ عليه .

325- وعن أَسْمَاءَ بنْتِ أبي بكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي اللَّه عنهما قالت : قَدِمتْ عليَّ أُمِّي وهِي مُشركة في عهْدِ رسول اللَّه  فَاسْتَفتَيْتُ رسول اللَّه  قلتُ : قَدِمتْ عَليَّ أُمِّى وَهِى راغبةٌ ، أَفأَصِلُ أُمِّي ؟ قال : « نَعمْ صِلي أُمَّكِ » متفق عليه .

       وقولها : « راغِبةٌ » أَي : طَامِعةٌ عِندِي تَسْأَلُني شَيئاً ، قِيلَ : كَانَت أُمُّهَا مِنْ النَّسبِ، وقِيل: مِن الرَّضاعةِ والصحيحُ الأَول .

326- وعن زينب الثقفِيَّةِ امْرأَةِ عبدِ اللَّهِ بن مسعودٍ رضي اللَّه عنه وعنها قالت : قال رسولُ اللَّه  : « تَصدَّقنَ يا مَعْشَرَ النِّسَاءِ ولَو مِن حُلِيِّكُنَّ » قالت: فَرجعتُ إِلى عبدِ اللَّه ابنِ مسعودٍ فقلتُ له : إِنَّك رجُلٌ خَفِيفُ ذَات اليَدِ وإِنَّ رسولَ اللَّهِ  قدْ أمرنا بالصدقةِ ، فأْتِه فاسأَلْهُ ، فإن كان ذلك يُجْزِئُ عنِّي وَإِلاَّ صَرَفُتَهَا إِلى غَيركُمْ . فقال عبدُ اللَّهِ : بَلِ ائتِيهِ أَنتِ ، فانطَلَقْتُ ، فَإِذا امْرأَةٌ مِن الأَنَصارِ بِبابِ رسول اللَّه  حاجَتي حاجتُهَا ، وكان رسول اللَّه  قد أُلقِيتْ علَيهِ المهابةُ . فَخَرج علينا بلالٌ ، فقُلنَا له : ائْتِ رسولَ اللَّه ، فَأَخْبِرْهُ أَنَّ امْرأَتَيْنِ بِالبَابَ تَسأَلانِكَ : أَتُجزِئُ الصَّدَقَةُ عنْهُمَا على أزواجِهِما وَعلى أَيتَامٍ في حُجُورِهِمَا ؟ وَلا تُخْبِرهُ منْ نَحنُ ، فَدَخل بِلالٌ علَى رسول اللَّه  ، فَسأَلَهُ ، فقال لهُ رسولُ اللَّه  « من هما ؟ » قَالَ : امْرأَةٌ مِنَ الأَنصارِ وَزَيْنبُ . فقالَ رسول اللَّه  «أَيُّ الزَّيانِبِ هِي ؟ » قال : امرأَةُ عبدِ اللَّهِ ، فقال رسول اللَّه : « لَهُمَا أَجْرانِ : أَجْرُ القرابةِ وَأَجْرُ الصَّدقَةِ » متفقٌ عليه .

327- وعن أبي  سُفْيان صخْر بنِ حربٍ رضي اللَّه عنه في حدِيثِهِ الطَّويل في قصَّةِ هِرقل أَنَّ هِرقْلَ قال لأَبي سفْيان : فَماذَا يأْمُرُكُمْ بِهِ ؟ يَعْني النَّبِيَّ  قال : قلت : يقولُ:  « اعْبُدُوا اللَّهَ وَحدَهُ ، ولا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً ، واتْرُكُوا ما يقُولُ آباؤُكمْ ، ويأْمُرُنَا بالصَّلاةِ ، والصِّدْقِ ، والعفَافِ ، والصِّلَةِ » متفقٌ عليه .

328- وعن أبي  ذر رضي اللَّه عنه قال : قال رسولُ اللَّه  : «إِنَّكُم ستفْتَحُونَ أَرْضاً يُذْكَرُ فِيهَا القِيرَاطُ » .

       وفي روايةٍ : « ستفْتحُونَ مصْر وهِي أَرْضٌ يُسَمَّى فِيها القِيراطُ ، فَاستَوْصُوا بِأَهْلِها خيْراً، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمة ورحِماً » .

   وفي روايةٍ : « فإِذا افْتتَحتُموها ، فَأَحْسِنُوا إِلى أَهْلِهَا ، فَإِنَّ لهُم ذِمَّةً ورحِماً» أَو قال «ذِمَّةً وصِهراً » رواه مسلم .

قال العُلَماءُ : الرَّحِمُ التي لهُمْ كَوْنُ هَاجَر أُمُّ إِسْماعِيلَ  مِنْهمْ . «والصِّهْرُ»: كونُ مارِية أُمِّ إِبراهِيمَ ابنِ رسول اللَّه  منهم .

329- وعن أبي  هريرة رضي اللَّه عنه قال : لما نزلَتْ هذِهِ الآيَةُ :  { وَأَنْذِر عشِيرتكَ الأَقربِينَ }  [ الشعراء : 214 ] دعا رسولُ اللَّه  قُرَيْشَا فاجْتَمعُوا فَعَمَّ ، وخَصَّ وقال: «يا بَني عبدِ شَمسٍ ، يا بني كَعْب بنِ لُؤَي ، أَنقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ ، يَا بني مُرَّةَ بنِ كْعبٍ ، أَنْقِذُوا أَنفُسَكُمْ مِن النَّار ، يا بني عبْدِ مَنَافٍ ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ ، يا بَني هاشِمٍ أَنقِذُوا أَنْفُسكُمْ مِنَ النَّارِ ، يا بني عبْدِ المطَّلِبِ أَنْقِذُوا أَنْفُسكُمْ مِن النَّارِ ، يا فاطِمَة أَنْقِذي نفْسَكَ منَ النَّار ، فَإِني لا أَمْلِكُ لَكُمْ منَ اللَّه شيْئاً ، غَيْر أَنَّ لَكُمْ رحِماً سأَبلُّهَا بِبِلالِها » رواه مسلم.

       قوله  : « بِبِلالِهَا » هو بفتحِ الباءِ الثَّانِيةِ وكَسرهَا « والبِلالُ » الماءُ . ومعنى الحديث : سأَصِلُهَا ، شبَّهَ قَطِيعَتَهَا بالحرارةِ تُطْفَأُ بالماءِ وهذه تُبَرَّدُ بالصِّلةِ.

330- وعن أبي  عبد اللَّه عمرو بن العاص رضي اللَّه عنهما قال : سمعتُ رسول اللَّه  جِهاراً غيْرَ سِرٍّ يَقُولُ : « إِنَّ آلَ بَني فُلانٍ لَيُسُوا بأَوْلِيائي إِنَّما وَلِيِّي اللَّهُ وصالحُ المؤْمِنِين، ولَكِنْ لَهُمْ رحِمٌ أَبُلُّها بِبِلالِها » متفق عليه . واللَّفظُ للبخاري .

331- وعن أبي  أَيُّوب خالدِ بن زيدٍ الأنصاري رضي اللَّه عنه أَن رجلاً قال: يا رسولَ اللَّه أَخْبِرْني بِعملٍ يُدْخِلُني الجنَّةَ ، وَيُبَاعِدني مِنَ النَّارِ . فقال النبيُّ : «تعبُدُ اللَّه ، ولا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً ، وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ ، وتُؤتي الزَّكاةَ ، وتَصِلُ الرَّحِم » متفقٌ عليه.

332- وعن سلْمان بن عامرٍ رضي اللَّه عنه ، عن النبيِّ  قال : « إِذا أَفْطَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيُفْطِرْ عَلَى تَمرٍ ، فَإِنَّهُ بركَةٌ ، فَإِنْ لَمْ يجِد تَمْراً ، فَالماءُ ، فَإِنَّهُ طُهُورٌ » وقال: « الصَّدقَةُ عَلَى المِسكِينِ صدقَةٌ ، وعَلَى ذي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ : صَدَقَةٌ وصِلَةٌ » .

رواه الترمذي . وقال : حديث حسن .

333- وعن ابن عمر رضي اللَّه عنهما قال : كَانَتْ تَحتي امْرأَةٌ ، وكُنْتُ  أُحِبُّها ، وَكَانَ عُمرُ يكْرهُهَا ، فقال لي : طَلِّقْها فأبيْتُ ، فَأَتَى عَمرُ رضي اللَّه عنه النبيَّ  ، فَذَكر ذلكَ لَهُ ، فقال النبيُّ  : « طَلِّقْهَا » رواه أَبو داود ، والترمذي وقال: حديث حسن صحيح .

334- وعن أبي  الدَّرْادءِ رضي اللَّه عنه أَن رَجُلاً أَتَاهُ فقال : إِنَّ لي امْرَأَةً وإِن أُمِّي تَأْمُرُني بِطَلاَقِها ؟ فقال سَمِعْتُ رسول اللَّهِ  يقولُ « الْوالِدُ أَوْسطُ أَبْوابِ الجَنَّةِ ، فَإِنْ شِئْتَ فَأَضِعْ ذلِك الْبابَ ، أَوِ احفظْهُ » رواه الترمذي وقال : حديثٌ حسنٌ صحيح .

335- وعن البراءِ بن عازبٍ رضي اللَّه عنهما ، عن النبي  قال : «الخَالَةُ بِمَنْزِلَة الأُمِّ » رواه الترمذي : وقال حديثٌ حسن صحيح .

وفي الباب أَحاديث كِثيرة في الصحيح مشهورة ، منها حديث أَصحابِ الغارِ، وحديث جُرَيْجٍ وقَدْ سَبَقَا ، وأَحاديث مشهورة في الصحيح حَذَفْتُهَا اخْتِصاراً ، وَمِنْ أَهَمِّهَا حديثُ عمْرو بن عَبسَةَ رضي اللَّه عنه الطَّوِيلُ المُشْتَمِلُ على جُمَلٍ كثيرة مِنْ قَوَاعِدِ الإِسْلامِ وآدابِهِ وَسَأَذْكُرُهُ بِتَمَامِهِ إِن شَاءَ اللَّه تعالى في بابِ الرَّجَاءِ ، قال فيه .

      دَخَلْتُ عَلى النبيِّ  بِمَكَّةَ ، يَعْني في أَوَّل النُبُوَّةِ ، فقلتُ له : ما أَنتَ ؟ قال : «نَبيٌّ» فقلتُ : وما نبيٌّ ؟ قال : « أَرسلَني اللَّهُ تعالى ، فقلتُ : بِأَيِّ شَيءٍ أَرْسلَك ؟ قال : «أَرْسلَني بِصِلةِ الأَرْحامِ ، وكَسْرِ الأوثَانِ ، وأَنْ يُوحَّدَ اللَّه لا يُشرَكُ بِهِ شَيءٌ » وذكر تَمامَ الحديث . واللَّه أعلم .

 

ليست هناك تعليقات:

المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ

  بَابٌ: المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ 10 -  حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ،...