قصة لقاء الأعشى بشيطانه مِسْحَل بن أثاثة
وَدِّع هُرَيرَةَ إِنَّ الرَكبَ مُرتَحِلُ
وَهَل تُطيقُ وَداعًا أَيُّها الرَجُلُ!
رَحَلَت سُمَيَّةُ غُدوَةً أَجمالَها
غَضبى عَلَيكَ فَما تَقولُ بَدا لَها
فلما أنشدته هذا المطلع قال: حسبُك! أهذه القصيدة لك؟ قلتُ: نعم، قال: من سمية التي تنسُبُ بها؟ قلت: لا أعرفها، وإنما هو اسمٌ أُلقي في روعي؛ فنادى: يا سمية اخرجي، وإذا جارية قد خرجتْ، فوقفتْ وقالتْ: ما تريدُ يا أبتِ؟ قال: أنشدي عمكِ قصيدتي التي مدحتُ بها قيس بن معد يكرب، ونسبْتُ بك في أولها، فاندفعتْ تُنشد القصيدة حتى أتت على آخرها لم تخرم منها حرفًا، فلما أتمَّتها قال: انصرفي، ثم قال: هل قلتَ شيئًا غير ذلك؟ قلتُ: نعم، كان بيني وبين ابن عمٍ لي يقال له يزيد بن مسهر، ما يكون بين بني العم، فهجاني وهجوته فأفحمته. قال: ماذا قلتَ فيه؟ قال: قلتُ:
وَدِّع هُرَيرَةَ إِنَّ الرَكبَ مُرتَحِلُ
وَهَل تُطيقُ وَداعًا أَيُّها الرَجُلُ!
فلما أنشدته البيت الأول قال: حسبك! من هريرة هذه التي نسبتَ بها؟ قلتُ: لا أعرفها وسبيلها سبيل التي قبلها؛ فنادى: يا هريرة؛ فإذا جارية قريبة السن من الأولى خرجتْ، فقال: أنشدي عمك قصيدتي التي هجوتُ بها يزيد بن مسهر، فأنشدتها من أولها إلى آخرها لم تخرم منها حرفًا، فَسُقِط في يدي وتحيّرتُ وتغشتني رعدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق