السبت، 14 سبتمبر 2013

داء الغفلة










 داء الغفلة



قال الله جل جلاله في كتابه الكريم (( اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون)). قال ابن كثير رحمه الله تعالى هذا تنبيه من الله تعالى لعباده على اقتراب الساعة وان الساعة آتية لا ريب فيها وان الناس عنها في غفلة أنى يعملون لها ولا يستعدون من اجلها. قال النسائي رحمه الله تعالى عن أبي صالح عن أبي سعيد قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم (( في غفلة أي في الدنيا)) فاعلم يا رعاك الله يا مهجة الفؤاد واعلمي يا رعاكِ الله يا بنت الهدى أن الغفلة داء وبيل ومرض خطير قد استحوذ على القلوب وتمكن من النفوس واستأثر الجوارح والأبدان فأكثر الناس يعيشون غفلة حقيقية عن الله تعالى والدار الآخرة قد فتنتهم الدنيا وزخارفها وغرهم طول الأمل وتمكن من قيادهم الهوى والشيطان والنفس الأمارة بالسوء أيها السكران بالآمال قد حان وقت الرحيل فانتبه من ركدة الغفلة فالعمر قليل واطرح سوف وحتى فهما داء وبيل الست الذي دمت على الخطايا وعصيت الست الذب بادرت الله بالقبيح وما استحييت وعلمت تحريم الذنب ثم أتيت وعرفت عظيم الجزاء وتناسيت سيبدل النطق بالسكوت والهمس وقد قرب يوم ألح في بحر الرمس قال الله جل جلاله ((الم اعهد إليكم يا بني ادم ألا تعبدوا الشيطان انه لكم عدو مبين)) يا ابن ادم لقد حصدت الغفلة فبئس ما حصدت ورجعت بالخيبة والحرمان وأطعت الشيطان والله ينادي لا تتبعوا خطوات الشيطان فانه لدار خسران 


يا غاديا في غفلة ورائحا إلى متى تستحسن القبائح

 
وكم إلى كم لا تخاف موقفا يستنطق الله به الجوارح 


يا عجبا منك وأنت مبصر كيف تجنيت الطريق الواضح 


كيف تكون حين تقرأ في غد صحيفة قد حوت الفضائح


وكيف ترضى ان تكون خاسرا يوم يفوز من يكون رابحا


الغفلة يا عباد الله داء تغلغل في القلوب وتمكن من سويدائها ولتعلم ولتعلمي أن صاحب الذنب من أطول الناس أملا وأغفلهم عن الطاعات فالغفلة يا عباد الله تورث قسوة القلب وطول الأمل قال الله تعالى (( ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون)) قال الحسن رحمه الله تعالى ما أطال عبد الأمل إلا أساء العمل وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن أخوف ما أخاف عليكم إتباع الهوى وطول الآمل فإما إتباع الهوى فيصد عن الحق وأما طول الأمل فينسي الآخرة فيا أيها الغافل إياك أن يبادرك الموت وأنت في غفلتك ساه لاه فيومها ستطول الحسرات وتتضاعف المصيبات قال رجل لزهير البابي آلا توصي بشيء فقال احذر أن يأخذك الله وأنت في غفلة . قال الحسن رحمه الله تعالى عجبا لقوم اؤذنوا بالرحيل وترحل اوائلهم وهم يلعبون. قال عبد الله بن ثعلبة يا ابن ادم تضحك ولعل أكفانك قد خرجت من القصاء إخواني بين أيديكم الموت وليس بمغدور والرحيل إلى القبور واللحود ثم تخرجون وحوض الندم مورود وينصب الميزان وترى الأجل لا يعود ويبكي العاصي على ما فرط من المقصود وتصبح وجوه المذنبين كالليالي السود ويكبل العاصي وليس له من يقود يتمنى العودة وهيهات يبس العود وكل مورود مولود ينادي الله ربي ارجعون وباب الرجوع مسدود وما ينفع العاصي قوله أعود أسمعتم قول الغافل ناقض العهود ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود وقال الله جل وعلا (( يوم يأتي لا تكلم نفس إلا بأذنه فمنهم شقي وسعيد)) الله اكبر كم في النفوس الظالمة من نار أوقد أوارها واشتد سوادها اللهم اجعلنا من المتيقظين قبل نزول العذاب بالهالكين يا رب العالمين. فيا أيها الغافل هل تذكرت الموت وسكرته؟ هل تذكرت القبر وظلمته؟ أخي الغالي قل لي بالله متى تفيق من غفلتك؟ متى تصحو من ركدتك؟ متى تعود إلى رشدك؟ متى تصلح الذي بينك وبين ربك؟ متى تقتدي بنبيك صلى الله عليه واله وسلم؟ متى تعمل يا عبد الله للذي لا بد منه بد؟ متى تعمل لآخرتك؟ ((وتزودوا فان خير الزاد التقوى واتقوني يا أولي الألباب)) قال ابن القيم رحمه الله تعالى ومن تأمل حال الخلق وجدهم كلهم إلا من رحم الله تعالى ممن غفلت قلوبهم عن ذكر الله تعالى واتبعوا أهوائهم وصارت أمورهم ومصالحهم فرطا أي فرطوا فيما ينفعهم ويعود بصالحهم واشتغلوا بما لا ينفعهم بل يعودوا بضررهم عاجلا وآجلا. أخي الغالي ألا ترى أكثر الناس غافلين معرضين متكبرين وكأنهم ضمنوا جنة الرضوان قال الله تعالى (( وان كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون)) إن الناس قد غفلوا غفلة عظيمة ويظنون أن هذه حجة لهم لا والله بل إنها حجة عليهم لان الله تعالى أرسل الرسل وأقام الحجج على بني ادم فويل لمن ضيع أوامر الله وويل ثم ويل لمن ضيع وسها عن أوامر الله واشتغل بالدنيا عن الرحمن وأطاع الشيطان إلى متى الغفلة يا عباد الله؟ هل انتم مخلدون في الدنيا؟ هل انتم باقون ولا تموتون؟ يا معشر الغافلين أن الدنيا راحلة ولن يبقى إلا حسن العمل بعد رحمة الله تعالى. قلوب أعمتها الدنيا وهم يسمعون (( وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خير وأبقى أفلا تعقلون)) وقال الله تعالى (( إن الذين لا يرجون لقائنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون )) إخواني ما بالكم تحصدون الفاني وتتركون الباقي أغرتكم الحياة الدنيا فما بالكم أعرضتم عن لذة الطاعات وتلذذتم بمرارة الخطيئات ؟ إنها والله الغفلة نعوذ بالله منها. كان عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى يقول 
نسر بما يبلى ونفرح بالمنى كما اغتر باللذات بالنوم حالم 
نهارك يا مغرور سهو وغفلة وليلك نوم والرجى لك لازم
وسعيك فيما سوف تكره لذة كذلك في الدنيا تعيش البهائم
تأملوا يا عباد الله أن الغفلة مالها خطير وشرها دفين كيف لا وقد جعل الله عقوبة الغافلين العذاب المهين والمرد الحزين فلا تغفل يا عبد الله عن موتك ومعادك وجهز نفسك لحشرك وحسابك قال الله (( ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم أذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون)) سبحان الله هذا مآل أهل الغفلة الذين يتنعمون بالحرام في الدنيا من اجل شهوة زائلة ونظرة خاسرة قلوب أقسى من الحديد وعيون جامدة لا تلين سبحان الله ما أصعب الموقف عليهم يوم الحسرة والندامة أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون. يا عبد الله يا من عبثت مع العابثين وأضعت العمر مع اللاهيين هل تذكرت الرحيل لقد نادت الدنيا على أصحابها الرحيل الرحيل. أزف الرحيل فيا لشقاء نفسك في أي شيء لم اعصي ربي يا لشؤم معصيتي يا لظلم نفسي يا لطول حزني إن حشرت على وجهي وطردت عن ربي عجيب حال الغافل يوقن بالموت وينساه ويتحقق من الضرر ويخشاه يخشى الناس والله أحق أن يخشاه يغتر بالصحة وينسى السقم يفرح بالعافية ولا يتذكر الألم يزهو بالشباب ويغفل عن الهرم يهتم بالعلم ولا يكترث بالعمل يحرص على العاجل ولا يفكر في خسران الأجل قلوب مريضة عز شفاؤها وعيون تكحلت بالحرام فقل بكاؤها إلى الله نشكو قسوة في قلوبنا سبحان الله يا عباد الله الم يئن لأهل الغفلة أن يدركوا حقيقة هذه الدار أما علموا أن حياتها عناء ونعيمها بلاء جديدها يبلى وملكها يفنى ودها ينقطع وخيرها ينتزع المتعلقون بها على وجل إما في نعم زائلة أو في بلايا نازلة أو منايا قاضية يا قومي إنما هذه الحياة الدنيا متاع وان الآخرة هي دار القرار يا عباد الله إن الرحيل قد قرب وان الموت قد أزف فهل من دمعة تراق على الوجنات بين يدي رب المكرمات عودوا إلى الله فالعود احمد وتوبوا إلى الله فان باب التوبة مفتوح يا أيها الغافل تأمل بالذي لا بد منه إما موت وما بعده جنة ونعيم وإما موت وما بعده نار تلظى وما بعده عذاب وغصص والآلام فتأمل أيها الغافل فتأملوا يا عباد الله فتأملوا قبل أن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله تأملوا يا معشر الغافلين إن الأيام تمضي وان العمر ينقضي وهي الغفلة داء قد ضيع القلوب وجعلها متعلقة بالعيون إخواني هذه وقفة قد وقفناها مع داء الغفلة أما الوقفة الثانية استعدوا يا نيام

ليست هناك تعليقات: