هل أنا متنطع مغرور ؟!
هل أنا مغرور ؟!
إن كنت أجرى نحو العلياء لا أنظر للشامتين ، ولا أهيم معهم في حظوظ الدنيا ،
أقلب ناظري نحوهم بصمت ، و أسمع ما يقولونه بحذر ، وأحزن لهم , و أناشدهم بصوت الحق
الذي أره مسلكا لست أناءى عنه أبدا ..
هل أنا متنطع مغرور ؟
لأني قدمت كتابي جليسا لي ، ومصحفي أنيسا وخدينا لا يفارقني ...
إذا استوحشت من الخلق هرعت إلى كلام رب الخلق ، أسلوا بنفسي و أقومها بوصايا الرحمن لها ..
فما الخطأ في ذلك ..!
هل أنا مغرور ؟!
لأني قدمت الحياء على جل أمري ، واحترمت غيري ،
وتحركت أطرافي مع وديعة الحياء ، ومع مروءة العقل ، و رزان الفعل ؟!
هل أنا مغرور متنطع ..
إن تحرك وجداني ليصدح بالحق في وجه الباطل ، وتحركت أعضائي لتنطق في
وجه ما يخالف فطرتها ، ويهشم عقيدتها ..
هل أنا متنطع ومغرور ؟!
لأن الحق الذي أتصوره أتماشى معه ، والصائب من القول أسدده ، والرديء منه أقف ضده ..!
هل أنا متنطع مغرور ؟!
لأني أهب حياتي لغيري ، ووقتي من أجل نصره من أحب ، و مشاعري من أجل أن أكون صادقا .. و أهب
روحي لعزه ديني ، ولرفعة أمتي ، و لسمو رسالة نبيي - صلى الله عليه وسلم - التي أتقلدها وساما
لي على صدري ..و أضعها بين جنبي تقودني الطريق في هذا الظلام المعتم ..!
هل أنا متنطع ومغرور ؟!
لأني لا أحب أهل الفراغ وأره زيفا لوقتي ، وشريعة باطلة لعمري ، لأني لا أحب أهل الركود إلى
الملذات ، لأني لا أجالسهم ، ولا أقترب منهم ، لا أحب أن تتعفن همتي بهم ..!
هل أنا متنطع ومغرور ؟!
لأني أشمر بذاتي عن الوقوع في الأخطاء مع أهل الأهواء ولا اسـمح لهم بالولوج في حياتي ، و أرفع
لواء الحق في وجههم ، و حقيقة الخطأ على رؤؤسهم ، لأني أكبر وهم يقولون لا تكبر ، وأهلل وهم
يقولون عكس ذلك ، وأسبح وهم يقولون لا تسبح ، و أتخذ سواكي في فمي وهم يقولون تخلف ، و
أطيل لحيتي السوداء أسوة بنبيي وهم يسخرون منها لأنها لا تعجبهم ..و أقصر من ثوبي خشية الكبر
وهم يقولون تنطع ..!
هل أنا متنطع ومغرور ؟!
لان تصوراتي وأفكاري وآرائي و عاطفتي و خواطري كلها تتجه نحو كتاب الله وسنة رسوله ، تتجه إلى
من خلقني .. تتجه إلى من برأ نفسي ، وقوم روحي ..!
هل أنا متنطع ومغرور ؟!
لأني أحب الصعود بهمتي نحو العلياء ، و أحب أن أكون من أهلها ..
هل أنا متنطع ومغرور ؟!
لأني أقف معارضا للباطل الذي أراه بعيني ، أشاهده يقتل صدقي ، ويمسح حسناتي ، ويمرغ بعزة
ديني ورسالة نبيي صلى الله عليه وسلم ..!
هل أنا متنطع ومغرور ؟!
لأني أكره الذل ، و أشتم الهوان ، و أسعى مع العزم والجد .. وأشجع البذل.!!
هل أنا متنطع ومغرور ؟!
لأني أخاطب من هو أكبر مني بلسان الحق ، و أبدي رائيي له بكل وضوح وصدق ..!
هل أنا مغرور ومتنطع؟!
لأني أخضع لدين وعقيدة تربيني ، وكتاب يهذبني ، و فقه يعلمني الصواب من الخطأ ..لأني أتمثل به في
طريقة نومي و أكلي وشربي وجلوسي .. لأني أجعله ينساب مع أنفاسي و يتحرك مع مشاعري ,,!
هل أنا متنطع ومغرور ؟!
لأني أضع لنفسي طريقاً وضحاً بين .. و أضع لنفسي هدفاً أتطلع إليه ، و أوجه وجهي لمن خلقني أتوكل
عليه لا أخاف أحد ..!!
هل أنا متنطع ومغرور ؟!
لأني أبكي إذا رأيت ديني على شفا جرف هار ، ونبيي- صلى الله عليه وسلم- يهان بلسان السخط
والإذلال ، و أعدائي يقتلون أبناء وطني بأفكار تخربهم ، و يزرعون في أنفسهم الهوان بملذات تقربهم لنار
القلوب ، ونار علام الغيوب ..!
هل أنا متنطع ..!
لأني غريب بين أمة نسيت الصدق فصدقت ، و نسيت البذل فبذلت ، وتاهت في الردى فسلكت طريق
الصواب والرشاد ، و رمت الصالح بالسوء والطالح بالرفعة فوقفت حيران أجاهد بقلبي وبلساني ولو
استطعت جاهدت بروحي وجسدي معا ..!
هل أنا متنطع ومغرور ..؟
لأني إن رأيت عجوزا على تراب وطني يئن ويشكوا ذرفت دموعي حزنا عليه ، وطفلا يشاك بشوكة في
رجله هرعت أسعى وقلبي يخفق خشية به ، و أرملة تبكي من الفاقة والفقر ..تحطم وجداني لها وبذلت
ما أملك لنصرتها ..!
هل أنا مغرور ومتنطع؟
لأن لي رسالة أحملها لأمتي المتهالكة، و حكاية ألم يجب أن أموت في سبيل أن تنتهي ، و رواية فشل
يجب أن أحرّف في أحرفها و في كلماتها لتصفوا وتصح الحياة لأمتي .. لكي نحيا حياة لا يأس معها ، و
حياة لا ذل معها ..!
هل أنا متنطع ومغرور ؟؟!
لأني أرجوا من الفرد من أمتي أن يكون ملتحما بدمه وعظمه و أعصابه مع أمته، إن بكى الطفل في
فلسطين بكى معه ، وشكا العجوز في الشيشان ساعده ، وضاق الجوع برجل في العراق عاونه ، لأني
أيريد أن أرى الأرواح مع بعضها ، و الأمة كما الجسد إذا أصابت أحد أطرافها شوكه ، ظل الجسد يعاون
بعضة .. لأني أريد هذا وأسعى إليه ..!
هل أنا متنطع ومغرور ؟!
لأن وفائي وصدقي ومروءتي و عقيدتي وديني ورسالتي و همتي وسماحتي و جهدي و إيماني
وتوكلي ويقيني و رجائي وأملي و صفائي و إحساني ، أرى الكثيرين يريدون أن أغير منها ، ويريدون أن
أدفنها في مقابر القلوب الميتة ، والأجساد المتحللة من العقل ...!
إذا كان هذا هو التنطع والغرور فأهلا وسهلا ومرحبا به ..
إذا كان هذا هو التنطع والغرور فاقسم بالله أني لن أحيد عنه ..
للكاتب:
سامي بن سعد بن سالم الذبياني