الأربعاء، 3 سبتمبر 2014

أَبْكِي زَمَانًا صَالِحًا قَدْ فَقَدْتُهُ ... فَقَطَّعَ قَلْبِي ذِكْرُهُ حَسْرَاتِ








 أَبْكِي زَمَانًا صَالِحًا قَدْ فَقَدْتُهُ ... فَقَطَّعَ قَلْبِي ذِكْرُهُ حَسْرَاتِ


**************************


عَنِ الْأَصْمَعِي قَالَ: رَأَيْتُ جَارِيَةً بِالْبَصَرَةِ كَأَنَّهَا الشَّمْسُ وَهِيَ تَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ مَا سَمِعْتُ كَلَامًا أَسْبَقَ إِلَى قَلْبِي مِنْهُ، ثُمَّ وَقَعْتُ صَوْبَهَا فَقَالَتْ:

أَنُوحُ عَلَى دَهْرٍ مَضَى بِغَضَارَةٍ ... إِذِ الْعَيْشُ رَطْبٌ وَالزَّمَانُ مُوَاتِي

أَبْكِي زَمَانًا صَالِحًا قَدْ فَقَدْتُهُ ... فَقَطَّعَ قَلْبِي ذِكْرُهُ حَسْرَاتِ

فَيَا زَمَنًا وَلَّى عَلَى رَغْمِ أَهْلِهِ ... أَلَا عُدْتَ كَمَا قَدْ كُنْتَ مُذْ سَنَوَاتِ

تَمَطَّى عَلَيْنَا الدَّهْرُ فِي مَتْنِ قَوْسِهِ ... فَغَرَّقَنَا مِنْهُ بِسَهْمٍ شَتَاتِ



**************************

 
عَنْ أَبِي الْخَطَّابِ الأَخْفَشِ، قَالَ: كَانَتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ مَعَهَا ابْنَانِ لَهَا كَأَنَّهُمَا مُهْرَانِ عَرَبِيَّانِ قَالَ: فَمَا انْقَلَبَ عَلَيْهَا شَهْر حَتَّى دفنتهما بفنائها، قَالَ: فَكُنْتُ أَغْدُو إِذَا هِيَ قَاعِدَةٌ بَيْنَ الْقَبْرَيْنِ، قَدْ وَضَعَتْ عَلَى كُلِّ قَبْرٍ يَدًا وَهِيَ تَقُولُ:

فَلِلَّهِ جَارَايَ اللَّذَانِ أَرَاهُمَا ... قَرِيبَيْنِ مِنِّي وَالْمَزَارُ بَعِيدُ

مُقِيمَانِ بِالْبَيْدَاءِ لا يَبْرَحَانِهَا ... وَلا يَسْأَلانِ الرَّكْبَ أَيْنَ يُرِيدُ

هُمَا تَرَكَا عَيْنَيَّ لا مَاءَ فِيهِمَا ... وَشَكَا سَوَادُ الْقَلْبِ فَهُوَ عَمِيدُ

قَالَ: فَكُنْتُ أَبْكِي مَعَهَا حَتَّى يَظُنُّ مَنْ رَآنِي أَنِّي أَبُوهُمَا 



**************************


قَالَ:  مُحَمَّدُ بْنُ السَّمَّاكِ، قَالَ: قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ ذَرٍّ أَيُّهُمَا أَعْجَبُ إِلَيْكَ لِلْخَائِفِينَ؛ طُولُ الْكَمَدِ، أَوْ إِسْبَالُ الدَّمْعَةِ؟ قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ: أَرَقُّ قَذَرًا شَفَا فِسْلا، وَإِذَا كَمَدَ غَصَّ فَشَجا، فَالْكَمَدُ أَعْجَبُ إِلَيَّ، قَالَ فِي مِثْلِهِ يَقُولُ الشَّاعِرُ:

إِذَا رَقَّ قُلْبُ الْمَرْءِ أَذْرَتْ جُفُونُهُ ... دُمُوعًا لَهُ فِيهَا سَلْوًا مِنَ الْكَمَدِ

وَإِنْ غَضَّ بِالأَشْجَانِ مِنْ طُولِ حُزْنِهِ ... عَلاهُ اصْفِرَارُ اللَّوْنِ فِي الْوَجْهِ وَالْجَسَدِ

فَأَحْمَدُ حَالَ الْخَائِفِينَ مُقَامَهُمْ ... عَلَى كَمَدٍ يُضْنِي النُّفُوسَ مَعَ الْكَبَدِ


**************************


 عَنِ الأَصْمَعِيِّ  

الْعِلْمُ زَيْنٌ وَتَشْرِيفٌ لِصَاحِبِهِ ... فَاطْلُبْ هُدِيتَ فُنُونَ الْعِلْمِ وَالأَدَبَا

لا خَيْرَ فِيمَنْ لَهُ أَصْلٌ بِلا أَدَبٍ ... حَتَّى يَكُونَ عَلَى مَا زَانَهُ حَدِبَا

كَمْ مِنْ حَسِيبٍ أَخِي عِزٍّ وَطَمْطَمَةٍ ... فَدمٍ لَدَى الأَقْوَامِ مَعْرُوفٍ إِذَا انْتَسَبَا

فِي بَيْتٍ مَكْرُمَةٍ آبَاؤُهُ نُجُبٌ ... كَانُوا رُءُوسًا فَأَمْسَى بَعْدَهُمْ ذَنَبَا

وَخَامِلٍ مُقْرِفِ الآبَاءِ ذِي أَدَبٍ ... نَالَ الْمَعَالِيَ وَالأَمْوَالَ وَالنَّسَبَا

الْعِلْمُ كَنْزٌ وَذُخْرٌ لا نَفَادَ لَهُ ... نِعْمَ الْقَرِينُ إِذَا مَا عَاقِلا صَحِبَا

قَدْ يَجْمَعُ الْمَرْءُ مَالا ثُمَّ يُسْلَبُهُ ... عَمَّا قَلِيلٌ فَيَلْقَى الذُّلَّ وَالْحَرَبَا

وَجَامِعُ الْعِلْمِ مَغْبُوطٌ بِهِ أَبَدًا ... فَلا يُحَاذِرُ مِنْهُ الْفَوْتَ وَالسَّلَبَا

يَا جَامِعَ الْعِلْمِ نِعْمَ الزُّخْرُ تَجْمَعُهُ ... لا تَعْدِلَنَّ بِهِ دُرًّا وَلا ذَهَبَا

فَاشْدُدْ يَدَيْكَ بِهِ تَحْمَدْ مَغَبَّتُهُ ... بِهِ تَنَالُ الْغِنَى وَالدِّينَ وَالْحَسَبَا


**************************

مِنْ ا قَوْا لِ عَلِيٍّ  ابن ابي طالب رضي الله عنه

ابْنِي إِنِّي وَاعِظٌ وَمُؤَدِّبٌ ... فَافْهَمْ فَإِنَّ الْعَاقِلَ الْمُتَأَدِّبَ

وَاحْفَظْ وَصِيَّةَ وَالِدٍ مُتَحَنِّنٍ ... يَغْزُوكَ بِالآدَابِ لا يَتَغَضَّبُ

ابْنِي إِنَّ الرِّزْقَ مَكْفُولٌ بِهِ ... فَعَلَيْكَ بِالإِجْمَالِ فِيمَا تَطْلُبُ

لا تَجْعَلَنَّ الْمَالَ كَسْبَكَ مُفْرَدًا ... وَتقى أَكْهَل فَاجْعَلَنَّ مَا تَكْسِبُ

وَاتْلُ الْكِتَابَ كِتَابَ رَبِّكَ مُوقِنًا ... فِيمَنْ يَقُومُ بِهِ هُنَاكَ وَيَنْصِبُ

بَتَدَبُّرٍ وَتَفَكُّرٍ وَتَقَرُّبٍ ... إِنَّ الْمُقَرَّبَ عِنْدَهُ يَتَقَرَّبُ

وَاعْبُدْ إِلَهَكَ بِالإِنَابَةِ مُخْلِصًا ... وَانْظُرْ إِلَى الأَمْثَالِ فِيمَا تَضْرِبُ

وَإِذَا مَرَرْتَ بِآيَةٍ تَصِفُ الْعَذَابَ ... فَقُلْ بِعَيْنِكَ بِالتَّخَوُّفِ تُسْكَبُ

يَا مَنْ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ بِقُدْرَةٍ ... لا تَجْعَلَنِّي فِي الَّذِينَ تُعَذِّبُ

إِنِّي أَبُوءُ بِعُثْرَتِي وَخَطِيَّتِي ... هَرَبًا وَهَلْ إِلا إِلَيْكَ الْمَهْرَبُ

بَادِرْ هَوَاكَ إِذَا هَمَمْتَ بِصَالِحٍ ... وَتَجَنَّبِ الأَمْرَ الَّذِي يُتَجَنَّبُ

وَاعْمَلْ لِنَفْسِكَ إِنْ أَرَدْتَ حَيَاتَهَا ... إِنَّ الزَّمَانَ بِأَهْلِهِ يَتَقَلَّبُ

ابْنِي كَمْ صَاحَبْتُ مِنْ ذِي غُرَّةٍ ... فَإِذَا صَحِبْتَ فَانْظُرْ مَنْ تَصْحَبُ

وَاجْعَلْ صَدِيقَكَ مَنْ إِذَا آخَيْتَهُ ... حَفِظَ الإِخَاءَ وَكَانَ دُونَكَ يَضْرِبُ

وَاحْذَرْ ذَوِي الْمَلَقِ اللِّئَامِ فَإِنَّهُمْ ... فِي النَّائِبَاتِ عَلَيْكَ فِيمَنْ يَخْطُبُ

وَلَقَدْ نَصَحْتُكَ إِنْ قَبِلْتَ نَصِيحَتِي ... وَالنُّصْحُ إِنْ حُصِرَ مَا يُبَاعُ وَيُذْهَبُ


**************************


إِنَّ الْكَرِيمَ الَّذِي تَبْقَى مَوَدَّتُهُ ... وَيَكْتُمُ السِّرَّ إِنْ ضَاقَا وَإِنْ صَرَمَا

لَيْسَ الْكَرِيمُ الَّذِي إِنْ ذُلَّ صَاحِبُهُ ... فَشَى وَقَالَ عَلَيْهِ كُلَّ مَا كَتَمَا

***************************

قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ الضَّرَّابُ الْأُطْرُوشُ هَذِهِ الْأَبْيَاتِ:


أَلَا كُلُّ جَدِيدٍ بَالِي ... وَكُلُّ شَيْءٍ فَإِلَى زَوَالِ

يُعْجِبُنِي حَالِي وَأَيُّ حَالِي ... يَبْقَى عَلَى الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي

يَا صَاحِ أَيْنَ الْأُمَمُ الْخَوَالِي ... إِنَّ شِفَاءَ الْعِيِّ فِي السُّؤَالِ

أَيْنَ رِجَالِي وَبَنُو رِجَالِي ... كَانُوا أُنَاسًا مَرَّةً أَمْثَالِ

ذَوِي فِعَالٍ وَذَوِي مَقَالِ ... يَا لَيْتَنِي أُعْمِلُ مَالِي مَالِي

تَمُوتُ أَحْبَابِي وَلَا أُبَالِي ... سَقْيًا لِتِلْكَ الْأَعْظُمِ الْبَوَالِي

يَا عَجَبًا مِنِّي لِمَا انْشِغَالِي ... وَالْمَوْتُ لَا يَخْطُرُ لِي بِبَالِي


***************************


يَا خَاضِبَ الشَّيْبِ بِالْحِنَّاءِ تَسْتُرُهُ ... سَلِ الْمَلِيكَ سَتْرًا لَهُ مِنَ النَّارِ

لَنْ يَرْحَلَ الشَّيْبُ عَنْ دَارٍ أَقَامَ بِهَا ... حَتَّى يَرْحَلَ عَنْهَا صَاحِبُ الدَّارِ

***************************

فَوَا أَسَفَا أَسِفْتُ عَلَى شَبَابٍ ... نَعَاهُ الشَّيْبُ وَالرَّأْسُ الْخَضِيبُ

بَكَيْتُ عَلَى الشَّبَابِ بِدَمْعِ عَيْنِي ... فَمَا نَفَعَ الْبُكَاءُ وَلَا النَّحِيبُ

أَلَا لَيْتَ الشَّبَابَ يَعُودُ يَوْمًا ... فَأُخْبِرُهُ بِمَا صَنَعَ الْمَشِيبُ

عَرِيتُ مِنَ الشَّبَابِ وَكُنْتُ غَضًّا ... كَمَا يَعْرَى مِنَ الْوَرَقِ الْقَصِيبُ


***************************


قَالَ: أَبُو هريرة أَحْمَد بْن عبد اللَّه بْن الحسن بْن أَبِي القصام العدوي لنفسه:

نزل الشيب برأسي وألم ... ونفى عني قناعا كالحمم

ما أتى الشيب على مقداره ... بل أسى في السير منه ظلم

لاح منه علم في مفرقي ... ونكا القلب بأنواع الألم

كلما أفنيت هما بعده ... وتذكرت شبابي عادهم


***************************


, قَالَ: وَقَفَ عِمْرَانُ بْنُ حِطَّانَ عَلَى الْفَرَزْدَقِ , وَهُوَ يُنْشِدُ النَّاسَ فَقَالَ لَهُ:

أَيُّهَا السَّائِلُ الْعِبَادَ لِيُعْطَى ... إِنَّ للَّهِ مَا بِأَيْدِي الْعِبَادِ

فَسَلِ اللَّهَ مَا طَلَبْتَ إِلَيْهِمْ ... وَارْجُ فَضْلَ الْمُقْسِمِ الْعَوَّادِ

لا تَقُلْ لِلْيَتِيمِ مَا لَيْسَ فِيهِ ... وَتُسَمِّ الْبَخِيلَ بِاسْمِ الْجَوَادِ.

***************************

 قَالَ: حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ , قَالَ: أُتِيَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ بِرَجُلٍ مِنَ الْخَوَارِجِ فَأُدْخِلَ عَلَيْهِ , وَالْحَجَّاجُ يَتَغَدَّى , فَجَعَلَ الْخَارِجِيُّ يَنْظُرُ إِلَى حِيطَانِهِ , وَمَا قَدْ يَجِدُ , فَجَعَلَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اهْدِمِ اللَّهُمَّ اهْدِمِ اللَّهُمَّ اهْدِمِ , فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ: هِيه كَأَنَّكَ لا تَدْرِي مَا يُرَادُ بِكَ , فَقَالَ الْخَارِجِيُّ: هيه نَزَعَ اللَّهُ مَا ضغنك , وَمَا عَلَيْكَ لَوْ دَعَوْتَنِي إِلَى طَعَامِكَ , أَمَا إِنَّ فِيكَ ثَلاثَ خِصَالٍ مِمَّا بَعَثَ اللَّهُ بِهِ عَادًا , فَقَالَ: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ {128} وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ {129} وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ {130} }

 
 فَامْتَلأَ الْحَجَّاجُ غَيْظًا , فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ , وَأَخْرَجُوهُ إِلَى الرَّحْبَةِ لِيَقْتُلُوهُ , فَقَالَ لَهُمْ: دَعُونِي أَتَمَثَّلُ بِثَلاثَةِ أَبْيَاتٍ , فَقَالُوا: تَمَثَّلْ بِمَا شِئْتَ فَأَنْشَأَ يَقُولُ:


مَا رَغْبَةُ النَّفْسِ فِي الْحَيَاةِ ... وَإِنْ عَاشَتْ طَوِيلا فَالْمَوْتُ لاحِقُهَا


أَوَأَيْقَنْتُ أَنَّهَا لا تَعُودُ كَمَا كَانَ ... بَرَّأَهَا بِالأَمْسِ خَالِقُهَا

أَأَتَمَّتْ غَبْطَةً تَمَّتْ هَرمًا لِلْمَوْتِ ... كَأْسٌ وَالْمَرْءُ ذَائِقُهَا.


***************************


قَالَ: حَدَّثَنِي الأَصْمَعِيُّ , قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلاءِ:

إِذَا مَا الْمَنَايَا أَخْطَأَتْكَ وَصَادَفَتْ ... حَمِيمَكَ فَاعْلَمْ أَنَّهَا سَتَعُودُ

وَإِنِ امْرُؤٌ يَنْجُو مِنَ النَّارِ بَعْدَمَا ... تَزُودُ مِنْ أَعْمَالِهَا لَسَعِيدُ


***************************


قَالَ: حَدَّثَنِي الْأَصْمَعِيُّ , عَنْ عُمَيْرِ بْنِ حُجَيْرِ الشَّيْبَانِيِّ , قَالَ: ضَلَّتْ إِبِلٌ لِي فَخَرَجْتُ فِي طَلَبِهَا يَعْنِي فِي الْبَدْوِ , فَانْتَهَيْتُ إِلَى الْبَرِّيَّةِ , فَإِذَا أَنَا بِجَارِيةٍ عَلَى بَابِ خَيْمَةٍ , كَأَنَّهَا فِلْقَةُ قَمْرٍ أَغْشَى جَمَالُهَا بَصَرِي , قَالَتْ: مَالِي أَرَاكَ مُوَلَّهًا؟ قُلْتُ: ضَلَّ إِبِلٌ لِي فَخَرَجْتُ فِي طَلَبِهَا , فَقَالَتْ: أَفَلَا أَدُلُّكَ عَلَى مَنْ عِلْمُ ذَلِكَ عِنْدَهُ؟ قُلْتُ: بَلَى , قَالَتْ: أَخَذَهُنَّ الَّذِي أَعْطَاكَهُنَّ، وَهُوَ أَحَقُّ بِرَدِهِنَّ، فَسَلْهُ مِنْ طَرِيقِ الْيَقِينِ , لَا مِنْ طَرِيقِ الاخْتِبَارِ , قَالَ: فَأَعْجَبَنِي كَلامُهَا مَعَ مَا رَأَيْتُ مِنْ جَمَالِهَا فَرَاوَدْتُهَا عَلَى نَفْسِهَا , فَقَالَتْ لِي: هَبْكَ لَيْسَ لَكَ مَانِعٌ مِنْ أَدَبٍ أَمَا لَكَ زَاجِرٌ مِنْ حَيَاءٍ , قُلْتُ لَهَا: إِنَّهُ مَا يَرَانَا إِلَّا الْكَوَاكِبُ , قَالَتْ: فَأَيْنَ مُكَوْكِبُهَا؟ قُلْتُ: أَلَكِ زَوْجٌ؟ قَالَتْ: قَدْ كَانَ ذَلِكَ فَدُعِيَ لِمَا خُلِقَ لَهُ , فَأَجَابَ وَصَارَ إِلَى مَا خُلِقَ مِنْهُ , فَقُلْتُ لَهَا: هَلْ لَكِ فِي زَوْجٍ لَا تُذَمُّ خَلَائِقُهُ وَلَا تُخْشَى بَوَائِقُهُ , قَالَ: فَنَكَّسَتْ رَأْسَهَا وَأَرْسَلَتْ عَيْنَيْهَا وَأَنْشَأَتْ تَقُولُ:


كُنَّا كَغُصْنَيْنِ فِي أَصْلٍ غِذَاؤُهُمَا ... مَاءُ الجَدَاوِلِ فِي رَوْضَاتِ جَنَّاتِ

فَاجْتَثَّ خَبَرَهُمَا مِنْ جَنْبِ صَاحِبِهِ ... دَهْرٌ يَكُرُّ بفَرْحَاتٍ وَتَرْحَاتِ

وَكَانَ عَاهَدَنِي إِنْ خَانَنِي زَمَنٌ ... أَلَّا يُضَاجِعَ أُنْثَى بَعْدَ مَثوَاتي

وَكُنْتُ عَاهَدتُّهُ أَيْضًا فَعَاجَلَهُ ... رَيْبُ الْمَنُونِ قَرِيبًا مِنْ سُنَيَّاتِ

فَاصْرِفْ عِنَانَكَ عَمَّنْ لَيْسَ يَرْدَعُهُ ... عَنِ الْوَفَاءِ خِلابٌ فِي التَّحِيَّاتِ


***************************
















ليست هناك تعليقات: