الخميس، 17 أكتوبر 2013

سرق ماله بالبصرة واستعاده بواسط







سرق ماله بالبصرة واستعاده بواسط






سرق ماله بالبصرة واستعاده بواسط








حدثني محمد بن عمر بن شجاع المتكلم، ويلقب بجنيد، قال: حدثني رجل من الدقاقين، في دار الزبير بالبصرة، قال: أورد علي رجل غريب، سفتجة بأجل، فكان يتردد علي، إلى أن حل ميعاد السفتجة.
ثم قال لي: دعها عندك حتى آخذها متفرقة، فكان يجيء في كل يوم فيأخذ بقدر نفقته إلى أن نفدت، وصار بيننا معرفة، وألف الجلوس عندي، وكان يراني أخرج من كيسي من صندوق لي، فأعطيه منه.
فقال لي يوماً: إن قفل الرجل، صاحبه في سفره، وأمينه في حضره، وخليفته على حفظ ماله، والذي ينفي الظنة عن أهله وعياله، فإن لم يكن وثيقاً تطرقت الحيل عليه، وأرى قفلك هذا وثيقاً، فقل لي ممن ابتعته، لأبتاع مثله.
فقلت: من فلان بن فلان الأقفالي، في جوار باب الصفارين.
قال: فما شعرت يوماً، وقد جئت إلى دكاني، فطلبت صندوقي لأخرج منه شيئاً من الدراهم، فحمله الغلام إلي، ففتحته، فإذا ليس فيه شيء من الدراهم.
فقلت لغلامي، وكان غير متهم عندي: هل أنكرت من الدرابات شيئاً ? قال: لا فقلت: فتش، هل ترى في الدكان نقباً ? قال: لا.
فقلت: فمن السقف حيلة ? قال: لا.
قلت: فاعلم أن الدراهم قد ذهبت.
فقلق الغلام، فسكنت، وقمت لا أدري ما أصنع، وتأخر الرجل عني، فلما غاب اتهمته، وذكرت مسألته عن القفل.
فقلت للغلام، أخبرني كيف تفتح دكاني وتغلقه ?

قال: رسمي أن ادرب درابتين درابتين، والدرابات في المسجد، فأحملها في دفعات، اثنتين أو ثلاثاً، فأشرجها، ثم أقفل، وكذلك عندما أفتحها.
فقلت: البارحة، واليوم، فعلت ذلك ? قال: نعم.
فقلت: فإذا مضيت لترد الدرابات، أو تحضرها، على من تدع الدكان ? قال: خالياً.
قلت: فمن هنا دهيت.
ومضيت إلى الصانع الذي ابتعت منه القفل، فقلت: جاءك إنسان منذ أيام، واشترى منك مثل هذا القفل ? قال: نعم، رجل من صفته كيت وكيت، فأعطاني صفة صاحبي.
فعلمت أنه احتال على الغلام وقت المساء، لما انصرفت أنا، ومضى الغلام يحمل الدرابات، فدخل هو إلى الدكان فاختبأ فيه، ومعه مفتاح القفل الذي اشتراه، والذي يقع على قفلي، وأنه أخذ الدراهم، وجلس طول ليلته خلف الدرابات. فلما جاء الغلام، وفتح درابتين، وحملها ليرفعها، خرج، وأنه ما فعل ذلك، إلا وقد خرج إلى بغداد.
فسلمت دكاني إلى الغلام، وقلت له: من سأل عني فعرفه أني خرجت إلى ضيعتي.
قال: فخرجت، ومعي قفلي ومفتاحه، وقلت: أبتدئ بطلب الرجل بواسط.
فلما صعدت من السميرية، طلبت خاناً في الكتبيين بواسط، لأنزله، فأرشدت إليه، فصعدت، فإذا بقفل مثل قفلي سواء على بيت.
فقلت لقيم الخان: هذا البيت من ينزله ? فقال: رجل قدم من البصرة أمس.
فقلت: أي شيء صفته ? فوصف لي صفة صاحبي، فلم أشك أنه هو، وأن الدراهم في بيته.
فاكتريت بيتاً إلى جانبه، ورصدت البيت، حتى انصرف قيم الخان، وقمت ففتحت القفل بمفتاحي، فحين دخلت البيت، وجدت كيسي بعينه، فأخذته، وخرجت وأقفلت الباب، ونزلت في الوقت إلى السفينة التي جئت فيها، وأرغبت الملاح، وأنحدرت إلى البصرة.
فما أقمت بواسط إلا ساعتين من نهار، ورجعت إلى منزلي بمالي بعينه.
  

ليست هناك تعليقات: