الجمعة، 30 أغسطس 2013

بين الحسن البصري والحجاج بن يوسف الثقفي





بين الحسن البصري والحجاج بن يوسف الثقفي

  أن الحسن البصري دخل على الحجاج بواسط، فلما رأى بناءه قال: الحمد لله، أن هؤلاء الملوك ليرون في أنفسهم عبراً، وأنا لنرى فيهم عبراً، يعمد أحدهم إلى قصر فيشيده، وإلى فرش فيتخذه، وقد حف به ذباب طمع، وفراش نار، ثم يقول: ألا فانظروا ما صنعت، فقد رأينا- يا عدو الله- ما صنعت، فماذا يا أفسق الفسقة، ويا أفجر الفجرة، أما أهل السماء فلعنوك، وأما أهل الأرض فمقتوك.
ثم خرج وهو يقول: إنما أخذ الله الميثاق على العلماء، ليبيننه للناس، ولا يكتمونه.
فاغتاظ الحجاج غيظاً شديداً، ثم قال: يا أهل الشام، هذا عبيد أهل البصرة يشتمني في وجهي فلا ينكر عليه أحد، علي به، والله لأقتلنه.
فمضى أهل الشام، فأحضروه، وقد أعلم بما قال، فكان في طريقه يحرك شفتيه بما لا يسمع.
فلما دخل على الحجاج، رأى السيف والنطع بين يديه وهو متغيظ، فلما وقعت عليه عين الحجاج، كلمه بكلام غليظ، ورفق به الحسن، ووعظه.
فأمر الحجاج بالسيف والنطع فرفعا، ثم لم يزل الحسن يمر في كلامه، إلى أن دعا الحجاج بالطعام، فأكلا، وبالوضوء فتوضأ، وبالغالية فغلفه بيده، ثم صرفه مكرماً.
وقال صالح بن مسمار: قيل للحسن بن أبي الحسن: بم كنت تحرك شفتيك ? قال: قلت: يا غياثي عند دعوتي، ويا عدتي في ملمتي، ويا ربي عند كربتي ويا صاحبي في شدتي، ويا وليي في نعمتي، ويا إلهي، وإله إبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، والأسباط، وموسى، وعيسى، ويا رب النبيين كلهم أجمعين، ويا رب كهيعص، وطه، وطس، ويس، ورب القرآن الحكيم يا كافي موسى فرعون، ويا كافي محمد الأحزاب، صل على محمد وآله الطيبين الطاهرين الأخيار، وارزقني مودة عبدك الحجاج، وخيره، ومعروفه، واصرف عني أذاه، وشره، ومكروهه، ومعرته.
فكفاه الله تعالى شره بمنه وكرمه.
قال صالح: فما دعونا بها في شدة إلا فرج عنا.


ليست هناك تعليقات: