الأربعاء، 10 يوليو 2013

سعيد بن جبير











سعيد بن جبير







هو سعيد بن جبير بن هشام الأسدي الوالبي مولاهم الكوفي، أبو محمد، ويقال: أبو عبد الله ووالبة هو ابن الحارث بن ثعلبة، عده أصحاب السير من الطبقة الثالثة من التابعين

واتت الفرصة لسعيد بن جبير فتعلم على يد عدد من الصحابة ويروي عنهم، فأخذ عن حبر الأمة عبد الله بن عباس وروى عنه وأكثر، وكان أحد تلامذته، وسمع من عبد الله بن مغفل وعائشة أم المؤمنين وأبي موسى الأشعري وأبي هريرة وأبي مسعود البدري وعن ابن عمر وابن الزبير وأبي سعيد الخدري.


وهب سعيد حياته للإسلام، ولم يَخْشْ إلا الله، يفيد الناس بعلمه النافع، ويفقه الناس في أمور دينهم ودنياهم، فقد كان إمامًا عظيمًا من أئمة الفقه في عصر الدولة الأموية، حتى شهد له عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- بالسبق في الفقه والعلم،

كان لسعيد شأن وحال مع القرآن فروي أنه كان يختم القرآن في كل ليلتين

مما أثر عن سعيد بن جبير خوفه وخشيته وكان ذكر الموت لا يفارقه فيقول: لو فارق ذكر الموت قلبي لخشيت أن يفسد علي قلبي. وعنه قال: إنما الدنيا جمع من جمع الآخرة.





كان سعيد بن جبير يملك لسانًا صادقًا وقلبًا حافظًا، لا يهاب الطغاة، ولا يسكت عن قول الحق، فالساكت عن الحق شيطان أخرس، كان مناهضًا للحجاج بن يوسف الثقفي أحد أمراء بني أمية، فألقى الحجاج بن يوسف القبض عليه بعد أن لفق له تهمًا كاذبة، وعقد العزم على التخلص منه فلما مثل بين يديه، دار بينهما هذا الحوار:


فقال: ما اسمك؟ 
قال: سعيد بن جبير؟ 
قال: أنت شقي بن كسير. 
قال: بل أمي كانت أعلم باسمي منك
قال: شقيت أنت وشقيت أمك. 
قال: الغيب يعلمه غيرك. 
قال: لأبدلنك بالدنيا نار تلظى. 
قال: لو علمت أن ذلك بيدك لاتخذتك إلهًا. 
قال: فما قولك في محمد. 
قال: نبي الرحمة إمام الهدى. 
قال: فما قولك في علي في الجنة هو أم في النار؟ 
قال: لو دخلتها فرأيت أهلها عرفت. 
قال: فما قولك في الخلفاء؟ 
قال: لست عليهم بوكيل. 
قال: فأيهم أعجب إليك؟ 
قال: أرضاهم لخالقي. 
قال: فأيهم أرضى للخالق. 
قال: علم ذلك عنده. 
قال: أبيت أن تصدقني. 
قال: إني لم أحب أن أكذبك. 
قال: فما بالك لم تضحك. 
قال: وكيف يضحك مخلوق خلق من الطين والطين تأكله النار؟ 
قال: فما بالنا نضحك؟ 
قال: لم تستو القلوب. 
قال: ثم أمر الحجاج باللؤلؤ والياقوت والزبرجد وجمعه بن يدي سعيد. 
فقال: إن كنت جمعته لتفتدي به من فزع يوم القيامة فصالح، وإلا ففزعة واحدة تذهل كل مرضعة عما أرضعت، ولا خير في شيء جُمع للدنيا إلا ما طاب وزكا. 
ثم دعا الحجاج بالعود والناي فلما ضرب بالعود ونفخ في الناي بكى. 
فقال: الحجاج ما يبكيك هو اللهو؟ 
قال: بل هو الحزن أما النفخ فذكرني يوم نفخ الصور، وأما العود فشجرة قطعت من غير حق، وأما الأوتار فأمعاء شاة يبعث بها معك يوم القيامة. 
فقال: الحجاج ويلك يا سعيد. 
قال: الويل لمن زحزح عن الجنة وأدخل النار. 
قال: اختر أي قتلة تريد أن أقتلك؟ 
قال: اختر لنفسك يا حجاج فوالله ما تقتلني قتله إلا قتلتك قتلة في الآخرة؟ 
قال: فتريد أن أعفوا عنك؟ 
قال: إن كان العفو فمن الله، وأما أنت فلا براءة لك ولا عذر؟ 
قال: اذهبوا به فاقتلوه. 
فلما خرج من الباب ضحك فأخبر الحجاج بذلك فأمر برده. 
فقال: ما أضحكك؟ 
قال: عجبت من جرأتك على الله، وحلمه عنك فأمر بالنطع فبسط فقال: اقتلوه. 
فقال: "وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض". 
قال: شدوا به لغير القبلة. 
قال:" فأينما تولوا فثم وجه الله". 
قال: "منها خلقناكم وفيها نعيدكم". 
قال: اذبحوه. 
قال: إني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله، خذها مني حتى تلقاني يوم القيامة، ثم دعا الله سعيد وقال: اللهم لا تسلطه على أحد يقتله بعدي
وفعلا مات الحجاج دون أن يقتل أحد من بعد سعيد بن جبير.


مات سعيد شهيدًا في 11 رمضان95 هـ الموافق 714م، وله من العمر تسع وخمسون سنة، مات ولسانه رطب بذكر الله

ليست هناك تعليقات: