الجمعة، 27 يوليو 2012

القصيدة الزينبية)










 القصيدة الزينبية 



صرمتْ حبالَك بعـد وصْلـك زينـبُ * * * والـدهــرُ فيـه تغيُّـر وتقـلُّـبُ
نشرتْ ذوائبَهـا التـي تزهـو بهـا * * * سُــوداً ورأسُك كالثغـامـة أشْيـبُ
واستنفـرتْ لمـا رأتْـك وطالمـا * * * كانت تحـنُّ إلـى لقـاك وترغـب
و كـذاك وصْـل الغانيـات فـإنـه * * * آلٌ ببلقَـعَـةٍ وبــرْقٌ خُـلَّــبُ

فـدَعِ الصبا فلقـد عـدَاك زمانُـه * * * وازهدْ فعمْـرُك مرٌ منـه الأطيـبُ
ذهبَ الشبـابُ فمالـه مـن عـودةٍ * * * وأتى المشيبُ فأيـن منـه المهـرَبُ؟
ضيف ألـمَّ اليـك لـم تحفِل بـه * * * فتـرى لـه أسَفـاً ودمعـاً يسكـبُ
دعْ عنك ما قد فات في زمن الصِّبا * * * واذكرْ ذنوبَك وابكِهـا يـا مـذْنـبُ

واذكر مناقشـة الحسـاب فإنـه * * * لا بد يُحصـى مـا جنيـتَ و يُكتـبُ
لـم ينْسَـه الملكان حيـن نسيتَـه * * * بـل اثبتـاه وأنــت لاهٍ تلـعـبُ
والـروح فيـك وديعـة أُودِعْتَهـا * * * سترُدُّهـا بـالرغـم منـك وتُسلـبُ
وغرور دنياك التـي تسعـى لهـا * * * دارٌ حقيقتـهـا مـتـاعٌ يـذهــبُ
والليـل فاعلـم والنهـار كلاهمـا * * * أنفاسُنـا فيهـا تُـعـدُّ وتُحـسـبُ
وجميـع مـا حصَّلتـه وجمعـتَـه * * * حقـاً يقينـاً بعـد موتـك ُينـهـبُ
تبَّـاً لــدار لا يــدوم نعيمُـهـا * * * ومشيدُهـا عمٌـا قليـلٍ يَـخْـرَبُ

فاسمـعْ هُديـتَ نصائحـاً أَولاكهـا * * * بَــرٌّ لبـيـبٌ عـاقـلٌ مـتـأدِّبُ
أهـدي النصيحـةَ فاتٌعـظ بمقـالـه * * * فهـو التـقـيُّ اللـوذعـيُّ الأدربُ
صحـبَ الزمـانَ وأهلـه مستبصـراً * * * ورأى الأمورَ بمـا تـؤوبُ وتعقُـبُ
لا تأمـنِ الدهـرَ الصَّـروفَ فإنه * * * لا زال قِدْمـاً للرجـال يهـذِّبُ
وعواقبُ الأيـام في غُصَّاتهـا * * * مَضَضٌ يذلُّ لهـا الأعـزُّ الأنجبُ
فعليـك تقـوى الله فالزمهـا تفـزْ * * * إن التقـيَّ هـو البَهـيُّ الأهـيـبُ

واعملْ بطاعته تنـلْ منـه الرِّضـا * * * إن المطـيـعَ لـربِّـه لـمـقـرَّبُ
واقنع ففـي بعـض القناعـة راحـةٌ * * * واليأس ممـا فـات فهـو المطلـبُ
فـإذا طمِعتَ كُسيتَ ثـوبَ مذلـةٍ * * * فبذا اكتسى ثـوبَ المذلةِ أشعَـبُ

وتوقَّ مـن غـدْر النسـاء خيانـة * * * فجميعُهـن مكائـدٌ لــك ُتنـصَـبُ 
لا تأمـنِ الأنثـى حيـاتَـك إنـهـا * * * كالأفعـوان يُـراع منهـا الأنْـيـبُ 
لا تأمـن الأنـثـى زمـانَـك كـلَّـه * * * يومـاً ولـو حلفـت يمينـاً تكـذبُ 
تُغْـري بليـن حديثِهـا وكلامِهـا * * * فإذا سطَتْ فهي الصقيلُ الأشطـبُ

واجـه عـدوَّك بالتحيـةِ لا تكـنْ * * * منـهُ زمـانَـك خائـفـاً تتـرقَّـبُ
واحـذرْه إن لاقيتَـه متبسِّمـاً * * * فالليـث يبـدو نابُـه إذ يغْـضـبُ
إن الحقـود وإن تقـادمَ عـهـدُه * * * فالحقـد بـاقٍ في الصـدور مغـيَّـبُ

وإذا الصديق لقيتَـه متلوِّنـاً * * * فهـو العـدوُّ وحـقُّـه يُتَجـنَّـبُ 
لا خيـرَ فـي ودِّ امـرىءٍ مـتملِّـقٍ * * * حلْـوِ اللسـانِ و قلـبُـه يتلـهَّـبُ 
يلقـاك يحلـفُ أنّـه بـك واثــقٌ * * * وإذا تـوارى عنـك فهـو العقْـربُ 
يعطيك من طـرَفِ اللسـان حـلاوةً * * * ويـروغ منك كمـا يـروغ الثعلـبُ 

وصِلِ الكرامَ ولو رمـوك بجفـوةٍ * * * فالصفْـحُ عنهـم والتجـاوزُ أصوبُ 
واختر قرينَـك واصطفيـه مواتيـاً * * * إن القـريـن إلـى المقـارن يُنسـبُ

إنَّ الغنـيَّ مـن الـرجـال مـكـرَّم * * * وتـراهُ يُـرجـى ما لديـه ويرهـبُ
ويُبـَشُّ بالترحيـب عنـد قدومـه * * * ويُقـام عنـد سـلامـه ويُـقـرَّبُ
والفقـرُ شيـنٌ للـرجـال وإنّـه * * * يُـزرى به الشهـمُ الأديـبُ الأنسـبُ 
واخفضْ جناحَـك للأقـارب كلِّهـم * * * بتـذلُّـلٍ واغفـرْ لهـم إنْ أذنبـوا 

ودعِ الكذوبَ فلا يكـنْ لـك صاحبـاً * * * إن الكـذوبَ لبئـس خـلاً يُصحـبُ 
وذر الحسودَ ولو صفـا لـك مـرةً * * * أبعـدْه عـن رؤيـاك لا يُستجلـبُ 

وزن الكـلام إذا نطقـتَ ولا تكـنْ * * * ثرثـارةً فـي كـل نـادٍ تخـطُـبُ 
وأحفظْ لسانَك واحترِزْ مـن لفظـه * * * فالمـرْءُ يسلَـمُ باللسـان ويعطـبُ 
والسـرَّ فاكتمْـهُ ولا تنطِـقْ بـه * * * فهـو الأسيـر لديـك إذ لا ينْشـبُ 

واحرِصْ على حفظِ القلوبِ من الأذى* * *فرجوعُهـا بعـد التنافـر يصْـعـبُ
إنَّ القـلـوبَ إذا تنـافـرَ ودُّهــا * * * شبْـه الزجاجـة كَسْرُهـا لا يُشْعـبُ 
وكذاك سـرُّ المـرْءِ إنْ لـم يطْـوِه * * * نشرتْـه ألسنـةٌ تـزيـدُ وتـكْـذِبُ 

لا تحرصنْ فالحـرص ليـس بزائـدٍ* * *في الرزق بل يشقي الحريصَ ويُتعِبُ
ويظـل ملهوفـاً يــروم تحـيـلاً * * * والـرزق ليـس بحيلـة يستجلـبُ
كم عاجزٍ في النـاس يؤتـى رزقُـه * * * رغَـدا ً ويُحـرَمْ كَيِّـسٌ ويخـيَّـبُ
أدِّ الأمانـة ، والخيانـةَ فاجتنـبْ * * * واعـدِلْ ولا تظلِمْ يطيـبُ المكسَـبُ

وإذا بليتَ بنكبـةٍ فاصبرْ لهـا * * * مـن ذا رأيـتَ مسلَّمـاً لا ينـكـبُ
وإذا أصابـك فـي زمانـك شـدةٌ * * * وأصابك الخطْـبُ الكريـهُ الأصْعـبُ
فالجأ لربِّـك إنـه أدنـى لـمـن * * * يدعوه مـن حبْـل الوريـد وأقـربُ 

كنْ ما استطعتَ عن الأنـام بمعزِلٍ * * * إن الكثيـرَ مـن الورى لا يُصحـبُ 
واجعلْ جليسَك سيـِّداً تحظـى بـه * * * حبـرٌ لبـيـبٌ عـاقـلٌ مـتـأدبُ 
واحـذرْ مـصاحبـةَ اللئيـم فإنهـا * * * تُعـدي كما يُعْدي الصحيحَ الأجربُ 
واحذرْ من المظلـوم سهمـاً صائبـاً * * * واعلـم بـأن دعـاءَه لا يُحـجَـبُ 
وإذا رأيـتَ الـرزقَ ضـاقَ ببلـدةٍ * * * وخشيتَ فيها أن يضيـْقَ المكسَـبُ 
فارْحـلْ فـأرضُ الله واسعـةٌ الفضـا * * * طولاً وعرضاً شرقُهـا والمغـرِبُ 

فقلد نصحتُـك إنْ قبلـتَ نصيحتـي * * * فالنُّصْحُ أغلى مـا يُبـاع ويوهـبُ 
خذْهـا إليـك قصـيـدةً منظـومـةً * * * جاءتْ كنظْم الدُّرِّ بـلْ هـي أعجَـبُ 
حِـكَـم وآدابٌ وجــلُّ مـواعـظٍ * * * أمثالُهـا لـذوي البصائـر تُكـتَـبُ 

فاصـغي لوعـظ قصيـدة أَولاكـهـا * * * طـودُ العلـوم الشامخـاتِ الأهيـبُ 
أعنـي عليـاً وابـنَ عـمِّ محمـدٍّ * * * من ناله الشـرَفُ الرفيـعُ الأنسـبُ
يـا ربِّ صـلِّ علـى النبـيِّ وآلـه * * * عددَ الخلائـقِ حصْرُهـا لا يُحسَـبُ 

ليست هناك تعليقات: