الثلاثاء، 16 سبتمبر 2025

‏خمس يعرفن بخمس :١- الشجرة تعرف من ثمارها٢- والمرأة عند إفتقار زوجها٣- والصديق عند الشدة٤- والمؤمن عند الإبتلاء٥- والكريم عند الحاجةخمس يرفعن خمس :١- التواضع يرفع العلماء٢- والمال يرفع اللئام٣- والصمت يرفع الزلل٤- والحياء يرفع الخلق٥- والهزل يرفع الكلفةوخمس يأتين بخمس :١- الإستغفار يأتي بالرزق٢- وغض البصر يأتي بالفراسة٣- والحياء يأتي بالخير٤- ولين الكلام يأتي بالمسألة٥- والغضب يأتي بالندموخمس يصرفن خمس :١- لين الكلام يصرف الغضب٢- والإستعاذة بالله تصرف الشيطان٣- والتأني يصرف الندامة٤- وإمساك اللسان يصرف الخطأ٥- والدعاء يصرف شر القدرخمس قربهن سعادة :١- الإبن البار٢- والزوجة الصالحه٣- والصديق الوفي٤- والجار المؤمن٥- والعالم الفقيهوخمس يطبن بخمس :١- الصحة برغد العيش٢- والسفر بحسن الصحبة٣- والجمال بحسن الخلق٤- والنوم براحة البال٥- والليل بذكر اللهعلى قدر الهدف يكون الانطلاق ففي :طلب الرزق قال : فامشوا وللصلاة قال : فاسعوا وللجنة قال : وسارعوا وأما إليه سبحانه فقال : ففروا إلى الله

الاثنين، 15 سبتمبر 2025

توحيد الله

إن الهداية منحة إلهية، يهبها الله لمن يشاء، فهي ليست أمنية يتمناها العبد، وينتظرها حتى تأتيه، بل هي إقبال على الطاعات، وابتعاد عن المعاصي والمنكرات، والمسارعة بالتوبة والأوبة والخضوع والانقياد، والقبول والاستسلام. المسارعة إلى الله قبل الندمالحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.أيها الإخوة في الله! يقول الله عز وجل: وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ [السجدة:13] ويقول عز وجل: وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ [يونس:99] ويقول عز وجل: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [القصص:56].اتصل بي شابٌ مؤمنٌ هداه الله ووفقه إلى الصراط المستقيم، وقال لي: إنه دعا أحد إخوانه في الله إلى الإيمان، وإلى الهداية والالتزام، فتعلل بهذه التعللات، واستشهد بهذه الآيات، وقال: إن الله لم يهده. فيقول لي الأخ: كيف أصنع به؟ وبماذا أجيب عليه؟الإجابة على مثل هذا الذي يقول: إذا هداني الله اهتديت .. لو أن الله هداني لكنت مثلك أو أحسن منك؛ لكن لم يهدني الله إلى الآن.الجواب جاء في القرآن الكريم -وكأنه يعالج مثل هذه المشكلة، ويجيب على هذا التساؤل- في آخر سورة الزمر، يقول عز وجل: وَاتَّبِعُوا هذا أمر لكم أيها المكلفون أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ [الزمر:55] وأحسن ما أنزل هو كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم مِنْ قَبْلِ أي: فليس هناك مجال للتأخير أبداً، إن من يماطل أو يؤجل التوبة، لحظة واحدة خاسر؛ لأن التأجيل ليس من صالحه، التأجيل يعرضك لقضيتين خطيرتين: إما مفاجأتك بالقضاء والقدر على غير موعد، فتخسر خسارة كبيرة، وتندم ندامة لا تعوض، ولا تقوم لها الدنيا كلها، وإذا سلمت من الموت ولم تتب؛ فإنك تخسر خلال فترة التأجيل وقتاً ذهبياً من عمرك كان بإمكانك أن تستغله، وأن تملأه بالعمل الصالح، فالذي يماطل بالتوبة خاسر على الجانبين، ماذا يكسب عندما يظل بدون توبة؟ يكسب نوماً كثيراً، وأكلاً كثيراً، وشهوات كثيرة، ودنيا؟!!لا. بل إنه يخسر كل شيء، يقول الله عز وجل: وَمَاذَا عَلَيْهِمْ يعني: ماذا يضرهم لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيماً [النساء:39] يعني: ماذا ينقصهم ويضرهم لو أنهم ساروا على الخط الصحيح، والتزموا الإيمان بالله وباليوم الآخر، والإنفاق في سبيل الله .. ما الذي يضرهم؟! لا شيء، بل لهم لا عليهم، فالإنسان لا ينبغي له أن يؤجل التوبة وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ [الزمر:55] يعني: الموت، وسماه الله عذاباً لأنهم في دائرة العذاب .. الموت للكافر والفاجر والعاصي هو الانتقال من العذاب الأدنى إلى العذاب الأكبر، الذي قال الله فيه: وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [السجدة:21] فالعذاب الأدنى ما يناله الفاجر والعاصي من شقاء وضلال وقلق في هذه الدار، فإذا مات قال الله تعالى: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ [الزمر:54] من يستطيع أن ينصرك في تلك اللحظات؟ إذا مت ولقيت الله أيها العبد! ووجهك أسود، وصحفك سوداء، وعملك سيئ .. فمن ينصرك؟! هل المال ينصر في تلك اللحظات؟! الولد ينصر؟! هل المنصب والجاه، والملك والإدارة، والوزارة والإمارة؛ تنصر؟! لا. لا ناصر أبداً إلا الله.والله تعالى لا ينصر الكافر؛ لأنه قال: وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ [الروم:47] نصرهم في الدنيا والآخرة، أما الفجرة فلا ينصرهم الله، بل يخذلهم ويتخلى عنهم أحوج ما يكونون إليه.الدعوة إلى الإنابة والرجوع إلى الله تعالىوَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ [الزمر:54] (وأنيبوا) أي: ارجعوا، والإنابة هي: سرعة التوبة، ليس تائباً فقط، بل منيباً مهرولاً إلى الله، مسرعاً لا يلوي على شيء، اتجاهه وعزمه وتصميمه في سيره إلى الله، في كل لحظة يتوب، يقول عليه الصلاة والسلام: (إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم مائة مرة) ويحسب له في المجلس الواحد الاستغفار سبعين مرة وهو الذي قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال الله تعالى: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً [الفتح:2] وكان في كل أوقاته يردد: أستغفر الله العظيم وأتوب إليه، كان رجوعاً أواباً.وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ [ق:31-32] يعني: الجنة لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ [ق:32] أواب يعني: رجاع، حفيظ: محافظ على طاعة الله، حريص عليها، يضن بها أعظم من ضنه بالدرهم والدينار مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ [ق:33-34] نسأل الله من فضله، وهذا هو الشرف والفضل يا أخي!إذا مت ورأيت في بيتك ملائكة الجنة معها كفن من الجنة، وجاءك ملك الموت، وقال لك: يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً [الفجر:27-28] والله لا تحزن على شيء، تحزن على ماذا؟ على الزوجة؟ تحزن على واحدة والله سيعطيك في الجنة سبعين زوجة، الواحدة منهن خيرٌ من الدنيا وما عليها؟ والله ما عاد تذكر واحدة في هذه الدنيا إلا إن كانت صالحة، ويجعلها ربي معك في الجنة.أتحزن على عمارة أو بيت والله سيعطيك قصوراً في الجنة من در مجوف، طول القصر ستين ميلاً في السماء؟ أتحزن على مزرعتك والله يعطيك مزرعة في الجنة، الغصن الواحد من شجرة الجنة مائة عام يقطعها بصرك، وأنت جالس تبصرها على مسافة مائة عام؟!تصوير المعرضين عن التوبة وتحسرهم بعد الموتلِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ [ق:32-33] منيب: خاشع خاضع لله، يبكي من خشية الله .. لا يتعاظم على الله .. لا يتعالى على أوامر الله، إنما يرتعد، يخاف، يوجل، يشفق، كأن النار ما خلقت إلا له، يتصور أن الناس كلهم ناجون وأنه هو الخاسر، ويتصور أن الناس كلهم صالحون وأنه هو الفاسق، ويتصور أن الناس كلهم سيدخلون الجنة وأنه في النار، ولهذا في قلبه مثل النار.لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ [ق:32-33] هذه صفات أهل الإيمان أربع صفات: ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ [ق:34-35].يقول الله عز وجل: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ [الزمر:53-55].مسرع بالسيارة، وفجأة بنشرت العجلة، ليس عندك حساب أو تخطيطات للموت، كل حساباتك للدنيا، كثير من الناس يموت وفي باله كل شيء إلا الموت، في باله الوظيفة، والزوجة، والعَشاء، والأولاد، ولكن أن يأتيه الموت بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ [الزمر:55] من غير أن تتصوروا أو تعقلوا.أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ [الزمر:56] أي: لئلا تقول نفسٌ، وهنا نفس نكرة، أن تقول أي نفس عند الموت يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ [الزمر:56] يتمنى ويتحسر ويتندم على ما فرط في جنب الله، ما الذي فرط فيه في جنب الله؟ إما بارتكاب معصية، أو بترك طاعة.(يا حسرتى) هل يريد أحدنا يا إخواني! أن يقول هذه الكلمة عند الموت؟ والله ليس هناك عقل عند الإنسان الذي يعيا إلا على المعاصي والذنوب، ونقول له: يا أخي! اتقِ الله لا تزنِ، لا ترابِ، لا تترك فريضة، لا تعق والديك، لا تقطع رحمك، يقول: لا. يعني: فهل تستمر حتى تموت؟ وبعد ذلك تأتيك التحسرات وتقول: (يا حسرتى) هل تنفعك هذه التحسرات؟ هل تغني عنك وتنفعك هذه الأشياء؟ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ [الزمر:57-58] إذا رأيت النار ومنزلها لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً [الزمر:58] يطلب فرصة ثانية، يطلب إمهالاً لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً [الزمر:58] يعني: رجعة إلى الدنيا فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ [الزمر:58] أرجع فأعمل عملاً صحيحاً، اعمل الآن إن كنت صادقاً، هب أنك مت، وأنك دخلت القبر، وأنك رأيت مصيرك وقلت: ردني يا رب، فالآن .. ردك ربي، لا زلت حياً!وبعد ذلك قال: أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي [الزمر:57] هذا الشاهد من الآيات، مثل الذي يقول له: يا أخي! اتقِ الله، قال: لو أن الله هداني لكنت مثلك، هذا العذر يقوله الآن ويقوله إذا مات، يقول هذه الكلمة: يا رب! لو أنك هديتني لكنت مع الناس: لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ [الزمر:57] قال الله عز وجل جواباً على هذا المكابر: بَلَى يا كذاب بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي [الزمر:59] أي: قد هديتك، قال المفسرون: معنى: (جاءتك آياتي) أي: هديتك إليها بآياتي. حقيقة الهداية ومعناها الأسئلة نسخة نصية للطباعة , لو أن الله هداني للشيخ : سعيد بن مسفرمكتبتك الصوتية

قال العلماء: التوبة واجبة مِنْ كل ذنب، فإن كانت المعصية بين العبد وبين اللَّه تعالى لا تتعلق بحق آدمي فلها ثلاثة شروط: أحدها: أن يقلع عَنْ المعصية. والثاني: أن يندم عَلَى فعلها. والثالث: أن يعزم أن لا يعود إليها أبدا؛ فإن فقد أحد الثلاثة لم تصح توبته. وإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فشروطها أربعة: هذه الثلاثة وأن يبرأ مِنْ حق صاحبها. فإن كانت مالا أو نحوه رده إليه، وإن كان حدَّ قذفٍ ونحوه مَكَّنَه مِنْه أو طلب عفوه، وإن كانت غيبة استحله مِنْها.

غرباء القرن الواحد والعشرين بندر بن عبدالله الثبيتي حينما تتأمل في حال العالم اليوم وترى الانغماس الذي تعيشه البشرية في الرذائل والقبائح، وترى أهل الفساد يمكرون ويُخرجون الناس عن فطرتهم، وتجد نفسك محاطة بأهل البدع والأهواء وأهل الفسوق والمجون فلا يكاد يمر يومك دونما تقرأ أو تسمع لهم، حينما تجد أن دينك مهدد من كل جهة فإن جئت للشهوات فهي تجاذبك يمنة ويسرة وإن جئت للشبهات فهي السائدة والرائجة تستقطب كلّ يومٍ العديد من المنخدعين، وتجد قلبك فزعاً قلقاً من أن يحول الله بينك وبينه في ظل هذه المغريات والتحديات حينها لا بد أن تبحث عن الزاد في الطريق ولابد للسلوان والبشرى أن تأتيك. وهذا لن يكون إلا بتدبر كلامه سبحانه وتعالى الذي جاء ليثبت به فؤاد من هو خيرٌ منا فكيف بنا ونحن الضعفاء، غرباء القرن الواحد والعشرين هم امتداد لغرباء سابقين يجمعهم رابط واحد وصفة لازمة ألا وهي (إصلاح الفساد)، لقد جاء القرآن بذكرهم ووصفهم ليحتذي السائر نحو الله به ويتسلى بمضمونه، يقول الله عز وجل فيهم ﴿ فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ ﴾ [هود: 116] فهؤلاء هم غرباء كلّ قرن، وهم الشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود، لقد كانت أوضح صفة لهؤلاء الغرباء هي (نهيهم عن الفساد) نهيهم عن المعاصي والمنكرات، وقد جاءت السنة الكريمة بتفسير هذا المعنى تفسيراً واضحاً فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم (بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء؟ قيل ومن الغرباء يا رسول الله؟ قال الذين يصلحون إذا فسد الناس) قال ابن رجب: "وهؤلاء الغرباء قسمان:أحدهما: من يصلح نفسه عند فساد الناس.والثاني: من يُصلح ما أفسد الناس، وهو أعلى القسمين وأفضلهما"، ولذا جعل الله هؤلاء الغرباء هم خير هذه الأمة إلى قيام الساعة ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾ [آل عمران: 110] ولا شك ولا ريب بأن مجمل صفاتهم كما ذكرها الله في كتابه أو بينها لنا رسولنا في سنته تدل على أنهم أهل غيرة واصلاح ليسوا يائسين قانطين من حال مجتمعاتهم، صالحون مصلحون يحيون سنة نبيهم محمد عليه الصلاة والسلام، لا يجزعون من ذلهم في الدنيا، ولا يتنافسون في عزها، الناس من حولهم في حال وهم على حال، الناس في راحة وغفلة، وهم في نصبٍ يسارعون للتغيير وينادون للمعروف ويحاربون المنكر، ولو كان معروفاً بين الناس، يغارون على محارم الله أن تنتهك غيرة محمودة، يناصحون ولا يفضحون، لا يرجون ديناراً ولا قطميراً، هم الغرباء المنتسبون لله ولرسوله وليسوا إلى طائفة أو حزب أو مذهب، تراهم أفراداً في كل مجتمع، غرباء في ديارهم وأوطانهم، مستوحشين بين قبائلهم وعشائرهم، قام سوقهم وصاروا صفوة الناس الذين اختارهم الله لما جاؤوا به من مخالفة أهوائهم ولذاتهم ولما صدعوا به من الحق لأجله سبحانه وتعالى، فكانت المزية العظمى أن ينالهم أجر خمسين من صحابة رسول الله أجراً غير منقوص وفضل الله يؤتيه من يشاء، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامًا الصَّبْرُ فِيهِنَّ مِثْلُ الْقَبْضِ عَلَى الْجَمْرِ لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِكُمْ" قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنَّا أَوْ مِنْهُمْ قَالَ: بَلْ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ). فيا معاشر الغرباء:إنّها أيامٌ قليلة ويدنو الأجل ويؤذن بالرحيل، فلا يأتي هذا الموعد وقد تخلف أحدكم عن القوم، الحذر الحذر من فتنة الشبهات التي تتزين في صورة التسامح والتعايش، إياكم ثم إياكم أن تنخدعوا بانفتاح الدنيا بزخرفها على الناس التي جعلت الفواحش والشهوات في متناول اليد فهي لا تساوي منكم تنازلاً عن شرف ما اختاركم الله له، واحذروا أن تصابوا باليأس والقنوط من غلبة أهل الباطل، وتصفيق الجماهير لأهل المجون والفسوق، فطول المدة يصنع الرجال ويمحص المخابر ونصر الله بعد ذلك لقريب، ولكم نصيحة من الإمام الآجري رحمه الله حري بنا أن نرعي لها الأسماع والقلوب. يقول رحمه الله في كتابه صفة الغرباء:(من أحب أن يبلغ مراتب الغرباء فليصبر على جفاء أبويه وزوجته وإخوانه وقرابته. فإن قال قائل: فلم يجفوني وأنا لهم حبيب وغمهم لفقدي إياهم إياي شديد؟ قيل: لأنك خالفتهم على ما هم عليه من حبهم الدنيا وشدة حرصهم عليها، ولتمكن الشهوات من قلوبهم ما يبالون ما نقص من دينك ودينهم إذا سلمت لهم بك دنياهم، فإن تابعتهم على ذلك كنت الحبيب القريب، وإن خالفتهم وسلكت طريق أهل الآخرة باستعمالك الحق جفا عليهم أمرك، فالأبوان متبرمان بفعالك، والزوجة بك متضجرة فهي تحب فراقك، والإخوان والقرابة قد زهدوا في لقائك. فأنت بينهم مكروب محزون، فحينئذ نظرت إلى نفسك بعين الغربة فأنست بمن شاكلك من الغرباء، واستوحشت من الإخوان والأقرباء، فسلكت الطريق إلى الله الكريم وحدك، فإن صبرت على خشونة الطريق أياماً يسيرة واحتملت الذل والمداراة مدة قصيرة، وزهدت في هذه الدار الحقيرة أعقبك الصبر أن ورد بك إلى دار العافية، أرضها طيبة ورياضها خضرة، وأشجارها مثمرة، وأنهارها عذبة). اللهم اجعلنا من غربائك في دنياك، وارزقنا أجر خمسين من صحابة حبيبك ومولاك، ولا تفتنا في ديننا، وثبتنا عليه حتى نلقاك. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الأحد، 10 أغسطس 2025

غرقى فمن ينقذهم



غرقى فمن ينقذهم ؟!


عبد الله بن راضي المعيدي الشمري

 
الحمد لله غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب، أحمده سبحانه وأشكره وأسأله المزيد من فضله وكرمه، عليه توكلت وإليه متاب. وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المختار من أشرف الأنساب، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى الآل والأصحاب، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ..
أما بعد:
إن تقوى الله سبحانه حمت أولياءَ الله محارمَه، وألزمت قلوبهم مخافتَه، استقربوا الأجل فبادروا العمل، وكذّبوا الأمل فلاحظوا الأجل.
أيها المؤمنون، يحيط بابن آدم أعداء كثير، من شياطين الإنس والجن، يحسنون القبيح، ويقبحون الحسن، ينضم إليهم النفس الأمارة بالسوء، والشيطان، والهوى، يدعونه إلى الشهوات، ويقودونه إلى مهاوي الردى. ينحدر في موبقات الذنوب صغائرها وكبائرها، ينساق في مغريات الحياة، وداعيات الهوى، يصاحب ذلك ضيق وحرج وشعور بالذنب والخطيئة فيوشك أن تنغلق أمامه أبواب الأمل، ويدخل في دائرة اليأس من روح الله والقنوط من رحمة الله .. وهذه ايه الاحبة حال كثير من الناس اليوم الامن رحم الله .. اليوم صار كثير من يعش في هم .. يعيش في ضيق .. غريق في امواج الفتن .. والفتن كما يقول ابن القيم فتن شبهات وفتن شهوات .. وأنا أقصد هنا فتن الشهوات .. ارأيتم ايه الأحبة امواج البحر .. موجة تعلوها موجة ..كيف تكون حال من يعيش وسط تلك الامواج ؟؟ وبكثيرمن الناس اليوم خاصه من الشباب صار اليوم غريق في هذه الفتن .... صارت هذه الفتن تعصف به عصفاً .. بل هناك من غرق فيها .. نعم هناك غرقى في هذه الفتن .. وصار صريعا لها .. غرقى وهم لا يشعرون .. غرقى فمن ينقذهم ؟!
لقد غرق اليوم كثيرٌ من الناس بأمواج الفتن .. واصبحت تتلاعب بهم هذه الأمواج .. فمن اغنية ماجنة .. إلى مجلة خالعة .. ومن امرأة فاتنة .. إلى تمثيلية هابطة .. مجون وخلاعة .. وضياع وانحلال .. فلا إله إلا الله اين المخرج وماهو السبيل ..
ومن هنا ايه الأحبة جاءت هذه المحاضرة .. لنبحر واياكم عبرها إلى بر الأمان .. ونخرج بإذن الله من امواج بحور الشهوات .. إلى شواطئ الرحمات ..
نعم إلى شواطئ ولكنها ليست شواطئ البحار الماجنة .. ولا تلك الشواطئ التي عرفت بالمجون والإنحلال .. فلا ترى فيها إلا امرأ ة متبرجة سافرة .. وأغاني محرمة .. ومناظر منكرة .. وترى فيها جرأة على الله وممارسة فلا حول ولا قوة إلا بالله .. ووالله ايه الإخوة ..
نعم ايه الأخوة .. نبحر وأياكم إلى شواطئ ... من وصلها وجد السعادة .. والطمأنينة ..وجد الراحة .. وجد الحياة الطيبة .. والعيشة الهنية .. انها شواطي الباكين .. شواطي التائيبن .. شواطي العائدين .. المنيبين .. النادمين .. فلااله الاالله .. مااحل تلك الشواطي .. والذ تلك اللحظات التي يخرج فيها العبد من امواج الشهوات .. الى شاوطي الطاعات .. مااجمل ايه الاحبة بكاء المذنبين .. وآنين العابدين .. ودموع التائيبن .. كيف والله يفرح بتوبتهم .. ويغفر زلتهم .. ويجبر كسرهم .. نسأل الله ان يغفر ذنوبنا ... حديث الفرح .. والسبي ..
ايه الاحبة مالذ الرجوع الى الله .. قصة ابو مشهور.....

حاجتنا للتوبة .. نحن ايه الإخوة بحاجة الى التوبة .. الجميع بحاجة للتوبة ..
الآية .... كلام ابن القيم ..
ومنزل التوبة أول المنازل وأوسطها وآخرها فلا يفارقه العبد السالك ولا يزال فيه إلى الممات وإن ارتحل إلى منزل آخر ارتحل به واستصحبه معه ونزل به فالتوبة هي بداية العبد ونهايته وحاجته إليها في النهاية ضرورية كما أن حاجته إليها في البداية كذلك وقد قال الله تعالى وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون وهذه الآية في سورة مدنية خاطب الله بها أهل الإيمان وخيار خلقه أن يتوبوا إليه بعد إيمانهم وصبرهم وهجرتهم وجهادهم ... ثم علق الفلاح بالتوبة تعليق المسبب بسببه وأتى بأداة لعل المشعرة بالترجي إيذانا بأنكم إذا تبتم كنتم على رجاء الفلاح فلا يرجو الفلاح إلا التائبون جعلنا الله منهم ...
قال تعالى ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون قسم العباد إلى تائب وظالم وما ثم قسم ثالث ألبتة وأوقع اسم الظالم على من لم يتب ولا أظلم منه لجهله بربه وبحقه وبعيب نفسه وآفات أعماله ..
وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال يا أيها الناس توبوا إلى الله فوالله إني لأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة ...
وكان أصحابه يعدون له في المجلس الواحد قبل أن يقوم 100

إن المرء مهما بلغ من الإيمان والصلاح والتقوى فإن ذلك لن ينقله أبداً إلى درجة العصمة وعدم مواقعة الذنوب ... ليس العيب والخطأ أن نذنب ايه الإخوة ..
تأمل !! حين حضرت أبا أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- الوفاة قال: كنت كتمت عنكم شيئاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لولا أنكم تذنبون لخلق الله خلقاً يذنبون يغفر لهم»(رواه مسلم).
جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال: " إذا أذنب عبد فقال: رب إني عملت ذنباً فاغفر لي فقال الله: علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، قد غفرت لعبدي، ثم أذنب ذنبا آخر فذكر مثل الأول مرتين أخريين حتى قال في الرابعة: فليعمل ما شاء " .. يعني مادام على هذه الحال كلما أذنب ذنباً استغفر منه غير مُصر...
لذا فقد كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهم القدوة في الإيمان والتقوى والصلاح .....
ومع أنهم بلغوا هذه الدرجة ...!!! كانوا كما بلغوا الغاية في التوقِّي من الذنوب واجتنابها، من التوابين المطهرين .. كانو يتمثلون قوله تعالى ((إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين)) ..ومن مواقفهم في المبادرة للتوبة .. هذه القصة العجيبة ..
جلس الرسول صلى الله عليه وسلم يوماَ في المسجد .. وأصحابه حوله .. جلس كالقمر وسط النجوم في ظلام الليل .. يُعلّمهم ..يُؤدبهم ..يزكيهم ..
اكتمل المجلس بكبار الصحابة ..وسادات الأنصار.. وبالأولياء .. والعلماء ..
وإذا بامرأة متحجبة تدخل باب المسجد .. فسكت عليه الصلاة والسلام، وسكت أصحابه .. وأقبلت رُويداً .. تمشي وجلاً وخشية .. رمت بكل مقاييس البشر وموازينهم .. تناست العار والفضيحة .. لم تخشى الناس .. أو عيون الناس .. وماذا يقول الناس .. أقبلت تطلب !!! الموت .... نعم تطلب الموت .. فالموت يهون إن كان معه المغفرة والصفح .. يهون إن كان بعده الرضا والقبول .. حتى وصلت إليه عليه الصلاة والسلام .. ثم وقفت أمامه .. وأخبرته أنها زنت !!! وقالت: (يا رسول الله أصبت حدًا فطهرني) ..
ماذا فعل الرسول صلى الله عليه وسلم ؟! ؟! ا، احمرّ وجهه حتى كاد يقطر دماً .. ثم حوّل وجهه إلى الميمنة .. وسكت كأنه لم يسمع شيئاً ..
حاول الرسول صلى الله عليه وسلم أن ترجع المرأة عن كلامها .. ولكنها امرأة مجيدة .. امرأة بارّة .. امرأة رسخ الإيمان في قلبها وفي جسمها .. حتى جرى في كل ذرة من ذرات هذا الجسد. .. فقالت واسمع ماذا قالت .. قالت : أُراك يا رسول الله تريد أن تردني كما رددت ماعز بن مالك (تعليق ).. فوا الله إني حبلى من الزنا ..!! فقال: ((اذهبي حتى تضعيه))
ويمر الشهر تلو الشهر .. والآلام تلد الآلام .. حملت طفلها تسعة أشهر.. ثم وضعته .. وفي أول يوم أتت به وقد لفَّته في خرقة .. وقالت: يا رسول الله .. طهرني من الزنا .. ها أنا ذا وضعته فطهرني يا رسول الله .. فنظر إلى طفلها .. وقلبه يتفطر عليه ألمًا وحزنًا .. لأنه كان يعيش الرحمة للعصاة ، والرحمة للطيور، والرحمة للحيوان .. قال بعض أهل العلم: بل هو صلى الله عليه وسلم رحمة حتى للكافر، قال الله: وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين
من يُرضع الطفل إذا قتلها ؟!! من يقوم بشئونه إذا أقام عليها الحد ؟!! فقال: ارجعي وأرضعيه فإذا فَطَمْتيه فعودي إليّ .. فذهبت إلى بيت أهلها .. فأرضعت طفلها .. وما يزداد الإيمان في قلبها إلا رسوًّا كرسوِّ الجبال ..
وتدور السنة تعقبها سنة .. وتأتي به في يده خبزة يأكلها .. يا رسول الله قد فطمته فطهرني .. عجبًا لها ولحالها .!! أي إيمانٍ هذا الذي تحمله .. ما هذا الإصرار والعزم .. ثلاث سنين تزيد أو تنقص .. والأيام تتعاقب .. والشهور تتوالى .. وفي كل لحظة لها مع الألم قصة .. وفي عالم المواجع رواية ..
ثم أتت بالطفل بعد أن فطمته، وفي يده كسرة خبز ..وذهبت إلى الرسول عليه الصلاة والسلام قالت: طهرني يا رسول الله .. فأخذ – صلى الله عليه وسلم – طفلها وكأنه سلَّ قلبها من بين جنبيها .. لكنه أمْر الله .. العدالة السماوية .. الحق الذي تستقيم به الحياة ..
قال عليه الصلاة والسلام : " من يكفل هذا وهو رفيقي في الجنة كهاتين ".
ويؤمر بها فتدفن إلى صدرها ثم ترجم .. فيطيش دم من رأسها على خالد بن الوليد .. فسبها على مسمع من النبي , فقال عليه الصلاة والسلام : مهلا يا خالد " والله لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لقبلت منه " .. وفي رواية أن النبي – صلى الله عليه وسلم – " أمر بها فَرُجمت، ثم صلّى عليها، فقال له عمر – رضي الله عنه -: تُصلي عليها يا نبي الله وقد زنت!! فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: لقد تابت توبة، لو قُسّمت بين سبعين من أهل المدينة لوسِعَتْهُم، وهل وجدتَ توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله تعالى" !!..

وهنا يأتي السوال ؟؟
إنه الخوف من الله .. إنها الخشية .. نعم أذنبت .. ولكنها قامت من ذنبها بقلبٍ يملأه الإيمان .. ونفسٍ لسعتها حرارة المعصية .. نعم أذنبت .. ولكن قام في قلبها مقام التعظيم لمن عصت .. إنها التوبة ياعبدالله ..نعم إنها التوبة ياعبدالله .. لنحرص على التوبة .. لانه ياخوان العبد من لم يتب .. فهناك أمران لابد أن يحصلان له ..
الاول : وأحوال...لماذا...لماذا أحبتنا نرى تلك الصور المحزنة والوقائع المؤلمة والأحوال المتردية ....دخان ومخدرات وأفلام ومسلسلات ، ومجلات وفضائيات ، إتصالات ومعاكسات ، سهر وسفر ، زنا ولواط ، دوران وتفحيط ، أحوال وأحوال.. ثم ما النتيجة لما يعيش المرء وسط هذه الاحوال .. اسمع معي يارعاك الله .. أيه الأحبة : إن العبد إذا عصى ربه في طاعته وأطاع شيطانه وهواه صحبته قلة التوفيق وفساد الرأي وخفاء الحق وخمول الذكر والوحشة بين العبد وربه ومنع إجابة الدعاء ومحق البركة في الرزق والعمر وقسوة القلب وسوء الخاتمة وحرمان العلم ونزول النقم وزوال النعم وهذا كله متولد من المعاصي وغيرها أكثر فإن المعاصي هي الداء الداوي والمرض العضال الذي يفسد القلوب والبلدان والأبدان وهي تكسوا الوجه سواداً وذلاً ... وتجعل القلب ضيقاً حرجاً .. يعيش الهم والغم .. بل ان بعضهم ربم فكرفي الانتحار !! من جراء ما يعيشه من هم وغم .. وحتى ايه الاحبة اكثر وضوحاً .. والكلام اقرب اللى الواقع .. وحتى لايقول البعض اننا ربما نبالغ .. فلنستمع اليه الان ماذا يقول ...

نعم ايه الاحبة هذه حال من ابتعد عن طاعة الله .. ولا يزول هذا إلا بطاعة الله والإقلاع عن معصيته .. يقول الله تعالى :[ ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى ] ويقول تعالى :[ فمن يرد الله أن يديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أنت يضله يجعل صدره ضيقاً حرجا كأنما يصّعد في السماء كذلك يجعل الرجس على الذين لا يعقلون ] يقول بعض السلف : مساكين أهل الدنيا خرجوا منها وماذاقوا أطيب ما فيها فسئل عن ذلك فقال : مرضاة الله ومحبته والشوق على لقائه وعبادته ..

الامر الثاني .. هو أن تحذر سو الخاتمة ياعبدالله ..
عند الموت يا عباد الله تكون حال الإنسان أحدى حالتين .. إما أن يكون من أهل الخير والصلاح فهذه ميتته ميته طيبه ويبشر بالعفو والغفران .. ورب راضي غير غضبان .. قال تعالى { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون } .. وأما إن كان العبد من أهل الكفر والضلال والفجور والفساد .. فهذا يبشر بالويل والعذاب { ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم اخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بنما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون } إن آخر ساعة في حياة الإنسان هي الملخص لما كانت عليه حياته كلها .. فمن كان مقيماً على طاعة الله عز وجل بدا ذلك عليه في آخر حياته ذكراً وتسبيحاً وتهليلاً وعبادة وشهادة ..
ذكر أهل السير أن أبا مريم الغساني رحمه الله كان صائما يوماً من الأيام فنزل به الموت .. واشتد به الكرب فقال له من حوله .. لو جرعت جرعة من ماء فقال بيده لا .. فلما دخل المغرب قال . .أذن ؟! قالوا نعم ففطروه وجعلوا في فمه قطرة ما .. ثم مات بعدها ...
وفي المقابل ... تأمل في حال من عصى الله كيف تكون حاله عند الموت .. وحتى نكون اقرب الى الواقع .. فدعونا نسمع ممن عايشه .. ورأه رأي عين .. هذا احد الاخوة ممن من الله عليه بالتوبة يتحدث عن تلك النهاية المحزنة فيقول ..
إن من أسباب سوء الخاتمة يا عباد الله - أن يصّر العبد على المعاصي ويالفها .. فإن الإنسان إذا ألف شيئاً مدة حياته وأحبه فعلق قلبه به فالغالب أنه يموت عليه إن لم يمت من ذلك ...
والقلب أثناء نزول للموت بالمرء لا يظهر منه إلا ما كان بداخله وما ستهواه صاحبه .. فانظريارعاك الله ما في قلبك وما تحب في الدنيا فهو خارج منه أثناء النهاية شاء ذلك صاحبه أم أبى ..
أيها الأخ المبارك : إن من اعظم ثمار التوبة بعد مغفرة الذنب .. أن العبد إذا اتجه إلى ربه بعزم صادق وتوبة نصوح موقنا برحمة ربه واجتهد في الصالحات .. دخلت الطمأنينة إلى قلبه .. وذهب عنه الهم والحزن وضيق الصدر و"الطفش " .. وانفتحت أمامه أبواب الأمل .. واستعاد الثقة بنفسه .. واستقام على الطريقة .. واستتر بستر الله .. وأسال التائبين ..
أواحذر ان تكون ممن يخدعه طول الأمل .. أو نضرة الشباب .. وزهرة النعيم .. وتوافر النعم .. فيقدم على الخطيئة .. ويسوف في التوبة، وما خدع إلا نفسه .. لا يفكر في عاقبة ..ولا يخشى سوء الخاتمة .. ولقد يجيئه أمر الله بغتة : وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيّئَـاتِ حَتَّىا إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنّى تُبْتُ الآن ... ومن الناس من إذا أحدث ذنبا سارع بالتوبة .. قد جعل من نفسه رقيبا يبادر بغسل الخطايا .. إنابة واستغفارا وعملا صالحا .. فهذا حري أن ينضم في سلك المتقين الموعودين بجنة عرضها السماوات والأرض ممن عناهم الله بقوله : واَلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَـاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ أُوْلَـئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَّغْفِرَةٌ مّن رَّبّهِمْ وَجَنَّـاتٌ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنْهَـارُ خَـالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَـامِلِين ..
فهذه حال الفريقين .. فمن أيهما تريد أن تكون أنت ؟!
" آلا بذكر الله تطمئن القلوب "
من أراد الحياة الطيبة السعيدة فعليه بالأيمان بالله والعمل الصالح .. " من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة .. واما من اعرض عن الله وحارب ربه بالمعاصي .. فلا ينتظر إلا الهم والنكد .. والقلق والتمزق .. والحيرة والفزع .. " ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا " فمع المعصية يصبح المال عذاب .. والولد فتنة .. والجاه مصيبة .. فيا من مزقه القلق .. وأضناه الهم .. وعذبه الحزن .. عليك بالاستغفار .. فانه يقشع سحب الهموم .. ويزيل غيوم الغيوم .. وهو البلسم الشافي والدواء الكافي .. الذي من عرفه وجربه وتداوى به فلن يحتاج إلى طبيب ولا إلى عيادة نفسيه .. قال بعضهم : " من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب "
فهل آن للعبد أن يرجع إلي ربه ويغتنم جوده وكرمه .. وحلمه ورحمته .. فيلجاء إلى مولاه ويستقيله من كل خطاء .. ويستغفره من كل ذنب .. ويتوب إليه من كل سيئة ؟

يامن يرى مد البعوض جناحها *** في ظلمة الليل البهيم الاليل
ويرى نياط عروقها في مخهــا *** والمخ في تلك العظام النحل
ويرى مسار الدم في أعضائها *** متنقلا من مفصل إلى مفصل
اغفر لعـــبد تاب من زلاته *** ماكان منه في الزمان الأول

ومن أراد طيب العيش .. وسعادة الحياة وراحة البال .. وقرار النفس وحسن العاقبة .. فعليه بالاستغفار .. فكل كربة تفرج بالاستغفار .. وكل هم يزول بالاستغفار .. وكل حزن يذهب بالاستغفار .. وفي حديث :
والله اعلم وصلى الله على عبده ونبيه محمد وعلى آله وصحبه ..
 

أخوكم / عبد الله بن راضي المعيدي الشمري
المدرس بالمعهد العلمي بحائل وخطيب جامع عمر بن الخطاب بحائل
والمشرف على قسم الفتاوى والاستشارات في موقع همة المسلم موقع المنتدى المسكي والمستشار في موقع المستشار