الخميس، 1 يناير 2015

صفة الزمان الذي يغلب فيه اللُّكَعُ اللئام







صفة الزمان الذي يغلب فيه اللُّكَعُ اللئام








إعداد: هشام بن فهمي العارف


 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد؛
قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
1- " يوشك (وفي رواية: إن من أشراط الساعة) أن يغلب على الدنيا (وفي رواية: لا تقوم الساعة حتى يغلب)، لكع بن لكع".[أخرجه الطحاوي في "المشكل"، وأحمد، والطبراني في "مسند الشاميين"، و "الأوسط"، وابن أبي عاصم في "الزهد"، وعبد الرزاق في "المصنف"، والعسكري في "الأمثال"، وهو في "السلسلة الصحيحة"(1505)]
وفي رواية:
2- "يوشك أن يكون (وفي رواية: لا تذهب الأيام والليالي [لا تقوم الساعة] حتى يكون) أسعد الناس [بالدنيا] لكع بن لكع".[أخرجه أحمد، والترمذي في "سننه"، والبغوي في "شرح السنة"، وأخرجه العسكري في "الأمثال"، والطبراني في "الأوسط"، و "الصغير"، وأخرجه الضياء في "المختارة"، والبيهقي في "دلائل النبوة"، وهو في "صحيح الجامع"(7431)]
وفي رواية إسنادها حسن:
3- "لا تذهب (وفي لفظ: لا تنقضي) الدنيا حتى تصير (وفي لفظ: حتى تكون عند) (وفي لفظ: حتى يملكها) لكع بن لكع)".[أخرجه أحمد، وتمام في "فوائده"، والطبراني في "الكبير"، و "الأوسط"، وابن أبي شيبة في "المصنف"، وابن أبي عاصم في "الزهد، وأخرجه نعيم بن حماد في "الفتن" مرسلاً]
وفي الحديث:
4- "وأفضل الناس (وفي رواية: وخير الناس) [يومئذ] مؤمن بين كريمين(وفي رواية: بين كريمتين)".[أخرجه أحمد، والطحاوي في "المشكل"، والعسكري في "الأمثال"، وأخرجه الديلمي، والطبراني في "الأوسط" و "الشاميين"، وعبد الرزاق في "مصنفه"، وأخرجه ابن ابي عاصم في "الزهد"، وهو في "السلسلة الصحيحة"(1505)]

غريب الحديث

قوله ـ عليه السلام ـ: (لكع بن لكع): بضم اللام وفتح الكاف، نقل الأزهري ـ رحمه الله ـ في "تهذيب اللغة" قول ابن شميل: 
5- "يقال للرجل إذا كان خبيثَ الفِعالِ شحيحاً قليلَ الخير: إنه للَكُوع".
وقال في "النهاية": 
6- "اللُّكَع عند العرب العبد ثم استعمل في الحمق والذم". 
وقال الإمام الطحاوي في "المشكل": 
7- "لا اختلاف في تأويله عند العرب أنه العبد أو اللئيم". 
وفي "شرح السنة" للإمام البغوي قال: 
8- "أراد: العبيد والسفلة".
وعليه فـ (لكع بن لكع) يعني عبد بن عبد، أي: أنه ردي النسب دني الحسب، وقيل: أراد به من لا يُعرف له أصل، ولا يحمد له خلق. وحذف ألف (ابن) لإجراء اللفظين مجرى عَلَمين لشخصين خسيسين لئيمين.

فوائد الحديث

وَصَف ابن بطال ـ رحمه الله ـ الزمان الذي يَسْعَدُ فيه (لكع بن لكع) بأنه: 
9- "الوقت الذي يسود فيه أهل الباطل، ويعلو فيه سفلة الناس ورذالتهم["شرح صحيح البخاري"(10/59)]
فهو إذن وقت الفتن والأشرار ، وقال ـ رحمه الله ـ: 
10- "ونحن في ذلك؛ قد قبض العلم وظهرت الفتن وعمَّت وطبَّقت وكثر الهرج وهو القتل، وكثر المال ولاسيما عند أراذل الناس. كما جاء في الحديث عند تقارب الزمان: (يكون أسعد الناس في الدنيا لكع بن لكع، ويتطاول رعاة الإبل البَهم فى البنيان)، وقد شاهدناه عيانًا، أعاذنا الله من شر المنقلب وختم أعمالنا بالسعادة والنجاة من الفتن".["شرح صحيح البخاري"(3/27)]
قلت: فإذا كان ابن بطال ـ رحمه الله ـ يحكي زمانه وهو المتوفى قبل نحو ألف عام فما بالك بزماننا وقد تغلَّظت فيه الفتن، وظهر المزيد من أشراط الساعة؟!!
ووَصْفُ ابن بطال ـ رحمه الله ـ زمان (لكع بن لكع) بأنه الزمان الذي يسود فيه الباطل، يعني أن السيادة آلت إلى الأشرار. 
و(لكع بن لكع) شرِّير لا يقتصر فساده على المعاصي والإجرام، بل يعظم شرُّه إن كان من أهل الأهواء اللئام. ففي وقت ظهور (لكع) يظهر الربا والزنا والخمر، وتكثرُ الشُّرَط للحدِّ من ظاهرة العنف والإرهاب الذي يتولد من المعاصي والفساد، وقد سمَّى المنذري ـ رحمه الله ـ في كتابه "الترغيب والترهيب" باباً هو: 
11- "الترغيب في الحب في الله تعالى، والترهيب من حب الأشرار وأهل البدع لأن المرء مع من أحب". 
أدرج فيه حديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: 
12- "ولا يحب رجل قوماً إلا حشر معهم". [رواه الطبراني في "الصغير"و"الأوسط". بسند جيد] 
وكون (لكع) لئيم ذليل النفس، لا يُعرف له أصل، ولا يُحمد له خلُق، فظهوره يكون في الوقت الذي أشار إليه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقوله: 
13- "من اقتراب (وفي رواية: من أشراط) الساعة أن ترفع الأشرار، وتوضع الأخيار، ويفتح القول، ويخزن العمل، ويقرأ القوم المَثناة، ليس فيهم أحد ينكرها. قيل: وما المثناة؟ قال: ما استُكْتِبَ سوى كتاب الله عز وجل".[أخرجه الحاكم، وغيره، وهو في "السلسلة الصحيحة"(2821)]
وهذا الحديث من أعلام نبوَّته فليس فيه فقرة إلا وقد حضر زمانها. فالحديث بجملته مهَّد في معانيه لغلبة (لكع بن لكع). 
وكون (لكع بن لكع) من الأشرار المبتدعة الذين (عَلَوا) بقراءة المثناة، حتى غَدَوا أصاغر يلتمس العلم عندهم، فهذا أيضاً شرط من أشراط الساعة صحَّ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ. 
وإذا كان (لكع بن لكع) من سفلة الناس، فظهوره أيضاً يكون في الوقت الذي أشار إليه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقوله: 
14- "لا تقوم الساعة حتى يظهر الفُحش والبخل، ويخوّن الأمين، ويؤتمن الخائن، [ويظهر ثياب يلبسها نساء كاسيات عاريات] ويهلك الوعول، وتظهر التُّحوت (وفي رواية: يعلو التّحوت الوعول)".
قالوا: 
15- "يا رسول الله ! وما الوعول وما التُّحوت"؟ 
قال: 
16- "الوعول: وجوه الناس وأشرافهم، (وفي رواية: أهل البيوت الصالحة) والتُّحوت: الذين كانوا تحت أقدام الناس لا يُعلم بهم.(وفي رواية: فسول الرجال وأهل البيوت الغامضة، يرفعون فوق صالحيهم)".[أخرجه البخاري في التاريخ، والحاكم، والطبراني في "المعجم الأوسط"، وهو في "السلسلة الصحيحة"(3211)]
وإذا كان (لكع بن لكع) قد آلت إليه السيادة والغلبة في معظم الدول الإسلامية، فمن باب أولى أن يكون قد غلب على بلاد الشام وأفسدها، وقد أخبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: 
17- "إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم".[أخرجه الترمذي، وأحمد، وغيرهما، وهو في "السلسلة الصحيحة"(403)] 
وعلو (لكع بن لكع) يتزامن وظهور الفساد والمنافقين، فالحديث من أعلام نبوَّته ـ عليه السلام ـ فإن فساد الفسَّاق وظهور النفاق قد أخذ مجراه حتى بدأ يقطِّع أوصال المجتمعات الإسلامية ويضرُّ بدينها. 
كتب إبراهيم بن عيسى إلى سعيد بن العباس الرازي ـ رحمهما الله ـ:
18- "واعلم يا أخي أنك في الزمان الذي وصفه الله تعالى ـ فقال: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ)والزمان الذي لا تدري ذا المال من أين اكتسب ماله، أمن حلال أم من حرام؟ .. والزمان الذي قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: 
19- (سيأتي على الناس سنوات خداعات يُصَدَّقُ فيها الكاذب، ويُكَذَّبُ فيها الصادق[أخرجه ابن ماجه، والحاكم، وأحمد، وغيرهم، وهو في "السلسلة الصحيحة"(1887)]
والزمان الذي كان أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والتابعون يخافونه، فقد ابتلينا بكثرة الهوى والخصومات في الله، والمجادلة في القرآن، وقد أميتت السنن، وأحييت البدع".["طبقات المحدثين" لأبي الشيخ (2/348-349)]
وجاء في الحديث السابق:
20- "ويؤتمن فيها الخائن، ويخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة. قيل: وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه؛ يتكلَّم في أمر العامة".
فأين الأمن والأمانة في ظلِّ إدارة (لكع بن لكع)؟ فما أخبر به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من سنوات خدَّاعات تشير إلى أن هذا الصنف اللئيم من الناس ـ في هذا الوقت ـ هو في الغالب المؤتمن على المؤسسات المالية!، بل وعلى صناديق زكاة المال والجمعيات الخيرية!!، ثم يختفي عن الأنظار خشية الرقابة الحسابية، فإن دفاتره تبيُّن أفعاله، وغالبها إن سجِّلت أو قيِّدت فله أو للمحسوبية.
فظهور الخونة الذين لا يؤتمنون في العصر الذي نعيش فيه من أعلام نبوَّته ـ عليه السلام ـ، ولا أدلَّ على ذلك مما نشاهده من آثار السِّمَن على المنافقين الخوَن فعن عمران بن حصين مرفوعاً:
21- "إن بعدكم قوماً يخونون ولا يؤتمنون، ويشهدون ولا يستشهدون، وينذرون ولا يفون، (وفي رواية: ويحلفون ولا يستحلفون)، ويظهر فيهم السِّمَنُ".[متفق عليه]
(ولكع بن لكع) ينطق في هذا الزمان لأنه رويبضة، يتكلَّم في أمر العامة فينصتون له، وينفِّذون أوامره، فهو ملك من ملوك الدنيا، وصار ممن يترأس الناس، فانظر إلى حال المجتمعات الإسلامية وقد غلب عليها الأشرار من الرويبضات التافهين لا ترى أخسَّ منهم ولا أحقر، كيف أنهم بظهورهم أصبحوا هم أهل الحل والعقد!! 
وظهور (لكع بن لكع) يكون أيضاً في الوقت الذي أشار إليه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقوله: 
22- "إذا رأيت الأمةَ ولدت ربَّتها أو ربَّها، ورأيت أصحاب الشاء يتطاولون بالبنيان، ورأيت الحفاة الجياع العالة كانوا رؤوس الناس، فذلك من معالم الساعة وأشراطها".[أخرجه أحمد عن عبد الله بن عباس مرفوعاً وزاد في آخره: قال: "يا رسول الله! ومن أصحاب الشاء والحفاة الجياع العالة؟ قال: العرب"، والحديث في "السلسلة الصحيحة"(1345)]
فهذا الحديث من أعلام نبوَّته ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو يشير إلى وقوع المعاصي وانتشارها لا سيما كبيرة العقوق في الأولاد، دلالة على فساد الأحوال وانقلاب الحياة الاجتماعية، وهذا المعنى رجحه الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ. ولعل هذه الصورة من صور الفساد المظلمة ظهرت بل ازداد ظهورها وضوحاً؛ فقد تغيَّرت أحوال العرب أكثر مما كانت عليه في زمان القرطبي ـ رحمه الله ـ الذي قال حينها: 
23- "المقصود الإخبار عن تبدُّل الحال بأن يستولي أهل البادية على أمر، ويتملكوا البلاد بالقهر فتكثر أموالهم وتنصرف هممهم إلى تشييد البنيان والتفاخر به، وقد شاهدنا ذلك في هذه الأزمان".
وقال ابن حجر ـ رحمه الله ـ:
24- "ومحصلة الإشارة إلى أن الساعة يقرب قيامها عند انعكاس الأمور بحيث يصير المربّيَ مربياً، والسافل عالياً".["الفتح"(1/122)] 
فبعد أن كان العرب فقراء أصحاب الشاء، حفاة لا يلبسون في أرجلهم النعال، جياعاً لا يجدون مالاً، عراة تكاد تسترهم ثيابهم الرثّة، صاروا إلى الفارق العجيب ـ كما ترى ـ بتشييد المباني العالية، بل ويتطاولون متنافسين في بروجها، ويلبسون النعال، والثياب الفاخرة، ويملكون ثروات هائلة من الأموال، مما يدل على مدى انعكاس الأمور.
ولم يقف حدُّ التغيُّر عند هذا، بل تجاوزوه إلى أن كانوا رؤوس الناس! ليسوا رؤوساً للعز والكرامة، بل ـ للأسف ـ رؤوساً للذم، لأن الحديث يشير إلى صفات مذمومة.قال الكاتب لمقدمة كتاب الإيمان الأوسط لابن تيمية: 
25- "والمراد أن أسافل الناس يصيرون رؤساءهم وتكثر أموالهم، حتى يتباهون بطول البنيان وزخرفته وإتقانه".
وقال: 
26- "فإنه إذا صار الحفاة العراة رعاء الشاء وهم أهل الجهل والجفاء رؤساء الناس وأصحاب الثروة والأموال حتى يتطاولوا في البنيان؛ فإنه يفسد بذلك نظام الدين والدنيا، فإنه إذا كان رؤوس الناس من كان فقيراً عائلاً؛ فصار ملكاً على الناس سواء كان ملكه عاماً أو خاصاً في بعض الأشياء، فإنه لا يكاد يعطي الناس حقوقهم بل يستأثر عليهم بما استولى عليهم من المال، فقد قال بعض السلف: 
27- "لأن تمد يدك إلى فم التنين فيقضمها خير لك من أن تمدها إلى يد غني قد عالج الفقر". وإذا كان مع هذا جاهلاً جافياً فسد بذلك الدين لأنه لا يكون له همة في إصلاح دين الناس ولا تعليمهم، بل همته في جباية المال وإكثاره، ولا يبالي بما أفسد من دين الناس، ولا بمن أضاع من أهل حاجاتهم".
وقال: 
28- "وإذا كان ملوك الناس ورؤوسهم على هذه الحال انعكست سائر الأحوال فصُدِّق الكاذب، وكُذِّب الصادق، وائتمن الخائن وخوِّن الأمين، وتكلَّم الجاهل، وسكت العالم، أو عُدم بالكلية، كما صح عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: 
29- "إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويظهر الجهل".[أخرجه البخاري، ومسلم، وغيرهما] 
وأخبر: 
30- "أنه يقبض العلم بموت العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا".[متفق عليه] 
وقال الشعبي: 
31- "لا تقوم الساعة حتى يصير العلم جهلاً، والجهل علماً". [رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه"]
وهذا كله من انقلاب الحقائق في آخر الزمان، وانعكاس الأمور".["مقدمة كتاب الإيمان الأوسط"(ص:73)]
فالمبتدعة أظهروا الجهل، وانطلقوا للفتن، فإن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ لمّا ذكر فتناً تقع في آخر الزمان قال له عمر:
32- "متى ذلك يا علي
قال:
33- "إذا تُفقّه لغير الدين، وتعلم العلم لغير العمل، والتمست الدنيا بعمل الآخرة".[أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(11/360)]

وكما أن (لكع بن لكع) في هذا الوقت يشغل في الغالب المناصب السياسية والإدارية في البلاد العربية، فلا عجب أن يكون أيضاً يشغل المناصب الدينية، فلا يغرنَّك اهتمام (اللُّكع) الأشرار بتلاوة القرآن أو طباعته ونشره فإن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أخبر عن هذا الصنف من (اللئام) الذين أرادوا أن يظهروا من خلال القرآن ـ من غير علم ولا فهم ـ فقال:
34- "ثم يكون خلْف يقرءون القرآن لا يعدو تراقيهم".[أخرجه ابن حبان، والحاكم، وأحمد، وغيرهم، وهو في "السلسلة الصحيحة"(3034)]
وعن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال:
35- "إن قوماً يقرءونه ينثرونه نثر الدقل".["صحيح سنن الترمذي"(602)]
فالحديث من أعلام نبوَّته، فإننا نشاهد اليوم جماعات من هؤلاء غلوا في القرآن. إن هذا الصنف من المبتدعة (اللئامتلاعبوا في معاني كتاب الله وحمّلوه ما لم يحتمل فضلّوا وأضلّوا، فكان منهم الخوارج، والشيعة، والصوفية، والقدرية، والجبرية، والجهمية، والمعتزلة، والأشاعرة، والماتريدية، والمرجئة، وغيرهم من أهل الضلال، وما فرق الضلالة من الإخوان المفلسين، ومن تسموا بالدعوة والتبليغ، والسلفية (الجهادية) على أنواعها وأشكالها ومسمياتها وحزب التحرير، إلى غير ذلك من أهل الأهواء المبتدعة، إلاَّ جماعات من (اللُّكَعِ) المنافقين تعيث في الأرض (الآن) فساداً وقد تولَّوا أمور المسلمين، فعن عبد الله بن مسعود مرفوعاً:
36- "إنه سيلي أموركم من بعدي رجال يطفئون السُّنَّة ويحدثون البدعة، ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها".
قال ابن مسعود:
37- "كيف بي إذا أدركتهم
قال:
38- "ليس ـ يا ابن أم عبد ـ طاعة لمن عصى الله. قالها ثلاثاً". [أخرجه ابن ماجه، والبيهقي، وأحمد، وغيرهم، وهو في "السلسلة الصحيحة"(2864)]
قال المناوي ـ رحمه الله ـ:
39- "وفي هذا الحديث .. إيذان بأن الإمام لا ينعزل بالفسق ولا بالجور ولا يجوز الخروج عليه بذلك لكنه لا يطاع فيما أمر به من المعاصي".
فالمبتدعة تركوا قاصدين تلاوة القرآن حق تلاوته، لمآرب في نفوسهم، فقدّموا ضلالاتهم وزبالات آرائهم على الكتاب والسّنة، ودجّلوا على الناس بالشعارات المضلَّة فحملوهم على الاهتمام بتلاوة القرآن لفظاً دون تلاوته معنىً وحكماً، فإذا صارت الأمة إلى هذا السَنَن الذي عمل به من قبلنا صارت إلى ذهاب العلم مع قراءة القرآن وقد وقع، والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أشار إلى ذلك حين رفع استغراب زياد بن لبيد بقوله:
40- "أوليس هذه اليهود والنصارى يقرءون التوراة والإنجيل لا يعملون بشيء مما فيهما".["صحيح سنن ابن ماجه"(4048)]
فالمبتدعة أحدثوا من تلقاء أنفسهم معارضاً لكتاب الله وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ليضلّوا الناس، فكأنهم جعلوا ما أحدثوه هو المعتمد، فأصبح ما استكتب من كتاب الله مبدأً وما أحدثوه مَثنىً، وهو فعل الأحبار والرهبان في بني إسرائيل، فطبعت الكتب الحزبية والمذهبية المفروضة على المقلِّدين والحزبيين، وأهملت كتب التفسير والسنة. فكتب الطائفة المنصورة إن طبعت صارت هي المبدأ، وكتب المبتدعة هي المَثنى!!
ولم يتوقف تلاعب (اللكع) المبتدعة عند هذا، بل سار سوء صنيعهم إلى تحقيق كتب التراث، فإذا بهم يفرضون تأويلاتهم الضالة في حواشيها. ويفسدون على الناس الوصول إلى فهم دين الله الإسلام كما فهمه السلف الصالح.
وعلى الرغم من انتشار وسائل التعليم وظهور القلم، وكثرة القرّاء والكتّاب إلاَّ أن الكذب والنفاق سار معها على قدم وساق. 
لذا فسياسات ذوي (اللُّكع) من الأمراء السوء والعلماء السوء سارت بالأمة إلى الأسفل لا الأمثل، ولا يأتي هلاك أمة إلاَّ بمؤامرة الصنفين، لذا جاء في الخبر الصحيح عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
41- "هلاك أمتي في الكتاب واللبن".
قالوا: 
42- "يا رسول الله! ما الكتاب واللبن"؟ 
قال:
43- "يتعلَّمون القرآن فيتأولونه على غير ما أنزل الله عز وجل، ويحبون اللبن ..(الحديث)".[أخرجه أحمد، وهو في "السلسلة الصحيحة"(2778)]
وعنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
44- "يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة على قصعتها".
فها هي أمم الأرض تداعى على المسلمين من كل حدب، ليس لأننا قلة، بل لأننا كما قال ـ عليه السلام ـ:
45- "بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل".
والسبب فساد في القلوب والأعمال في وقت غلب فيه (لكع) ولخص ـ عليه السلام ـ نتيجة أسباب الفساد بقوله في نهاية الحديث:
46- "حبُّ الدنيا وكراهية الموت".[أخرجه أبو داود، وأحمد، وغيرهما، وهو في "السلسلة الصحيحة"(958)]
فـ (لكع بن لكع) مفتون بالدنيا، مفتون بالمال، غير مهتم بما يجري حوله، لأنه رجل رديء وجاهل وأحمق، وفي زمانه يقبض العلم، وتظهر الفتن، ويلقى الشح، ويكثر الهرج، وهذا من أعلام نبوَّته ـ صلى الله عليه وسلم ـ فعن أبي هريرة مرفوعاً:
47- "يتقارب الزمان، ويقبض العلم، (وفي رواية: وينقص العلم) (وفي رواية: وينقص العمل) وتظهر الفتن، ويُلقى الشحُّ، ويكثر الهرج". [أخرجه البخاري، ومسلم، وأحمد، وغيرهم]
قال ابن بطّال (المتوفى عام 449 هـ) ـ رحمه الله ـ:
48- "هذا كله إخبار من النبي بأشراط الساعة، وقد رأينا هذه الأشراط عيانًا وأدركناها، فقد نقص العلم، وظهر الجهل، وألقى بالشح في القلوب، وعمّت الفتن، وكثر القتل، وليس في الحديث ما يحتاج إلى تفسير".
وعقَّب ابن حجر على كلام ابن بطّال بقوله:
49- "الذي يظهر أن الذي شاهده كان منه الكثير مع وجود مقابله، والمراد من الحديث استحكام ذلك حتى لا يبقى مما يقابله إلا النادر، واليه الإشارة بالتعبير بقبض العلم فلا يبقى إلا الجهل الصرف، ولا يمنع من ذلك وجود طائفة من أهل العلم لأنهم يكونون حينئذ مغمورين في أولئك".["الفتح"(13/16)]
وإذا كان هذا في عصر ابن بطّال، فما بالك بزماننا وقد ترأس (لكع بن لكع) المناصب السياسية والدينية؟ ففي الحديث: "حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهّالاً، فسُئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلّوا وأضلّوا".
وليس التلاعب بمسائل الإيمان عنا ببعيد، فالمشيخة الدينية والسياسية في العالم الإسلامي وخاصة المشيخة الدينية والسياسية السعودية تلاعَبَ الغالب منها بدين الله الإسلام، فنقص العلم ونقص العمل، وما الشُّح وهو: إلقاء البخل في قلوب الناس على اختلاف أحوالهم، والهرج وهو: القتل القتل، إلاَّ نتيجة هذا التلاعب الذي سرَّع بخروج (اللُّكَع الخوارج) ـ ضعاف النفوس والعقول ـ، وأفسد حال العرب في الدين والدنيا. قال الإمام الذهبي ـ رحمه الله ـ بعد أن ذكر طائفة من العلماء:
50- "وفي الجملة: وما أوتوا من العلم إلا قليلاً، وأما اليوم فما بقي من العلوم القليلة إلا القليل في أناس قليل, ما أقل من يعمل منهم بذلك القليل, فحسبنا الله ونعم الوكيل".["تذكرة الحفّاظ"(3/157)]
فلا تذهب الدنيا حتى يملكها (لكع بن لكع) ويكون أسعد الناس بها. وحتى يلعب لعبته في الكذب وشهادات التزوير، فالانتقال من مرتبة "التّحوت" إلى مرتبة الوعول احتاجت منه أن يطوي نفسه مختبأً تحت (آل)!! ليقال: (فلان بن فلان آل فلان)وهو في حقيقته (لكع بن لكع)، وغرضه: أن يكبر، أو يظهر، وهو من صغير إلى أصغر، ومن حقير إلى أحقر. 
فالزور: انحراف عن الدليل، وأصله: تحسين الشيء ووصفه بخلاف صفته، حتى يخيَّل لمن سمعه أنه بخلاف ما هو به، فـ (لكع) إذا أراد أن يزوِّر نسبته بحيث ينتقل بها من مرتبة الأصاغر إلى مرتبة الأكابر فغرضه الوصول إلى غايته من الرئاسة الدينية أو السياسية. فالمبتدعة الخوارج ـ مثلاً ـ وصفهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
51- "شرار (وفي رواية:شرُّ) الخلق والخليقة".[أخرجه مسلم، واحمد، وابن ماجه، وأبو داود، والنسائي، وغيرهم] 
ومعناه أنهم: شرار جميع الخلق، لأنهم:
52- "يدعون إلى كتاب الله وليسوا منه في شيء".[أخرجه احمد، وأبو داود، والحاكم، وغيرهم]
والمبتدعة الصوفية ومن ابتدع بدعتهم ممن يقدِّسون المقامات والأضرحة، ويتخذون قبور أنبيائهم مساجد، هم أيضاً شرار، لأنهم يفعلون فعل أهل الكتاب المشركين بالله تعالى، فعن أبي عبيدة قال: آخر ما تكلَّم به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فذكر الحديث وفي شطره الثاني قال:
53- "واعلموا أن شرار الناس الذين اتخذوا (وفي رواية: يتخذون) قبور أنبيائهم مساجد".[أخرجه أحمد، والدارمي، وأبو يعلى، والحميدي، وغيرهم، وهو في "السلسلة الصحيحة"(1132)]
والقدرية الذين يكذِّبون بقدر الله هم أيضاً كما قال ـ صلى عليه وسلم ـ :
54- "شرار هذه الأمة".[قال في "الدر المنثور": أخرجه ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه]
وهكذا سائر المبتدعة أشرار وهم:
55- "في خفة الطير وأحلام السباع لا يعرفون معروفاً، ولا ينكرون منكراً".[أخرجه أحمد، ومسلم]
وقد بدأت معالم هذا الخبر ـ أن يغلب لكع بن لكع على الدنيا ـ بالظهور رويداً رويداً حتى أضحى لا يخفى على أهل البصيرة في هذا الزمان، فـ (لكع بن لكع) أكثر الناس في هذا الوقت مالاً، وأطيبهم عيشاً، وأرفعهم منصباً، وأنفذهم حكماً، لذا فهو أكثرهم على المجتمعات ضرراً. وقد وصف النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ شرار أمته بقوله:
56- "إن من شرار أمتي الذين غذُّوا بالنعيم، الذين يطلبون ألوان الطعام وألوان الثياب، ويتشدَّقون بالكلام".[أخرجه أحمد في "الزهد"، وابن أبي الدنيا في "الجوع"، وغيرهما، وهو في "السلسلة الصحيحة"(1891)]
وهذا يعني أن لهم نهمة في طلب الشهوات واللِّذات فجرَّهم شؤم هذا الطلب الحثيث إلى اقتحام المعاصي وارتكاب الآثام، لذا اشتدَّ خوف السلف من التوسُّع في طلب ألوان الثياب والطعام، لأنهم رأوا أنها من علامات الشقاء.
وقوله ـ عليه السلام ـ (يتشدَّقون بالكلام): هي علامة يتميَّز بها الدجاجلة (اللُّكع) الأشرار، قال المناوي ـ رحمه الله ـ:
57- "أي يتوسعون فيه ويتعمقون في التفَصُّح تيهاً وتكبراً". 
ومن قرأ حديث جبريل ـ عليه السلام ـ وقد سأله عن الإيمان والإسلام والإحسان، وفيه أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ سأله عن أمارات الساعة فردَّ عليه قائلاً:
58- "أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا، وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ (وفي رواية الجوَّع) الْعَالَةَ، رِعَاءَ الشَّاءِ (وفي رواية: رعاة الإبل البَهْم) [رؤوس الناس] (وفي رواية: ملوك الأرض) يَتَطَاوَلُونَ ( وفي رواية: يتبارون) فِي الْبُنْيَانِ".[أخرجه البخاري، ومسلم، وأحمد، والنسائي، وغيرهم، والبهم: جمع بَهمة؛ وهي ولد الضأن الذكر والأنثى]
يعلم أن هذه الأمارة علامة مهمة، وعليه أن يستعد بعد ظهورها ومشاهدتها للآتي، فأسأل الله تعالى لي ولكم الثبات وحسن الخاتمة. قال الإمام النووي ـ رحمه الله ـ:
59- "والرعاء بكسر الراء وبالمد، ويقال فيهم رعاة بضم الراء وزيادة الهاء بلا مد، ومعناه: أن أهل البادية وأشباههم من أهل الحاجة والفاقة تبسط لهم الدنيا حتى يتباهون فى البنيان".
وقال المناوي ـ رحمه الله ـ:
60- "والواقع أن هذه الصفات وجدت مبادئها من عصر الصحابة، ثم صارت تكثر في بعض الأماكن دون بعض وكلما مضت طبقة ظهر البعض الكثير في التي تليها وإليه يشير الحديث الآتي:
61- "لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه". [أخرجه البخاري، واحمد، وغيرهما]
وفيه حث على اقتباس العلوم الدينية قبل هجوم تلك الأيام الرديئة".
أما الشطر الثاني من الحديث وهو قوله ـ عليه السلام ـ: "وأفضل الناس (وفي رواية: وخير الناس) [يومئذ] مؤمن بين كريمين(وفي رواية: بين كريمتين)". فإنه يدل على الطائفة المنصورة أو الفرقة الناجية فإن من كان فيها كان بين كريمين: العلم النافع والعمل الصالح، أو بين كريمتين: العلوم النافعة، والأعمال الصالحة ـ والله أعلم ـ.. 
وقيَّد الأفضلية في الحديث في القلّة التي ليس لها في زمان (اللُّكَع اللئام) إلاَّ الصبر. فعن أنس بن مالك مرفوعاً قال:
62- "يأتي على الناس زمان الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر".[رواه الترمذي، وهو في "السلسلة الصحيحة"(957)] 
فهل يحسن بنا بعد هذا البيان أن نقول كما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لعبد الله بن عمرو:
63- "كيف بك يا عبد الله بن عمرو إذا بَقِيتَ في حثالة من الناس[أخرجه الدولابي في "الكنى"، وابن حبان في "صحيحه"، وهو في "السلسلة الصحيحة"(206)]
وهذه الحثالة من الناس ضلَّت عن دينها، وانحرفت في سلوكياتها ومعاملاتها، وانحطَّت في أخلاقياتها، وتضاربت أقوالها، حتى تفاقمت خلافاتها، وزادت مشاكلها، وصارت مجتمعاتها إلى انحدار نحو هاوية تستحقها، وفتن تقُضُّ مضاجعها، لأنهم جعلوا كتاب الله وراء ظهورهم، ولم يعيروا للسُّنَّة الصحيحة اهتماماً، قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ:
64- "وكلما كانت الفرقة عن الحديث أبعد كان اختلافهم في أنفسهم أشد وأكثر، فإن من ردَّ الحقَّ مرج عليه أمره واختلط عليه والتبس عليه وجه الصواب؛ فلم يدر أين يذهب".["إعلام الموقعين"(2/245)]
فهل نحن في زمن الغربلة؟ الجواب الحق: أننا في زمن الغربلة لاعتبارات كثيرة يشهد لها الواقع، وقد أفردت لأحاديثه مقالاً مطوَّلاً ـ يسر الله لي إتمامه ـ لكني ألمحت إليه هنا؛ لأن وقته يجتمع مع اللئام في قلَّة الأمانة وعدم الوفاء بالعهد وشدَّة الاختلاف.

التفسير المنهجي السلفي للحديث

الحديث من أعلام نبوَّته ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وبناء عليه فإن الدعوة السلفية في المسجد الأقصى وبيت المقدس ابتليت بالكثير من (اللئام) كلُّهم ذوو (لكع)، حتى آل الأمر إلى ما ترى (أيها القاريء) من الفساد والهرج فاعتزلنا.
فيا أيها (اللكع) إذا أردت أن تتصدر فهذا زمانك، أخبرنا نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ بظهورك، فلا تتوانى، فقد سبقك إلى الفساد والهرج الكثير من (اللئام) أمثالك، الذين رغبوا في الوصول إلى القمة، والوصول إلى السلطة، والوصول إلى الثروة، ولو بالثورة، فاحتالوا، وباعوا الدين مرة تلو مرة.
ستجد يا (لكع)! من يصفق لك، بل ويتنافس عند صناديق الاقتراع لينتخبك في ظلِّ ما يسمى بالديمقراطية، فاهجم على المناصب والكراسي ولا تهب، لا تبق كرسياً واحداً، فحظك من الدنيا الآن، وهي فتنتك، آن أوانك أن تعلو وتمدَّ رجليك، لك أن تكذب وتُكَذِّب، وتأخذ مكانك في طابور دجاجلة العصر المفسدين، فعنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
65- "إن بين يدي الساعة كذّابين فاحذروهم".[أخرجه مسلم، وأحمد]
فلك أن تفسد وتُفَسِّد، وتسعى بين الناس بالنميمة، لأنك من الأشرار، فعنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:
66- "وإن شرار عباد الله من هذه الأمة المشّاءون بالنميمة، المفرِّقون (وفي رواية: المفسدون) بين الأحبة، الباغون للبُرآء العنت".[رواه الخرائطي، وهو في "السلسلة الصحيحة"(2849)، والبرآء: جمع بريء وهو البعيد عن التهم، والعنت: المشقة، والفساد، والهلاك، والإثم، والغلط، والزنا، والحديث يحتمل كل ذلك]
لكن الله تعالى لك بالمرصاد، لأنك كذَاب وتكَذِّب، لذا فإن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حذّرنا منك ومن أمثالك، لأنكم جميعكم من غير استثناء؛ تتلاعبون بالدين، وتقلبون الحقائق، وتفسدون بين الناس، لذا قال: (فاحذروهم) قال المناوي ـ رحمه الله ـ:
67- "أي خافوا شرَّ فتنتهم، واستعدوا وتأهبوا لكشف عوارهم وهتك أستارهم، وتزييف أقوالهم، وتقبيح أفعالهم، ليحذرهم الناس ويبور ما جاؤوا به من الالباس والبأس". 
ولك يا (لكع)أن تتصدر المجالس بما فيها مجلس الأمن الدولي، ولك أن تكون الآمر الناهي ليس على العرب فحسب، بل على العجم، والكل ـ كما ترى ـ ينصاع إليك، ويرغب في خدمتك لأن مصالحهم ـ كما يدَّعون ـ بين يديك. فعن عبد الله بن عمر مرفوعاً:
68- "إذا مشت أمتي المطيطاء، وخدمها أبناء الملوك ـ أبناء فارس والروم ـ سلِّط شرارها على خيارها".[أخرجه ابن المبارك، والترمذي، وغيرهما، وهو في "السلسلة الصحيحة"(956)، والمطيطاء: التبختر ومدُّ اليدين في المشي]
وظهرت علامة تسلُّط (اللُّكع الأشرار) بظهور المعادن فها هي بين يديك! فعنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:
69- "ستكون معادن يحضرها شرار الناس".[أخرجه أحمد، وهو في "السلسلة الصحيحة"(1885)]
فخبره ـ عليه السلام ـ من أعلام نبوَّته، فلمّا ابتلي المسلمون بظهورها في بلاد العرب حضر الكفّار، وجمع كبير من المبتدعة على رأسهم (اللُّكَع الإخوان) الشرار. 
ولك أيها (اللئيم) أن تكون بعد ظهور المعادن في ميزان الحيارى الجهلاء (أسعد الناس) لأنك ملكت الدنيا، لكنك في الحقيقة أنت في بصيرة المبصرين والعلماء (أتعس الناس)، قال ـ عليه السلام ـ:
70- "تعس عبد الدينار، وعبد الدرهم، وعبد الخميصة، (وفي رواية: عبد القطيفة).. الحديث". [أخرجه البخاري وابن ماجه]
وتشعر يا (لكع)! وأنت في هذا الوقت (فوق فوق) مكان الوعول بالسعادة!! بعد أن كنت (تحت تحت) مع التحوت، مع الدون، تحت أقدام الناس، وقد تحقَّقت في هذا الوقت أمانيك، ومنها أنك تجمع الخاصَّة قبل العامَّة ثم إذا أنت بهم مفتٍ أو يفتونك، ليس المهم (الآن) من المفتي (سيان) أنت أو هم، فالكلُّ أنت يا (لكع)! ومن حولك من المفتين (لكع بن لكع).





ليست هناك تعليقات: