الثلاثاء، 8 يوليو 2014

إياك والزنا










إياك والزنا








وقيل: أوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام: يا داود، قل لبني إسرائيل: إياكم وعقوق الوالدين، وقتل النفس، وأكل الربا، والإصرار على الزنا. يا داود، أدنى ما أفعل بالزاني أن أكوي حدقتيه ظاهراً وباطناً بمكاو من نار.
وقال صلى الله عليه وسلم: " يحشر الزاني يوم القيامة أنتن من ريح الجيفة " وقال عليه الصلاة والسلام:

....................................................

" من صافح امرأة وقبلها وباشرها، فعليه الوزر في الدنبا، والعقاب في الآخرة ".
لا تنظر إلى مالا يحل لك.
وقال عليه الصلاة والسلام: " من حفظ طرفه حفظ الله عليه أهله، ومن نظر إلى عورة أخيه المسلم هتك الله عورته، وكحله بالنار يوم القيامة ".
وحكي عن الشبلي رحمه الله تعالى أنه قال: رأيت فتى في الطواف تفرست فيه الخير، فنظر الفتى إلى امرأة كانت تطوف، وإذا بسهم قد أصاب عينه، فذهبت إليه وأخرجت من عينه السهم فإذا عليه مكتوب: نظرت بعينك إلى غيرنا فأعميناها، ولو نظرت بقلبك إلى غيرنا لكويناه.
............................................

وقيل: أوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام: يا داود، كيف غفلت حتى مددت عينك إلى ما لا يحل لك، يا داود، أما علمت أني غيور. يا داود، لو علمت ما سطر في الكتاب لكففت عينك ولما جفت لك عين. يا داود، لولا سري فيك لمحوتك من ديوان الأنبياء. يا داود إني جعلت في النار قطعاً من الزجاج والرصاص لمن ينظر إلى ما لا يحل له. يا داود، من نظر إلى ما لا يحل له حرمت عليه النظر إلى وجهي.
وحكي عن يحيى بن زكريا عليهما السلام أنه قال لعيسى عليه السلام: لا تكن حديد النظر إلى ما لا يحل لك فإنه لن يزني فرجك ما حفظت عينك، فإن استطعت أن لا تنظر إلى ثوب المرأة التي لا تحل لك فافعل، ولن تستطيع ذلك إلا بإذن الله تعالى.

..............................................................

وقيل: إن حسان بن ثابت رضي الله عنه خرج يوم عيد، فصلى ثم عاد إلى زوجته، فقالت له: يا حسان، كم رأيت من وجه مليح؟ فقال: والله رفعت. طرفي ولا علمت ما كان من الناس، ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من نظر إلى ما لا يحل له حرم الله عليه النظر إلى وجهه وألقاه في النار ".
...............................................................

وقيل: إن أبا عبيدة التراز - وأنه أبو عبد الله الرزاز - رضي الله عنه، رؤي في المنام بعد موته، فقيل له: ما فعل الله بك، فقال: أوقفني بين يديه وغفر لي كل ذنب عملته إلا ذنبا واحداً استحيت أن أذكره، فأوقفني في العرق حتى سقط لحم وجهي، فقيل: وما هو؟ فقال: نظرت إلى شخص جميل فاستحيت أن أذكره.
..........................................................

وقيل: إن راهبا تعبد في صومعته ستين سنة، فقال في نفسه: لو نزلت إلى الأرض ومشيت فيها لأنظر إلى ثمارها وأنهارها، فنزل ومعه رغيف، فتعرضت له امرأة فلم يملك نفسه إلى أن واقعها، ورأى كل سائلاً فأعطاه الرغيف ومات في تلك الحالة، فجيء بعمل ستين سنة فوضع في كفة من الميزان، ثم جيء بالخطيئة فوضعت في الكفة الأخرى، فرجحت على عمل الستين، ثم جيء بالرغيف فوضع في أعماله فرجحت أعماله على خطيئته.

...........................................................

وقيل: إن بعض الصالحين تعرضت له امرأة في طريقه فلم يلتفت إليها، فلما كان الليل كتبت له رقعة وهي تقول فيها: الله الله في أمري، فكل عضو مني مشغول بحبك فلما وقف على الرقعة تشوش باطنه. وكتب إليها: إن الله تعالى إذا عصاه العبد أول مرة حلم عليه، وإذا عصاه ثاني مرة ستره، وإذا عصاه ثالث مرة غضب عليه غضباً تضيق منه السموات والأرض، فمن ذا يطيق غضب الله سبحانه وتعالى. فلما وقفت على الرقعة لزمت بيتها وتابت إلى الله تعالى.
....................................................................

وحكي أن رجلاً خلا مع امرأة، فقال لها: إغلقي الأبواب وارخي الستور، ففعلت ذلك، فلما دنا منها قالت له: إنه بقي باب لم أغلقه، فقال لها: وأي باب هو؟ فقالت له: الذي بينك وبين الله تعالى. فصاح الرجل صيحة، فخرجت روحه فيها.
وقال بعض الصالحين: رأيت حداداً وهو يخرج الحديد من النار بيده ويقلبها باًصابعه، فقلت في نفسي: هذا عبد صالح، فدنوت منه وسلمت عليه، فرد علي السلام، فقلت له: يا سيدي، بالذي عليك بهذه المنزلة ألا ما دعوت الله لي، فبكى وقال: يا أخي، ما أنا من القوم الذين تزعم، ولكن أحدثك أمري، وذلك أني كنت كثير المعاصي والذنوب، فوقعت على امرأة من أحسن الناس وجهاً، فقالت لي: هل عندك شيء لله تعالى، فأخذت قلبي؟ فقلت لها أمضي معي إلى البيت وادفع لك ما يكفيك، فتركتني وذهبت ثم عادت وهي تبكي، وقالت: والله لقد أحوجني الوقت إلى أن رجعت إليك، فأخذتها ومضيت بها إلى البيت ثم أجلستها، وتقدمت أليها، فإذا هي تضطرب كالسفينة في الريح العاصف، فقلت: مم اضطرابك، فقالت: خوفا من الله تعالى أن يرانا على هذه الحالة، فإن تركتني ولم تصبني فلا أحرقك الله بناره لا في الدنيا ولا في الآخرة.
فقمت عنها ودفعت لها ما كان عندي لله تعالى، فخرجت من عندي، وأغمي علي، فرأيت في النوم امرأة أحسن منها، فقلت لها: من أنت؟ فقالت: أنا أم الصبية التي جاءت إليك، هي من نسل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن يا أخي جزاك الله عني خيراً، ولا أحرقك الله بناره لا في الدنيا ولا في الاخرة، فإنتبهت وأنا فرح مسرور فأنا من ذلك اليوم تركت ما كنت عليه من المعاصي، ورجعت إلى الله تعالى.

...........................................................



عفوا تعف نساءكم في المحْرَمِ ****وتجنبـوا مـالا يليق بمسلـم 


إن الزنـا دين إذا أقرضــته **** كان الوفا من أهل بيتك فاعلم 


من يزنِ في قوم بألفي درهم **** في أهله يُـزنى بربـع الدرهم 


من يزنِ يُزنَ به ولو بجـداره **** إن كنت يا هذا لبيباً فـافهـم 


ياهاتكا حُـرَمَ الرجال وتابعـا**** طرق الفسـاد عشت غيرَ مكرم 


لو كنت حُراً من سلالة ماجـدٍ**** ما كنت هتـّـاكاً لحرمة مسلمِ


...................................................................





إياك وعقوق الوالدين















إياك وعقوق الوالدين



وقيل: سأل موسى عليه السلام ربه أن يريه رفيقه في الجنة؟ فأوحى الله تعالى: يا موسى، انطلق إلى مدينة كذا وكذا، فإنك ترى رفيقك في الجنة. فسار موسى عليه السلام حتى انتهى إلى المدينة، فتلقاه شاب فسلم عليه، فقال له موسى عليه السلام: عليك يا عبد الله السلام، أنا ضيفك الليلة. فقال له الشاب: يا هذا، رضيت إن رضيت بما عندي أنزلتك وأكرمتك، فقال له موسى عليه السلام: قد رضيت بما عندك.

فأنزله، وأخذه الشاب ومضى إلى حانوته، وكان الشاب جزاراً، فأجلسه حتى فرغ من بيعه وشرائه، وكان الشاب لا يمر بشحم ولا مخ إلا عزله، فلما كان وقت الإنصراف أخذ بيد موسى عليه السلام، وانطلق به إلى منزله، ثم أخذ الشاب الشحم والمخ وطبخه.
ثم دخل بيتاً فيه قفتان معلقتان في السقف فأنزل أحدهما إنزالا رفيقاً، وإذا فيها شيخ كبير قد سقط حاجباه على عينه من الكبر، فأخرجه من القفة وغسل وجهه وثيابه وبخرها، ثم ألبسه إياها، ثم أخذ خبزاً وثرده، وصب عليه الشحم والمخ وأطعمه حتى شبع، وسقاه حتى روي، فقال الشيخ: يا ولدي لا خيب الله سعيك معي، وجعلك رفيقاً لموسى بن عمران في الجنة.
ثم أنزل القفة الثانية وفعل بها مثل الأولى، وإذا فيها عجوز كبيرة، فصنع معها مثل ما صنعه بالشيخ، فقالت: الحمد لله يا ولدي الذي لا خيب الله سعيك معي، وجعلك رفيق موسى بن عمران في الجنة. ثم ردهما إلى مكانهما.
وخرج موسى عليه السلام وهو يبكي رحمة لهما، فتبعه الشاب وقدم له طعاماً،

فقال: يا أخي، ما أنا محتاج إلى طعامك، ولكن سألت الله أن يريني رفيقي في الجنة، فأوحى الله تعالى إلى أن رفيقي في الجنة أنت، فقال الشاب: من أنت يرحمك الله؟ فقال: أنا موسى بن عمران، فخر الشاب مغشياً عليه، ودخل على والديه وأخبرهما أن الله عز وجل قد استجاب دعاءهما وأن هذا موسى قد أخبره بذلك عن رب العالمين. فلما سمعا ذلك شهقا فماتا معاً، فغسلهما موسى وصلى عليهما، وصحبه الشاب إلى أن مات رضي الله عنه.

وقيل: أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام: يا موسى، من بر والديه فليس له عندي جزاء إلا الجنة، ومن لم يبر والديه فليس له عندي جزاء إلا النار.
وقال أحمد التمار رضي الله عنه: مات لي أخ في الله تعالى، فرأيته في المنام، فقلت له: ما فعل الله بك؟ فقال لي: منعني بعقوق الوالدين أن لا أشم رائحة الجنة وأنا منتظر قدومهما لعلهما يرضيان عني فيرضى الله علي.

.............................................................................
                
                 قصيده جميله في عقوق الوالدين؟  

.............................................................................

أبُني مهـــــــــلا ما الذي أغواكـــــا



ومن الذي بعقـــوقنـــــا أغراكــــــا



هل بعـــد ما خطَّ المشيــبُ رؤوسنـــا



واحدودب الظهــرُ الذي أعــــلاكــــا



وتباطـــأت حركاتُنــــا من بعـــد أن



كُنَّا نُســـــارعُ كي نُجيـــب نِداكــا



كُنَّا نبيتُ الليــــل قُربَك إن أتـــــى



وجعٌ إليكَ ونستغــيـــثُ فِــداكـــــا



كُنا نواري الدمــــعَ حتى لا تــــرى



دمعـــاً فتذرفُ بالأســـى عيناكــــا



أنسيـتَ لُعبتكَ التــي تلهو بهـــــــا



وتجـــولُ تضحكُ هاهنـــا وهُناكـا



أنسيتَ لهفتـــكَ التي أهنـــا بهــا



لمــا أعودُ وأحتفــــي بلقــــاكــا



وتقولُ (بــابـــا) باسمـــــاً مُتعلِّقــا



بيديَّ تأبى عن يــديَّ فكـــاكــــا



أواه يا ولـــدي أبعدَ مشيبتــــي



تنســى الذي بالحب قد أولاكــــا



وتَعقَّنــي وتُذيقنــي ألم النـــوى



وتَحُلُّ بالنكـــرانِ كُــلَّ عُراكـــــا



أواه مـــــا أقسى صنيعــكَ بالذي



طُفئت مشــــاعلُه لشعِّ ضيـــاكــــا



إني فَرِحتُ بيــوم مولِـــدكَ الذي



جلب الهنــــــــاء وقِيل لي بُشراكا



ورأيتُ في عينيكَ ابنـــا صالحـــاً



ورأيتُ كل الخيــــرِ في مرآكـــا



ونسجتُ آمـــالاً بألــــــوان المُنى



ورأيتُ ألا شيء يعلـــــو بهاكــــا



واليوم يا ولدي أشيخُ مع الأسى



وأعيشُ بالأحـــلامِ في ذكراكــــــا



ما كــان ضرَّك لو بـَـرَرْت فإنمــــــا



بالوالــــدَينِ تفوزُ في أُخـــراكــــــا



أين الجنــــــاح وما أُمرتَ بخفضــه



لم أحظَ إلا الــــذلَ والإنهـــــاكـــــا



أواه يـــا طفلي أبـــــوك مُهــــــدَّمٌ



عـــاش الحياة لكي يطـــولَ بُناكـــا



أقبِل بُنـــــي فإنــــــــه ليسرُّنــــــي



قبل الممـــــــــات المُرِّ أن ألقــاكـــا



وأرى بعينــيـــكَ المُنى وطيوفهــــا



وأراكَ تلعبَ هاهنـــــــا وهنــــاكــــا



وتقولُ (بــابــا) ثم تُغمـــــضُ أعيُنــي



وتعـيــــشُ تملأ بالهنــــــا دُنياكـــــا



ووصيتي إن جــــــاء ذِكْري مـــــرَّةً



أسبِل عليَّ الدمـــــعَ واتلُ دُعـاكـــــا







الجمعة، 4 يوليو 2014

المستغيثين بالله 3






 المستغيثين بالله  ................  3......................






...............................................................

                              16

...............................................................


عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، قال: أصبحنا ذات يوم، فقالت أمي لأبي: والله ما في بيتك شيء يأكله ذو كبد.
فقام فتوضأ ولبس ثيابه، ثم صلى في بيته، فالتفت إلى أمي فقالت: إن أباك ليس يزيد على ما ترى فاخرج.
فلبست ثيابي وخرجت، فخطر ببالي صديق لنا تمار، فجئت أريد حانوته، فلما قربت منه صاح بي إنسان، فإذا هو ذلك التمار فقال لي:
أعني على هذا التمر أفرقه.
فجعلنا نحمل ونفرق.
ثم قال لي: اذهب بنا إلى المنزل.
فلما دخل إذا مائدة عليها أقراص ولحم، فأكل وأكلت معه، حتى إذا فرغ ومسح يده، أخرج إلي صرة، فيها ثلاثون دينارا، من غير أن أذكر شيئا من حالنا إلا ابتداء منه.
فقال: اقرأ على أبيك السلام وقل له: إنا جعلنا له شركا في كل شيء من تجرنا، وهذا نصيبه منه.
ثم طرح إلي صرة مثلها.
فقال: واذهب بهذه إلى أبي حازم.
ثم أخرج أخرى مثلها فقال: اذهب بها إلى محمد بن المنكدر.
فخرجت، فوجدت أبي في مصلاه على حاله التي تركته عليها.
فسلمت وانتقل من صلاته وأعلمته الخبر.
فقال لي: أخرج من هذه الصرة عشرة دنانير، فاذهب بها إلى أبي حازم، وعشرة فاذهب بها إلى محمد بن المنكدر.
فقلت: قد أتاه مثل ما أتاك.
فقال: ادفعها إلى أمك.
ففعلت وذهبت إلى أبي حازم فأخرج من الصرة التي حملت إليه عشرة دنانير فقال: اذهب بها إلى أبيك وعشرة فقال: - اذهب بها إلى ابن المنكدر.
فقلت: قد أتاهما مثل ما أتاك.
ثم ذهبت إلى ابن المنكدر فقال: خذ منها عشرة دنانير لأبيك، وعشرة فاذهب بها إلى أبي حازم.
فقلت له: قد أتاهما مثل ما أتاك.
فكان كل واحد منهم قد سمع مقال صاحبه، وامتثل فعله ورحمهم الله أجمعين، ورحمنا وجميع المسلمين.



..........................................................................

                              17

...........................................................................


حدثني شقيق البلخي، قال: كنت في بيتي قاعدا فقالت لي أهلي: يا أبا علي، قد ترى ما بهؤلاء الأطفال من الجزع ولا يحل لك أن تحمل عليهم ما لا طاقة لهم به.
قال شقيق: فأسبغت الوضوء، وكان لي صديق لا يزال يقسم علي بالله: إن تكن لي حاجة أن أعلمه بها ولا أكتمها عنه، فخطر ذكره ببالي.
فلما خرجت من المنزل مررت بالمسجد، فذكرت الحديث الذي روي عن أبي جعفر محمد بن علي: «من عرضت له حاجة إلى مخلوق، فليبدأ فيها بالله عز وجل» .
فدخلت المسجد فصليت ركعتين.
فلما قعدت في التشهد أفرغ علي النوم.
فرأيت في منامي أنه قيل لي: «يا شقيق تدل العباد على الله ثم تنساه» .

فاستيقظت فعلمت أن ذلك تنبيه نبهني ربي به.
فلم أخرج من المسجد حتى صليت العشاء الآخرة.
ثم انصرفت، فوجدت الذي أردت أن أقصده في الحاجة، قد حركه المولى الكريم، عالم الخافيات، كاشف الكربات، وأجرى لأهلي على يديه ما أغناهم وكفاهم.
والحمد لله كثيرا كما هو أهله.


.......................................................

                    18

......................................................



عن ابن وضاح أنه بقي يوما فخرجت إليه زوجته فقالت: ليس عندنا سفة من دقيق، ولزومك هذا البيت لا فائدة فيه، فاخرج فاطلب علينا.
قال: فخرجت وقد ضاقت بي الدنيا.
فقلت: «من أقصد وإلى من نسير؟ نقصد الله عز وجل ونرغب إليه» .
قال: فقصدت الجامع، فكنت فيه إلى أن صليت العصر.
قال: فلما خرجت قلت: «في الوقت فسحة فإن قصدت الدار عكرت علي» ؛ فقصدت المرضى وزرت قوما من إخواننا.
ثم أتيت مع الليل إلى داري، وأنا لا أشك أني أدخل إلى شر من فيها وهراشها.
قال: فلما أن دخلت، بعد أن صليت المغرب في مسجدي، تلقتني زوجتي ببشر وتبسم فاستربت من ذلك، وقالت:
قد جاءنا اليوم حمل الدقيق الذي بعثت به في وقت قد كنا بقينا من الجوع.
فلما سمعت قولها أظهرت أن عندي معرفة من ذلك.
وكان بعث حمل الدقيق رجل من إخوانه، ألقى الله عز وجل في قلبه في ذلك اليوم الذي وقف فيه هذا الموقف، والله لطيف بعباده يرزق من يشاء، وهو الحكيم الخبير.


.....................................................

                          19

....................................................


قال:  عبد العزيز بن موسى قال: ما رأيت أحدا قط أعبد لله عز وجل، ولا أشد خوفا من بزيع بن زريع، أخي يزيد بن زريع، وكان قد دبرت مواضع السجود من جسده ووجهه.
ولما مات زريع أبوه خلف مالا كبيرا، ورباعا ودينا عريضة، فلم يأخذ بزيع ولا يزيد أخوه من ميراثه شيئا، وتركا ذلك، فأخذه أقاربهما وهما حاضران قد سلما لهم ذلك.
وكان بزيع هذا مجاب الدعوة من وقته وساعته، ولقد أتاه يوما رجل من جيرانه، كان بزيع يعرف بالعفاف والخير والستر.
ثم ظهرت عليه الفاقة، فأتى إلى بزيع فوجده
يصلي فجلس إلى جانبه الأيمن، فعلم بزيع أن له إليه حاجة، فأوجز وسلم، وأقبل بوجهه عليه فقال له الرجل: ما جئتك حتى أجهدني الضر، وأجهد عيالي، ولم آتك إلا ملتمسا لبركة دعائك، وإني لواثق بالله عز وجل في رزقي، متوكل عليه، لكني أريد أن تدعوا الله لي في تعجيله وتيسيره.
فقال بزيع: اللهم عجل فرجه، والطف له من سعة فضلك.
ثم رجع إلى صلاته، فما كان إلا نحو ساعتين، وذلك الرجل قاعد على يمين بزيع، ولم يبرح، حتى أقبل رجل له جدة وثروة، فجلس إلى جانب بزيع الأيسر، فعلم بزيع أن له إليه حاجة، فأوجز وسلم وأقبل عليه فقال له الرجل: إن عندي مائة دينار من وجه طيب، أمرني صاحبها أن أدفعها إلى مستحق، فأنا مهموم بها منذ مدة كذا وكذا، فلما أردت دفعها إلى إنسان، عارضني فيه شك في أن يكون مستحقا أم لا، فإني في ساعتي هذه لنائم إذ أتاني آت في منامي فقال لي: «امض بالدنانير التي عندك إلى بزيع فانفذ فيها أمره» وهي هذه قد أتيتك بها.
ثم أخرجها من كمه في صرة.
فقال له بزيع: ادفعها إلى هذا الرجل.
والرجل لم يكن زال بعد من موضعه، فدفعها إليه، ونهضا جميعا.
ومضى كل واحد منهما إلى منزله، وقام بزيع إلى صلاته، فأقبل عليها كما كان قبل ذلك.

.....................................................................

                                    20

....................................................................


 قال العطاف بن خالد أن رجلا اشتكى شكوى شديدة وأعيا الأطباء، فأتى يوما إلى سعيد بن المسيب فقال: يا أبا محمد، إني اشتكيت شكوت طالت بي، وقد أعيت الأطباء، وقد جئتك أتوجه بك إلى الله، فادع الله أن يكشف عني.
فقام فتوضأ، ثم صلى ركعتين، ثم دعا الله عز وجل فما لبث أن برئ وصح، والحمد لله رب العالمين كثيرا.


.........................................................................

                                 21

........................................................................



عن عبيد الله البياسي، من أهل جيان أن أخوين كانا هاربين من قوم كانوا يطلبونهما للقتل فأخذوا أحدهما، فقالوا: لا نقتله حتى نأخذ أخاه فنقتلهما جميعا.
فربطوه بأصل شجرة بالحبال، ربطوا رجليه بحبل ويديه بحبل، كل ذلك إلى الشجرة.
ثم ذهبوا في طلب أخيه فبينما هو على تلك الحالة إذ سمع صوتا ولم ير شخص المصوت به وهو يقول: «يا من لا تراه العيون، ولا تخالطه الظنون، ولا يصفه الواصفون، ولا تأخذه سنة ولا نوم، اجعل لي من أمري فرجا ومخرجا، يا غياث المستغيثين، يا أرحم الراحمين» .
فجعل يتردد ذلك الصوت، بذلك الدعاء، حتى حفظه هذا المربوط، فلما حفظه، دعا به فانحل من الشجرة ومضى لشأنه.
قال أبو الحسن البياسي: فلما كان بعد هذا بمدة، سافرت فلقيني لصوص، فسلبوني وربطوني كتافا لئلا أتبعهم وأفضحهم، وتركوني في الصحراء، فذكرت هذا الدعاء، بعد أن بقيت كذلك يوما وليلة، فدعوت به فانحلت يدي الواحدة، فحللت بها الأخرى، ومضيت في سفري والحمد لله.


...........................................................................

                                     22

..........................................................................




قال أبو العرب التميمي: حدثني بعض أصحابي، قال: كنت في مسجد إبراهيم بن المضاء، والقراء والناس مجتمعون فيه حتى أتى رجل فقال: يا معشر المسلمين إني رجل ذو بنات، ولي دار جوار عامر بن عمرون، وكان من خدمة السلطان، وإنه بنى علية، وفتح فيها أبواب مطلة على داري، وبناتي متكشفات ما عليهن كبير كسوءة وهو وخدمه مطلون عليهن، فادعوا الله لي عليه أن يكفيني مؤنته.
قال: فدعا إبراهيم بن المضاء ودعا الناس.
قال: فما برحت حتى أتى رجل فقال لإبراهيم بن المضاء وللناس: تفرقوا لا ينالكم من السلطان مكروه.
أو كما قال.
وقال: عامر بن عمرون قد انهدمت عليته وضربته سارية فطيرت دماغه.
قال: فافترق الناس.



....................................................................................

                                          23

..................................................................................


قال:  أبو عبد الله بن الطويل، قال: كان لشيبان الزاهد رحمه الله جار يعرف بابن الصيقل، وكانت له دار تلاصق دار إبراهيم بن عيسى بن حيويه الفقيه، فسأله بيعها، فأبى عليه وقال له: إن مالك غير طيب، وهذه دويرة حلال ورثتها عن أبي وجدي.

فألح عليه في بيعها، فأبى.
فقال له: والله لئن لم تأخذ الثمن فيها لأضيقن عليك فيها حتى تفر منها.
قال له: أرجو أن الله يرفع عني ضرك بدعاء الإخوان.
قال: نعم إذا أردت أن تدعو الله، فاجتمع بشيبان وحسان، وادعوا الله في تلك الصومعة، فإنها أقرب إلى الله تعالى.
فقال: كذلك نفعل إن شاء الله تعالى.
فنهض الرجل من وقته إلى شيبان وحسان رحمهما الله، فأعلمهما بمقالة ابن حيويه، فقالا: نعم كذلك نفعل إن شاء الله تعالى.
فلما أتى الليل، باتوا في الصومعة وصلوا ودعوا، فلما كان في السحر سمعوا صراخا وبكاء، فإذا بابن حيويه قد مات في ذلك السحر، فأجاب الله دعاءهما فيه، وكفى الله الرجل والمسلمين ضره، وانتشر هذا الخبر بمدينة قرطبة حديثا يذكر إلى وقتنا هذا.



............................................................................................................ 

............................................................................................................ 







المستغيثين بالله






..................................................................


المستغيثين بالله                               .............................   2 .......................................


..............................................................





.............................................................

                        9

...........................................................



عن ابن أبي زائدة، قال: كان عند سفيان الثوري مخبآت لبني هاشم، لا يهديها لكل إنسان ضنا بها، ولقد حدثنا يوما بحديث فالتفت إلينا، فقال: هذا حديث خير من ألف حديث؛ دخلنا على جعفر بن محمد، فقال لي: يا سفيان، اخرج عني غير مطرود، فإن السلطان يطلبك، ونحن لا نتعرض للسلطان.
فلما وليت قال لي: يا سفيان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كربه أمر فليقل: لا حول ولا قوة إلا بالله، ومن أنعم الله عليه نعمة فليحمد الله تعالى، ومن استبطأ رزقه فليستغفر الله ".
ثم ناداني: يا سفيان.
فقلت: لبيك، يا ابن رسول الله.
قال: ثلاث وأي ثلاث.
 عن سفيان الثوري، أن جعفر بن محمد قال له: إذا جاءك ما تحب فأكثر من الحمد، وإذا جاءك ما تكره فأكثر من: لا حول ولا قوة إلا بالله، وإذا استبطأت الرزق فأكثر من الاستغفار.
قال سفيان: فانتفعت بهذه الموعظة.


......................................................................

                           10

......................................................................


عن أبي عبد الله جعفر بن محمد رضي الله عنه أنه قال:

 عجبت لمن بلي بأربع كيف يغفل 

عن أربع؛ عجبت لمن ابتلي بالغم، كيف لا يقول:


 «لا إله إلا أنت سبحانك، إني كنت من الظالمين»

 ، والله يقول:

{فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ}



وعجبت لمن ابتلي بالخوف، كيف لا يقول:

 «حسبنا الله ونعم الوكيل»

، والله عز وجل يقول:

 {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ}


وعجبت لمن مكر به، كيف لا يقول:

{وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ}



 والله عز وجل يقول:

 {فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا}


وعجبت لمن رغب في شيء، كيف لا يقول:

 «ما شاء الله لا قوة إلا بالله»

 ، والله عز وجل يقول:

 {وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ}




............................................................................

                                 11

...........................................................................


عن سفيان الثوري، عن الأوزاعي، قال: رأيت رجلا في الطواف وهو متعلق بأستار الكعبة وهو يقول: «يا رب إني فقير كما ترى، وصبيتي قد عروا كما ترى، وناقتي قد عجفت كما ترى، فما ترى فيها ترى، يا من يرى ولا يرى» .
فإذا بصوت من خلفه: يا عاصم، يا عاصم الحق عمك فقد هلك بالطائف، وقد خلف ألف نعجة، وثلاثمائة ناقة، وأربعمائة دينار، وأربعة أعبد، وثلاثة أسياف يمانية، وامض فخذها فليس له وارث غيرك.
قال الأوزاعي: قلت له: يا عاصم إن الذي دعوته لقد كان قريبا منك.
قال: يا هذا، أما سمعت قوله:


وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ




.................................................................

                               12

.................................................................


أخبرنا الحارث بن نبهان، عن محمد بن عبيد الله، عن عبد الملك بن عمير أنه حدثه من رأى ذلك الرجل فقال: كنا بأرض الروم في سرية، فوقع رجل، فانكسرت فخذه، فانطلق أصحابه وتركوه، فلما رأى ذلك قرأ:

{فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ}

 فجاءه رجل فقال: ما قلت؟ قال: قلت كذا وكذا.
فأخذ برجله، فمدها حتى سمع صوت العظم، ثم قال: قم.
فقام وهي أقوى من الأخرى.



............................................................................


                                13

............................................................................


عن قيس بن أبي حازم، قال: أخبرت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم استجب لسعد إذا دعاك» .
وكان صلى الله عليه وسلم، يقول: «اتقوا دعوات سعد فإنها مستجابة» .
وقال صلى الله عليه وسلم: «اللهم أجب دعوته وسدد رميته» .

 قال: شكا أهل الكوفة سعدا إلى عمر، حتى قالوا: إنه لا يحسن يصلي.

فقال سعد: أما أنا فكنت أصلي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أخرم عنها، أركد في الأوليين وأحذف في الأخريين.
فقال عمر: كذلك الظن بك، يا أبا إسحاق.
ثم بعث رجالا يسألون عنه في مجالس الكوفة، فكانوا لا يأتون مجلسا إلا أثنوا خيرا وقالوا معروفا، حتى أتوا مجلسا من مساجدهم فقام رجل يقال له أبو سعدة، فقال: اللهم إذا سألتمونا فإنه كان لا يعدل في القضية، ولا يقسم بالسوية، ولا يسير السرية.
فقال سعد: «اللهم إن كان كاذبا فاعم بصره، وأطل فقره، وعرضه للفتن» .
قال عبد الملك: فأنا رأيته يتعرض للإماء في السكك فإذا قيل له: كيف أنت، يا أبا سعدة؟ قال: كبير فقير مفتون، أصابتني دعوة سعد رضي الله عنه.



..................................................................................


                                   14

..................................................................................


قال يزيد بن هارون، قال: غدوت إلى أصبغ بن يزيد الوراق أريد أن أسمع منه، فوجدته شديد الغم فقلت: يرحمك الله، مم غمك؟ قال لي: إن كنت تريد أن تكتب، فاكتب وإلا فانصرف.
فكتبت وانصرفت، فلما كان اليوم الثاني، غدوت إليه فوجدته قد تضاعف غمه، فسألته عن ذلك فقال: إن أردت الكتاب فاكتب وإلا فانصرف.
فكتبت وانصرفت.
فلما كان اليوم الثالث، رحت إليه، فوجدته طلق الوجه مسرورا، فقلت له: أراك اليوم والحمد لله مسرورا، وكنت بالأمس مغموما فما الخبر؟ فقال: أما أنك لولا سؤالك في اليوم الخالي ما أخبرتك، ولكني أعلمك أني مكثت أنا ومن عندي ثلاثا لم نطعم طعاما، فلما كان اليوم خرجت إلي ابنتي الصغيرة فقالت: «يا أبا، الجوع» ، فتركتها وأتيت الميضأة فتوضأت للصلاة، وصليت ركعتين، ومددت يدي
لأدعو، فأنسيت ما كنت أحسنه من الدعاء فقلت: " اللهم إن كنت حرمتني الرزق، فلا تحرمني الدعاء، فألهمت أن قلت: اللهم خشعت الأصوات لك، وضلت الأحلام فيك، وضاقت الأشياء دونك، وهرب كل شيء منك إليك، وتوكل كل مؤمن عليك، فأنت الرفيع في جلالك، وأنت البهي في جمالك، وأنت العلي في قدرتك، يا من هو في علوه دان، وفي دنوه عال، وفي سلطانه قوي، صلي اللهم على محمد وعلى آل محمد، وافتح علي منك رزقا لا تجعل لأحد علي فيه منة، ولا لك علي في الآخرة تبعة، برحمتك يا أرحم الراحمين ".
قال: ثم انصرفت إلى البيت، فإذا ابنتي الكبيرة قد قامت إلي وقالت: يا أباه قد جاء الساعة عمي وجاء بهذه الصرة من الدراهم، وبجمال عليه دقيق، وحمال عليه كل شيء في السوق وقال: أقرءوا أخي السلام، وقولوا له: إذا احتجت إلى شيء، فادع بهذا الدعاء تأتك حاجتك.
قال أصبغ: ولا والله ما كان لي أخ قط، ولا أعرف من كان هذا القائل، ولكن الله على كل شيء قدير والحمد لله رب العالمين.




.......................................................................................

                                     
                                               15

..........................................................................................




 قال:  أبا عبيد الله بن أخي بن وهب يقول: لما وضع الشافعي كتاب الرد على مالك بن أنس، اشتد على أهل مصر، واجتمعوا إلى السلطان وقالوا: أخرج عنا هذا الرجل الشافعي.
فأجابهم السلطان إلى ذلك، فبلغ ذلك الشافعي، فجمع الهاشميين والقرشيين، ومضى بهم إلى السلطان فكلموه في أمر الشافعي فأبى عليهم وقال: إن أهل البلد قد كرهوك وأخاف أن تفتن البلد علي، وقد أجلتك ثلاثة أيام، على أن تخرج من البلد.
فلما كان اليوم الثالث مات الوالي فجأة وكفى الله الشافعي أمره وأقام.



الخميس، 3 يوليو 2014

المستغيثين بالله





........................................

المستغيثين بالله             ................    1  ..........................

...........................





.......................................................................

                              1

.......................................................................



كان رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار، يكنى أبا معلق، وكان تاجرا يتجر بمال له ولغيره، ويضرب به في الآفاق، وكان ناسكا ورعا، فخرج مرة فلقيه لص مقنع في السلاح، فقال له:
ضع ما معك فإني قاتلك.
قال: ما تريد إلى دمي، شأنك بالمال.
قال: أما المال فلي ولست أريد إلا دمك.
قال: أما إذ أبيت فذرني أصلي أربع ركعات.
قال: صل ما بدا لك.
فتوضأ، ثم صلى أربع ركعات، فكان من دعائه في آخر سجدة أن قال: «يا ودود، يا ذا العرش المجيد، يا فعال لما يريد، أسألك بعزتك التي لا ترام، وملكك الذي لا يضام، وبنورك الذي ملأ أركان عرشك، أن تكفيني شر هذا اللص، يا مغيث أغثني» .
ثلاث مرات فإذ دعا بها ثلاث مرات، فإذا هو بفارس قد أقبل بيده حربة، وضعها بين أذني فرسه، فلما بصر به اللص أقبل نحوه حتى طعنه فقتله.
ثم أقبل إليه.
قال: قم.
قلت: من أنت بأبي وأمي؟ ّ! قد أغاثني الله بك اليوم.
قال:
أنا ملك من أهل السماء الرابعة، دعوت بدعائك الأول فسمعت لأبواب السماء قعقعة، ثم دعوت بدعائك الثاني فسمعت لأهل السماء ضجة، ثم دعوت بدعائك الثالث فقيل: دعاء مكروب.
فسألت الله أن يوليني قتله.
قال: أبشر واعلم أنه من توضأ وصلى أربع ركعات ودعا الدعاء، استجيب له مكروبا كان أو غير مكروب.
...........................................................................

                                 2

...........................................................................

ان رجل بغلا إلى الطائف، اشترط عليه الكري أن ينزله حيث شاء.
قال: فمال بنا إلى خربة فقال له: انزل.
فنزل.
فإذا في الخربة قتلى كثيرة فلما أراد أن يقتله قال له: دعني أصلي ركعتين.
قال: صل؛ فقد صلى قبلك هؤلاء فلم تنفعهم صلاتهم شيئا.
قال: فلما صليت أتاني ليقتلني.
قال: فقلت: يا أرحم الراحمين.
قال: فسمع صوتا: لا تقتله.
قال: فهاب ذلك، فخرج يطلب، فلم ير شيئا فرجع إلي، فناديت: يا أرحم الراحمين.
فعل ذلك ثلاثا، فإذا أنا بفارس على فرس في يده حربة حديد، في رأسه شعلة من نار فطعنه بها فأنفذه من ظهره فوقع ميتا.
ثم قال لي: لما دعوت المرة الأولى: «يا أرحم الراحمين» ، كنت في السماء السابعة فلما دعوت في المرة الثانية: «يا أرحم الراحمين» ، كنت في السماء الدنيا فلما دعوت في المرة الثالثة: «يا أرحم الراحمين» ، أتيتك.


........................................................................

                                     3

......................................................................


 اجتمع فتيان وجالستهم امرأة جميلة، وكان قريبا منهم راهب في صومعة له، فبينا هم يتحدثون قالت لهم المرأة: أرأيتم إن فتنت هذا الراهب؟ فقال لها الفتيان: لا تستطيعين ذلك.
قالت:بلى أستطيع.
قالوا: وكيف ذلك؟ فقامت إلى الطيب، فتطيبت، ولبست من أحسن ثيابها، ثم أتت باب الصومعة ليلا، فنادت الراهب، فقالت: يا عبد الله، افتح لي الباب آوي إلى جنبه فإني أتخوف.
فلم تزل به، حتى نزل ففتح لها الباب، فدخلت فقعدت إلى جنب الباب، وصعد هو، ثم صعدت بعده ونزعت جميع ما عليها، ثم استلقت بين يديه عريانة، فنظر إلى أمر عظيم وفكر.
ثم قدم يده إلى المصباح فجعل عليه إصبعه الصغرى وهي تحترق حتى سقطت لم يحس ذلك من الشهوة.
ثم وضع إصبعه الأخرى حتى نفذت أصابعه، فلما رأت ذلك انفض فؤادها فماتت.
فلما أصبح الفتيان غدوا إليه فوجدوها عنده ميتة، فقالوا له: يا عدو الله كنت تغرنا والناس وقتلت هذه المرأة.
فأخذوه، وأوثقوه، وغسلوا المرأة وكفنوها، وقدموه ليضربوا عنقه، فطلب إليهم أن يتركوه يصلي ركعتين، ففعلوا.
فتوضأ وصلى ركعتين، ورفع يديه فدعا إلى الله، فإذا المرأة قد اضطربت في أكفانها واستوت قاعدة، فأخبرتهم بالذي رأت منه، ورد الله إليها نفسها وعاشت بعد ذلك.
وخلي الراهب، فعاد إلى صومعته، وابتنت إلى جنبه صومعة وتعبدت معه.



......................................................................

                              4

......................................................................



حدثني إسماعيل بن جعفر الجوهري، قال: كان عندنا رجل ببغداد يقال له: محمد بن عبيد، وكان يقاس من الزهد والعبادة إلى أحمد بن حنبل.
قال: وكانت عنده جارية، فباعها فاتبعتها نفسه، فسار إلى مولاها فقال: أقلني بيع الجارية.
قال: ما أفعل.
قال: فأربح علي عشرة دنانير.
قال: ما أفعل.
قال: بارك الله لك فيها.
فانصرف، فلما كان في الليل أراد فطره وأراد ورده من الليل، فلم يقدر عليه، وأجهد، فكتب اسمها في كفه، فكلما طرقه من أمرها طارق، رفع كفه إلى السماء وقال: يا سيدي، هذه قصتي فانظر فيها.

فلما كان في السحر فإذا الرجل يقرع الباب.
قال: من هذا؟ قال: أنا، صاحب الجارية.
قال: فخرج بالمال والربح، فقال الرجل: هذه الجارية بارك الله لك فيها.
قال: وهذا المال والربح بارك الله لك فيه.
قال: والله لا أخذت منك من ثمنها دينارا ولا درهما.
قال: ولم، يرحمك الله؟ قال: لأنه أتاني آت في منامي الليلة فقال: «رد الجارية على ابن عبيد ولك على الله الجنة» .
والحمد لله رب العالمين.



.........................................................................


                                 5

..........................................................................


ان رجل بغلا إلى الطائف، فكان الرجل جلدا، فشرط على زيد: أن ينزل في كل مكان أراد أن ينزل فيه، فسار حتى بلغ خربة، فقال له الرجل: انزل.
فنزل، فإذا في الخربة قتلى كثيرة، فلما أراد أن يقتله قال له زيد: دعني حتى أركع ركعتين.
فقال: اركع فقد ركع هؤلاء قبلك فلم يغن عنهم شيئا.
قال: فركعت، فلما فرغت أتاني ليقتلني فناديت في صلاتي: يا أرحم الراحمين! فسمع صوتا: لا تقتله.
فخرج، فطلب، فلم ير شيئا وقال: ودنا مني فناديت: يا أرحم الراحمين! فإذا بفارس في يده حربة في طرفها نار تأجج فوضعها في صدره فقتله.
قال: فقال لي: لقد ناديت أول مرة، وأنا في السماء السابعة، ثم ناديت الثانية وأنا في السماء الدنيا، ثم ناديت الثالثة وأنا عبدك



..................................................................

                                6

.................................................................



عن الليث بن سعد، قال: حججت سنة ثلاث عشرة ومائة، وأنا حدث، فدخلت يوم الجمعة وقد كسفت الشمس هذا العصر، وكان بها ابن أبي مليكة وجماعة من الفقهاء، فقلت: ألا تصلون صلاة الكسوف؟ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد صلاها وأمر بها.
فتعجبوا من جراءتي؛ قالوا لي: إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس، والنهي منها يقطع الأمر.
ثم صعدت إلى جبل أبي قبيس لأخلو فيه وأدعو، فإذا بكهل قائم قد بسط يديه وهو يقول: «يا الله، يا الله» حتى انقطع نفسه؛ «يا رحمن، يا رحمن» حتى انقطع؛ «يا رحيم، يا رحيم» حتى انقطع نفسه؛ «يا أرحم الراحمين» حتى انقطع نفسه.
ثم قال: «اللهم، أنا جائع فأطعمني؛ اللهم، إني عريان فاكسني» .

فلم أشعر إلا وبين يديه سلة مملوءة عنبا أخضر، في غير أوان العنب، وعليها بردان جديدان.
فتقدمت إليه، فقلت: السلام عليكم ورحمة الله.
قال: وعليكم السلام ورحمة الله وبركته.
قلت: إني شريكك.
قال: في ماذا، يرحمك الله؟ قلت: أنت تدعو وأنا أُأَمِن.
قال لي: تقدم فكل.
فأكلت عنبا لا عجم له، والسلة لا تكاد تنتقص.
ثم قال لي: خذ أحب البردين إليك.
قلت: لا حاجة لي فيهما، أنا رجل موسر.
قال: قم فتوار عني.

فقمت فائتزر بأحدهما وارتدى بالآخر، وأخذ البردين الخلقين اللذين كانا عليه، فجعلهما على يده، ونزل ونزلت خلفه، فلما توسطنا سوق الليل لقيه سائل، فقال: اكسني، يا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فأعطاه البردين الخلقين ومضى، فلحقت السائل، فقلت: من هذا؟ فقال: هذا جعفر بن محمد   رضي الله عنه.

...............................................................................

                               7

..............................................................................


عن عبد الله بن أبي الوفاء الأسلمي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كانت له حاجة إلى الله تبارك وتعالى أو إلى

أحد فليقل: «لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل ذنب، ومن كل إثم، لا تدع لي ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا حاجة هي لك رضى إلا قضيتها، يا أرحم الراحمين» .


........................................................................

                           8

.........................................................................



 قال توبة العنبري: عملت ليوسف بن عمر؛ قال: فحبسني حتى لم يبق في رأسي شعرة سوداء.
قال: فرأيت في المنام رجلا حسن الوجه أبيض الثوب.
فقال: يا توبة، لقد طال حبسك.
قال: قلت: أجل.
قال: قل «اللهم أسألك العفو والعافية، والمعافاة في الدنيا والآخرة» ، ثلاث مرات.
فانتبهت فكتبتها.
ثم قمت فتوضأت وصليت، فما زلت أقولها حتى السحر، وإذا رسل يوسف قد أخرجوني إليه في قيودي.

قال: أتحب أن أخليك؟ قلت: نعم.
فأطلق قيودي وخلاني.