القصيدة الزينبية
صرمتْ حبالَك بعـد وصْلـك زينـبُ * * * والـدهــرُ فيـه تغيُّـر وتقـلُّـبُ نشرتْ ذوائبَهـا التـي تزهـو بهـا * * * سُــوداً ورأسُك كالثغـامـة أشْيـبُ واستنفـرتْ لمـا رأتْـك وطالمـا * * * كانت تحـنُّ إلـى لقـاك وترغـب و كـذاك وصْـل الغانيـات فـإنـه * * * آلٌ ببلقَـعَـةٍ وبــرْقٌ خُـلَّــبُ فـدَعِ الصبا فلقـد عـدَاك زمانُـه * * * وازهدْ فعمْـرُك مرٌ منـه الأطيـبُ ذهبَ الشبـابُ فمالـه مـن عـودةٍ * * * وأتى المشيبُ فأيـن منـه المهـرَبُ؟ ضيف ألـمَّ اليـك لـم تحفِل بـه * * * فتـرى لـه أسَفـاً ودمعـاً يسكـبُ دعْ عنك ما قد فات في زمن الصِّبا * * * واذكرْ ذنوبَك وابكِهـا يـا مـذْنـبُ واذكر مناقشـة الحسـاب فإنـه * * * لا بد يُحصـى مـا جنيـتَ و يُكتـبُ لـم ينْسَـه الملكان حيـن نسيتَـه * * * بـل اثبتـاه وأنــت لاهٍ تلـعـبُ والـروح فيـك وديعـة أُودِعْتَهـا * * * سترُدُّهـا بـالرغـم منـك وتُسلـبُ وغرور دنياك التـي تسعـى لهـا * * * دارٌ حقيقتـهـا مـتـاعٌ يـذهــبُ والليـل فاعلـم والنهـار كلاهمـا * * * أنفاسُنـا فيهـا تُـعـدُّ وتُحـسـبُ وجميـع مـا حصَّلتـه وجمعـتَـه * * * حقـاً يقينـاً بعـد موتـك ُينـهـبُ تبَّـاً لــدار لا يــدوم نعيمُـهـا * * * ومشيدُهـا عمٌـا قليـلٍ يَـخْـرَبُ فاسمـعْ هُديـتَ نصائحـاً أَولاكهـا * * * بَــرٌّ لبـيـبٌ عـاقـلٌ مـتـأدِّبُ أهـدي النصيحـةَ فاتٌعـظ بمقـالـه * * * فهـو التـقـيُّ اللـوذعـيُّ الأدربُ صحـبَ الزمـانَ وأهلـه مستبصـراً * * * ورأى الأمورَ بمـا تـؤوبُ وتعقُـبُ لا تأمـنِ الدهـرَ الصَّـروفَ فإنه * * * لا زال قِدْمـاً للرجـال يهـذِّبُ وعواقبُ الأيـام في غُصَّاتهـا * * * مَضَضٌ يذلُّ لهـا الأعـزُّ الأنجبُ فعليـك تقـوى الله فالزمهـا تفـزْ * * * إن التقـيَّ هـو البَهـيُّ الأهـيـبُ واعملْ بطاعته تنـلْ منـه الرِّضـا * * * إن المطـيـعَ لـربِّـه لـمـقـرَّبُ واقنع ففـي بعـض القناعـة راحـةٌ * * * واليأس ممـا فـات فهـو المطلـبُ فـإذا طمِعتَ كُسيتَ ثـوبَ مذلـةٍ * * * فبذا اكتسى ثـوبَ المذلةِ أشعَـبُ وتوقَّ مـن غـدْر النسـاء خيانـة * * * فجميعُهـن مكائـدٌ لــك ُتنـصَـبُ لا تأمـنِ الأنثـى حيـاتَـك إنـهـا * * * كالأفعـوان يُـراع منهـا الأنْـيـبُ لا تأمـن الأنـثـى زمـانَـك كـلَّـه * * * يومـاً ولـو حلفـت يمينـاً تكـذبُ تُغْـري بليـن حديثِهـا وكلامِهـا * * * فإذا سطَتْ فهي الصقيلُ الأشطـبُ واجـه عـدوَّك بالتحيـةِ لا تكـنْ * * * منـهُ زمـانَـك خائـفـاً تتـرقَّـبُ واحـذرْه إن لاقيتَـه متبسِّمـاً * * * فالليـث يبـدو نابُـه إذ يغْـضـبُ إن الحقـود وإن تقـادمَ عـهـدُه * * * فالحقـد بـاقٍ في الصـدور مغـيَّـبُ وإذا الصديق لقيتَـه متلوِّنـاً * * * فهـو العـدوُّ وحـقُّـه يُتَجـنَّـبُ لا خيـرَ فـي ودِّ امـرىءٍ مـتملِّـقٍ * * * حلْـوِ اللسـانِ و قلـبُـه يتلـهَّـبُ يلقـاك يحلـفُ أنّـه بـك واثــقٌ * * * وإذا تـوارى عنـك فهـو العقْـربُ يعطيك من طـرَفِ اللسـان حـلاوةً * * * ويـروغ منك كمـا يـروغ الثعلـبُ وصِلِ الكرامَ ولو رمـوك بجفـوةٍ * * * فالصفْـحُ عنهـم والتجـاوزُ أصوبُ واختر قرينَـك واصطفيـه مواتيـاً * * * إن القـريـن إلـى المقـارن يُنسـبُ إنَّ الغنـيَّ مـن الـرجـال مـكـرَّم * * * وتـراهُ يُـرجـى ما لديـه ويرهـبُ ويُبـَشُّ بالترحيـب عنـد قدومـه * * * ويُقـام عنـد سـلامـه ويُـقـرَّبُ والفقـرُ شيـنٌ للـرجـال وإنّـه * * * يُـزرى به الشهـمُ الأديـبُ الأنسـبُ واخفضْ جناحَـك للأقـارب كلِّهـم * * * بتـذلُّـلٍ واغفـرْ لهـم إنْ أذنبـوا ودعِ الكذوبَ فلا يكـنْ لـك صاحبـاً * * * إن الكـذوبَ لبئـس خـلاً يُصحـبُ وذر الحسودَ ولو صفـا لـك مـرةً * * * أبعـدْه عـن رؤيـاك لا يُستجلـبُ وزن الكـلام إذا نطقـتَ ولا تكـنْ * * * ثرثـارةً فـي كـل نـادٍ تخـطُـبُ وأحفظْ لسانَك واحترِزْ مـن لفظـه * * * فالمـرْءُ يسلَـمُ باللسـان ويعطـبُ والسـرَّ فاكتمْـهُ ولا تنطِـقْ بـه * * * فهـو الأسيـر لديـك إذ لا ينْشـبُ واحرِصْ على حفظِ القلوبِ من الأذى* * *فرجوعُهـا بعـد التنافـر يصْـعـبُ إنَّ القـلـوبَ إذا تنـافـرَ ودُّهــا * * * شبْـه الزجاجـة كَسْرُهـا لا يُشْعـبُ وكذاك سـرُّ المـرْءِ إنْ لـم يطْـوِه * * * نشرتْـه ألسنـةٌ تـزيـدُ وتـكْـذِبُ لا تحرصنْ فالحـرص ليـس بزائـدٍ* * *في الرزق بل يشقي الحريصَ ويُتعِبُ ويظـل ملهوفـاً يــروم تحـيـلاً * * * والـرزق ليـس بحيلـة يستجلـبُ كم عاجزٍ في النـاس يؤتـى رزقُـه * * * رغَـدا ً ويُحـرَمْ كَيِّـسٌ ويخـيَّـبُ أدِّ الأمانـة ، والخيانـةَ فاجتنـبْ * * * واعـدِلْ ولا تظلِمْ يطيـبُ المكسَـبُ وإذا بليتَ بنكبـةٍ فاصبرْ لهـا * * * مـن ذا رأيـتَ مسلَّمـاً لا ينـكـبُ وإذا أصابـك فـي زمانـك شـدةٌ * * * وأصابك الخطْـبُ الكريـهُ الأصْعـبُ فالجأ لربِّـك إنـه أدنـى لـمـن * * * يدعوه مـن حبْـل الوريـد وأقـربُ كنْ ما استطعتَ عن الأنـام بمعزِلٍ * * * إن الكثيـرَ مـن الورى لا يُصحـبُ واجعلْ جليسَك سيـِّداً تحظـى بـه * * * حبـرٌ لبـيـبٌ عـاقـلٌ مـتـأدبُ واحـذرْ مـصاحبـةَ اللئيـم فإنهـا * * * تُعـدي كما يُعْدي الصحيحَ الأجربُ واحذرْ من المظلـوم سهمـاً صائبـاً * * * واعلـم بـأن دعـاءَه لا يُحـجَـبُ وإذا رأيـتَ الـرزقَ ضـاقَ ببلـدةٍ * * * وخشيتَ فيها أن يضيـْقَ المكسَـبُ فارْحـلْ فـأرضُ الله واسعـةٌ الفضـا * * * طولاً وعرضاً شرقُهـا والمغـرِبُ فقلد نصحتُـك إنْ قبلـتَ نصيحتـي * * * فالنُّصْحُ أغلى مـا يُبـاع ويوهـبُ خذْهـا إليـك قصـيـدةً منظـومـةً * * * جاءتْ كنظْم الدُّرِّ بـلْ هـي أعجَـبُ حِـكَـم وآدابٌ وجــلُّ مـواعـظٍ * * * أمثالُهـا لـذوي البصائـر تُكـتَـبُ فاصـغي لوعـظ قصيـدة أَولاكـهـا * * * طـودُ العلـوم الشامخـاتِ الأهيـبُ أعنـي عليـاً وابـنَ عـمِّ محمـدٍّ * * * من ناله الشـرَفُ الرفيـعُ الأنسـبُ يـا ربِّ صـلِّ علـى النبـيِّ وآلـه * * * عددَ الخلائـقِ حصْرُهـا لا يُحسَـبُ | ||