عن
الصدق والكذب
انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا [ النساء : 50 ]
قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ [ يونس : 69 ]
وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ
هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ
عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ
[ النحل : 36 ] .
إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأُوْلئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ
النحل : 105 ]
وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ
[ النحل : 116 ]
وبعد : فإن الصدق من أبرز مكارم الأخلاق , والكذب من أبرز مساوئها, وقد كان هناك اهتمام كبير من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الترغيب في الصدق والتحذير من الكذب .
(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا)
(الاحزاب/23)
عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه قال:
كان معاذ يتخلف عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان إذا جاء أمّ قومه , وكان رجل من بني سلمة يقال له سليم يصلي مع معاذ , فاحتبس عنهم معاذ ليلة , فصلى سليم وحده ثم أنصرف , فأخبر معاذ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم , فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سليم يسأله عن ذلك , فقال : إني رجل أعمل نهاري حتى إذا أمسيت أمسيت ناعساً ؛ فيأتينا معاذ وقد أبطأ علينا , فلما احتبس علي صليت وانقلبت إلى أهلي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كيف صنعت حين صليت ؟ قال : قرأت بفاتحة الكتاب وسورة , ثم قعدت وتشهدت , وسألت الله الجنة , وتعوذت من النار , وصليت على النبي صلى الله عليه وسلم , ثم انصرفت . ولست أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ . فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : وهل أدندن أنا ومعاذ إلا لندخل الجنة ونعاذ من النار ؟ ثم أرسل إلى معاذ : لا تكن فتاناً تفتن الناس ؛ ارجع إليهم فصل بهم قبل أن يناموا . ثم قال سليم : ستنظر يا معاذ غداً إذا لقينا العدو كيف تكون أو أكون أنا وأنت . قال : فمر سليم يوم أحد شاهراً سيفه فقال : يا معاذ تقدم . فلم يتقدم معاذ وتقدم سليم , فقاتل حتى قتل . فكان إذا ذكر عند معاذ يقول معاذ : (( إن سليما صدق الله وكذب معاذ ))
رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وقال الهيثمي : رواه البزار ورجاله رجال الصحيح خلا معاذ بن عبد الله بن حبيب وهو ثقة لا كلام فيه .
ما أخرجه الشيخان من حديث عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة ، ومايزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا ، وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار ، ومايزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا"
([1])
صحيح البخاري , رقم 6094 , كتاب الأدب (10/507) ؛ صحيح مسلم , رقم 2607 , كتاب البر (ص2012
شرح مبسط للحديث
فالصدق من أبرز صفات المؤمنين , لأنه انسجام بين الظاهر والباطن , فلا ينطق اللسان إلا بما يعتقده القلب , وحياة المؤمن تقوم على الوضوح والانسجام والتكامل .
ولذلك كان الصدق مؤشرا من مؤشرات الإيمان , فكلما كان الإنسان يتحرى الصدق ويتورع عن الكذب كان أقرب إلى حياة كاملي الإيمان من الصديقين .
والصدق يهدي إلى البر , لأن الصدق صفاء في النفس ونور في القلب , والإنسان ينقاد إلى فعل الخيرات إذا صفت نفسه وتخلص تفكيره من شوائب التبعات التي يخلفها التناقض بين ظاهره وباطنه.
فالمؤمن إذا صدق وتحرى الصدق وألزم نفسه به وجاهدها حتى يكون منطقه كلُّه صدقا فإنه يبلغ درجة الصديقية , وهي درجه عالية إذا بلغها المؤمن يكون قد تمحض للخير فتُقِبل نفسه بانشراح وشوق نحو أعمال الخير والإحسان , وهذه الأعمال الصالحة جزاؤها العظيم ومآلها الكريم الظفر بنعيم الجنة .
والكذب من أبرز صفات المنافقين , لأن النفاق يقوم على الاختلاف بين الظاهر والباطن , والوسيلة الكبرى للمنافق حتى يؤدي أدوار النفاق هي خصلة الكذب, لأن الصدق يفضح حياته المتناقضة .
وإذا ألف الإنسان الكذب ومارسه في حياته فإنه ينحط بنفسه حتى يكتب عند الله كذابا , وبالتالي فإن نفسه تنشرح لارتكاب أعمال الفجور التي عاقبتها الشقاء في النار .
والكذب يهدي إلى الفجور , لأن الكذب ظلمات في القلب وتكدير لصفاء النفس .
فالإنسان حينما يكذب يظهر بشخصية مستعارة تتناقض مع شخصيته الأصلية , فيبدأ بالتعامل مع الناس بسلوك مزدوج , مرة تطغى فيه شخصيته الأصلية , ومرة تطغى فيه شخصيته المستعارة .
ونظرًا للتناقض بين الشخصيتين فإنه يتورط في كثير من المواقف , ويفتضح أمره , فيضطر لتلافي الوقوع في هذا التناقض إلى أن يرتكب وقائع أخرى من الكذب ليستر بذلك حقيقة معتقده وماوقع فيه من التناقض , وقد يجره ذلك إلى ارتكاب كثير من الجرائم ليبقى على الصورة المصطنعة التي ظهر بها أمام الناس , ومن هنا كان الكذب قائدا إلى الفجور الذي يقود صاحبه إلى النار .
ويأتي الكذاب في مقابلة الصديق , وإن مجرد المقارنة بين المنـزلتين ليعدُّ أقوى منفر عن الكذب, فأي عاقل يرضى لنفسه بأن يمحى من سجل الصديقين ويثبت في سجل الكذابين ؟!
إن التهاون بالكذب شيئا فشيئا يورث التطبُّع به , فيغدو الكذب أمرا سهلا لدى من تطبع به, لا يشعر معه بأنه قد ارتكب إثما , بل يكون خلقا من أخلاقه يكتسب الأصالة , ويصبح الصدق عنده خلقا شاذا لاترتاح نفسه إليه ولاينفتح له تفكيره .
وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن الكذب لايتفق مع الإيمان , وذلك فيما أخرجه الإمام مالك من حديث صفوان بن سليم رضي الله عنه قال: قلنا : يارسول الله أيكون المؤمن جبانا ؟ قال: نعم , قيل له : أيكون بخيلا ؟ قال : نعم , قيل : أيكون المؤمن كذابا ؟ قال : لا
صحيح البخاري , رقم 6094 , كتاب الأدب (10/507) ؛ صحيح مسلم , رقم 2607 , كتاب البر (ص2012
شرح مبسط للحديث
فالصدق من أبرز صفات المؤمنين , لأنه انسجام بين الظاهر والباطن , فلا ينطق اللسان إلا بما يعتقده القلب , وحياة المؤمن تقوم على الوضوح والانسجام والتكامل .
ولذلك كان الصدق مؤشرا من مؤشرات الإيمان , فكلما كان الإنسان يتحرى الصدق ويتورع عن الكذب كان أقرب إلى حياة كاملي الإيمان من الصديقين .
والصدق يهدي إلى البر , لأن الصدق صفاء في النفس ونور في القلب , والإنسان ينقاد إلى فعل الخيرات إذا صفت نفسه وتخلص تفكيره من شوائب التبعات التي يخلفها التناقض بين ظاهره وباطنه.
فالمؤمن إذا صدق وتحرى الصدق وألزم نفسه به وجاهدها حتى يكون منطقه كلُّه صدقا فإنه يبلغ درجة الصديقية , وهي درجه عالية إذا بلغها المؤمن يكون قد تمحض للخير فتُقِبل نفسه بانشراح وشوق نحو أعمال الخير والإحسان , وهذه الأعمال الصالحة جزاؤها العظيم ومآلها الكريم الظفر بنعيم الجنة .
والكذب من أبرز صفات المنافقين , لأن النفاق يقوم على الاختلاف بين الظاهر والباطن , والوسيلة الكبرى للمنافق حتى يؤدي أدوار النفاق هي خصلة الكذب, لأن الصدق يفضح حياته المتناقضة .
وإذا ألف الإنسان الكذب ومارسه في حياته فإنه ينحط بنفسه حتى يكتب عند الله كذابا , وبالتالي فإن نفسه تنشرح لارتكاب أعمال الفجور التي عاقبتها الشقاء في النار .
والكذب يهدي إلى الفجور , لأن الكذب ظلمات في القلب وتكدير لصفاء النفس .
فالإنسان حينما يكذب يظهر بشخصية مستعارة تتناقض مع شخصيته الأصلية , فيبدأ بالتعامل مع الناس بسلوك مزدوج , مرة تطغى فيه شخصيته الأصلية , ومرة تطغى فيه شخصيته المستعارة .
ونظرًا للتناقض بين الشخصيتين فإنه يتورط في كثير من المواقف , ويفتضح أمره , فيضطر لتلافي الوقوع في هذا التناقض إلى أن يرتكب وقائع أخرى من الكذب ليستر بذلك حقيقة معتقده وماوقع فيه من التناقض , وقد يجره ذلك إلى ارتكاب كثير من الجرائم ليبقى على الصورة المصطنعة التي ظهر بها أمام الناس , ومن هنا كان الكذب قائدا إلى الفجور الذي يقود صاحبه إلى النار .
ويأتي الكذاب في مقابلة الصديق , وإن مجرد المقارنة بين المنـزلتين ليعدُّ أقوى منفر عن الكذب, فأي عاقل يرضى لنفسه بأن يمحى من سجل الصديقين ويثبت في سجل الكذابين ؟!
إن التهاون بالكذب شيئا فشيئا يورث التطبُّع به , فيغدو الكذب أمرا سهلا لدى من تطبع به, لا يشعر معه بأنه قد ارتكب إثما , بل يكون خلقا من أخلاقه يكتسب الأصالة , ويصبح الصدق عنده خلقا شاذا لاترتاح نفسه إليه ولاينفتح له تفكيره .
وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن الكذب لايتفق مع الإيمان , وذلك فيما أخرجه الإمام مالك من حديث صفوان بن سليم رضي الله عنه قال: قلنا : يارسول الله أيكون المؤمن جبانا ؟ قال: نعم , قيل له : أيكون بخيلا ؟ قال : نعم , قيل : أيكون المؤمن كذابا ؟ قال : لا
([2]) .
شرح مبسط للحديث
نعم فالجبن ضعف في النفس , وقد يكون المؤمن ضعيف النفس , والبخل إمساك للمال عن الحقوق الواجبة , وهو مبني على حب الدنيا أكثر من الآخرة , وهو مع هذا لايتنافى مع الإيمان, أما الكذب فإنه يتنافى مع الإيمان , لأن الكذب يعدُّ تناقضا بين السريرة والعلانية , فالكذاب مخادع لأنه يظهر للناس شيئا ويسر شيئا آخر , ولهذا كان الكذب من صفات المنافقين .
وذكر الحافظ ابن حجر عن الحافظ البيهقي في الشُّعَب بسند صحيح أن أبا بكر رضي الله عنه قال: " الكذب يجانب الإيمان" , وذكر عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يُطبع المؤمن على كل شيء إلا الخيانة والكذب " قال الحافظ ابن حجر : أخرجه البزار وسنده قوي ([3]) .
وهذا يدل على فظاعة الكذب حيث إنه يتناقض مع الإيمان .
ومما جاء في التنفير من الكذب ما أخرجه الإمام الترمذي من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا كذب العبد تباعد عنه الملك ميلا من نتن ماجاء به" ([4]) .
فهذا تصوير للأمور المعنوية بالصور المحسة للتنفير منها , وإذا كان الكذاب تبتعد منه ملائكة الرحمة والحفظ فما أقبح ماجاء به ! وما أكبر حرمانه حيث حرم من صحبة الملائكة عليهم السلام!
أحاديث شريفة أخرى في النهي عن الكذب والتحلي بالصدق
عن أسماء بنت يزيد قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يحل الكذب إلا في ثلاث يحدث الرجل امرأته ليرضيها والكذب في الحرب والكذب ليصلح بين الناس وقال محمود في حديثه لا يصلح الكذب إلا في ثلاث هذاحديث لا نعرفه من حديث أسماء إلا من حديث بن خثيم وروى داود بن أبي هند هذا الحديث عن شهر بن حوشب عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر فيه عن أسماء حدثنا بذلك محمد بن العلاء حدثنا بن أبي زائدة عن داود وفي الباب عن أبي بكر)
عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من ترك الكذب وهو باطل بني له في ربض الجنة ومن ترك المراء وهو محق بني له في وسطها ومن حسن خلقه بنيله في أعلاها وهذا الحديث حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث سلمة بن وردان عن أنس بن مالك )
عن بن أبي مليكة عن عائشة قالت ما كان خلق أبغض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكذب ولقد كان الرجل يحدث عند النبي صلى الله عليه وسلم بالكذبة فما يزال في نفسه حتى يعلم أنه قد أحدث منها توبة قال أبو عيسى هذا حديث حسن)
قال الترمذي : حديث حسن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يفشو الكذب حتى يشهد الرجل ولا يستشهد ويحلف الرجل ولا يستحلف ومعنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم خير الشهداء الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها هو عندنا إذا أشهدالرجل على الشيء أن يؤدى شهادته ولا يمتنع من الشهادة هكذا وجه الحديث عند بعض أهل العلم)
عن أبي الحوراء السعدي قال قلت للحسن بن علي ما حفظت من رسولالله صلى الله عليه وسلم قال ( حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم دع ما يريبك إلى مالا يريبك فإن الصدق طمأنينة وإن الكذب ريبة )
وفي الحديث قصة قال وأبو الحوراء السعدي اسمه ربيعة بن شيبان قال وهذا حديث حسن صحيح حدثنا بندارحدثنا محمد بن جعفر المخرمي حدثنا شعبة عن بريدة فذكر نحوه)
عن بلادبن عصمة قال : سمعت عبد الله بن مسعود يقول ، وكان إذا كان عشية ليلة الجمعة قام ،فقال ( إن أصدق القول قول الله ، وإن أحسن الهدي هدي محمد ،والشقي من شقي في بطن أمه ، وإن شر الروايا روايا الكذب ، وشر الأمور محدثاتها ،وكل ما هو آت قريب)
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً ، ولا يزال يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً )
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا ذنوبنا ويكفر عنا سيئاتنا ويشفي مرضانا ومرضى المسلمين جميعاً ويغفر لموتانا وموت المسلمين جميعاً انه سميع مجيب الدعاء
شرح مبسط للحديث
نعم فالجبن ضعف في النفس , وقد يكون المؤمن ضعيف النفس , والبخل إمساك للمال عن الحقوق الواجبة , وهو مبني على حب الدنيا أكثر من الآخرة , وهو مع هذا لايتنافى مع الإيمان, أما الكذب فإنه يتنافى مع الإيمان , لأن الكذب يعدُّ تناقضا بين السريرة والعلانية , فالكذاب مخادع لأنه يظهر للناس شيئا ويسر شيئا آخر , ولهذا كان الكذب من صفات المنافقين .
وذكر الحافظ ابن حجر عن الحافظ البيهقي في الشُّعَب بسند صحيح أن أبا بكر رضي الله عنه قال: " الكذب يجانب الإيمان" , وذكر عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يُطبع المؤمن على كل شيء إلا الخيانة والكذب " قال الحافظ ابن حجر : أخرجه البزار وسنده قوي ([3]) .
وهذا يدل على فظاعة الكذب حيث إنه يتناقض مع الإيمان .
ومما جاء في التنفير من الكذب ما أخرجه الإمام الترمذي من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا كذب العبد تباعد عنه الملك ميلا من نتن ماجاء به" ([4]) .
فهذا تصوير للأمور المعنوية بالصور المحسة للتنفير منها , وإذا كان الكذاب تبتعد منه ملائكة الرحمة والحفظ فما أقبح ماجاء به ! وما أكبر حرمانه حيث حرم من صحبة الملائكة عليهم السلام!
أحاديث شريفة أخرى في النهي عن الكذب والتحلي بالصدق
عن أسماء بنت يزيد قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يحل الكذب إلا في ثلاث يحدث الرجل امرأته ليرضيها والكذب في الحرب والكذب ليصلح بين الناس وقال محمود في حديثه لا يصلح الكذب إلا في ثلاث هذاحديث لا نعرفه من حديث أسماء إلا من حديث بن خثيم وروى داود بن أبي هند هذا الحديث عن شهر بن حوشب عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر فيه عن أسماء حدثنا بذلك محمد بن العلاء حدثنا بن أبي زائدة عن داود وفي الباب عن أبي بكر)
عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من ترك الكذب وهو باطل بني له في ربض الجنة ومن ترك المراء وهو محق بني له في وسطها ومن حسن خلقه بنيله في أعلاها وهذا الحديث حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث سلمة بن وردان عن أنس بن مالك )
عن بن أبي مليكة عن عائشة قالت ما كان خلق أبغض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكذب ولقد كان الرجل يحدث عند النبي صلى الله عليه وسلم بالكذبة فما يزال في نفسه حتى يعلم أنه قد أحدث منها توبة قال أبو عيسى هذا حديث حسن)
قال الترمذي : حديث حسن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يفشو الكذب حتى يشهد الرجل ولا يستشهد ويحلف الرجل ولا يستحلف ومعنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم خير الشهداء الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها هو عندنا إذا أشهدالرجل على الشيء أن يؤدى شهادته ولا يمتنع من الشهادة هكذا وجه الحديث عند بعض أهل العلم)
عن أبي الحوراء السعدي قال قلت للحسن بن علي ما حفظت من رسولالله صلى الله عليه وسلم قال ( حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم دع ما يريبك إلى مالا يريبك فإن الصدق طمأنينة وإن الكذب ريبة )
وفي الحديث قصة قال وأبو الحوراء السعدي اسمه ربيعة بن شيبان قال وهذا حديث حسن صحيح حدثنا بندارحدثنا محمد بن جعفر المخرمي حدثنا شعبة عن بريدة فذكر نحوه)
عن بلادبن عصمة قال : سمعت عبد الله بن مسعود يقول ، وكان إذا كان عشية ليلة الجمعة قام ،فقال ( إن أصدق القول قول الله ، وإن أحسن الهدي هدي محمد ،والشقي من شقي في بطن أمه ، وإن شر الروايا روايا الكذب ، وشر الأمور محدثاتها ،وكل ما هو آت قريب)
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً ، ولا يزال يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً )
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا ذنوبنا ويكفر عنا سيئاتنا ويشفي مرضانا ومرضى المسلمين جميعاً ويغفر لموتانا وموت المسلمين جميعاً انه سميع مجيب الدعاء
لايكذب المرء إلا من مهانته...أو فعله السوء أو من قلة الأدب
لبعضُ جيفة كلب خيرُ رائحة..... من كذبة المرء في جدّ وفي لعب
.........................
إياك من كذب الكذوب وافكه........ فلرُبما مزَج اليقين بشكه
إياك من كذب الكذوب وافكه........ فلرُبما مزَج اليقين بشكه
ولرُبما كذب امرؤٌ بكلامه........ وبصمته وبكائه وبضحكه
.........................
إذاعرف الانسان بالكذب لم يزل.... لدى الناس كذاباً ولو كان صادقا
فان قال لم تصغ له جـلساؤه.......ولم يسمعوا منه ولو كان ناطقا
.........................
الكِذْبُ يُرْدِيكَ، وَإنْ لَمْ تَخَفْ * وَالصِّدْقُ يُنْجِيكَ عَلَى كُلِّ حَالْ
فانْطِـقْ بِمَا شِـئتَ تَجِدْ غِبَّـهُ * لَمْ تُبْتَخَـسْ وَزْنَةَ مِثْقَـالْ
.........................
كَذَبْتَ، وَمَنْ يَكْذِبْ فَـإِنَّ جَـزَاءَهُ * إذَا مَا أَتَى بِالصِّدْقِ أنْ لا يُصَدَّقَا
إذَا عُرِفَ الكذَّابُ بالكِذْبِ لَمْ يَزَلْ * لَدَى النَّاسِ كَذَّابًا، وَإن كانَ صادِقَا
وَمِنْ آفَةِ الكذَّابِ نِسْـيانُ كِذْبِـهِ * وتَلْقَاهُ ذَا فِقْـهٍ إذَا كانَ حَـاذِقَا
.........................
كَمْ مِنْ حَسيبٍ كَريمٍ كَانَ ذَا شَرَفٍ * قَدْ شَانَهُ الكِذْبُ وَسْطَ الحَيِّ إذْ عَمَدَا
وآخَـرٍ كَانَ صُعْلُوكـًا فشَـرَّفَهُ * صِـدْقُ الحَدِيثِ وَقَوْلٌ جَانَبَ الفَنَـدَا
فصـارَ هَذَا شَـرِيفًا فَوْقَ صَـاحِبِهِ * وَصَـارَ هَذَا وَضيعًا تَحْتَـهُ أَبَـدَا