..................................................................
المستغيثين بالله ............................. 2 .......................................
..............................................................
.............................................................
9
...........................................................
عن ابن أبي زائدة، قال: كان عند سفيان الثوري مخبآت لبني هاشم، لا يهديها لكل إنسان ضنا بها، ولقد حدثنا يوما بحديث فالتفت إلينا، فقال: هذا حديث خير من ألف حديث؛ دخلنا على جعفر بن محمد، فقال لي: يا سفيان، اخرج عني غير مطرود، فإن السلطان يطلبك، ونحن لا نتعرض للسلطان.
فلما وليت قال لي: يا سفيان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كربه أمر فليقل: لا حول ولا قوة إلا بالله، ومن أنعم الله عليه نعمة فليحمد الله تعالى، ومن استبطأ رزقه فليستغفر الله ".
ثم ناداني: يا سفيان.
فقلت: لبيك، يا ابن رسول الله.
قال: ثلاث وأي ثلاث.
عن سفيان الثوري، أن جعفر بن محمد قال له: إذا جاءك ما تحب فأكثر من الحمد، وإذا جاءك ما تكره فأكثر من: لا حول ولا قوة إلا بالله، وإذا استبطأت الرزق فأكثر من الاستغفار.
قال سفيان: فانتفعت بهذه الموعظة.
......................................................................
10
......................................................................
عن أبي عبد الله جعفر بن محمد رضي الله عنه أنه قال:
عجبت لمن بلي بأربع كيف يغفل
عن أربع؛ عجبت لمن ابتلي بالغم، كيف لا يقول:
«لا إله إلا أنت سبحانك، إني كنت من الظالمين»
، والله يقول:
{فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ}
وعجبت لمن ابتلي بالخوف، كيف لا يقول:
«حسبنا الله ونعم الوكيل»
، والله عز وجل يقول:
{فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ}
وعجبت لمن مكر به، كيف لا يقول:
{وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ}
والله عز وجل يقول:
{فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا}
وعجبت لمن رغب في شيء، كيف لا يقول:
«ما شاء الله لا قوة إلا بالله»
، والله عز وجل يقول:
{وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ}
............................................................................
11
...........................................................................
عن سفيان الثوري، عن الأوزاعي، قال: رأيت رجلا في الطواف وهو متعلق بأستار الكعبة وهو يقول: «يا رب إني فقير كما ترى، وصبيتي قد عروا كما ترى، وناقتي قد عجفت كما ترى، فما ترى فيها ترى، يا من يرى ولا يرى» .
فإذا بصوت من خلفه: يا عاصم، يا عاصم الحق عمك فقد هلك بالطائف، وقد خلف ألف نعجة، وثلاثمائة ناقة، وأربعمائة دينار، وأربعة أعبد، وثلاثة أسياف يمانية، وامض فخذها فليس له وارث غيرك.
قال الأوزاعي: قلت له: يا عاصم إن الذي دعوته لقد كان قريبا منك.
قال: يا هذا، أما سمعت قوله:
وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ
.................................................................
12
.................................................................
أخبرنا الحارث بن نبهان، عن محمد بن عبيد الله، عن عبد الملك بن عمير أنه حدثه من رأى ذلك الرجل فقال: كنا بأرض الروم في سرية، فوقع رجل، فانكسرت فخذه، فانطلق أصحابه وتركوه، فلما رأى ذلك قرأ:
{فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ}
فجاءه رجل فقال: ما قلت؟ قال: قلت كذا وكذا.
فأخذ برجله، فمدها حتى سمع صوت العظم، ثم قال: قم.
فقام وهي أقوى من الأخرى.
............................................................................
13
............................................................................
عن قيس بن أبي حازم، قال: أخبرت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم استجب لسعد إذا دعاك» .
وكان صلى الله عليه وسلم، يقول: «اتقوا دعوات سعد فإنها مستجابة» .
وقال صلى الله عليه وسلم: «اللهم أجب دعوته وسدد رميته» .
فقال سعد: أما أنا فكنت أصلي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أخرم عنها، أركد في الأوليين وأحذف في الأخريين.
فقال عمر: كذلك الظن بك، يا أبا إسحاق.
ثم بعث رجالا يسألون عنه في مجالس الكوفة، فكانوا لا يأتون مجلسا إلا أثنوا خيرا وقالوا معروفا، حتى أتوا مجلسا من مساجدهم فقام رجل يقال له أبو سعدة، فقال: اللهم إذا سألتمونا فإنه كان لا يعدل في القضية، ولا يقسم بالسوية، ولا يسير السرية.
فقال سعد: «اللهم إن كان كاذبا فاعم بصره، وأطل فقره، وعرضه للفتن» .
قال عبد الملك: فأنا رأيته يتعرض للإماء في السكك فإذا قيل له: كيف أنت، يا أبا سعدة؟ قال: كبير فقير مفتون، أصابتني دعوة سعد رضي الله عنه.
..................................................................................
14
..................................................................................
قال يزيد بن هارون، قال: غدوت إلى أصبغ بن يزيد الوراق أريد أن أسمع منه، فوجدته شديد الغم فقلت: يرحمك الله، مم غمك؟ قال لي: إن كنت تريد أن تكتب، فاكتب وإلا فانصرف.
فكتبت وانصرفت، فلما كان اليوم الثاني، غدوت إليه فوجدته قد تضاعف غمه، فسألته عن ذلك فقال: إن أردت الكتاب فاكتب وإلا فانصرف.
فكتبت وانصرفت.
فلما كان اليوم الثالث، رحت إليه، فوجدته طلق الوجه مسرورا، فقلت له: أراك اليوم والحمد لله مسرورا، وكنت بالأمس مغموما فما الخبر؟ فقال: أما أنك لولا سؤالك في اليوم الخالي ما أخبرتك، ولكني أعلمك أني مكثت أنا ومن عندي ثلاثا لم نطعم طعاما، فلما كان اليوم خرجت إلي ابنتي الصغيرة فقالت: «يا أبا، الجوع» ، فتركتها وأتيت الميضأة فتوضأت للصلاة، وصليت ركعتين، ومددت يدي
لأدعو، فأنسيت ما كنت أحسنه من الدعاء فقلت: " اللهم إن كنت حرمتني الرزق، فلا تحرمني الدعاء، فألهمت أن قلت: اللهم خشعت الأصوات لك، وضلت الأحلام فيك، وضاقت الأشياء دونك، وهرب كل شيء منك إليك، وتوكل كل مؤمن عليك، فأنت الرفيع في جلالك، وأنت البهي في جمالك، وأنت العلي في قدرتك، يا من هو في علوه دان، وفي دنوه عال، وفي سلطانه قوي، صلي اللهم على محمد وعلى آل محمد، وافتح علي منك رزقا لا تجعل لأحد علي فيه منة، ولا لك علي في الآخرة تبعة، برحمتك يا أرحم الراحمين ".
قال: ثم انصرفت إلى البيت، فإذا ابنتي الكبيرة قد قامت إلي وقالت: يا أباه قد جاء الساعة عمي وجاء بهذه الصرة من الدراهم، وبجمال عليه دقيق، وحمال عليه كل شيء في السوق وقال: أقرءوا أخي السلام، وقولوا له: إذا احتجت إلى شيء، فادع بهذا الدعاء تأتك حاجتك.
قال أصبغ: ولا والله ما كان لي أخ قط، ولا أعرف من كان هذا القائل، ولكن الله على كل شيء قدير والحمد لله رب العالمين.
.......................................................................................
15
..........................................................................................
قال: أبا عبيد الله بن أخي بن وهب يقول: لما وضع الشافعي كتاب الرد على مالك بن أنس، اشتد على أهل مصر، واجتمعوا إلى السلطان وقالوا: أخرج عنا هذا الرجل الشافعي.
فأجابهم السلطان إلى ذلك، فبلغ ذلك الشافعي، فجمع الهاشميين والقرشيين، ومضى بهم إلى السلطان فكلموه في أمر الشافعي فأبى عليهم وقال: إن أهل البلد قد كرهوك وأخاف أن تفتن البلد علي، وقد أجلتك ثلاثة أيام، على أن تخرج من البلد.
فلما كان اليوم الثالث مات الوالي فجأة وكفى الله الشافعي أمره وأقام.