الخميس، 24 يناير 2013

ذكور أم رجال ؟؟؟!!! ......... ( الرجولة الحقيقية ........الغائبة)







ذكور أم رجال ؟؟؟!!! ......... ( الرجولة الحقيقية ........الغائبة)










الرجولة الحقيقية ........الغائبة

ليس كل الذكور رجالاً، ولا كل المؤمنين رجالاً، ولا كل أصحاب العضلات المفتولة، أو الشوارب المبرومة، أو اللحى المسدولة، أو العمائم الملفوفة، أو النياشين البراقة، أو الألقاب الرنانة رجالاً.

وبالرغم من كثرة المسلمين في هذا الزمان واقتراب أعدادهم من المليار ونصف، إلا أنني أجزم أن أكبر أزمة تعانيها الأمة الآن - بعد أزمة الإيمان - هي أزمة رجولة وقلة رجال.

والمتأمل في القرآن الكريم يكتشف أن الرجولة وصف لم يمنحه الحق تبارك وتعالى إلى كل الذكور، ولم يخص به إلا نوعًا معينًا من المؤمنين، لقد منحه لمن صدق منهم العهد معه، فلم يغير ولم يبدل، ولم يهادن، ولم يداهن، ولم ينافق، ولم يتنازل عن دينه ومبادئه، وقدم روحه شهيدًا في سبيل الله، أو عاش حياته في سبيله مستعدًا ومنتظرًا أن يبيعها له في كل وقت.

نفهم هذا من قول الله عز وجل: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} [الأحزاب:23]، فقد بين سبحانه صفات الرجولة بعد أن أكد أنه من المؤمنين رجال وليس كل المؤمنين رجالاً.

**والرجولة وقوف في وجه الباطل، وصدع بكلمة الحق.

ودعوة مخلصة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، واستعلاء على الكافرين، وشدة على المنحرفين وأصحاب الأهواء، وابتعاد عن نفاق وتملق ومداهنة السلاطين وأصحاب النفوذ، ومواجهة للظلم والظالمين مهما عظم سلطانهم، ومهما كلف تحديهم، واستعداد للتضحية بالغالي والنفيس والجهد والمال والمنصب والنفس من أجل نصرة الحق وإزالة المنكر وتغييره.

يفهم هذا من موقف مؤمن آل فرعون الذي كان يكتم إيمانه، لكنه لم يستطع السكوت عندما علم بعزم فرعون على قتل نبي الله موسى - عليه السلام -،وقرر الوقوف في وجه الظلم، ومناصرة الحق، ولم يخش على حياته التي توقع أن يدفعها ثمنًا لموقفه، ولم يخش على منصبه الكبير عند فرعون، فنهاه عن قتل موسى - عليه السلام - وحاول إقناعه بأن ذلك ليس من الحكمة والمصلحة، ولم يكتف بذلك، بل توجه إلى موسى وأخبره بما يخطط له فرعون وزبانيته، ونصحه بالخروج من مصر.

وقد استحق هذا المؤمن وصف الله له بالرجولة فقال سبحانه:

**وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ} [غافر: 28], وأكد على وصفه بالرجولة في موضع آخر فقال تعالى: **وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ} [القصص: 20].

كما يفهم من موقف الرجل الصالح (حبيب النجار) الذي سمع أن قومه قد كذبوا المرسلين، وهموا بقتلهم جميعًا، فلم يسكت عن هذا المنكر والظلم الذي سيقع على المرسلين، وقرر نصرتهم، فجاء مسرعًا من أقصى المدينة، ودعاهم إلى الحق، ونهاهم عن المنكر.
وقد فعل هذا وهو يعلم أن موقفه سيكلفه حياته، فحقق صفة الرجولة، واستحقها من الله تعالى، إذ قال سبحانه:

**وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنْقِذُونِ إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ} [يس: 20-25].

ودفع هذا المؤمن الرجل ثمن موقفه كما توقع، فقتلوه، فتقبله الله شهيدًا، ورضي عنه، ورفعه مباشرة إلى الجنة: {قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ} [يس: 26, 27]، وقد استحق بسبب رجولته وغضبته لله أن يغضب الله له وينتقم من أعدائه ويدمرهم: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ إِنْ كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ} [يـس: 28, 29].

**والرجولة ثبات على الحق، ومحافظة على العبودية لله، وصمود أمام مغريات الدنيا وشهواتها،

وكل ما يشغل الناس العاديين ويلهيهم عن ذكر الله تعالى وطاعته والتقرب إليه، يفهم هذا من وصفه سبحانه وتعالى لهذا النوع من المؤمنين بالرجولة في قوله عز وجل: {رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ} [النور:37].

**والرجولة قوامة على النساء:

ومن لا يملك هذه القوامة، ويرضى بأن تكون المرأة قوامة عليه حاكمة له، ويدعها تنحرف وتتبرج، وتفعل ما تمليه عليها أهواؤها، فهو لا يستحق وصف الرجولة، وإنما وصف الذكورة فقط، لأن الحق جل وعلا أكد أن الذي يملك القوامة هم أصحاب الرجولة حيث قال: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ...} [النساء: 34].

**والرجولة تحريض على الجهاد، وتشجيع على مواجهة الباطل، وابتعاد عن التثبيط والتعويق للصف المؤمن - ولو بالكلمة -

يفهم هذا من قصة موسى عليه السلام عندما بعث نفرًا من قومه لاستطلاع أحوال الجبابرة قبل خوض القتال معهم، فرجعوا يروون لبني إسرائيل ما رأوه من قوتهم، فأخافوهم، بينما كتم اثنان منهم أخبار قوة الجبابرة، ولم يخبرا إلا موسى - عليه السلام -، وأخذا يشجعان قومهما على الجهاد في سبيل الله، وقد استحق هذان المؤمنان على موقفهما هذا صفة الرجولة من الله تعالى الذي قال: {قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ} [المائدة: من الآية23].

وعند التأمل في واقع المسلمين اليوم على ضوء مفهوم الرجولة في القرآن الكريم يتبين لنا أن الأمة تعاني فعلاً من أزمة رجولة؛ فسكوت أغلب حكام المسلمين عن مقدساتهم التي تدنس، ودمائهم التي تنزف، وكرامتهم التي تمتهن، وأعراضهم التي تنتهك، وأرضهم التي تحتل، وثرواتهم التي تسرق، ناتج عن انعدام الرجولة أو ضعفها عند هؤلاء- فضلاً عن ضعف الإيمان -,

فالرجل الحقيقي لا يستطيع أن يلتزم الصمت وهو يرى المسلمين في فلسطين والعراق تمزقهم طائرات اليهود والأمريكان، ولا يطيب له عيش وهو يشاهد ما يفعله أعداء الأمة بحرائر المسلمين وعلمائهم داخل السجون، خصوصًا إذا كان في موضع المسئولية، ويملك الدبابات والطائرات والجيوش الجرارة.

عرب الجاهلية وعرب اليوم

لقد كان عرب الجاهلية أفضل حالاً من كثير من حكامنا وقادة جيوشنا اليوم، فقد كانوا رجالاً بالرغم من كفرهم، فتجدهم يموتون دفاعًا عن أعراضهم وكرامتهم وشرفهم وأموالهم، وقديمًا قال أحد شعرائهم زهير بن أبي سلمى:

ومن لا يذد عن حوضه بسلاحه **** يهدم ومن لا يظلم الناس يظلم

وقال عنترة بن شداد:

لا تسقــني ماء الحيــاة بــذلة *****بل فاسقني بالعز كأس الحنظل

من صفات الرجولة


وهبوا النقص للفضل، والإساءة للإحسان، فصفت سرائرهم، ونصعت سيرهم، وسلمت صدورهم، كل ذلك يرجون ما عند ربهم. 
يقال لأحدهم: إن فلانا من الناس يقع فيك فيقول: (وَلاَ يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ) (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا)
ثم يقال له أخرى وقد ظُلم وبُهِت وسُبَّ وشتم: ألا تدعو على من ظلمك وسبك وشتمك؟ فيقول: من دعا على ظالمه فقد انتصر، إن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يقول:" اصبروا حتى تلقوني على الحوض".

يُسبُّ أحدهم ويشتم بما ليس فيه فيقول: إن كنت صادقًا فغفر الله لي، وإن كنت كاذبًا فغفر الله لك. ويقال للثالث: إن فلانًا يقع فيك ويقول فيك كذا وكذا، ويذكرك بسوء، فيقول: رجل صالح ابتلي فينا فماذا نعمل؟ من تعدى حدود الله فينا لم نتعد حدود الله فيه، العفو أفضل.

ما ينفعك إن يعذب أخوك المسلم بسببك؟ لكن تعفو وتصفح وتغفر فيغفر الله لك. أيها الأحبة؛ إن مكانة المؤمن أعز من أن يتساوى في الظاهر مع ظالمه، بل يرى أن من الدين والمروءة أن يدعى إلى أن يشمخ على من يبدي الإسفاف، ويترفع عن موقف يقوده إلى رفع صوت أو إثارة فضول أو جدل أو لجاج. وبعضنا -ويا للأسف- يتخذ أخاه هدفًا ويجمع الجموع ليرجموه معه، ترى بعضنا يرفع ويخفض، ويجرح ويعدل ويشي .

وليس مَلامِي عَلَى مَنْ وشَى******* ولكنْ ملامي عَلَى مَنْ وَعَى

اللوم على من يمنح الآذان الصاغية للوشاة ولأولئك. وا أسفاه يوم يسود عرف التفاضح، ويوم تسترخى بيننا أيدي التصافح ليس المنزلة -والله- بأن تنال لقبًا بتجريح إخوتك، إنما المنزلة أن تحتل في قلوب المؤمنين حيِّزًا،

أن تنادي ملائكة السماء أهل الأرض: أن أحبوا فلانا. صدقوا ولم نصدق، قلوب امتلأت بخشية الله، وقلوب امتلأت بمحبة الله، ترجو ما عند الله، لا تتسع لحقد أو ضغينة أو حسد لخلق الله، بل –والله- كانوا مشفقين على عباد الله؛ يعلمون الجاهل، وينبهون الغافل مغتنمين كل فرصة، مستفيدين من كل مناسبة.

يمر [أبو الدرداء] بجماعة تجمهروا على رجل يضربونه ويشتمونه، فقال لهم: ما الخبر؟ قالوا: وقع في ذنب كبير، قال: أرأيتم ولو وقع في بئر أفلم تكونوا تستخرجونه منه؟ قالوا: بلى، قال: فلا تسبوه ولا تضربوه، لكن عِظُوه وبصِّروه، واحمدوا الله الذي عافاكم من الوقوع في مثل ذنبه، قالوا: أفلا تبغضه؟ قال: إنما أبغض فعله، فإذا تركه فهو أخي، فأخذ الرجل ينتحب ويعلن توبته وأوبته، ليكون في ميزان أبي الدرداء -رضي الله عنه- يوم يقف بين يدي الله (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ) (وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)

قال الشيخ العلامة سفر الحوالي: "إن الرجولة الحقيقية بمعناها العميق العظيم والتي يتصف بها المؤمنون هي: إيقاظ القلب، وتحريك الجوارح، وابتعاث الهمة؛ لإعلاء دين الله تبارك وتعالى، وإرغام أنوف الكافرين والمنافقين والجاحدين والمعاندين من أجل كلمة الحق، من أجل (الله أكبر)، من أجل (لا إله إلا الله)، هذه هي الرجولة التي يجب أن نتربى عليها ويجب أن نتعلمها


حاجة الأمة إلى الرجال ومطالب الصحابة

اجتمع أساطين الصحابة -رضوان الله عليهم- يومًا من الأيام فقال عمررضى الله عنه: تمنوا.
فقال عثمان رضى الله عنه: أتمنى لو أن لي مثل هذه الدار مملوءة ذهبًا ولؤلؤا وزبرجدًا وجوهرًا أنفقه في سبيل الله وأتصدق به.
وأما علي -رضي الله عنه-فقال: أتمنى أن أضرب بالسيف، والصوم بالصيف، وإكرام الضيف.
وأما خالد رضى الله عنه فقال:أتمنى ليلة شديدة البرد، كثيرة الجليد يصبِّح منها العدو ليجاهد في سبيل الله.
وأما عمر -رضي الله عنه- فيقول: أتمنى لو أن هذه الدار مملوءة برجال مثل [أبي عبيدة]؛ أستعملهم في طاعة الله.

رجال أمناء كأمين الأمة، يستعملهم في طاعة الله، يا أيها الأحبة يتمنى عمر هذه الأمنية في أي وقت، في وقت امتلأت فيه الساحة الإسلامية برجال عز نظيرهم، وقل مثيلهم، وجل شبيههم

. فما أعظم حاجتنا اليوم إلى مثل هذه الأمنية، وقد افتقرت البلاد وأجدبت، وعجزت النساء أن يلدن أمثال أولئك الرجال!
كم هي حاجة الأمة ماسة إلى أمين كأبي عبيدة بعد أن استشرت الخيانة. كم هي حاجتنا ماسة إلى رجل كأبي عبيدة يرفع لواء الجهاد بعد أن استنوق الجمل، وعاثت في الأرض الغربان، واستنسر في سماء الأمة بغاث الطير.

كم هي حاجة الأمة لأمين كأبي عبيدة في غيبة الأمناء، حتى صارت الأمة أضيع من الأيتام على مأدبة اللئام، تداعت علينا الأمم، وتداعى الأكلة على قصعتها، لا من قلة والله، ولكن غثاء كغثاء السيل، أحببنا الدنيا، وكرهنا الموت، فكان ما كان.

كأني والله بقدوة من أولئك الصادقين يقول بلسان حاله وهو مرابط في قبره: وا أسفاه، وا أسفاه، أأنتم أحفادنا؟ أأنتم من قرأتم القرآن؟ أأنتم من درستم سيرة المختار؟

وا أسفاه نقشتم وصايا المختار على الجدران والأحجار، وكان الأحرى أن تنقشوها على الجنان ، وا أسفاه، أما قلت لكم: أقيموا الصلاة؟ فما بالكم تركتم الصلاة، وغادرتم المساجد لتعمروا المسارح والملاعب والملاهي.

وا أسفاه ، أما قلت لكم صوموا رمضان، وقوموه إيمانا واحتسابًا ؟ فما بالكم تجعلونه شهر الطعام والفوازير والسهر على الحرام مع ضياع الأوقات؟

وا أسفاه ألم أقل لكم تصدقوا؟ فما بالكم بخلتم فما تنفقون درهمًا إلى على أقدام راقصة أو لاعب أو صاحب مزمار أو آلة دمار وعار، عار وأي عار!

وا أسفاه ألم أقل لكم حجوا واعتمروا؟ فما بالكم جُبْتُم أقطار الدنيا، وبيت الله منكم على مرمى حجر يهجر، أأنتم بشر؟ وا أسفاه، تغرقون في أزقة الغرب ومواخيرها، ولا تعرفون الخندق ولا بدرًا ولا أحدًا ولا الحديبية، لا تعرفون المقام ولا الحطيم ولا زمزم وتعرفون أزقة باريس وما أشبهها.

ألم أقل لكم انصحوا والدين النصيحة؟ فما بالكم اتقنتم صفة النفاق تَغُشُّون وتُغَشُّون، والمؤمنون نصحة، والمنافقون غششة، واأسفاه يا رجال الحق!

ولا تكُ مِنْ معشرٍ تافهٍ *******يَقِيسُ السَّعَادَةَ بالدِّرْهَمِ.
يعيشُ وليسَ لهُ غايةٌ ****** سِوَى مشرب وسوى مطعم.

نماذج من الرجولة

لقد شجع النبي - صلى الله عليه وسلم - المسلمين أن يكونوا رجالاً يقفون في وجه الحكام الظالمين، وعد من يقف في وجههم فيقتلونه رجلاً وسيدًا للشهداء، حيث قال: 'سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله'. [أخرجه الحاكم في المستدرك وصححه]،

[أبو جندل]

بعد صلح الحديبية يُعاد إلى قريش فيستنجد بالمسلمين ويقول: يا معشر المسلمين؛ أتردوني إلى أهل الشرك فيفتنوني عن ديني، ورسول الله –صلى الله عليه وسلم- يسليه ويعزيه ويقول: اصبر واحتسب؛ فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجًا ومخرجًا.

[وأبو بصير]، ما أبو بصير؟!

يخطط لحرب عصابات بعيدة عن نقد بنود صلح الحديبية، إذ جاء مسلمًا فارًّا بدينه من قريش بعد صلح الحديبية، وبعد توقيع المعاهدة إلى <المدينة>، فأرسلت قريش في طلبه رجلين، فسلمه رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وفاءً بالعهد إليهم.
وفي الطريق تمكَّن أبو بصير بشجاعته وحكمته وذكائه من قتل أحد الرجلين، ويفر الثاني، ويرجع هو إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- ويقول: قد والله أوفى الله ذمتك يا رسول الله، فلقد رددتني إليهم، ثم نجاني الله منهم،

فقال النبي –صلى الله عليه وسلم- كما في [البخاري]: "ويل أمِّه؛ مسعِّر حرب لو كان معه أحد، مسعِّر حرب لو كان معه رجال
فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده عليهم، فخرج حتى أتى سيف البحر، واستقر به المقام هناك، وفهم المستضعفون من عبارة الرسول –صلى الله عليه وسلم- وكانوا أذكياء فهموا أن أبا بصير في حاجة إلى الرجال.

فأخذوا يفرون من <مكة> إلى أبي بصير، وكان على رأسهم أبو جندل، جاء الفرج والمخرج كما أخبر بذلك النبي –صلى الله عليه وسلم-. اجتمع منهم عصابة يتعرضون لقوافل قريش، فيقتلون حراسها، ويأخذون أموالها، وتضطر عندها قريش مرغمة ذليلة راكعة أن ترسل إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- تناشده الله والرحم أن يرسل إلى أبي بصير ومن معه؛ فمن أتاه فهو آمن. تنازلت عن هذا الشرط تحت ضغط العصابة المؤمنة كأبي بصير وأبي جندل.


غير أن الفتى يلاقي المنايا ****** كالحات ولا يلاقي الهوانا.

وأرسل النبي –صلى الله عليه وسلم- إليهم وأبو بصير في مرض الموت، فمات وكتاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بين يديه، وقدم أصحابه على رسول الله –صلى الله عليه وسلم- آمنين سالمين غانمين قد جعلوا من أنفسهم أنموذجا يُقتدى به في الثبات، والإخلاص، والعزيمة، والجهاد، وتمريغ أنوف المشركين، والذكاء، وبذل الجهد في نصرة هذا الدين.

فقرروا مبدأ من المبادئ؛ ألا وهو قد يسع الفرد مالا يسع الجماعة. كل ذلك في حكمة، وأي حكمة إذ كان ذلك بإشارة من النبي –صلى الله عليه وسلم-، وتشجيع من النبي –صلى الله عليه وسلم- يوم وصف أبو بصير بأنه مسعِّر حرب لو كان معه رجال، ثم إن أبا بصير خارج عن السلطة، ولو في ظاهر الحال، فلا مؤاخذة على بنود المعاهدة، ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا.

 فرحم الله أبا بصير ومن هم على شاكلة أبى بصير من مرغوا أنوف الكفر فى الوحل ولولا المنافقين والعملاء ممن ينتسبون للإسلام اسما لكان العدو فى خبر كان. 

عمار بن ياسر

عاد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من غزوة <ذات الرقاع> ونزل المسلمون شعبًا من الشعاب ليقضوا ليلتهم، فلما أناخوا رواحلهم، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من يحرسنا الليلة؟ فقام [عباد بن بشر]، [وعمار بن ياسر]، وقد آخى بينهما رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فقالا: نحن يا رسول الله، خرجا إلى فم الشعب، فقال عبادُ لعمار: أتنام أول الليل أم آخره؟ فقال عمار: بل أنام أوله.

اضطجع عمار غير بعيد، وبقي عباد يحرس جند رسول الله، أرخى الليل سدوله، وغارت نجومه، هدأت العيون، وسكنت الجفون، ولم يبقَ إلا الحي القيوم، عندها تاقت نفس عباد للعبادة، واشتاق قلبه للقرآن، فقام يصلي؛ ليجمع متعة الصلاة إلى متعة التلاوة، وطفق يقرأ سورة الكهف، يسبح مع آيات الله البينات، ويراه رجل من المشركين يصلي على فم الشعب، فعرف أنه حارس جيش رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: لئن ظفرت به لأظفرن بجيش رسول الله –صلى الله عليه وسلم على نبينا محمد- فوتر قوسه وتناول سهمًا من كنانته ورماه به فوضعه فيه، فانتزعه عباد من جسده ورمى به، ومضى يتدفق في تلاوته، ورماه بالآخر فانتزعه ومضى يتدفق في تلاوته، ورماه بالثالث فانتزعه، وإذا الدماء تنزف منه، فزحف إلى عمار.

وأيقظه قائلا: لقد أثخنتني الجراح، عليك بثغر رسول الله –صلى الله عليه وسلم-. ولَّى المشرك هاربًا، وأمَّا عمار فنظر –ويا للهول- أثخنته الجراح، فقال: رحمك الله هلا أيقظتني من عند أول سهم رماك به.

فقال عباد: كنت في سورة أقرأها، فلم أحب أن أقطعها حتى أفرغ منها، وأيم الله؛ لولا خوفي أن أضيع ثغرًا أمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بحفظه لكان قطع نفسي أحب إلي من قطعها. 
فلا نامت أعين التنابلة والكسالى والبطالين.

تلذذوا بمناجاة الله في الخلوات، فما عدلوا بذلك شيئًا. عبر أحدهم عن تلك اللذة يوم قال: والله لولا قيام الليل بكلام الله ما أحببت البقاء في هذه الدنيا. ووالله إن أهل الليل في ليلهم ألذ من أهل اللهو في لهوهم، وإنه لتمر بالقلب ساعات يرقص القلب فيها طربًا بذكر الله، حتى أقول إن كان أهل الجنة في مثل ما أنا فيه إنهم لفي نعيم عظيم وعبر الآخر عن لذته بمناجاة الله بقوله: والله لو علم الملوك، وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف، فقال قائل: وما الذي أنتم فيه تتلذذون، وبه تتلذذون؟ قال: لذة مناجاة الله في الخلوات. هذه حالهم يا متأمل، هذه حالهم يا متبصر، فما حالنا؟

كُثُرٌ لكنْ عديدٌ لا اعتدادَ بِهِ ****** جمعٌ لكنْ بديدٌ غيرُ متَّسِقِ 
خَبِّرُونِي أين حِسِّكُمُ ****** لأزْيَدِ الوَخْزِ بالإبرِ

نطقنا بالعربية والقرآن فما نكاد نلحن، ولحنا بالعمل فما نكاد نعرب، قنعنا بفصاحة اللسان مع عُجْمة الجنان

وكأنَ البرُّ فعلا دونَ قولٍ *** فصارَ البرُّ نُطقًا بالكلامِ

صهيب الرومى

صهيب قد أزمع الهجرة للحاق برسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يسعه أن يبق بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجهز له كفار قريش فرقة مراقبة تتابعه؛ لئلا يذهب بماله، وفي ذات ليلة أكثر من خروجه للخلاء للتعمية والتغطية عليهم، فما يلبث أن يعود من الخلاء حتى يخرج مرة أخرى، وهم يراقبونه حتى قال قائلهم: لقد شغلته اللات والعزى ببطنه، فقروا عينًا الليلة، أسلموا أعينهم للكَرَى مطمئنين.

فتسلل صهيب من بينهم، ولم يمضِ إلا قليل حتى فطن له أولئك، فهبوا مذعورين قلقين فزعين خائفين، وامتطوا الخيل، وأطلقوا أعنتها خلفه حتى أدركوه، ولما أحس بهم –رضي الله عنه وأرضاه- وقف على مكان عال وأخرج سهامه من كنانته –وهم يعرفون صهيب جيدًا- وبرى قوسه.

وقال: يا معشر قريش، تعلمون أني من أرمى الناس، والله لا تصلون إليَّ حتى أقتل بكل سهم منكم رجلا، ثم أضربكم بسيفي ما بقي منه بيدي شئ، فقال قائلهم: والله لا ندعك تفوز بنفسك ومالك؛ لقد أتيتنا صعلوكًا فقيرًا فاغتنيت وبلغت ما بلغت ،ثم تذهب به كلا واللات، قال: أرأيتم إن تركت لكم مالي أتخلون سبيلي، قالوا: نعم، فدلَّهم على موضع ماله، وأطلقوا سراحه، فانطلق فارًا بدينه غير آسف على مالٍ أنفق زهرة العمر في تحصيله. يستفزُّه ويحدوه الشوق إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فلما بلغ قباء رآه رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فهشَّ له وبشَّ وقال: " ربح البيع أبا يحيى، ربح البيع أبا يحيى، ربح البيع أبا يحيى". الله، لا الدنيا وشهواتها وزخارفها ولذائذها ومتعها لا تساوي ربح البيع أبا يحيى، علت الفرحة وجه صهيب، وحقًا والله ربح البيع (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابتغاء مَرْضَاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ).

حبيب بن زيد والمهمة الشاقة

[حبيب] يكلف بمهمة شاقة؛ ليكون رسولا لرسول الله –صلى الله عليه وسلم- إلى [مسيلمة الكذاب].
يأخذ الرسالة غير وَانٍ ولا متريث ولا متردد، ترفعه النِّجاد، وتحطه الوهاد حتى يبلغ أعالي <نجد>، ويسلم الرسالة إلى مسيلمة، فلما قرأها انتفخت أوداجه، وبدا شره، ولو علم الله فيه خيرًا لأسمعه. 
أمر بحبيب أن يقيد، وأن يعرض عليه من الغد، وما ضر حبيب وقد بلغ رسالة الحبيب –صلى الله عليه وسلم- لما كان الغد أذن للعامة بالدخول عليه، وأمر بحبيب فجيء به يرسف في قيوده وسط جموع الشرك الحاقدة، مشدود القامة، مرفوع الهامة، شامخ الأنف بإيمانه.
التفت مسيلمة إليه وقال: أتشهد أن محمدًا رسول الله؟ قال: نعم، أشهد أنه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فتميز من الغيظ وقال: أتشهد أني رسول الله –وخسئ-؟

فقال حبيب في سخرية: إن في أذني صمم عن سماع ما تقول، فيتغير لون وجهه، وترتجف شفتاه غيظًا وحنقًا ليقول لجلاده: اقطع قطعة من جسده، فبتر الجلاد قطعة من جسده لتتدحرج على الأرض.

ثم أعاد مسيلمة السؤال، أتشهد أن محمدًا رسول الله؟ قال: نعم -صلى الله عليه وسلم- قال: أتشهد أني رسول الله؟ قال: إن في أذني صمم عن سماع ما تقول، فأمر بقطع قطعة أخرى من جسده لتتدحرج على الأرض، فشخصت الناس بأبصارها مدهوشة مشدوهة من تصميم هذا الرجل وثباته؛ ،

مضى مسيلمة يسأل والجلاد يقطع وحبيب يقول: أشهد أن محمدًا رسول الله، حتى صار قطعًا منثورة على الأرض، ثم فاضت روحه وهو يردد محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، محمد رسول الله، محمد رسول الله.د

إن عذَّبوا الجسمَ فالإيمانُ معتصمٌ ****بالقلبِ مثلَ اعتصامِ اللَّيثِ بالأَجَمِ

ثم يأتي الخبر لأمه -ويا لهول الخبر -الذي قطع إربًا إربًا وهو يقول: محمد رسول الله، ما زادت –والله- يوم جاءها الخبر على أن قالت: من أجل هذا الموقف أعددته، وعند الله احتسبته، لقد بايع الرسول -صلى الله عليه وسلم- ليلة العقبة صغيرًا، ووفَّى له اليوم كبيرًا، فحمدت الله -سبحانه وتعالى- كثيرًا

فلو كانَ النساءُ كمنْ ذكرنا ****** لفُضِّلتِ النساءُ على الرجالِ
وما التأنيثُ لاسمِ الشمسِ عيبٍ ******* ولا التذكيرُ فخرٌ للهلالِ

و في يوم اليمامة كانت تشق الصفوف كاللبؤة الثائرة تنادي: أين عدو الله مسيلمة؟ فوجدته مجندلا على الأرض، سيوف المسلمين قد ارتوت من دمه، فطابت نفسًا، وقرَّت مضى حبيب ومسيلمة مضى حبيب ومسيلمة إلى ربهما، وشتَّان ما بينهما، فريق في الجنة، وفريق في السعير. رضي الله عنهم؛ ضحوا بكل شئ، وصدقوا الله فصدقهم الله، وأقر أعينهم بنصرة دينه وإعلاء كلمته.

مواكبُ الله سارَتْ لا يُزَعْزِعُهَا ** عاتٍ منَ البحرِ أو عالٍ من الأطم.
لا يهتفونَ لمخلوقٍ فقدْ علمُوا ** * * أنَّ الخلائقَ والدنيا إلَى العَدَمِ.

قتيبةبن مسلم

[قتيبة] في الجانب الآخر في شرق الكرة الأرضية ذاك في غربها وهذا في شرقها يفتح المدن والقلوب، حتى يقف على أطراف مملكة <الصين> ويقسم بالله ليطأن بأقدام فرسه تلك المملكة، ويسمع ملكها فيهلع ويخاف ويجزع، ويعلم أن هؤلاء إذا قالوا فعلوا، فيرسل صِحَافًا من ذهب مملوءة بتربة أرض الصين؛ ليبرَّ قسم قتيبة، وتطأ خيل قتيبة تلك التربة، وتكون الصحاف مقدمة الجزية، وأربعة من أبنائه يوضع عليهم وسام المسلمين فيا لله!

مهلا حماةَ الضَيْمِ إنَّ لِلَيلِنا *** فجرًا سيطْوِي الضَيمُ في أطمارهِ

وإذا بنا بعد فترة نسمع خليفة المسلمين(هارون الرشيد) يخاطب السحابة وهو على كرسيه، ويقول: أمطري أنَّى شئت؛ فسوف يأتيني خراجك. فصارت الكرة الأرضية ما بين مسلم حقًا وكافر يدفعُ الجزيةَ عنْ يدٍ وهو صَاغِرٌ.

كنا جبالا كالجبال وربما***** سرنا وراء موج البحار بحارا.
كنا عظاما فصرنا عظاما ***** كنا نقوت فها نحن قوت.

لعلها هدأة الأسد قبل نفاره. صدقوا ما عاهدوا، صدقوا في التجرد لله، وطلب الأجر العظيم من الله، فأنعم به من تطلع لا يعدله شئ من تكريم الدنيا.
نماذج حديثة من الرجال

السلطان الذي قبل يد شيخه

كان السلطان (محمد الفاتح) يكن لأستاذه الشيخ (آق شمس الدين) مشاعر الحب ، والإجلال ، والتوقير ، ويزوره على الدوام ، حيث يستمع لأحاديثه ونصائحه ، ويستفيد من علمه الغزير.
وكان أستاذه هذا مهيباً لا يخشي سوى الله ، لذا فإنه عند قدوم السلطان (محمد الفاتح) لزيارته ، لا يقوم له من مجلسه ، ولا يقف له. أما عند زيارته للسلطان (محمد الفاتح) فقد كان السلطان يقوم له من مجلسه توقيراً له ، واحتراماً ويجلسه بجانبه. وقد لاحظ ذلك وزار السلطان وحاشيته ، لذا لم يملك الصدر الأعظم (محمود باشا) من إبداء دهشته للسلطان فقال له : لا أدري يا سلطاني العظيم ، لم تقوم للشيخ (آق شمس الدين ) عند زيارته لك ، من دون سائر العلماء والشيوخ ، في الوقت الذي لا يقوم لك تعظيماً عند زيارتك له ؟!.

فأجابه السلطان : أنا أيضاً لا أدري السبب … ولكني عندما أراه مقبلاً علي ، لا أملك نفسي من القيام له … أما سائر العلماء والشيوخ ، فإني أراهم يرتجفون من حضوري ، وتتلعثم ألسنتهم عندما يتحدثون معي ، في الوقت الذي أجد نفسي أتلعثم عند محادثتي الشيخ (آق شمس الدين).

وفي فتح القسطنطينية أراد السلطان أن يكون شيخه بجانبه أثناء الهجوم فأرسل إليه يستدعيه، لكن الشيخ كان قد طلب ألا يدخل عليه أحد الخيمة ومنع حراس الخيمة رسول السلطان من الدخول، وغضب محمد الفاتح وذهب بنفسه إلى خيمة الشيخ ليستدعيه ، فمنع الحراس السلطان من دخول الخيمة بناءً على أمر الشيخ ، فأخذ الفتح خنجره وشق جدار الخيمة في جانب من جوانبها ونظر إلى الداخل

فإذا شيخه ساجداً لله في سجدة طويلة وعمامته متدحرجة من على رأسه وشعر رأسه الأبيض يتدلى على الأرض ، ولحيته البيضاء تنعكس مع شعره كالنور ،

ثم رأى السلطان شيخه يقوم من سجدته والدموع تنحدر على خديه ، فقد كان يناجي ربه ويدعوه بإنزال النصر ويسأله النصر ويسأله الفتح القريب. وعاد السلطان محمد (الفاتح) عقب ذلك إلى مقر قيادته ونظر إلى الأسوار المحاصرة فإذا بالجنود العثمانيين وقد أحدثوا ثغرات بالسور تدفق منها الجنود إلى القسطنطينية ، ففرح السلطان بذلك وقال: ليس فرحي لفتح المدينة إنما فرحي بوجود مثل هذا الرجل في زمني.

وذكر الإمام الشوكاني صاحب البدر الطالع أن ( ثم بعد يوم – من الفتح - جاء السلطان إلى خيمة ( آق شمس الدين) وهو مضطجع فلم يقم له ، فقبل السلطان يده وقال له : جئتك لحاجة،

قال : وما هي ؟ قال: أن ادخل الخلوة عندك، فأبى، فأبرم عليه السلطان مراراً وهو يقول: لا.

فغضب السلطان وقال: إنه يأتي إليك واحد من الأتراك فتدخله الخلوة بكلمة واحدة وأنا تأبى علي ، فقال الشيخ : إنك إذا دخلت الخلوة تجد لذة تسقط عندها السلطنة من عينيك فتختل أمورها فيمقت الله علينا ذلك ، والغرض من الخلوة تحصيل العدالة ، فعليك أن تفعل كذا وكذا - وذكر له شيئاً من النصائح - ثم أرسل إليه ألف دينار فلم يقبل ،

ولما خرج السلطان محمد خان قال لبعض من معه : ما قام الشيخ لي. فقال له: لعله شاهد فيك من الزهو بسبب هذا الفتح الذي لم يتيسر مثله للسلاطين العظام، فأراد بذلك أن يدفع عنك بعض الزهو).

حكم القاضي بقطع يد السلطان محمد الفاتح

أمر السلطان (محمد الفاتح) ببناء أحد الجوامع في مدينة (اسطنبول)، وكلف أحد المعمارين الروم واسمه (إبسلانتي) بالإشراف على بناء هذا الجامع، إذ كان هذا الرومي معمارياً بارعاً. وكان من بين أوامر السلطان: أن تكون أعمدة هذا الجامع من المرمر، وأن تكون هذه الأعمدة مرتفعة ليبدو الجامع فخماً، وحدد هذا الارتفاع لهذا المعماري.

ولكن هذا المعماري الرومي – لسبب من الأسباب – أمر بقص هذه الأعمدة ، وتقصير طولها دون أن يخبر السلطان ، أو يستشيره في ذلك ، وعندما سمع السلطان (محمد الفاتح) بذلك ، استشاط غضباً ، إذ أن هذه الأعمدة التي جلبت من مكان بعيد ، لم تعد ذات فائدة في نظره ، وفي ثورة غضبه هذا ، أمر بقطع يد هذا المعماري. ومع أنه ندم على ذلك إلا أنه كان ندماً بعد فوات الأوان.

ولم يسكت المعماري عن الظلم الذي لحقه ، بل راجع قاضي اسطنبول الشيخ ( صاري خضر جلبي) الذي كان صيت عدالته قد ذاع وانتشر في جميع أنحاء الإمبراطورية ، واشتكى إليه ما لحقه من ظلم من قبل السلطان (محمد الفاتح).


ولم يتردد القاضي في قبول هذه الشكوى ، بل أرسل من فوره رسولاً إلى السلطان يستدعيه للمثول أمامه في المحكمة ، لوجود شكوى ضده من أحد الرعايا.
ولم يتردد السلطان كذلك في قبول دعوة القاضي ، فالحق والعدل يجب أن يكون فوق كل سلطان.
وفي اليوم المحدد حضر السلطان إلى المحكمة ، وتوجه للجلوس على المقعد قال له القاضي : لا يجوز لك الجلوس يا سيدي … بل عليك الوقوف بجانب خصمك.

وقف السلطان (محمد الفاتح) بجانب خصمه الرومي، الذي شرح مظلمته للقاضي، وعندما جاء دور السلطان في الكلام، أيد ما قاله الرومي. وبعد انتهاء كلامه وقف ينتظر حكم القاضي، الذي فكر برهة ثم توجه إليه قائلاًَ: حسب الأوامر الشرعية ، يجب قطع يدك أيها السلطان قصاصاً لك !!
ذهل المعماري الرومي ، وارتجف دهشة من هذا الحكم الذي نطق به القاضي ، والذي ما كان يدور بخلده ، أو بخياله لا من قريب ولا من بعيد ، فقد كان أقصى ما يتوقعه أن يحكم له القاضي بتعويض مالي. أما أن يحكم له القاضي بقطع يد السلطان (محمد الفاتح) فاتح (القسطنطينية) الذي كانت دول أوروبا كلها ترتجف منه رعباً،

فكان أمراً وراء الخيال … وبصوت ذاهل ، وبعبارات متعثرة قال الرومي للقاضي ، بأنه يتنازل عن دعواه ، وأن ما يرجوه منه هو الحكم له بتعويض مالي فقط ، لأن قطع يد السلطان لن يفيده شيئاً ، فحكم له القاضي بعشر قطع نقدية ، لكل يوم طوال حياته ، تعويضاً له عن الضرر البالغ الذي لحق به.

ولكن السلطان (محمد الفاتح) قرر أن يعطيه عشرين قطعة نقدية ، كل يوم تعبيراً عن فرحه لخلاصه من حكم القصاص ، وتعبيراً عن ندمه كذلك.

السلطان الذي رفضت شهادته

نحن الآن في مدينة (بورصة) في عهد السلطان العثماني (بايزيد) ,الملقب بـ (الصاعقة) … الفاتح الكبير … فاتح بلاد (البلغار) و (البوسنة) و (سلانيك) و (ألبانيا) … السلطان الذي سجل انتصاراً ساحقاً على الجيوش الصليبية ، التي دعا إلى حشدها البابا (بونيغا جيوش الرابع) ، لطرد المسلمين من أوروبا ، والتي اشتركت فيها خمس عشرة دولة أوروبية كانت (انجلترا) و (فرنسا) و (المجر) من بينها ، وذلك في المعركة التاريخية المشهورة ، والدامية … معركة (نيغبولي) سنة 1396م.

هذا السلطان الفاتح اقتضى حضوره للإدلاء بشهادة في أمر من الأمور أمام القاضي والعالم المعروف (شمس الدين فناري). دخل السلطان المحكمة … ووقف أمام القاضي ، وقد عقد يديه أمامه كأي شاهد اعتيادي.

رفع القاضي بصره إلى السلطان ، وأخذ يتطلع إليه بنظرات محتدة ، قبل أن يقول له : (إن شهادتك لا يمكن قبولها ، ذلك لأنك لا تؤدي صلواتك جماعة ، والشخص الذي لا يؤدي صلاته جماعة ، دون عذر شرعي يمكن أن يكذب في شهادته).
نزلت كلمات القاضي نزول الصاعقة على رؤوس الحاضرين في المحكمة …

كان هذا اتهاماً كبيراً ، بل إهانة كبيرة للسلطان (بايزيد) ، تسمر الحاضرون في أماكنهم ، وقد أمسكوا بأنفاسهم ينتظرون أن يطير رأس القاضي بإشارة واحدة من السلطان .. لكن السلطان لم يقل شيئاً ، بل استدار وخرج من المحكمة بكل هدوء.

أصدر السلطان في اليوم نفسه أمراً ببناء جامع ملاصق لقصره ، وعندما تم تشييد الجامع ، بدأ السلطان يؤدي صلواته في جماعة. هذا ما سجله المؤرخ التركي (عثمان نزار) في كتابه : (حديقة السلاطين) المؤلف قبل مئات السنين..

عندما كان المسلمون يملكون أمثال هؤلاء العلماء ، ملكوا أمثال هؤلاء السلاطين.

ملكنا هذه الدنيا قرونا *** وأخضعها جُدودٌ خالدونا.

وسطّرنا صحائفَ من ضياءٍ *** فما نسيَ الزمانُ ولا نسينا.

حملناها سيوفًا لامعات *** غداةَ الروعِ تأبى أنْ تلينا.

إذا خرجتْ من الأغمادِ يومًا *** رأيت الهولَ والفتْحَ المبينا.

وكنَّا حينَ يأخذنا وليٌّ *** بطغيانٍ ندوسُ له الجبينا.

تفيض قلوبُنا بالهدي بأسًا *** فما نغضي عن الظلمِ الجفونا.

وما فتئ الزمانُ يدورُ حتى *** مضى بالمجدِ قومٌ آخرونا.

وأصبحَ لا يرى في الركب قومي *** وقد عاشوا أئمته سنينا.

وآلمني وآلَمَ كلّ حُرٍّ*** سؤالُ الدهرِ أين المسلمونا.

ترى هل يرجع الماضي فإني ***أذوب لذلك الماضي حنينا؟.

بنينا حقبةً في الأرض ملكًا *** يُدعِّمه شبابٌ طامحونا.

شبابٌ ذلّلوا سبلَ المعالي *** وما عرفوا سوى الإسلام دينا.

تعهَّدهم فأنبتهم نباتاً *** كريمًا طابَ في الدنيا غصونا.

إذا شهدوا الوغى كانوا كماةً *** يدكّونَ المعاقلَ والحصونا.

وإن جنَّ المساءُ فلا تراهم *** من الإشفاق إلا ساجدينا.

شباب لم تحطّمه الليالي *** ولم يُسلِم إلى الخصمِ العرينا.

وما عرفوا الأغاني مائعاتٍ *** ولكن العلا صيغتْ لحونا.

فما عرف الخلاعةَ في بناتٍ *** ولا عرف التخنّث في بنينا.
*
ولم يتشدقوا بقشورِ علْمٍ *** ولم يتقلّبوا في الملحدينا.

ولم يتبجّحوا في كل أمرٍ *** خطير كي يقالَ مثقفونا.

كذلك أخرج الإسلام قومي *** شبابًا مخلصًا حرًّا أمينا.

وعلمه الكرامة كيف تبنى *** فيأبى أن يُقيَّد أو يهونا.

دعوني من أمانٍ كاذباتٍ *** فلم أجد المنى إلا ظنونا.

وهاتوا لي من الإيمانِ نورًا *** وقوّوا بين جنبيَّ اليقينا.

أمدُّ يدي فأنتزع الرواسي *** وأبني المجد مؤتلفًا مكينا.

إلى الأسد الذى علمنا الرجولة والله اسأل أن يحفظه وكل من سار على دربه

ماذا فعلت بنا يا أسامة ..... فالكل يرمي علينا سهامه
وصرنا نلامُ ومهما فعلنا ..... فبأي عذرٍ نرد الملامه
فأنتَ تُقاتلُ جيشَ الصليبِ ..... ونحنُ نُهرولُ خلف الحمامة
ولمّا ارتضينا بسلمٍ مذلٍ ..... بغوا واستباحوا لديني حرامه
وأنت تقودُ أسود الوغى ..... ونحنُ نقلِدُ فعل النعامة
قعدنا لنبكيَ مثلَ النساءِ ..... على ما يدورُ بأرضِ الشهامة
وبالأمسِ كنا نعد رجالاً ..... وكدنا نصدقُ تلك العلامة
فنزهو بطول الشوارب منا ..... وصوتٌ غليظٌ وعرضٌ وقامة
حتى أتيت فصُغت المعاني ..... فبدّل كلُ دعي كلامه
لأن الرجولة قول وفعلٌ ..... وأن الرجولة تعني الكرامة
وأن الرجولة توحيد ربٍ ..... بكل العبادةِ ثم استقامة
وأن الرجولة حبٌ لدين ..... يكون الجهاد بأعلى سنامه
وأن الرجولة زُهد وتركٌ ..... لدُنيا وجاهٍ رفيع مقامه
وأن الرجولة عزمٌ وصبرٌ ..... على النازلاتِ وعسر الإقامة
وأن الرجولة كر وفرٌ ..... ونصرٌ منَ اللهِ يُرجَى تمامه
وأن الرجولة ثوب ولحية ..... ونور يفوقُ بياض العمامة
فهل بعد تلك الفعال فعالٌ ..... ومن ذا يطالك قدراً وهامة
أعيدوا كتابة كل المعاجم ..... فإن الرجولة تعني أسامة.

كيف نصنع رجلا ؟

فإنّ مما يعاني منه كثير من الناس ظهور الميوعة وآثار التّرف في شخصيات أولادهم، ولمعرفة حلّ هذه المشكلة لابد من الإجابة على السّؤال التالي: كيف ننمي عوامل الرّجولة في شخصيات أطفالنا؟

*الـتـكـنـيـة

أكنيه حين أناديه لأكرمه** ولا أناديه بالسوءة اللقب

مناداة الصغير بأبي فلان أو الصغيرة بأمّ فلان ينمّي الإحساس بالمسئولية، ويُشعر الطّفل بأنّه أكبر من سنّه فيزداد نضجه، ويرتقي بشعوره عن مستوى الطفولة المعتاد، ويحسّ بمشابهته للكبار.

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكنّي الصّغار؛ فعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: ** كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا، وَكَانَ لِي أَخٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو عُمَيْرٍ – قَالَ: أَحسبُهُ فَطِيمًا – وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَالَ: يَا أَبَا عُمَيْرٍ، مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ؟! } (طائر صغير كان يلعب به) [رواه البخاري: 5735].

وعَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدٍ قالت: ** أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بثِيَابٍ فِيهَا خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ صَغِيرَةٌ ( الخميصة ثوب من حرير ) فَقَالَ: مَنْ تَرَوْنَ أَنْ نَكْسُوَ هَذِهِ؟ فَسَكَتَ الْقَوْمُ، قَالَ: ائْتُونِي بِأُمِّ خَالِدٍ. فَأُتِيَ بِهَا تُحْمَلُ ( وفيه إشارة إلى صغر سنّها ) فَأَخَذَ الْخَمِيصَةَ بِيَدِهِ فَأَلْبَسَهَا وَقَالَ: أَبْلِي وَأَخْلِقِي، وَكَانَ فِيهَا عَلَمٌ أَخْضَرُ أَوْ أَصْفَرُ فَقَالَ: يَا أُمَّ خَالِدٍ، هَذَا سَنَاه، وَسَنَاه بِالْحَبَشِيَّةِ حَسَنٌ } [رواه البخاري: 5375].

وفي رواية للبخاري أيضاً: ** فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى عَلَمِ الْخَمِيصَةِ وَيُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَيَّ وَيَقُولُ: يَا أُمَّ خَالِدٍ، هَذَا سَنَا، وَالسَّنَا بِلِسَانِ الْحَبَشِيَّةِ الْحَسَنُ }

*أخذه للمجامع العامة وإجلاسه مع الكبار

وهذا مما يلقّح فهمه ويزيد في عقله، ويحمله على محاكاة الكبار، ويرفعه عن الاستغراق في اللهو واللعب، وكذا كان الصحابة يصحبون أولادهم إلى مجلس النبي صلى الله عليه وسلم ومن القصص في ذلك: ما جاء عن مُعَاوِيَةَ بن قُرَّة عَنْ أَبِيهِ قَالَ: ** كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا جَلَسَ يَجْلِسُ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَفِيهِمْ رَجُلٌ لَهُ ابْنٌ صَغِيرٌ يَأْتِيهِ مِنْ خَلْفِ ظَهْرِهِ فَيُقْعِدُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ.. الحديث } [رواه النسائي وصححه الألباني في أحكام الجنائز].

*تحديثهم عن بطولات السابقين واللاحقين والمعارك ا لإسلامية وانتصارات المسلمين

لتعظم الشجاعة في نفوسهم، وهي من أهم صفات الرجولة.

وكان للزبير بن العوام رضي الله عنه طفلان أشهد أحدهما بعضَ المعارك، وكان الآخر يلعب بآثار الجروح القديمة في كتف أبيه كما جاءت الرواية عن عروة بن الزبير ** أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالُوا لِلزُّبَيْرِ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ: أَلا تَشُدُّ فَنَشُدَّ مَعَكَ؟ فَقَالَ: إِنِّي إِنْ شَدَدْتُ كَذَبْتُمْ. فَقَالُوا: لا نَفْعَلُ، فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ ( أي على الروم ) حَتَّى شَقَّ صُفُوفَهُمْ فَجَاوَزَهُمْ وَمَا مَعَهُ أَحَدٌ، ثُمَّ رَجَعَ مُقْبِلاً فَأَخَذُوا ( أي الروم ) بِلِجَامِهِ ( أي لجام الفرس ) فَضَرَبُوهُ ضَرْبَتَيْنِ عَلَى عَاتِقِهِ بَيْنَهُمَا ضَرْبَةٌ ضُرِبَهَا يَوْمَ بَدْر.

قَالَ عُرْوَةُ: كُنْتُ أُدْخِلُ أَصَابِعِي فِي تِلْكَ الضَّرَبَاتِ أَلْعَبُ وَأَنَا صَغِيرٌ. قَالَ عُرْوَةُ: وَكَانَ مَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَوْمَئِذٍ وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ فَحَمَلَهُ عَلَى فَرَسٍ وَوَكَّلَ بِهِ رَجُلاً } [رواه البخاري: 3678].

قال ابن حجر رحمه الله في شرح الحديث: وكأن الزبير آنس من ولده عبد الله شجاعة وفروسية فأركبه الفرس وخشي عليه أن يهجم بتلك الفرس على ما لا يطيقه، فجعل معه رجلاً ليأمن عليه من كيد العدو إذا اشتغل هو عنه بالقتال.

وروى ابن المبارك في الجهاد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير "أنه كان مع أبيه يوم اليرموك , فلما انهزم المشركون حمل فجعل يجهز على جرحاهم" وقوله: " يُجهز " أي يُكمل قتل من وجده مجروحاً, وهذا مما يدل على قوة قلبه وشجاعته من صغره.

*إعطاء الصغير قدره وقيمته في المجالس

ومما يوضّح ذلك الحديث التالي: عن سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: ** أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَدَحٍ فَشَرِبَ مِنْهُ وَعَنْ يَمِينِهِ غُلامٌ أَصْغَرُ الْقَوْمِ وَالأَشْيَاخُ عَنْ يَسَارهِ فَقَالَ: يَا غُلامُ، أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَهُ الأشْيَاخَ؟ قَالَ: مَا كُنْتُ لأوثِرَ بِفَضْلِي مِنْكَ أَحَدًا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ }

*تعليمهم الرياضات الرجولية

كالرماية والسباحة وركوب الخيل وجاء عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ قَالَ: ** كَتَبَ عُمَرُ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ أَنْ عَلِّمُوا غِلْمَانَكُمْ الْعَوْمَ } [رواه الإمام أحمد في أول مسند عمر بن الخطاب].

*تجنيبه أسباب الميوعة والتخنث

فيمنعه وليّه من رقص كرقص النساء، وتمايل كتمايلهن، ومشطة كمشطتهن، ويمنعه من لبس الحرير والذّهب.

وقال مالك رحمه الله. "وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ يَلْبَسَ الْغِلْمَانُ شَيْئًا مِنْ الذَّهَبِ لأَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ تَخَتُّمِ الذَّهَبِ، فَأَنَا أَكْرَهُهُ لِلرِّجَالِ الْكَبِيرِ مِنْهُمْ وَالصَّغِيرِ" [موطأ مالك].

*تجنب إهانته خاصة أمام الآخرين وإشعاره بأهميته وذلك

يكون بأمور مثل:
(1) إلقاء السّلام عليه، وقد جاء عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه ** أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى غِلْمَانٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ } [رواه مسلم: 4031].

(2) استشارته وأخذ رأيه.

(3) توليته مسئوليات تناسب سنّه وقدراته
(4) استكتامه الأسرار. 
عن أَنَسٍ قَالَ: ** أَتَى عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ قَالَ: فَسَلَّمَ عَلَيْنَا فَبَعَثَنِي إِلَى حَاجَةٍ فَأَبْطَأْتُ عَلَى أُمِّي، فَلَمَّا جِئْتُ قَالَتْ: مَا حَبَسَكَ؟ قُلْتُ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِحَاجَةٍ. قَالَتْ: مَا حَاجَتُهُ؟ قُلْتُ: إِنَّهَا سِرٌّ. قَالَتْ: لا تُحَدِّثَنَّ بِسِرِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحَدًا } [رواه مسلم: 4533].

وعن ابْن عَبَّاسٍ قال: ** كُنْتُ غُلامًا أَسْعَى مَعَ الْغِلْمَانِ فَالْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا بِنَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَلْفِي مُقْبِلاً فَقُلْتُ: مَا جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلا إِلَيَّ، قَالَ: فَسَعَيْتُ حَتَّى أَخْتَبِئَ وَرَاءَ بَابِ دَار، قَالَ: فَلَمْ أَشْعُرْ حَتَّى تَنَاوَلَنِي فَأَخَذَ بِقَفَايَ فَحَطَأَنِي حَطْأَةً ( ضربه بكفّه ضربة ملاطفة ومداعبة ) فَقَالَ: اذْهَبْ فَادْعُ لِي مُعَاوِيَةَ.

قَالَ: وَكَانَ كَاتِبَهُ فَسَعَيْتُ فَأَتَيْتُ مُعَاوِيَةَ فَقُلْتُ: أَجِبْ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ عَلَى حَاجَةٍ } [رواه الإمام أحمد في مسند بني هاشم].

وهناك وسائل أخرى لتنمية الرجولة لدى الأطفال منها:

(1) تعليمه الجرأة في مواضعها ويدخل في ذلك تدريبه على الخطابة.

(2) الاهتمام بالحشمة في ملابسه وتجنيبه الميوعة في الأزياء وقصّات الشّعر والحركات والمشي، وتجنيبه لبس الحرير الذي هو من طبائع النساء.

(3) إبعاده عن التّرف وحياة الدّعة والكسل والرّاحة والبطالة،وقد قال عمر: اخشوشنوا فإنّ النِّعَم لا تدوم.

(4) تجنيبه مجالس اللهو والباطل والغناء والموسيقى؛ فإنها منافية للرّجولة ومناقضة لصفة الجِدّ.

 
وفى الختام أرجو أن يوفقني الله فى ما كتبت ويجعل خيره لى ولكم حجة لى لا على

 
" و إنْ تَجدْ عَيْباً فَسُدَّ الخَللا *** فَجَلَّ مَنْ لا عَيْبَ فِيهِ وعَلا

عسى الله أن يصلح أحوالنا ويأخذ بنواصينا إليه ويرزق الأمة رجالا مؤتمنين يحملون هم الأمة يذبون عن عرضها ويحفظون بيضتها وما ذلك على الله بعزيز .

لكننا رغـــــــــــــــم هذا الذل نعلنهـا ***فليسمع الكون وليصغى لنــا البشـر0
إن طال ليل الأسى واحـــتد صـارمه ***وأرق الأمة المجروحة الســـــــــهر0
فالفجر آت وشمس العــــــز مشرقة ***عما قريب وليــــــــــــــل الذل مندحر0
سنستعيد حيـــــــــــــاة العز ثانية ***وسوف نغلب من حادوا و من كفروا0
وسوف نبنى قصور المـــــجد عالية*** قوامها السنة الغراء و الســـــــــور0
وسوف نفخر بالقرآن فى زمـــــــــن*** شعوبه بالخنا و الفســـــــــــق تفتخر0
و سوف نرسم للإســـــــــلام خارطة ***حدودها العز و التمكين و الظفـــــــر0







الحسد : تعريفه ، حكمه ، آثاره ، أسبابه ، علاجه







الحسد : تعريفه ، حكمه ، آثاره ، أسبابه ، علاجه

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أما بعد :-
فقد جعل الله المحبة الخالصة بين المسلمين هي أوثق عرى المحبة في الله ، وجمع المتحابين تحت ظلال عرشه ، ووثق الإسلام بذلك بوجوب المحافظة على مال المسلم وعرضه ونفسه ، بأن لا يصيبه أذى ولا يُمس بسوء .
ولكن تبحر بعض النفوس في مياه آسنة تتشفى ممن أنعم الله عليهم ورزقهم من خيره بالحقد والحسد فيثمر ثمراً خبيثاً غيبةً ونميمةً واستهزاء وغيرها . ولا يخلو مجتمع من تلك النفوس الدنيئة .
لذلك كان لزاماً علينا معشر الدعاة أن نطرح مثل هذه المواضيع التي انتشرت في المجتمع الإسلامي بل في الأوساط الشبابية وحلق التحفيظ فقد يحسد الشاب أخاه على حسن صوته أو لحفظه الجيد أو لعبادته .
وسيكون عرض هذا الموضوع على طريقة السؤال والجواب لأنها أسرع للفهم والحفظ .
تعريف الحسد :هو تمني زوال النعمة عن المحسود وإن لم يصر للحاسد مثلها.
أنواعه :1- كراهه للنعمة على المحسود مطلقاً وهذا هو الحسد المذموم . 2- أن يكره فضل ذلك الشخص عليه فيحب أن يكون مثله أو أفضل منه وهذا الغبطة .
مراتب الحسد :1- يتمني زوال النعمة عن الغير . 2- يتمنى زوال النعمة ويحب ذلك وإن كانت لا تنتقل إليه . 3- أن يتمنى زوال النعمة عن الغير بغضاً لذلك الشخص لسبب شرعي كأن يكون ظالماً . 4- ألا يتمنى زوال النعمة عن المحسود ولكن يتمنى لنفسه مثلها ، وإن لم يحصل له مثلها تمنى زوالها عن المحسود حتى يتساويا ولا يفضله صاحبه . 5- أن يحب ويتمنى لنفسه مثلها فإن لم يحصل له مثلها فلا يحب زوالها عن مثله وهذا لا بأس به.
حكم الحسد :حرام.
( عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ) رواه مسلم .
الأسباب التي تؤدي إلى الحسد :يمكن تقسيم الأسباب إلى أسباب من الحاسد أو من المحسود أو قد يشترك فيها الإثنان . 1- العدواة والبغضاء والحقد ( هذا السبب من الحاسد ) . 2- التعزز والترفع ( هذا السبب من الحاسد ) . 3- حب الرئاسة وطلب الجاه لنفسه ( هذا السبب من الحاسد ) . 4- ظهور الفضل والنعمة على المحسود . 5- حب الدنيا ( هذا السبب من الحاسد ) . 6- الكبر ( هذا السبب من المحسود ). 7- شدة البغي وكثرة التطاول على العباد ( هذا السبب من المحسود ) . 8- المجاورة والمخالطة ( هذا السبب يشترك فيه الحاسد والمحسود ) .
بعض آثار الحاسد وأضراره على الفرد والمجتمع 1- حلق الدين ( دبّ إليكم داء الأمم قبلكم البغضاء والحسد هي الحالقة حالقة الدين لا حالقة الشعر ) . 2- إنتفاء الإيمان الكامل ( لا يجتمع في جوف عبد غبار في سبيل الله وفيح جهنم ولا يجتمع في جوف عبد الإيمان والحسد ) . 3- رفع الخير وانتشار البغضاء في المجتمع ( لا يزال الناس بخير ما لم يتحاسدوا ) . 4- اسخاط الله وجني الأوزار ( الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ) . 5- مقت الناس للحاسد وعداوتهم له ( شر الناس من يبغض الناس ويبغضونه ) . 6- الحاسد يتكلم في المحسود بما لا يحل له من كذب وغيبة وإفشاء سر .
الموقف الذي يجب أن يقفه المحسود من الحاسد1- الرجوع إلى الله وتجديد التوبة مع الله من الذنوب التي سلطت عليه أعداءه . 2- التوكل على الله . 3- الاستعاذه بالله وقراءة الأذكار والأوراد الشرعية . 4- دعاء الله بأن يقيك من الحساد . 5- العدل مع الحاسد وعدم الإساءة إليه بالمثل . 6- الإحسان إلى الحاسد . 7- الرقية . 8- عدم إخبار الحاسد بنعمة الله عليك .
لو قال قائل أنا أبتليت بالحسد ! فكيف أزيل الحسد من قلبي ؟ 1- التقوى والصبر . 2- القيام بحقوق المحسود . 3- عدم البغض . 4- العلم بأن الحسد ضرر على الحاسد في الدنيا والآخرة . 5- الثناء على المحسود وبرّه . 6- إفشاء السلام . 7- قمع أسباب الحسد من كبر وعزة نفس . 8- الإخلاص . 9- قراءة القرآن . 10- تذكر الحساب والعقاب . 11- الدعاء والصدقه .
تأمل في الأدلة التالية واستنتج منها مظاهر قبح الحسد ؟ 1- قال تعالى ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه ) .
مظهر قبح الحسد أنه أول ذنب عصي الله به في السماء .
2- قال تعالى ( واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قرباناً فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين ) .
مظهر قبح الحسد أنه أول ذنب عصي الله به في الأرض .
3- قال تعالى ( ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق ) .
مظهر قبح الحسد أنه من صفات الكفار من اليهود والنصارى .
4- قال صلى الله عليه وسلم ( لا يجتمع في جوف عبد غبار في سبيل الله وفيح جهنم ، ولا يجتمع في جوف عبد الإيمان والحسد ) .
مظهر قبح الحسد أنه يضاد الإيمان بالله تعالى . 
5- قال صلى الله عليه وسلم ( دبّ إليكم داء الأمم من قبلكم الحسد والبغضاء ) .
مظهر قبح الحسد أنه داء وقع فيه جميع الأمم من قبلنا .

هل سألت نفسك ذات يوم لماذا نكررالفاتحة؟









أستغفرالله..



 


هل سألت نفسك ذات يوم لماذا نكررالفاتحة؟











هل سألت نفسك ذات يوم لماذا نكررالفاتحةفي كل يوم سبع عشرة مرة في الصلاة؟
سبع عشرة ركعة هنعدد ركعات الصلاةوفيكل ركعة يجب أن نقرأ الفاتحة لماذا؟
ولماذا افتتح الله بها كتابه الكريم فشرّفها بأن تكونأولسورةيبدأ بهاالمصحف؟ولماذا سمّهاهاأم الكتاب؟

هل تعلم أن العلماءيقولون إن كل معاني القرآن من كلام عن صفات الله وعن الدار الآخرة وعن قصص الأممالسابقة كلها مجتمعة فيالفاتحةالتيلو تدبّرناها لوجدناها فعلا رائعة ولاستمتعنا حقا كلّما قرأناها؟
ستزداد حبا فيالفاتحةعندما تعلم أنفيها أدب كيفية الدخول بين يدياللهليقبلك ليقبل دعاءكليقبل توبتك وليقبل عبوديتك.

وعندماتعلم أيضا فضلالفاتحةبهذاالحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: يقول الله عز وجل في حديثهالقدسي:"قسمت الصلاة بينيوبين عبدي فإذا قَال الْعَبْدُ "الْحَمْدُ لله رَبّ الْعَالَمِينَ" قَال حَمِدَنِيعَبْدِي وَإِذَا قَال "الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" قَالَ اللَّهُ تَعَالَى "أَثْنَىعَلَيَّ عَبْدِي" وَإِذَا قَالَ "مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ" قَالَ "مَجَّدَنِيعَبْدِي" فَإِذَا قَالَ "إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ" قَالَ "هَذَابَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي" فَإِذَا قَالَ "اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَصِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم ولاالضَّالِّينَ" قَالَ "هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سأَلَ". و"الصلاة" في الحديث القدسيتعني الفاتحة.



فتخيّل أنك كلمّا قرأتالفاتحةصباحاً أو مساءً في سنَّة أو فرض يرد عليك ملك الملوك.


إذن هناك سرفي هذه الآيات التي لها خصوصية عند ملك الملوك نعم إنه يعلمنا كيف ندخل بين يديهبأدب.



فبدأت السورة ب "بسم الله الرحمن الرحيم". يعني أبدأ في الدخول عليك يا رب باسمك أنت فقد جئتك لأنك أنت الرحمن الرحيم الذيينظر لعباده نظرة الرحمة لا نظرة الانتقام على ذنوبهم وتقصيرهم لأن السورة لو كانتأول آيه فيها "بسم الله المنتقم الجبار" لخفنا ونحن ندخل عليه بهذه السورة لكنهاكانت "بسم الله الرحمنالرحيم" لتكون برداًوسلاما على قلوب من قصّر في حق الله أو عصاه. فأنا جئتك لأنك الرحمن الرحيم.



ثم يقول العبد بعدها "الحمد لله رب العالمين". يبدأ العبد في الكلام مع الله بحمده والاعتراف بفضله عليه وكلمة "الحمد للهمنأعظم الكلمات التي
يحبهاالله فهي أول كلمة قالها الإنسان لمّا دخلت الروح في جسم سيدنا آدم عطس فقالت لهالملائكة "فلتحمد ربكفقال "الحمد لله" فقالت لهالملائكة "يرحمك ربك".



فأول كلمة قالها الإنسان "الحمد لله" فالله يحبالحمد ويعطي عليه ثواباً لا حدود له لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "والحمد لله تملأ الميزان" أي تملأ ميزان الحسناتبجبال الحسنات بمجرد كلمة "الحمد للهالتي فيها اعترافبفضل الله علينا وأننا غارقون في نعمه علينا حينئذٍ يقول الله: "حمدني عبدي".



"الرحمن الرحيم"، نعم يارب أنت ربالعالمين والرب هو الذي يُربِّي ويرعى وأنت يارب رب العالمين. برحمتك وحلمكعلينا ترانا في المعصية وتصبرعلينا وترانا مقصرين وتقبل القليل وترانا ننساككثيراً وأنت لا تنسى رزقنا ولا حفظنا فما أعظمك يارب العالمين يا أرحم الراحمينحينئذ يقول الله"أثنى عليّ عبدي".


هل تلاحظون هذا الأدب فيالدخول على الله؟


إننا جئناك يا رحيم نعترف بفضلك علينا وأنك تعاملنابرحمتك



ثم يقول العبد "مالك يوم الدين" يعني يا رب أعترف باليوم الآَخِر و"يوم الدين" يعنييوم الجزاء يوم لا ينفع وقتها إلا الدين فمن أتى بغير دين وتديُّن لن يفرح ولن ينجوهذا اليوم.


فأنا أعترف يا رب بيوم القيامة وبالبعث وأنك أنت مالكه كما أنك ياربأنت مالك الدنيا فمصيرنا بين يديك دنيا وآخرة.



تخيل واحد يدخل بينيدياللهيقول له جئتك ياربلأنك أنت الرحمن الرحيم وأبدأ كلامي معك أني أعترف بنعمتك عليّ وأنك يارب مالك يومالدين يوم الحساب والجزاء وأنا أعترف بذلك وعندها يقول الله: "مجدني عبدي".


ثم يقول العبد "إياك نعبد وإياك نستعينيعني يا رب ليسلي رب سواك أعبده وأطيعه وأطلب حاجاتي منه وأعتمد عليه وأتوكل عليه فأعِنّي يا ربحتى أستطيع أن أعبدك أعِنّي وساعدني لأني أعبدك وأستعينك عندها يقول الله"هذا بيني وبين عبدي".



ثم يدعو العبد الدعاء الذي هوطلب العبد من ربه في هذه السورة الكريمة
لكن انظر متى يطلب العبد من ربه يطلب بعد أن يدخل بأدببعد أن يحمد الله ويثني عليه ويعترف بفضله ويتذلل له يعترف أنه لن يستطع أن يفعلأي شيء إلا بعد الاستعانة بالله عز وجل.



ثم يقول العبد "اهدنا الصراط المستقيم". يا رب خذ بيدي وثبتني على طريقك الذي يوصِّل إلى رضاك يارباهدني لأني بدونك لن أهتدي لأنك أنت الذي تملك قلبي وتملك سعادتي وتعاستي وتملكروحي وجنتي فأنا الآن واقف على بابك أدعوك وأتضرع إليك فلا يملك مصيري إلا أنتولا يملك نجاتي إلا أنت فأنا لعلمي بذلك ألجأ إليك وليس لي إلاّ أنت.



يارب ابعث لي من يأخذ بيديوأعِنّي على أن أرى طريق الحق وطريق الباطل وخذ بيدي لأثبت على طريق الحق واجعلنيأشكر نعمتك وأصبر على بلائك خذ بيدي إليك أخذ الكرام عليك"صراط الذين أنعمتعليهمبالهداية وحب الخيروحب النبي صلى الله عليه وسلم وحب كل عمل يقربناإليك.





"غير المغضوبعليهم"


وهم الذين علموا الحق ثماختاروا غيره وعرفوا الخير ورفضوه.



"ولا الضالين"


أيالذين تاهوا وضلّوا في البحث عن رضاك فلجأوا إلى غيرك فلم يجدوا شيئاً لأن كل شيء بيد رب العالمين.عندها يقول الله: "هذا لعبدي ولعبدي ماسأل".





اللهم يامن جعلت عيسي بلا أب وجعلت سليمان يكلم من يأكل الحب ونصرت موسي علي من قال انه الرب واحببت محمد حبا ليس بعده حب وحميت مريم من القذف والسب فك كربي وكرب المسلمين جميعا واعنا علي شكرك وذكرك وحسن عبادتك يارب يارب يارب.


اللهم يمدبر الامور دبر اموري فأنا لا احسن التدبير .


هل جلست مع نفسك يوما ?






هل جلست مع نفسك يوما ? 












تبكي خشية من الله سبحانه وتعالى .

هل جلست مع نفسك يوما ?

قائلا : "هل الله سبحانه وتعالى راضٍ عني أم هو غضبــان"

هل جلست مع نفسك يوما ?

لمحاسبة نفسك فيما اقترفته من ذنوب.

هل جلست مع نفسك يوما ?

لكي تتوب وتندم على ما اقترفته من ذنوب .

هل جلست مع نفسك يوما ?

لحساب كم من الذنوب التي اقترفتها اليوم فقط .

هل جلست مع نفسك يوما ?

وسألتها"لماذا خلقنا اللـــه سبحانه وتعالى" .

هل جلست مع نفسك يوما ?

هل جلست يوما تتدبر في خلق الله .

هل جلست مع نفسك يوما ?

تتأمـل كيف زين الله السماء الدنيا بالنجوم .

هل جلست مع نفسك يوما ?

وتسأ لت كيف سوف يكون حالك في القبر .

هل جلست مع نفسك يوما ?

لمعرفة ما هي حقوقك وواجباتك تجاه الخالق .

هل جلست مع نفسك يوما ?

جلسة محاسبة في كيفية الخروج من المعاصي .

هل جلست مع نفسك يوما ?

وقلت في نفسك "ما فائدة الأموال التي اجمعها عند رحيلي من الدنيا.

هل جلست مع نفسك يوما ?

وقلت "كيف لي أن أعصي الله وهو يراقبني الآن".

هل جلست مع نفسك يوما ?

وعزمت على ترك أصدقاء الســوء .

هل جلست مع نفسك يوما ?

قائلا " لماذا يقوم الناس لصلاة قيام الليل وما الأجر الذي فيها

هل جلست مع نفسك يوما ?

قائلا " هل صلاتي مقبولة أم لا".

هل جلست مع نفسك يوما ?

قائلا " هل ميزان حسناتي يطغى على سيئاتي"

من جلس مع نفسه وبكى خشية من الله سبحانه وتعالى ففي قلبه إيمان وصلاح .

أما من لم يخشع ولم يبكي يوما خشية من الله سبحانه وتعالى فهذا قلبه قــاسٍ ومريض وعليه بأن يرطب لسانه بذكر الله

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

مساكين أهل الدنيا..خرجوا منها ولم يذوقوا أحلي ما فيها !

فقيل له: وما أحلي ما فيها ! قال: حب الله عز وجل.

قال الله عز وجل : ألا بذكر الله تطمئن القلوب. تمعــن في هذه الآيــة

قال تعالى : { وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ}. البقرة:281

يقول ابن كثير: هذه الآية آخر مانزل من القرآن العظيم، وقد عاش النبي صلى الله عليه وسلم بعد نزولها تسع ليالٍ ثم انتقل إلى الرفيق الأعلى.

يقول الشيخ الأريب ابن عثيمين رحمه الله :لو تفكر الناس في هذه الآية لبكوا كثيرا.

ألم تعي في قول الله سبحانه وتعالى :

{ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} . سورة النور24

اللهم إنا نتوسل إليك بك ونقسم عليك بذاتك
أن ترحم وتغفر وتفرج كرب وتسعد الكل وترحم الاموات والاباء والامهات رَبِّ اغْفِرْ لِيَّ وَلِوَالِدَيَّ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِيْ صَغِيْرَا يارب يارب يارب
وأن ترزقنا صحبة النبي في الجنة ولا تجعل منا طالب حاجه إلا أعطيته إياها فأنك ولى ذلك والقادر عليه وصلى اللهم على حبيبك ونبيك محمد أمين....
اللهمَّ ارْزُقْنِي الْفِرْدَوْسَ الأعلى مِنْ غَيْرِ عِتَابٍ ولا حِسَابٍ ولا عَذَابْ الامل كبير فيك يارب 


الفقير الي الله










Do you ever sat down with yourself?
Cry for fear of God Almighty.
Do you ever sat down with yourself?
Saying: "Is God pleased with me, or is angry"
Do you ever sat down with yourself?
To hold yourself accountable as it did from sins.
Do you ever sat down with yourself?
To repent and regret what it did from sins.
Do you ever sat down with yourself?
To calculate how much of the sins committed by the day only.
Do you ever sat down with yourself?
And I asked her, "Why God created the Almighty."
Do you ever sat down with yourself?
Have you ever sat reflect on God's creation.
Do you ever sat down with yourself?
Contemplate how God Zine minimum sky.
Do you ever sat down with yourself?
Thes late How are you will be in the grave.
Do you ever sat down with yourself?
To find out what your rights and obligations towards the Creator.
Do you ever sat down with yourself?
Accounting session on how to get out of sin.
Do you ever sat down with yourself?
And I said to yourself, "What is the use of the funds that add them at my departure from this world.
Do you ever sat down with yourself?
And I said, "How do I disobey God is watching me now."
Do you ever sat down with yourself?
And resolved to leave bad friends.
Do you ever sat down with yourself?
"Why the people to prayer for the night and remuneration
Do you ever sat down with yourself?
"Are my prayers are acceptable or not."
Do you ever sat down with yourself?
"Is the balance of Hassanati dominates on Saiati"
Sat down with himself and cried for fear of God in his heart and good faith.
Those who did not show reverence and never cry for fear of God Almighty, this severe heart patient and that moistens his tongue remembrance of Allah
Shaykh al-Islam Ibn Taymiyah:
Poor people of the world .. come out and did not taste the sweetest!
He was told: What is the sweetest! Said: love of God Almighty.
God Almighty said: the remembrance of Allah do hearts find rest. Reflect on this verse
He says: {And fear a Day when you shall return to God and then died all the same as earned, and they will not be wronged}. Cow: 281
Ibn Kathir says: This verse last PECHS of the Quran, have lived the Prophet, peace be upon him after the descent nine nights and then moved to the higher ranks.
Sheikh الأريب says Ibn Uthaymeen: if you think people in this verse cried a lot.
Aware of the pain in the words of God Almighty:
{Day when their tongues and their hands and feet for what they used to do}. Surat Al-Nur 24
Oh God, I implore you and your swear you with yourselfMercy and forgive and release stress and happy total and merciless dead parents Lord, forgive me and my parents Lord has decreed that you worship none small, Lord Lord LordAnd Trozkna the company of the Prophet in paradise and do not make us students need only gave them you gone Able to do that and God bless your lover and your Prophet Mohammed Amin ....Oh God, give me the highest paradise without reproach or account nor punished great hope in you Lord



الأربعاء، 23 يناير 2013

ولد الرشيد المعروف بالسبتي




 ولد الرشيد المعروف بالسبتي







ويقال اسمه أحمد رضي الله عنه.
عن عبد الله بن الفرج قال خرجت يوما اطلب رجلا يرم لي شيئاً في الدار.
فذهبت فاشير لي إلى رجل حسن الوجه بين يديه مر وزبيل فقلت تعمل لي؟ قال نعم بدرهم ودانق فقلت قم فقام فعمل ليعملا بدرهم ودانق ودرهم ودانق ودرهم ودانق.
قال ثم أتيت يوما آخر فسألت عنه فقيل لي ذلك رجل لا يرى في الجمعة إلا يوماً واحد يوم كذا قال فجئت ذلك اليوم فقلت تعمل لي قال نعم بدرهم ودانق فقلت أنا بدرهم قال بدرهم ودانق فقلت قم ولم يكن بي الدانق ولكن أحببت ان استعلم ما عنده فلما كان المساء وزنت درهما فقال لي ما هذا قلت درهم قال الم اقل لك درهم ودانق اف لقد افسدت علي. فقلت وأنا الم اقل لك بدرهم فقال لست أخذ منه شيئا قال فوزنت درهما ودانقا فقلت خذ فابى ان يأخذه وقال سبحان الله اقول لا أخذه وتلح علي فابى ان يأخذه ومضى.
قال فاقبل علي اهلي وقالت فعل الله بك ما اردت إلى رجل عمل لك عملا بدرهم ان افسدت عليه قال فجئت يوما اسأل عنه فقيل لي مريض فاستدللت على بيته فأتيته فاستاذنت عليه فدخلت وهو مبطون وليس في بيته شيء إلا ذلك المر والزبيل فسلمت عليه وقلت له لي اليك حاجة وتعرف فضل ادخال السرور على المؤمن أحب ان تجيء إلى بيتي امرضك قال وتحب ذلك؟ قالت نعم قال بشرائط ثلاث قلت نعم قال لا تعرض علي طعاماً حتى اسألك واذا أنا مت ان تدفنني في كسائي وجبتي هذه قلت نعم قال والثالثة اشد منهما وهي شديدة قلت وان كان.
قال فحملته إلى منزلي عند الظهر فلما أصبحت من الغد ناداني يا عبد الله فقلت ما شأنك قال قد احتضرت افتح صرة على كم جبتي قال ففتحتها فإِذا فإِذا فيها خاتم عليه فص أحمر فقال إذا أنا مت ودفنتني فخذ هذا الخاتم ثم ادفعه إلى هارون أمير المؤمنين ووقل له يقول لك صاحب هذا الخاتم ويحك لا تموتن على سكرتك هذه فانك ان مت على سكرتك هذه ندمت.
فلما دفنته سألت عن يوم خروج هارون أمير المؤمنين وكتبت قصة وتعرضت له قال فدفعتها إليه واوذيت اذى شديدا فلما دخل قصره وقرا القصة قال علي بصاحب هذه القصة قال فادخلت عليه وهو مغضب قال تتعرضون لنا وتفعلون فلما رأيت غضبه أخرجت الخاتم فلما نظر إلى الخاتم قال: من أين لك هذا الخاتم قلت: دفعه إلى رجل طيان فقال لي طيان طيان وقربني منه. فقلت له يا أمير المؤمنين انه أوصاني بوصية فقال لي ويحك قل فقلت يا أمير المؤمنين انه أوصاني إذا أوصلت اليك هذا الخاتم فقل له يقرئك صاحب هذا الخاتم السلام ويقول لك ويحك لا تموتن على سكرتك هذه فانك ان مت على سكرتك هذه ندمت.
فقام على رجليه قائما وضرب بنفسه على البساط وجعل يتقلب عليه ويقول يا بني نصحت اباك.
فقلت في نفسي كانه ابنه ثم جلس وجاؤوا بالماء فمسحوا وجهه وقال لي كيف عرفته فقصصت عليه قصته قال فبكى وقال هذا اول مولود ولد لي وكان أبي المهدي ذكر إلى زبيدة ان يزوجني فبصرت بهذه المراة فوقعت في قلبي وكانت حسنة فتزوجت بها سرا من أبي فاولدتها هذا المولود واحدرتها إلى البصرة واعطيتها هذا الخاتم واشياء وقلت اكتمي نفسك فإِذا بلغك اني قد قعدت للخلافة فأتيني فلما قعدت للخلافة سألت عنهما فذكر لي انهما ماتا ولم اعلم انه باق فاين دفنته قلت يا أمير المؤمنين دفنته في مقابر عبد الله بن مالك.
قال لي اليك حاجة إذا كان بعد المغرب فقف لي بالباب حتى أخرج اليك فأخرج متنكراً إلى قبره.
فوقفت له فخرج متنكراً والخدم حوله ووضع يده بيدي وصاخ بالخدم فتنحوا وجئت به إلى قبره فما زال ليلته يبكي إلى ان أصبح ويدير رأسه ولحيته على قبره يقول يا بني لقد نصحت اباك.
قال فجعلت أبكي لبكائه رحمة مني له لم سمع كلاما فقال كاني اسمع كلام الناس قلت اجل أصبحت يا أمير المؤمنين قد طلع الفجر فقال لي قد أمرت لك بعشرة آلاف درهم واكتب عيالك مع عيالي مع من تهتم به فان لك علي حقا بدفنك ولدي وان أنا مت أوصيت من يلي بعدي ان يجري عليك ما بقي لك عقب.
ثم أخذ بيدي حتى إذا بلغ قريبا من القصر ويده بيدي إذا الخدم فلما صاروا إلى القصر قال لي انظر ما وصيتك به إذا طلعت الشمس قف لي حتى انظر اليك وادعو بك فتحدثني حديثه قلت ان شاء الله فلم اعد إليه.
 


ياسامعا ً لكل شكوى







ياسامعا ً لكل شكوى






*************



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 



يا سامعا لكل شكوى. 



يا خالق الأكوان أنت المرتجى...... وإليك وحدك ترتقي صلواتي 
يا خالقي ماذا أقول وأنت تعلمني وتعلم حاجتي وشكاتي 
يا خالقي ماذا أقول وأنت........... مطلع على شكواي والأناتي 
اللهم يا موضع كل شكوى، ويا سامع كل نجوى، ويا شاهد كل بلوى، يا عالم كل خفية، و يا كاشف كل بلية، يا من يملك حوائج السائلين، ويعلم ضمائر الصامتين ندعوك دعاء من أشدت فاقته، وضعفت قوته، وقلت حيلته دعاء الغرباء المضطرين الذين لا يجدون لكشف ما هم فيه إلا أنت. 
يا أرحم الراحمين إكشف ما بنا وبالمسلمين من ضعف وفتور وذل وهوان
معاشر الأخوة والأخوات: 
إن في تقلب الدهر عجائب، وفي تغير الأحوال مواعظ، توالت العقبات، وتكاثرت النكبات، وطغت الماديات على كثير من الخلق فتنكروا لربهم ووهنت صلتهم به. 
اعتمدوا على الأسباب المادية البحتة، فسادة موجات القلق والاضطراب، والضعف والهوان، وعم الهلع والخوف من المستقبل، خافوا على المستقبل، تخلوا عن ربهم فتخلى الله عنهم: 
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ).
جميعُ الخلق مفتقرون إلى الله، مفتقرون إلى الله في كل شؤونِهم وأحوالِهم، وفي كلِ كبيرةٍ وصغيره، وفي هذا العصرُ تعلقَ الناسُ بالناسِ، وشكا الناسُ إلى الناس، ولا بئسَ أن يُستعانُ بالناس في ما يقدرون عليه، لكن أن يكونَ المُعتمَدُ عليهم، والسؤال إليهم، والتعلقُ بهم فهذا هو الهلاكُ بعينه، فإن من تعلق بشيٍ وكلَ إليه. 
نعتمدُ على أنفسِنا وذكائِنا بكل غرورٍ وعجب وصلف، أما أن نسأل اللهَ العونَ والتوفيق، ونلحَ عليه بالدعاء، ونحرِصِ على دوام الصلة باللهِ في كلِ الأشياء، وفي الشدةِ والرخاء، فهذا أخرُ ما يفكرُ به بعض الناس. 
فقيراً جئتُ بابك يا إلهي.........ولستُ إلى عبادك بالفقيرِ
غنياً عنهمُ بيقينِ قلبي...........وأطمعُ منك في لفضلِ الكبيرِ
الهي ما سألتُ سواك عونا......فحسبي العونُ من ربٍ قديرِ
الهي ما سألتُ سواك عفوا.....فحسبي العفوُ من ربٍ غفورِ
الهي ما سألتُ سواك هديا.....فحسبي الهديُ من ربٍ بصيرِ
إذا لم أستعن بك يا الهي......فمن عونيِ سواك ومن مجيرِ
إن الفرار إلى الله، واللجوء إليه في كلِ حالٍ وفي كل كربٍ وهم، هو السبيلُ للتخلصَ من ضعفنا وفتورنا وذلنا و هواننا. 
إن في هذه الدنيا مصائبَ ورزايا، ومحناً وبلايا، آلامُ تضيقُ بها النفوس، ومزعجاتُ تورث الخوفَ والجزع، كم في الدنيا من عينٍ باكيةٍ ؟ 
وكم فيها من قلب حزين؟ 
وكم فيها من الضعفاءِ والمعدومين، قلوبُهم تشتعل، ودموعُهم تسيل ؟ 
هذا يشكُ علةً وسقما. 
وذاك حاجةً وفقرا. 
وآخر هماً وقلقا. 
عزيزٌ قد ذل، وغنيٌ افتقر، وصحيحٌ مرض، رجل يتبرم من زوجه وولده، وآخرُ يشكُ ويئنُ من ظلمِ سيده. 
وثالثٌ كسدة وبارت تجارته، شاب أو فتاة يبحث عن عروس، وطالب يشكو كثرة الامتحانات والدروس. 
هذا مسحور وذاك مدين ،وأخر ابتليَ بالإدمان والتدخين، ورابعُ أصابه الخوفُ ووسوسةُ الشياطين. 
تلك هي الدنيا، تضحكُ وتبكي، وتجمعُ وتشتت، شدةُ ورخاءُ وسراءٌ وضراءُ. 
وصدق الله العظيم: (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ). 
أيها الأخوة، السؤال الذي يجب أن يكون، هؤلاء إلى من يشكون، و أيديَهم إلى من يمدون؟ 
يجيبك واقعُ الحال على بشرٍ مثلُهم يترددون، وللعبيدِ يتملقون، يسألون ويلحون وفي المديح والثناء يتقلبون، وربما على السحرة والكهنة يتهافتون. 
أين الإيمان بالله ؟ أين التوكلُ على الله ؟ أين الثقةُ و اليقينُ بالله ؟ 
ألم نسمع عن أناس كانوا يشكون إلى الله حتى انقطاع سير نعلهم، نعم حتى سير النعل كانوا يسألونه الله، بل كانوا يسألون الله حتى الملح. 
يا أصحابَ الحاجات. 
أيها المرضى. 
أيها المدينون. 
أيها المكروب والمظلوم. 
أيها المُعسرُ والمهموم. 
أيها الفقيرُ والمحروم. 
يا من يبحث عن السعادة الزوجية. 
يا من يشكو العقم ويبحث عن الذرية. 
يا من يريد التوفيق بالدراسة والوظيفة. 
يا كلُ محتاج، يا من ضاقت عليه الأرضُ بما رحبت. 
لماذا لا نشكوُ إلى اللهِ أمرنا وهو القائل(ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ).
لماذا لا نرفعُ أكفَ الضراعة إلى الله وهو القائل: ( فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ). 
لماذا ضُعفُ الصلةِ بالله، وقلةُ الاعتمادِ على الله، وهو القائل: ( قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ ). لولا دعاؤكم. 
أيها المؤمنون، أيها المسلمون يا أصحابَ الحاجات، ألم نقرأ في القرآنِ قول الحق عز وجل: ( فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ) لماذا ؟ ( لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ). 
فأين نحن من الشكوى لله، أين نحن من الإلحاح والتضرعِ الله؟ 
سبحان الله، ألسنا بحاجةٍ إلى ربنا؟ 
أنعتمدُ على قوتنا وحولِنا، والله ثم واللهِ لا حول لنا ولا قوةَ إلا بالله. 
واللهِ لا شفاء إلا بيد الله، ولا كاشفَ للبلوى إلا الله، لا توفيق ولا فلاح ولا سعادةَ ولا نجاح إلا من الله. 
العجيبُ والغريب أيها الأخوةُ أن كلَ مسلمٍ يعلمُ ذلك، ويعترفُ بهذا بل ويقسمُ على هذا، فلماذا إذاً تتعلقُ القلوبُ بالضعفاءُ العاجزين ؟ 
ولماذا نشكو إلى الناسِ ونلجأَ للمخلوقين ؟ 
سل الله ربك ما عنده......... ولا تسأل الناس ما عندهم 
ولا تبتغي من سواه الغنى..... وكن عبده لا تكن عبدهم 
فمن يا إذا بُليت سلاك أحبابك، وهجرك أصحابك. 
يا من نزلت بها نازلة، أو حلت به كارثة. 
يا من بليت بمصيبةٍ أو بلاءٍ، ارفع يديك إلى السماء وأكثر الدمعَ والبكاء، وألحَ على اللهِ بالدعاء وقل
يا سامعاً لكلِ شكوى
إذا استعنت فأستعن بالله، وإذا سألت فأسأل الله، وقل يا سامعاً لكل شكوى
توكل على الله وحده، وأعلن بصدقٍ أنك عبده واسجد لله بخشوع، وردد بصوتٍ مسموع: 
يا سامعاً لكلِ شكوى
أنت الملاذُ إذا ما أزمةٌ شملت........وأنت ملجأُ من ضاقت بهِ الحيلُ 
أنتَ المنادى به في كلِ حادثِةٍ.......أنت الإلهُ وأنت الذخرُ والأملُ 
أنت الرجاءُ لمن سُدت مذاهبهُ......أنت الدليلُ لمن ضلت بهِ السبلُ 
إنا قصدناك والآمال واقعةٌ.........عليكَ والكلُ ملهوفُ ومبتهلُ

إن الأنبياء والرسلَ، وهم خيرُ الخلق، وأحبُ الناسَ إلى الله، نزل بهم البلاء واشتدَ بهم الكرب، فماذا فعلوا وإلى من لجئوا. 
أختصرُ لك الإجابة، إنه التضرعُ والدعاء، والافتقارُ لربِ الأرضِ والسماء، إنها الشكايةُ لله وحُسنُ الصلةِ بالله. 
هذا أيوبُ عليه السلام، ابتلاهُ اللهُ بالمرضِ ثمانيةَ عشر عاماً حتى أن الناسُ ملوا زيارته لطولِ المدة، فلم يبقى معه إلا رجلانِ من إخوانهِ يزورانه، لكنه لم ييئس عليه السلام، بل صبرَ واحتسب، وأثنى الله عليه: ( إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)، أواب أي رجاعٌ منيبٌ إلى ربه، ظل على صلتِه بربِه وثقتِه به، ورضِاهُ بما قُسم الله له، توجه إلى ربه بالشكوى ليرفع عنه الضراء والبلوى قال تعالى {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} .فماذا كانتَ النتيجة ؟ 
قال الحقُ عز وجل ، العليمُ البصيرُ بعباده، الرحمنُ الرحيم قالَ: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ)

وزكريا عليه السلام قال الحق عز وجل عنه: (وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ). ماذا كانت النتيجة ؟ 
(فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ). الذين يشكون العقم وقلة الولد. 
إذا لماذا استجاب الله دعاه؟ 
لأنهم كانوا يسارعون في الخيرات، وكانوا لا يملون الدعاء، بل كان القلب متصل متعلق بالله، لذلك قال الله عنهم:(وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ). 
خاشعين متذللين، معترفين بالتقصير، فالشكاية تخرج من القلب قبل اللسان. 
يا أهل التوحيد، أليس هذا أصل من أصول التوحيد ؟ 
إن من أصول التوحيد أن تتعلق القلوبُ بخالقها في وقت الشدةِ والرخاء والخوفِ والأمن، والمرضِ والصحة، وفي كل حالٍ وزمان. 
وما نراه اليومَ من تعلقِ القلوب بالمخلوقين، وبالأسباب وحدها دون اللجوء إلى الله، لهو نذيرُ خطرٍ يزعزعُ عقيدةِ التوحيدِ في النفوس. 
أيها الأحبة: إن الشكوى لله، والتضرعَ إلى الله، وإظهارَ الحاجة إليه، ولاعتراف بالافتقار إليه من أعظمِ عرى الإيمانِ وثوابتِ التوحيد، وبرهانُ ذلك الدعاء والإلحاح بالسؤال، والثقةُ واليقينُ بالله في كلِ حال. 
يا فارج الهم، يا كاشف الغم، يا منزل المطر، يا مجيب دعوت المضطر، يا سامعا لكل نجوى احفظ إيمان وأمن بلادنا، ووفق ولاة الأمر لما فيه صلاح الإسلام والعباد. 
يا كاشف كل ضر وبلية، ويا عالم كل سر وخفية نسألك فرجا قريبا للمسلمين، وصبرا جميلا للمستضعفين، 
فاللهم صلي وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. 
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.






































الثلاثاء، 22 يناير 2013

مناظرة الشيخ الشامي مع أحمد بن أبي دؤاد




 مناظرة الشيخ الشامي مع  أحمد بن أبي دؤاد







و حكى المسعودي عن علي بن صالح قال : (( حضرت يوم من الأيام جلوس المهتدي للمظالم ، فرأيت من سهولة الوصول ونفوذ الكتب عنه إلى النواحي ، فيما يتظلم به إليه – ما استحسنته ، فأقبلت أرمُقه ببصري إذا نظر في القصص ، فإذا رفع طرفه إلي أطرقت ، فكأنه علِم ما في نفسي . فقال لي : يا صالح أحسب أن في نفسك شيئاً تحب أن تذكره . قال : قلت : نعم يا أمير المؤمنين . فأمسك ، فلما فرغ من جلوسه أمر أن لا أبرح ، ونهض ، فجلست جلوساً طويلاً ، فقمت إليه ، وهو على حصير الصلاة ، فقال لي: أتحدثني بما في نفسك ، أم أحدثك ؟ فقلت : بل هو من أمير المؤمنين أحسن . فقال : كأني بك وقد استحسنت مِن مجلسنا . فقلت : أي خليفة خليفتنا ، إن لم يكن يقول بقول أبيه ، من القول بخلق القرآن ! فقال – أي الخليفة - : قد كنت على ذلك برهة من الدهر ، حتى أُقدِم عَلَى الواثق شيخ من أهل الفقه والحديث من ((أذنه)) من الثغر الشامي ، مقيداً طوالاً ، حسن الشيبة ، فسلم غير هائب ، ودعا فأوجز ، فرأيت الحياء منه في حماليق عينَي الواثق ، الرحمة عليه . فقال : يا شيخ ، أجب أحمد بن أبي دؤاد عما يسألك عنه . فقال : يا أمير المؤمنين ، أحمد يصغر ويضعف ، ويقل عند المناظرة . فرأيت الواثق ، وقد صار مكان الرحمة ، غضباً عليه . فقال : أبو عبد الله يصغر ويضعف عند مناظرتك ؟!
فقال : هوّن عليك يا أمير المؤمنين ، أتأذن لي في كلامه ؟
فقال الواثق : قد أذنت لك .
فأقبل الشيخ على أحمد ، فقال : يا أحمد إلامَ دعوت الناس ؟
فقال أحمد : إلى القول بخلق القرآن .
فقال له الشيخ : مقالتك هذه التي دعوت الناس إليها ، من القول بخلق القرآن أداخله في الدين ، فلا يكون الدين تامًّا إَّلا بالقول بها ؟
قال : نعم .
قال الشيخ : فرسول الله صلى الله عليه وسلم دعا الناس إليها أم تركهم ؟
قال : لا .
قال له : يعلمها أم لم يعلمها ؟
قال : عَلِمَهَا .
قال: فلم دعوت إلى ما لم يدعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه ، وتركهم منه ؟
فأمسك.
فقال الشيخ : يا أمير المؤمنين هذه واحدة .
ثم قال له : أخبرني يا أحمد ، قال الله في كتابه العزيز : <<الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ ديِنَكُمْ>> المائدة :3
، فقلت أنت : الدين لا يكون تاماًّ إلا بمقالتك بخلق القرآن ، فالله تعالى – عز وجل – صدق في تمامه وكماله ، أم أنت في نقصانك ؟!
فأمسك .
فقال الشيخ يا أمير المؤمنين ، هذه ثانية .
ثم قال بعد ساعة : أخبرني يا أحمد ، قال الله عز وجل : <<يَأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ>> المائدة : 67
فمقالتك هذه التي دعوت الناس إليها ، فيما بلَّغه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الأمة أم لا ؟
فأمسك.
فقال الشيخ : يا أمير المؤمنين ، هذه الثالثة .
ثم قال بعد ساعة : خبرني يا أحمد ، لمّا علم رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالتك التي دعوت الناس إليها ، أَتَّسع له أن أمسك عنها أم لا ؟
قال أحمد : بل اتَّسع له ذلك .
فقال الشيخ : وكذلك لأبي بكر ، وكذلك لعمر ، وكذلك لعثمان ، وكذلك لعلي رحمة الله عليهم ؟
قال : نعم .
فصرف وجهه إلى الواثق ، وقال : يا أمير المؤمنين ، إذا لم يَّسع لنا ما اتسع لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأصحابه فلا وسع الله علينا.
فقال الواثق : نعم ، لا وسع الله علينا ، إذا لم يتسع لنا ما اتسع لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأصحابه، فلا وسع الله علينا.
ثم قال الواثق : اقطعوا قيوده ، فلما فُكَّت ، جاذب عليها .
فقال الواثق : دعوه ، ثم قال : يا شيخ لما جاذبت عليها ؟
قال : لأني عقَدتُّ في نيتي أن أجاذب عليها ، فإذا أخذتها أوصيت أن تُجعل بين يدي كفني ، ثم أقول يا ربي ، سل عبدك : لِمَ قيدني ظلماً ، وارتاع بي أهلي ؟
فبكى الواثق ، والشيخ ، كل من حضر .
ثم قال له : يا شيخ اجعلني في حلٍّ .
فقال : يا أمير المؤمنين ، ما خرجت من منزلي حتى جعلتك في حلٍّ ، إعظاماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولقرابتك منه .
فتهلل وجه الواثق وسُرَّ .
ثم قال له : أَقم عندي آنس بك .
فقال له مكاني في الثغر أنفع ، وأنا شيخ كبير ، ولي حاجة .
قال : سل ما بدا لك .
قال : يأذن لي أمير المؤمنين ، في رجوعي إلى الموضع الذي أخرجني منه هذا الظالم .
قال : قد أذنت لك . وأمر له بجائزة ، فلم يقبلها .
قال المهتدي : فرجعت من ذلك الوقت عن تلك المقالة ، وأحسب – أيضاً – أن الواثق رجع عنها )).

لقمة بلقمة







لقمة بلقمة




حدثني أبو بكر محمد بن بكر الخزاعي   صاحب ابن دريد، وكان زوج ابنته الغرانقة وكان شيخاً من أهل الأدب والحديث، قد استوطن الأهواز سنين، وكان ملازماً لأبي رحمه الله، يتفقده ويبره، قال: كان لامرأة ابن، فغاب عنها غيبة طويلةً، وأيست منه.
فجلست يوماً تأكل، فحين كسرت اللقمة وأهوت بها إلى فيها وقف بالباب سائل يستطعم، فامتنعت من أكل اللقمة، وحملتها مع تمام الرغيف فتصدقت بها، وبقيت جائعة يومها وليلتها.
فما مضت إلا أيام يسيرة حتى قدم ابنها، فأخبرها بشدائد عظيمة مرت به.
وقال: أعظم ما جرى علي أني كنت منذ أيام أسلك في أجمة في الموضع الفلاني، إذ خرج علي أسد، فقبض علي من على ظهر حمار كنت راكبه، وغار الحمار، ونشبت مخالب الأسد في مرقعة كانت علي، وثياب تحتها وجبة، فما وصل إلى بدني كبير شيء من مخالبه، إلا أني تحيرت ودهشت وذهب أكثر عقلي، وهو يحملني حتى أدخلني أجمة كانت هناك، وبرك علي يفترمني.
فرأيت رجلاً عظيم الخلق، أبيض الوجه والثياب، قد جاء حتى قبض على الأسد من غير سلاح، وشاله وخبط به الأرض.
وقال: قم يا كلب، لقمة بلقمة، فقام الأسد يهرول، وثاب إلي عقلي.
فطلبت الرجل، فلم أجده، وجلست بمكاني ساعات، إلى أن رجعت إلي قوتي، ثم نظرت إلى نفسي، فلم أجد بها بأساً، فمشيت حتى لحقت بالقافلة التي كنت فيها، فتعجبوا لما رأوني، فحدثتهم حديثي، ولم أدر ما معنى قول الرجل: لقمة بلقمة.
فنظرت المرأة، فإذا هو وقت أخرجت اللقمة من فيها، فتصدقت بها.