بشر صاحبك بغلام
بشر صاحبك بغلام
أزاح أمير المؤمنين عن جسده رداء الليل ,
وراح يشق الظلام
الحالك ,
وإذا به يسمع أنين إمرأة
ينبعث من بيت من شعر لم يكن
بالأمس .
دنا عمر رضى الله عنه فرأى رجلا يجلس القرفصاء أمام الباب
فسلم عليه , ثم قال :
من الرجل ؟
قال :
رجل من أهل البادية جئت إلى أمير المؤمنين أصيب من
فضله .
قال عمر رضى الله عنه :
ماهذا الصوت الذى أسمعه فى البيت ؟
فقال الرجل :
انطلق يرحمك الله لحاجتك .
قال عمر رضى الله عنه :
على ذلك ...
ماهذا الصوت ؟
فقال الرجل : امرأة تلد .
قال عمر رضى الله عنه :
عندها أحد ؟
فقال الرجل : لا .
فنهض عمر رضى الله عنه مسرعا حتى أتى منزله ,
فقال
لزوجته أم كلثوم بنت على رضى الله
عنهما :
هل لك فى أجر
ساقه الله إليك ؟
قالت : ماهو ؟
قال :
إمرأة غريبة تلد ليس عندها أحد .
قالت :
نعم إن شئت .
قال :
فخذى معك مايصلح المرأة لولادتها من الخرق والدهن
وجيئينى بقدر شحم ودقيق ,
فجاءت به ,
وحمل عمر رضى الله
عنه ذلك كله وقال لإمرأته :
انطلقى ...
فمشت خلفه حتى بلغا
بيت الشعر .
فقال لها :
ادخلى إلى المرأة .
وجاء حتى قعد إلى الرجل ,
وأشعل النار تحت القدر ,
وأخذ ينفخ
والدخان يتخلل لحيته حتى أنضجها ,
وولدت المرأة , وصدح
صوت الطفل
.
فقالت أم كلثوم :
فقالت أم كلثوم :
ياأمير المؤمنين ...
بشر صاحبك بغلام .
فلما سمع الأعرابى كلمة أمير المؤمنين ,
فشهق بشدة , وتنحى
هيبة لعمر رضى الله عنه .
فقال له عمر رضى الله عنه :
مكانك كما كنت .
وحمل القدر ,
ووضعها عند الباب ,
ثم قال :
أشبعيها ,
ففعلت ثم
أخرجت القدر فوضعتها على الباب ,
فقام
عمر رضى الله عنه
فأخذها فوضعها بين يدى الرجل وقال كل
...
كل ...
فإنك قد
سهرت من الليل .
ثم قال عمر رضى الله عنه لأمرأته :
اخرجى .
وقال للرجل :
إذا كان غدا فأتنا نأمر لك بما يصلحك ,
ففعل الرجل
, فأجازه وأعطاه .
.
الا ورب عمر
الا ورب عمر
إن
مشهدا واحدا كهذا الذي رايناه لخير مما طلعت
عليه الشمس و غربت--
من عروش و تيجان ,
وزخرف وصلف
أي تواضع وأي بساطة وأي حنان ومودة تنساب من نفس هذا
الانسان الذي رفع الله به من قدر الحياة ؟؟
اين مظاهر السلطان حتى المشروع و الضروري منه؟؟
لكن عمر لم يكن رجل سلطان لأنه فوق السلطان وهو لا يستيعير
عظمته من شئ خارج نفسه.إنما يهب العظمة لكل ما يتقرب منه
ويتصل به