نعــم الأنيـس إذا خلــوت كتــــاب
اقتنِ الكتب وحافظ عليها واقرأ فيها ، وترقّب معارض الكتاب بين فترة وأخرى ، وسارع إليها وشراء بعضها ، فهي مفتاح العلوم ، ومنبع الثقافة والمعرفة ، فعن طريقها تستطيع أن تتعرّف على سالف العصور والأزمان ، وتعيش في كل الممالك والأقطار ، وتصاحب العلماء والأدباء والشعراء والعظماء ، وتقرأ قصص الأنبياء والرسل ، وكل ما من شأنه اكتساب الثقافة والمعرفة .
إضافة إلى أن الكتب لا تعرف الفواصل الزمانية والمكانية ولا الحدود الجغرافية ، فمنها تنهل المعلومات والفوائد من كل عصر ، وتتجوّل في رياضها الخضراء ، وتشرب من أنهارها العذبة ، وتبحر في بحارها الساحرة ، وما تحتضنه من لآل ودرر ومحار . ويكفيها فخراً ، أنها خير جار ومعلّم لنا ، وخير صديق ورفيق في وحشتنا ، وهي التي تحفظ سرنا ، وتُفيدنا ، وتجلو بعقولنا ، وتشحذ أذهاننا ، وتوّسع آفاقنا، وتقوي عزائمنا ، وتعطينا ولا تأخذ منا .
قال كلثوم بن عمرو العتابي في ذلك :
لنا جلســـــاء مـــــــــــا نمـــــــلّ حديثهم
***** ألبــــاء مـأمومــــون غيبــــــــاً ومشهــــــــدا
يفيدوننا من رأيهم علم من مضــى
***** وعقــــلاً وتأديبـــــــــــــاً ورأيــــــــــــــاً مســددا
بلا مؤنة تُخشى ولا ســــــــوء عشــــرة
***** ولا نتقــــــي منهـــــم لسانــــــــــاً ولا يــــــدا
فــإن قلت مـوتى فلست بكـــــــــــــــــاذب
***** وإن قلت أحيــــــــــــــــــاء فلست مفنـــــــــدا
لهذا ، فقد كانت للكتب مكانة عظيمة عند علمائنا المسلمين ، حيث إنها مائدتهم المفضلة التي ينهلون منها كل ما لذ وطاب ، ورفيقهم في الترحال والأسفار ، وأنيسهم في الخلوات .
اقتنِ كل كتاب مفيد ، واجعله أنيسك وصاحبك في الخلوة ، ورفيقك في السفر والفرحة والبهجة فهو يفيدك وينمّي ثقافتك ويزيد معارفك ومعلوماتك...
نعم الأنيس إذا خلوت كتـــاب
***** تلهــــو به إن خانك الأحبــــاب
لا مفشياً سراً إذا استودعته
***** وتنــــال منه حكـمـة وصـواب
قال شفيق بن إبراهيم البلخي: قلنا لابن المبارك ، إذا صليت معنا لمَ لا تجلس معنا ؟ قال : أذهب فأجلس مع التابعين والصحابة . قلنا : فأين التابعون والصحابة ؟ قال : أذهب فأنظر في علمي فأدرك آثارهم وأعمالهم. ما أصنع معكم ؟ أنتم تجلسون تغتابون الناس .
وكان الزهري ـ رحمه الله ـ قد جمع من الكتب شيئاً عظيماً ، وكان يلازمها ملازمة شديدة حتى إن زوجته قالت : والله إن هذه الكتب أشدّ عليّ من ثلاث ضرر .
وأحدهم تجرّع غصص الألم والحزن ، وكثر بكاؤه واشتدّ نحيبه عندما باع كتبه بستين ديناراً ، من أجل أن يطعم أطفاله الصغار ، ويسدّ جوعتهم ورمقهم ، ولولا ذلك لما باعها ، فعندما أخذها الذي اشتراها منه ، وبدأ يُقلّب صفحاتها ، وجد في الصفحة الأخيرة منها أبياتاً شعرية مكتوبة باسم صاحبها ، يبين فيها معاناته وحزنه على فراق الكتب وبيعها ، حيث قال :
أنستُ بها عشرين حـــــولاً وبعتــها
***** لقد طـال وجــــــدي بعدهــــا وحنيني
وما كـــــان ظني أنني سأبيعــــهـــــا
***** ولو خلّدتني في السجــــــون ديونــــــــــي
ولكن لضعف وافتقـــار وصبيـــــــــة
***** صغار عليهم تستهــــــــــل شجــــــونــــي
فقلت ولـم أملك سوابــق عبرتـي
***** مقــــــــالـــــة مكوي الفـــــــؤادي حـــزين
وقد تخرج الحاجات يا أم مــالك
***** كـــــرائــــم مــــن رب بهــــــــــنّ ظنيــــني
وما إن انتهى من قراءتها الذي اشتراها ، حتى بكى وتألم وتأثر من هذه الأبيات ، فما كان منه إلا أن رجع إلى صاحبها ، فرد الكتب إليه وترك له الدنانير .
وكانوا ـ رحمهم الله ـ يقرؤون في جميع أحوالهم ، ويجلّون الكتب ويعرفون لها قدرها ومكانتها وأهميتها ، كما كانوا يهتمون بتغذية عقولهم أكثر من تغذية بطونهم ، وإنهم يُقدّمون الكتب وقراءتها على المال والجاه ، لأنهم قد علموا ، أن الشعوب التي تهتم بالكتب وقراءتها شعوب متطورة ، و غير المهتمة بالكتب وقراءتها متخلفة ، وذلك مهما كثرت الأموال ، وتعددت الأنساب والأحساب.
والروايات في هذا الشأن كثيرة جداً ، والتي إن دلّت فإنما تدل دلالة واضحة على مدى اهتمامهم بالكتب والحرص عليها وعلى القراءة فيها ، وإنفاق الأموال الطائلة في تحصيلها وامتلاكها . فرحمهم الله رحمة واسعة ، وجعلنا من الذين يحذون حذوهم ، ويسلكون دربهم ، ويقتفون آثارهم ، ويتشبهون بهم ، فقد قيل :
فتشبّهوا إن لم تكونوا مثلهم
***** إن التشبــــه بالكـــرام فـلاح
إضافة إلى أن الكتب لا تعرف الفواصل الزمانية والمكانية ولا الحدود الجغرافية ، فمنها تنهل المعلومات والفوائد من كل عصر ، وتتجوّل في رياضها الخضراء ، وتشرب من أنهارها العذبة ، وتبحر في بحارها الساحرة ، وما تحتضنه من لآل ودرر ومحار . ويكفيها فخراً ، أنها خير جار ومعلّم لنا ، وخير صديق ورفيق في وحشتنا ، وهي التي تحفظ سرنا ، وتُفيدنا ، وتجلو بعقولنا ، وتشحذ أذهاننا ، وتوّسع آفاقنا، وتقوي عزائمنا ، وتعطينا ولا تأخذ منا .
قال كلثوم بن عمرو العتابي في ذلك :
لنا جلســـــاء مـــــــــــا نمـــــــلّ حديثهم
***** ألبــــاء مـأمومــــون غيبــــــــاً ومشهــــــــدا
يفيدوننا من رأيهم علم من مضــى
***** وعقــــلاً وتأديبـــــــــــــاً ورأيــــــــــــــاً مســددا
بلا مؤنة تُخشى ولا ســــــــوء عشــــرة
***** ولا نتقــــــي منهـــــم لسانــــــــــاً ولا يــــــدا
فــإن قلت مـوتى فلست بكـــــــــــــــــاذب
***** وإن قلت أحيــــــــــــــــــاء فلست مفنـــــــــدا
لهذا ، فقد كانت للكتب مكانة عظيمة عند علمائنا المسلمين ، حيث إنها مائدتهم المفضلة التي ينهلون منها كل ما لذ وطاب ، ورفيقهم في الترحال والأسفار ، وأنيسهم في الخلوات .
اقتنِ كل كتاب مفيد ، واجعله أنيسك وصاحبك في الخلوة ، ورفيقك في السفر والفرحة والبهجة فهو يفيدك وينمّي ثقافتك ويزيد معارفك ومعلوماتك...
نعم الأنيس إذا خلوت كتـــاب
***** تلهــــو به إن خانك الأحبــــاب
لا مفشياً سراً إذا استودعته
***** وتنــــال منه حكـمـة وصـواب
قال شفيق بن إبراهيم البلخي: قلنا لابن المبارك ، إذا صليت معنا لمَ لا تجلس معنا ؟ قال : أذهب فأجلس مع التابعين والصحابة . قلنا : فأين التابعون والصحابة ؟ قال : أذهب فأنظر في علمي فأدرك آثارهم وأعمالهم. ما أصنع معكم ؟ أنتم تجلسون تغتابون الناس .
وكان الزهري ـ رحمه الله ـ قد جمع من الكتب شيئاً عظيماً ، وكان يلازمها ملازمة شديدة حتى إن زوجته قالت : والله إن هذه الكتب أشدّ عليّ من ثلاث ضرر .
وأحدهم تجرّع غصص الألم والحزن ، وكثر بكاؤه واشتدّ نحيبه عندما باع كتبه بستين ديناراً ، من أجل أن يطعم أطفاله الصغار ، ويسدّ جوعتهم ورمقهم ، ولولا ذلك لما باعها ، فعندما أخذها الذي اشتراها منه ، وبدأ يُقلّب صفحاتها ، وجد في الصفحة الأخيرة منها أبياتاً شعرية مكتوبة باسم صاحبها ، يبين فيها معاناته وحزنه على فراق الكتب وبيعها ، حيث قال :
أنستُ بها عشرين حـــــولاً وبعتــها
***** لقد طـال وجــــــدي بعدهــــا وحنيني
وما كـــــان ظني أنني سأبيعــــهـــــا
***** ولو خلّدتني في السجــــــون ديونــــــــــي
ولكن لضعف وافتقـــار وصبيـــــــــة
***** صغار عليهم تستهــــــــــل شجــــــونــــي
فقلت ولـم أملك سوابــق عبرتـي
***** مقــــــــالـــــة مكوي الفـــــــؤادي حـــزين
وقد تخرج الحاجات يا أم مــالك
***** كـــــرائــــم مــــن رب بهــــــــــنّ ظنيــــني
وما إن انتهى من قراءتها الذي اشتراها ، حتى بكى وتألم وتأثر من هذه الأبيات ، فما كان منه إلا أن رجع إلى صاحبها ، فرد الكتب إليه وترك له الدنانير .
وكانوا ـ رحمهم الله ـ يقرؤون في جميع أحوالهم ، ويجلّون الكتب ويعرفون لها قدرها ومكانتها وأهميتها ، كما كانوا يهتمون بتغذية عقولهم أكثر من تغذية بطونهم ، وإنهم يُقدّمون الكتب وقراءتها على المال والجاه ، لأنهم قد علموا ، أن الشعوب التي تهتم بالكتب وقراءتها شعوب متطورة ، و غير المهتمة بالكتب وقراءتها متخلفة ، وذلك مهما كثرت الأموال ، وتعددت الأنساب والأحساب.
والروايات في هذا الشأن كثيرة جداً ، والتي إن دلّت فإنما تدل دلالة واضحة على مدى اهتمامهم بالكتب والحرص عليها وعلى القراءة فيها ، وإنفاق الأموال الطائلة في تحصيلها وامتلاكها . فرحمهم الله رحمة واسعة ، وجعلنا من الذين يحذون حذوهم ، ويسلكون دربهم ، ويقتفون آثارهم ، ويتشبهون بهم ، فقد قيل :
فتشبّهوا إن لم تكونوا مثلهم
***** إن التشبــــه بالكـــرام فـلاح
محبكم : صالح بن عبد الله الضرمان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق