الأربعاء، 19 مارس 2014

رحلة ومصــــــــــــير








    
 رحلة ومصــــــــــــير

 


يَا مَنْ يُتَابِعُ سَيّدَ الثَّقَلانِ ... كُنْ لِلْمُهَيْمِنِ صَادِقَ الإِيْمَانِ

وَاعْلَمْ بأنَّ الله خَالِقُكَ الذِي ... سَوَّاكَ لم يَحْتَجْ إلى إِنْسَانِ

خَلَقَ البَرِيَّةَ كُلَّهَا مِن أَجْلِ أَنْ ... تَدَعْوُهُ بِالإخْلاصِ وَالإذْعَانِ

قَدْ أَرْسَلَ الآياتِ مِنْهُ مُخَوِّفًا ... لِعَبَادِه كَي يُخلِصَ الثَّقَلانِ

وَأَبَانَ لِلإنْسَانِ كُلَّ طَرِيْقَةٍ ... كَي لا يَكُونَ لَهُ اعْتِذَارٌ ثَانِي

ثُم اقْتَضَى أَمْرًا وَنَهْيًا عَلَّهَا ... تَتَمَيَزُ التَّقْوَى عَن العِصْيَانِ

وَوُلِدْتَ مَفْطُورًا بِفِطْرتَكِ التِي ... لَيْسَتْ سِوَى التَّصْدِيْقِ والإِيْمَانِ

وَبُلِيْتَ بالتَّكْلِيْف أَنْتَ مُخَيَّر ... وَأَمَامَك النَّجْدَانِ مُفْتَتَحَانِ

فَعَمِلْتَ مَا تَهْوَى وَأَنْتَ مُرَاقَبٌ ... مَا كُنْتَ مَحْجُوبًا عَن الدَّيَّانِ ...

ثُم انْقَضَى العُمْرُ الذِي تَهْنَا بِهِ ... وَبَدَأْتَ فِي ضَعْفٍ وَفي نُقْصَانِ

وَدَنَا الفِرَاقُ ولاتَ حِيْنَ تَهْرُّب ... أَيْنَ المَفَرُّ من القَضَاءِ الدَّانِي

وَالْتَفَّ صَحْبُكَ يَرْقُبُوْنَ بِحَسْرةٍ ... مَاذَا تَكُونُ عَوَاقِبُ الحَدَثَانِ

واسْتَلَّ رُوْحَكَ وَالقُلُوبُ تَقَطَّعَتْ ... حُزنًا وَألْقَتْ دَمْعَهَا العَيْنَانِ

فَاجتَاح أَهْلَ الدَّارِ حُزْنٌ بَالِغٌ ... وَاجْتَاحَ مِن حَضَرُوا مِن الجِيْرَانِ

فالبِنْتُ عَبْرَى لِلْفِرَاقِ كَئِيْبَة ... وَالدَّمْعُ يَمْلأ سَاحَةَ الأَجْفَانِ

والزَّوْجُ ثكْلَى والصِّغَارُ تَجَمعُوا ... يَتَطَّلَعُوْنَ تَطَلُعَ الحَيْرَانِ

والابنُ يَدْأبُ في جَهَازِكَ كَاتِمًا ... شَيْئًا مِن الأَحْزَانِ وَالأَشْجَانِ

وَسَرَى الحَدِيْثُ وَقَدْ تَسَاءَلْ بَعْضُهُم ... أَوْ مَا سَمِعْتُم عَنْ وَفَاةِ فُلانِ

قَالُوا سَمِعْنَا والوَفَاةُ سَبِيْلُنَا ... غَيْرُ المُهَيْمِنِ كُلُّ شَيءٍ فَانِي

وَأَتَى الحَدِيْثُ لِوَارِثِيْكَ فَأَسْرَعُوا ... مِن كُلِّ صَوْبٍ لِلْحُطَامِ الفَانِي

وَأَتَى المُغَسِّلُ والمُكَفِّنُ قَدْ أَتَى ... لِيُجَلِلُوكَ بِحُلِّةِ الأَكْفَانِ

وَيُجَرِّدُوْكَ مِن الثِّيَابِ وَيَنْزَعُوْا ... عَنْكَ الحَرِيْرَ وَحُلَّةَ الكتَّانِ

وَتَعُودُ فَرْدًا لَسْتَ حَامِلَ حَاجَةٍ ... مِن هَذِه الدُّنْيَا سِوَى الأَكْفَانِ

وَأَتى الحَدِيْثُ لِوَارِثِيْكَ فَأَسْرَعُوا ... فَأَتُوا بِنَعْشٍ وَاهِن العِيْدَانِ

صَلُّوا عَلَيْكَ وَأَرْكَبُوكَ بِمَرْكَبٍ ... فَوْقَ الظُّهُورِ يُحَفُّ بِالأَحْزَانِ

حَتَّى إِلى القَبْرِ الذِي لَكَ جَهَّزُوا ... وَضَعُوكَ عِنْدَ شَفِيْرِهِ بِحَنَانِ

وَدَنَا الأَقَارِبُ يَرْفَعُونَكَ بَيْنَهُم ... لِلَّحدِ كَي تُمْسِي مَع الدِّيْدَانِ

وَسَكَنَت لَحْدًا قَدْ يَضِيْقُ لِضِيْقِهِ ... صَدْرُ الحَلِيمِ وَصَابِرُ الحَيَّوانِ

وَسَمِعَت قَرْعَ نِعَالِهِم من بَعْدِ مَا ... وَضَعُوكَ في البَيْتِ الصَّغِيْرِ الثَّانِي

فِيهِ الظَّلامُ كَذا السُّكُونُ مُخَيَّمٌ ... وَالرُّوْحُ رُدَّ وَجَاءَكَ المَلَكَانِ

وَهُنَا الحَقِيْقَةُ وَالمُحَقِقُ قَدْ أَتَى ... هَذَا مَقَامُ النَّصْرِ وَالخُذْلانِ

إِنْ كُنْتَ في الدُّنْيَا لِرَبِّكَ مُخْلِصًا ... تَدْعُوْهُ بِالتَّوحِيْدِ والإِيْمَانِ

فَتَظَلُّ تَرْفُلُ في النَّعِيْمِ مُرَفهًا ... بِفَسِيْحِ قَبْرٍ طَاهِرِ الأَرْكَانِ

وَلَكَ الرَّفِيْقُ عَن الفِرَاقَ مُسَلِيًّا ... يُغْنِي عن الأَحْبَابِ وَالأَخْدَانِ

فُتِحَتْ عَلَيْكَ مِن الجِنَانِ نَوَافِذ ... تَأْتِيْكَ بِالأَنْوَارِ وَالرَّيْحَانِ

وَتَظَل مُنْشَرِحَ الفُؤادِ مُنَعمًا ... حَتَّى يَقُومَ إلى القَضَا الثَّقَلانِ ...

تَأْتِي الحِسَابَ وَقَدْ فَتَحَتْ صَحِيْفَةً ... بِالنُّورِ قَدْ كُتِبَتْ وَبِالرِّضْوَانِ

وَتَرَى الخَلائِقَ خَائِفِيْنَ لِذَنْبِهِم ... وَتَسِيْرُ أَنْتَ بِعِزَّةٍ وَأَمَانِ

وَيُظِلُّكَ اللهُ الكريمُ بِظِلِّهِ ... وَالنَّاسُ في عَرَقٍ إِلى الآذَانِ

وَتَرَى الصِّرَاطَ وَلَيْسَ فِيهِ صُعُوبَةٌ ... كَالبَرَقِ تَعْبُرُ فِيهِ نَحْوَ جِنَانِ

فَتَرى الجِنَانَ بِحُسْنِهَا وَجَمَالِهَا ... وَتَرَى القُصُورَ رَفِيْعَةَ البُنْيَانِ

طِبْ في رَغِيْدِ العَيْشِ دُوْنَ مَشَقَّةٍ ... تُكْفِى مَشَقَّةُ سَالِفِ الأَزْمَانِ

وَالبَسْ ثِيَابَ الخُلْدِ واشْرَبْ وَاغْتَسِلْ ... وَابْعِدْ عَن الأَكْدَارِ وَالأَحْزَانِ

سِرْ وانْظُرِ الأَنْهَارَ واشْرَبْ مَاءَهَا ... مِن فَوْقِهَا الأَثْمَارِ في الأَفْنَانِ

وَالشَّهْدُ جَارٍ في العُيُونِ مُطَهَّرٌ ... مَع خُمْرَةِ الفِرْدَوْسِ وَالأَلْبَانِ

وَالزَّوْجُ حُورٌ في البُيُوتِ كَوَاعِبٌ ... بِيْضُ الوُجُوهِ خَوَامِصُ الأَبْدَانِ

أَبكار شِبْهِ الدّرِِّ في أَصْدَافِهِ ... وَاللؤُلُؤ المَكْنُونِ وَالمَرْجَانِ

وَهُنَا مَقَرٌّ لا تَحَوُّلَ بَعْدَهُ ... فِيْهِ السُّرُورِ برؤيَةِ الرَّحمنِ

أَمَّا إِذَا مَا كُنْتَ فِيْهَا مُجْرِمًا ... مُتَتَبِعًا لِطَرَائِقِ الشَّيْطَانِ

ثَكِلَتْكَ أمُّكَ كَيْفَ تَحْتَمِلُ الأَذَى ... أَمْ كَيْفَ تَصْبِرُ في لَظَى النِّيْرَانِ

فَإِذَا تَفَرَّقَ عَنْكَ صَحْبُكَ وانْثَنَى ... حُمَّالُ نَعْشكَ جَاءَكَ المَلَكَانِ

جَاءَا مَرْهُوْبَيْنِ مِن عَيْنَيْهِمَا ... تَرمى بِأَشواظٍ مِنَ النِّيْرَانِ

سَألاكَ عَن رَبٍّ قَدِيْرٍ خَالِقٍ ... وَعَن الذي قَد جَاءَ بِالقُرْآنِ

فَتَقولُ لا أَدْرِي وَكُنْتَ مُصَدقًا ... أَقْوَالَ شِبْهِ مَقَالَةِ الثَّقَلانِ

فَيُوبخِانِكَ بِالكَلام بِشِدَّةِ ... وَسَيْضَرِبَانِكَ ضَرْبِةَ السَّجَانِ

فَتَصِيْح صَيْحَةَ آسِفٍ مُتَوَجِعٍ ... وَيَجِي الشُّجَاعُ وَذَاكَ هَوْلٌ ثَانِي

وَيَجِي الرَّفِيْقُ فَيَا قَبَاحَة وَجْهِهِ ... فَكَأَنَّهُ مُتَمَردٌ مِن جَانِ

وَتَقُوْلُ يَا وَيْلا أَمَا لي رَجْعَةٌ ... حَتَّى أَحلَّ بِسَاحَةِ الإِيْمَانِ

لَو عُدْتَ للدنْيَا لَعُدْتَ لِمَا مَضَى ... في جَانِبِ التَّكْذِيْب والعِصْيَانِ









الخميس، 6 مارس 2014

لهَفِيْ عَلَى الإِسْلاَمِ مِنْ أَشْيَاعِهِ ..




لهَفِيْ عَلَى الإِسْلاَمِ مِنْ أَشْيَاعِهِ






لهَفِيْ عَلَى الإِسْلاَمِ مِنْ أَشْيَاعِهِ ... لْهَفِي عَلَى القْرآنِ والإِيْمانِ

لْهَفِيْ عَلَيْهِ تَنَكَّرَتْ أَعْلاَمُهُ ... إلا عَلَى الخِرِّيْتِ في ذَا الشَّانِ

لْهَفِيْ عَلَيْهِ أَصْبَحت أَنْوَارُهُ ... مَحْجُوْبَةً عَن سَالِكٍ حَيْرَانِ ...

لْهَفِيْ عَلَيْهِ أَصْبَحَتْ أَنْصَارُهُ ... في قِلَّةٍ في هَذِهِ الأَزْمَانِ

لْهَفِيْ عَلَيْهِ أَهْلُهُ في غُرْبَةٍ ... أَضْحَوْا وَهُمْ في الأَهْلِ وَالأَوْطَانِ

لْهَفِيْ عَلَيْهِمْ أَصْبَحُوا في ضَيْعَةٍ ... أَنْوَارُهُمْ تَخْفَى عَلَى العُمْيَانِ

لْهَفِيْ عَلَيْهِمْ كَمْ لَنَا قَدْ أَخْلَصُوْا ... في النُّصْحِ لَوْ كَانَتْ لَنَا أُذُنَانِ

لْهَفِيْ عَلَى مَنْ يَجْلِبُونَ عَلَيْهِمُو ... بالنُّصْحِ كُلَّ أَذى وَكْلَّ هَواَنِ

لْهَفِيْ عَلَى مَنْ هُمْ مَصَابَيْحُ الهُدى ... مَا بَيْنَنَا لَوْ تُبْصِر العَيْنَانِ

لْهَفِيْ عَلَيْهِم أُوْجِدُوْا في أمَّةٍ ... قَنعَتْ مِن الإٍسْلاَمِ بالعُنْوَانِ

لاَ يُعْرَفُ المَعْرُوْفُ فَيْمَا بَيْنَنَا ... والنَّكْرُ مَأْلُوفٌ بِلاَ نُكْرَانِ

فَتَصَدَّرَ الجُهَّالُ والضُّلاَّلُ فِيْـ ... ـهِمْ بادِِّعَاءِ العِلْمِ والْعِرْفَانِ

مِنْ كُلِّ مَنْ يَخْتَالُ في فَضاضِهِ ... فَدْم ثَقِيْلٌ وَاسِعُ الأرْدَانِ

مُتَقَمِّشٌ مِن هَذِهِ الأَوْضَاعِ والْـ ... آرَاءِ إِمَّعَةٌ بِلاَ فُرْقَانِ
يُبْدِيْ التَّمَشْدُقَ في المَحَافِلِ كَيْ يُرَى ... لِلنَّاسِ ذَا عِلْمٍ وذَا إِتقان
تَبًّا لَهُ مِن جَاهِلٍ مُتَعَالِمٍ ... مُتسَلِّطٍ بِوِلاَيَةِ السُّلْطَانِ
رَفَعَتْ خَسِيْسَتَهُ المَنَاصِبُ فازْدَرَى ... أَهْلَ الهُدَى والعِلْمِ والإِيْمَانِ
لَيْسَ التَّرَفُعُ بالمَنَاصِبِ رِفْعَةً ... بالعِلْمِ والتَّقْوَى عُلُّوُ الشَّانِ
تَرَكَ المَنَابِرَ مَنْ يَقُوْمُ بِحَقِّهَا ... مِنْ كُلِّ ذِيْ لَسْنٍ وَذِيْ عِرْفانِ
وَنَزَا عَلَيْهَا سَفْلَةٌ يَا لَيْتَهُمُ ... قَدْ أُدْرِجُوْا مِنْ قَبْلُ في الأكْفَانِ
كَمْ يَأْمُرُوْنَ بِمُحَدَثَاتٍ فَوْقَهَا ... تَقْضِيْ عَلَى سَنَن سُنن حِسَانِ
تَبْكِيْ المَنَابِرُ مِنْهُمُو وَتَوَدُّ لَوْ ... تَنْدَكُّ تَحْتهُمُو إلى الأَرْكَانِ
مَا عِنْدَهُمْ بالأَمْرِ الأَوَّلِ خِبْرَة ... بَلْ نَقْلُ آرَاءٍ أَو اسْتِحْسَانِ
ثَكِلْتْهُم الآبَاءُ إنَّ حَيَاتَهُمْ ... مَوْتٌ لِسُنَّةِ خَاتَمِ الأَدْيَانِ
جَهِلُوْا كِتَابَ اللهِ وَهُوَ نَجَاتُهُمْ ... وَهْدَى النَّبِي مُبَيِّنِ القُرْآنِ
وَجَفَوْا مَنَاهِجَ خَيْر أَسْلاَفٍ لَهَمْ ... في التعلُّمِ والتَّقْوَى وَفي الإِتْقَانِ
لاَ يَرْجِعُوْنَ لآيَةٍ أَوْ سُنَّةٍ ... أَوْ سِيْرَةِ المَاضِيْنَ بالإحْسَانِ ...
بَلْ يَرْجِعُونَ لِرَأْي مَنْ أَلْقَوْا لَهُمْ ... بِأَزِمَّةِ التَّقْلِيْدِ والأَرْسَانِ
وَكذَاكَ يَرْجِعُ مَنْ تَصَوَّفَ فِيْهِمُو ... للذَّوْقِ أَوْ لِتَخَيُّلٍ شَيْطَانِي
والآخَرُوْنَ أَتُوْا لَنَا بِطَرَائِقٍ ... غَيْرِ الطَّرِيْقِ الأقْوَمِ القْرْآنِي
وَمْحَصَّلُ الطُّرُقِ الَّتي جَاءُوْا بِهَا ... أَوْضَاعُ سُوْءٍ رَدَّهَا الوَحْيَانِ
وَكَذا رُءُوسُهُمُ الطَّغَاةُ فَإنَّهُمْ ... لَمْ يَرْفَعُوْا رَأْسًا بِذَا الفُرْقَانِ
مَا حَكَّمُوْا فِيْهِمْ شَرَائِعَ دِيْنهِمْ ... وَالعَدْلُ فِيْهَا قَائِمُ الأَرْكَانِ
بَلْ حَكَّمُوْا في النَّاسِ آراءً لَهُمْ ... مِنْ وَحْيِ شَيْطَانٍ أَخِي طُغْيَانِ
وَيْحَ الشَّرِيْعَةِ مِنْ مَشَايِخِ جُبَّةٍ ... واللَّابِسِيْنَ لَنَا مُسُوْكَ الضَّانِ
غَزَوُا الوَرَى بالزِّيْ والسَّمْتِ الذِي ... يُخْفِيْ مَخَازِيْ الجَهْلِ والعِصْيَانِ
وَرْءُوسُ سُوْءٍ لاَ اهْتِمَامَ بِهمْ بِدِيْـ ... ـنٍ قَامَ أوْ قَدْ خَرَّ لِلأَذْقَانِ
وَلَربَّمَا أَبْدَوْا عِنَايَتَهُمْ بِهِ ... بسِيَاسَةٍ تَخْفَى على الإِنْسَانِ
حُرِمُوْا هِدَايَةَ دِيْنِهمْ وَعُقُوْلِهمْ ... هَذَا وَرَبِّكَ غَايَةُ الخُسْرَانِ
تَرَكُوْا هِدَايَةَ رَبِّهمْ فإذَا بِهمْ ... غَرْقَى مِن الآرَاءِ في طُوْفَانِ
وَتَفَرَّقُوْا شِيَعًا بِهَا عَنْ نَهْجِهِ ... مِنْ أَجْلِهَا صَارُوْا إلى شَنَآنِ
كُلٌ يَرَى رَأْيَاً وَيَنْصُرُ قَوْلَهُ ... وَلَهُ يُعَادِي سَائِرَ الإخْوَانِ
وَلَو أَنَّهُمْ عِنْدَ التَّنَازُعِ وُفِّقُوْا ... لَتَحَاكَمُوْا للهِ دُوْنَ تَوَانِ
ولأَصْبَحُوْا بَعْدَ الخِصَامِ أحِبَّةً ... غَيْظَ العِدَا وَمَذَلَّةَ الشَّيْطَانِ
لَكِنَّهُمْ إذْ آثَرُوْا وَادِي تَخَيْـ ... ـيَبَ أَصْبَحُوْا أَعْدَاءَ هَذَا الشَّانِ
فالمُقْتَدِيْ بالوَحْي في أَعْمَالِهِ ... يَلْقَى الأذَى مِنْهُمْ وَكُلَّ هَوَانِ
لِعُدُوْلِهِ عَنْ أَخْذِهِ بمَذَاهِبٍ ... في الرَّأْيِ مَا قَامَتْ عَلَى بُرْهَانِ
وَغَدَتْ شَرِيْعَتُنَا بِمُوْجِبِ قَوْلِهم ... مَنْسُوْخَةً فِي هَذِهِ الأَزْمَانِ
حَجَبُوْا مَحَاسِنَهَا بتَأْوِيْلاَتِهم ... فَغَدَتْ مِن الآرَاءِ في خُلْقَانِ ...
وَلَو أَنَّها بَرَزَتْ مُجَرَّدَةً لَهَا ... مَ الأَذْكِيَاءُ بحُسْنِهَا الفَتَّانِ
لَكِنَّهُمْ قَامُوْا حَوَائِلَ دُوْنَهَا ... كالأَوْصِيَاءِ لِقَاصِرِ الصِّبْيَانِ
مَا عِنْدَهُمْ عِنْدَ التَّنَاظُرِ حُجَّةٌ ... أَنَّى بِهَا لِمُقَلِّدِ حَيْرَانِ
لا يَفْزَعُوْنَ إلى الدَّلِيْلِ وإِنَّمَا ... في العَجْزِ مَفْزَعُهُمْ إلى السُّلْطَانِ
لا عُجْبَ إِذْ ضَلُّوا هِدَايَةَ دِيْنِهمْ ... أَنْ يرْجِعُوْا لِلْجَهْلِ والعِصْيَانِ
هَا قَدْ غَلَوْا في الأَوْلِيَاء وَقُبُوْرُهُمْ ... أَضَحَتْ يُحَجُّ لَهَا مِن البُلْدَانِ
وَبَنَوْا عَلَى تِلْكَ القُبُورِ مَسَاجِدًا ... وَالنَّصُّ جَاءَ لَهُمْ بِلَعْنِ البَانِي
يَكْسُوْنَهَا بِمَطَارِفٍ مَنْقُوْشَةٍ ... قَدْ كَلَّفَتْهُمْ باهِظَ الأثْمَانِ
بَلْ عِنْدَ رَأْسِ القَبْرِ تَلْقَى نُصْبَهُ ... قَدْ عَمَّمُوْهَا عِمَّةَ الشِّيْخَانِ
وَلَسَوْفَ إِنْ طَالَ الزَّمَانُ بِهمْ تَرَى ... وَلَهَا يَدَانِ تَلِيْهِما الرِّجْلاَنِ
وَدَعَوْهُمُوْا شُفَعَاءَهُمْ أَيْضًا كَمَا ... قَدْ كَانَ يَزْعُمُ عَابِدُوْ الأوْثَانِ
وَتَقَرَّبُوْا لَهُمُو بِتَسْيِيْبِ السَّوَا ... ئِبِ والنًّذُوْرِ وَسَائِرِ القُرْبَانِ
وَتَمَسَّحُوْا بقُبُورِهِمْ وَسُتُوْرِهِمْ ... وَكَذَاكَ بالأَقْفَاصِ والجُدْرَانِ
وإذَا رَأَيْتَهُمُو هُنَاكَ تَرَاهُمُو ... مُتَخَشِّعِيْنَ كَأَخْبَثِ العُبْدَانِ
مَا عِنْدَهُمْ هَذَا الخُشُوُع إذَا هُمُو ... صَلَّوْا لِرَبِّهِم العَظِيْمِ الشَّانِ
واسْتَنْجَدُوْا بهِمُو لِمَا قَدْ نَابَهُمْ ... نَاسِيْنَ فَاطِرَ هَذِهِ الأَكْوَانِ
تَرَكُوْا دُعَاءَ الحَيِّ جَلَّ جَلاَلُهُ ... لِدُعَاءِ أَمْوَاتٍ بِلاَ حُسْبَانِ
وإلَيْهِمُو جَعَلُوا التَّصَرُّفَ في الوَرَى ... فَهُمُو مُغِيْثُ السَّائِلِ الحَيْرَانِ
فَكَأَنّهم أَرْجَى لَهُم مِنْ رَبِّهِم ... وَعَلَيْهِمُو أَحْنَى مِنَ الرَّحْمَن
فَكَأَنَّهُم وُكَلاَؤُهُ في خَلْقِهِ ... سُبْحَانَهُ عَن إِفْكِ ذِيْ بُهْتَانِ
وَكَأَنَّهُمْ حُجَّابُ رَحْمَةِ رَبِّهِمْ ... هُمْ قَاسِمُوْها بَيْنَهُمْ بِوِزَانِ
يا قَوْمُ لا غَوْثٌ يَكُونُ مُغِيْثَكُمْ ... إنَّ المُغِيْثَ اللهُ لِلإِنْسَانِ
يَا قَوْمُ فادْعُوا اللهَ لا تَدْعُوْا الوَرَى ... أَنْتُمْ وَهُمْ بالْفَقْرِ مَوْسُوْمَانِ ...
مَا بَالُكُمْ لَمْ تُخْلِصُوْا تَوْحِيْدَكُمْ ... تَوْحِيْدُكُمْ وَالشِّرْكُ مُفْتَرنَانِ
هَا أَنْتُمُو أَشْبَهْتُمُو مَنْ قَبْلَكُمْ ... في شِرْكِهمْ بِعِبَادَةِ الدَّيَّانِ