الأحد، 26 فبراير 2012

إني نظرت إلى المرآة إذ جليت ... فأنكرت مقلماي كل ما رأنا




الإمام العالم العلامة أبو محمد عبدالله بن أسعد اليمني المعروف باليافعي‏ 




















الإمام العالم العلامة أبو محمد عبدالله بن أسعد اليمني المعروف باليافعي‏ 



     محمد بن عبد الملك بن زهير الإيادي الأندلسي الإشبيلي، من أهل بيت كلهم وزراء وعلماء ورؤساء وحكماء. قال الحافظ أبو الخطاب ابن دحية في كتابه المسمى المطرب من أشعار أهل المغرب، وكان شيخنا أبو بكر - يعني ابن زهير المذكور بمكان من اللغة مكين، ومورد من الطب معين، كان يحفظ شعر ذي إلىمة وهو ثلث لغة العرب، مع الإشراف على جميع أقوال أهل الطب والمنزلة العلما عند أصحاب المغرب،مع سمو النسب وكثرة الأموال والنشب، صحبته زماناً طويلاً، واستفدت منه أدباً جليلاً، ومن شعر ابن زهير المذكور وقد شاخ وغلب عليه الشيب:

إني نظرت إلى المرآة إذ جليت ... فأنكرت مقلتاي كل ما رأنا

رأيت فيها شويخاً لست أعرفه ... وكنت أعهده من قبل ذاك فتى

فقلت: أين الذي بالأمس كان هنا ... متى ترحل عن هذا المكان متى؟

فاسضحكت ثم قالت وهي معجبة ... إن الذي أنكرته مقلتاك أتى

كانت سليمى تنادي يا أخي وقد ... صارت سليمى تنادي اليوم يا أبتا



قلت وقد عارضت هذه الأبيات لما أنشدها بعض المغاربة بقصيدة تنيف

 على ثمانين بيتاً سميتها: الرياض في الوعظ والاتعاظ وفي بيان حدود

 الأسنان والعراض وهي هذه:



وناعم فاقد ألفا يذكرنا ... نجداً واحداً وسلما والصفا ومنى


ومن بها حل والعيش الذي انصرمت ... واللمالي التي فيها بلوغ منى


وسادة كانت الأيام زاهرة ... بالنور واليمن فيهم زينوا اليمنا


ما بين حلى سقي من غيث رحمته ربي ثرى من بها ثاو ومن عدنا

إن قلت في فضل سادات لنا سلفوا ... فقول حسان في الأسلاف قد حسنا

لكنني في مديحي قد عممت به ... شيوخ الإسلام لم أخصص أحبتنا

من كان في شرق أرض أو بمغربها ... والشام واليمن ألفاوي لمحتدنا

ومدح شيب أتت في الشرع مدحته ... معارضاً من له بالذم أفهمنا

يا من رأى منقبات الشيب منقصه ... لم تدر كم قيل في علماه حدثنا

وكم روى من إمام نور ذاك عدا ... وما به من وقار قد رووه لنا

كذلك الحق يستحيي تبارك من ... ذي شيبة كلها تروي أئمتنا

صغرته إذ شويخاً قلت مع خطأ ... التصغير أيضاً خطا واوبه قرنا

كبره واقصد به تعظيم حرمة من ... بالدين دانوا وزانوا بالحلي الزمنا

قل غيرنا وبه للنفس مدحتها ... فالله يعلم منك السر والعلنا

لما نظرت إلى المرآة قد جليت ... شاهدت في تلك شيخاً قد علاه سنا

فقلت من ذا وعهدي قبل ذاك فتى ... بالزهور يرفل في ثوب الشباب هنا

فقال منها لمان ألفال ذاك مضى ... في ليل جهل قبيل الصبح حين دنا

وذا بدا حين فجر العقل ضاء به ... نور الوقار مع الأحلام قد سكنا

وبين ذين بدت أعلام نور بها ... كهولة زانها وشي وحسن ثنا

وهكذا العمر دولات كفاكهة ... زهو وأرطابها قد أورثت شحنا

وبعد أرطابها تمر فضيلته ... مشهورة فيه قوت للفقير غنى

ففي الثلاثين للشبان منزلة ... فيها ثناها انتهى ما بعد ذاك بنا

في تلك عيش نفوس أخضر وبها ... نعيم دنيا عني قد شابه وضنا

تكدير صفو ومن بعد الحياة فنا ... فالحزن يتلو سروراً والبكاء عنا

منازل الشيخ من خمسين قبل بدت ... من أربعين وفيها الانتهاء فنا

وبعد ذاك رحيل نحو دار بقا ... فيها نعيم وسعد وشقا وعنا

حسب اكتساب لماعات ومعصية ... إليهما ألفابق المقدور قاد لنا

فضلاً وعدلاً، ومن شاء الكريم حبا ... عفواً وخير الذي عصيانه ودنا

منازل الكهل بين المنزلين ثوت ... للصاليحن بها عيش القلوب هنا

إلى نهايات غايات الحياة بها ... رياض فضل لأرباب القلوب مفا

وللجنان جنان الوصل مثمرة ... فكم فواكه فيها للنفوس من حنا

على مدى الدهر قد زادت زكاوتها ... لذاذة عند ذي ذوق وطيب جنا

من فاكهات فعال الصألفات جنوا ... وذو البطالات يجني الشوك مشبهنا

يا مشبهي يافعي في بطالته ... وضيعة العمر قولوا يا مصيبتنا

يا حسرتا بالنحاس الدون جوهرة ... النفيس بعنا، وما الدنيا له ثمنا

بل كل فيد من إنماس الحياة سما ... فضلاً على عيش دنيا معقباً فتنا

يا غبن من باع داراً بالفلوس إذا ... ما مفلس الدين جا بالدين مرتهنا

قد ضيع العمر لا علم ولا عمل ... مسوده أبيض والعظم القوي وهنا

هل بعدما ابيض زرع في منارعه ... إلا حصاد وهل في وقت ذاك ونا

حصد القضا بغتة تأتيه أمنية ... خف النوازل فالمغرور من أمنا

فكم صغير زروع حصد ذاك أتى ... فانهض بعزم وحزم عل ذاك دنا

شمر وعمر بحصن القلب حارسه ... ومن العدو الذي أمسى له وطنا

أين الجهاد وإكثار السهاد إذا ... لذ إلىقاد نفى عن طرفه الوسنا

وأين تأديب نفس في رياضتها ... بالجوع والصمت والسمت الذي حسنا

وبئس مثلي بثوب العجز مشتملاً ... نحو التكاسل قد مهر الجياد ثنا

يلقى علائقه أمست عوائقه ... عن كسب خير وفي القلب الونا وطنا

سلم الذنوب وداء من عيوب هوى ... قد صيرا كل من قد ثبط زمنا

يا بارد القلب يا خالي الفؤاد ومن ... ما هزه ذكر من في حاجز سكنا

ولا نسيم صبا نجد الغرام ولا ... نشر الحزام ولا من في النقا عطنا

ولا خيام لسلمى دون ذي سلم ... ولا العقيق ومن من رامتين دنا

ولا صفا عند جيران الصفا وهوى ... من في خيام زهت من دون خيف منا

من يشرب الحب لم ماء العذيب يذقومن زكا بالهوى ما شم طيب منا

ولا بكى عندما ناح الحمام ولا ... يرتاح إن لاح من برق الحجاز سنا

ولا لنعما ونعمان هواه ولا ... يشتاق في المنزل الأصلي إلىضا وطنا

ولا دنا من خيام في حمى وهوى ... نور الجمال الذي كم عاشق فتنا

مثلي بعيد وكل قد ألم به ... النذير لاه ومن سطواته أمنا

نذير هادم لذات الشبيب فتى ... مفيق لجماعات الصحاب دنا

ومسكت ذا فصاحات به شمت الأ ... عدا وسروا وأحباب بكوا حزنا

وقدموا لرحيل حان مركبه ... مطية إلىاحلين النعش والكفنا

وشيعوه إلى أن جاء منزله ... تحت الجنادل في بيت البلاد فنا



 في ضيق للحد ترعى الدود آكلة ... خدين يا طألفا بالحسن قد فتنا

ومقلة حل فيها الحسن سائلة ... وطيب الريح أضحى جيفه نتنا

وبعد ذاك نشور وإلىحيل إلى ... دار الجزا فعذاب أو لماء منا

ما لا يبال ولا عين رأته ولا ... لوصفه جاء ذكر طارق أذنا

هذا مقالي تناهى في العراض وفي ... اعتذاري عن اللوم الملم بنا

ما أحسن الحق والإنصاف حيث هما ... حلا ولو في مساكين هما سكنا

فافهم هديت سوى نهج إلىشاد وكن ... محققاً ومحقاً من ملا فطنا

حسن البلاغة مع حسن استعارتها ... ضاعا مع العي أو من يكتم الحسنا


من ليس يمدح سلمى عندما جليت ... يحكي لمن في الثرى البدر البهي دفنا
يا سامعاً لفظ نظمي لا تظن به ... مدحي لنفسي قبيح إن أقول: أنا
لا تحسبن فيه تخصيصاً لمدحتها ... والله ما طرف قلبي نحو ذاك رنا

لكني عارضت في مدح الشيوخ به ... من ذمهم في مديح والسباب عنى

من لفظه ذاك مفهوم ومعذرتي ... في ذكر نفسي جلي عند من فطنا

ما لي طريق ومرآة بها نظري ... شخصي سوى ما أرى غيري بهاكمنا

إلا الذي قلت في روم العراض به ... مثل الذي قال: لاسوء يظن بنا

والله ما أرتضي فيها مطالعتي ... كيلا أرى شين وجه للذنوب جنا

هاك المقال الذي جاء العراض لمن ... قال له ينهى ألفافيات بنا

نظرت يوماً إلى المرآة إذ جليت ... فانكرت مقلماي عندما رأتا

رأيت فيها شويخاً لست أعرفه ... وكنت أعرف فيها قبل ذاك فتى

فقلت اين الذي بالأمس كان هنامتى ترحل عن هذا المحل متى؟

فاستضحكت ثم قالت وهي ما نطقت ... قد كان ذاك وهذا بعد ذاك أتى

هذا بذاك وكل لا دوام له ... أما ترى العود يذوي بعدما نبتا؟

بالواو يروي شويخاً عن مقالته ... صواب ذاك شييخاً حين شاب عتا

بالله أنصف من المداح ذين هدى ... منا ومن مادح الدنيا بما نعتا

ها قد ثنت عن ثمانين العنان وما ... في مهرها من كلال نحو ذاك أتى

على الثمانين قد نافت ثمانية ... تزهو رياض عراض في أوان شتا

ختامها حمد ربي والصلاة على ... ختام رسل به ألفاران كلمتا

والآل والصحب سامي المجد ما نغمت ... حمامتا أيكة خضرا وغردتا



تنبيه النائم الغمر على مواسم العمر














بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
وبه التوفيق والهداية قال الشيخ الإمام الحافظ شيخ الإسلام مفتي الأنام بركة الزمان محيى السنة جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الخزرجي - رحمه الله تعالى -‏:‏ الحمد لله الذي جعل الأعمار مواسم يربح فيها ممتثل المراسم ويخسر المضيع الحسير والحاسم‏.‏
فهي موضوعة لبلوغ الأمل ورفع الخلل‏.‏
زائدة الأرباح لمن اتجر مهلكة الأرواح لمن فجر الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف وأكثر والسيئة ترد المستقيم إلى حال‏.‏
وبهذا العمر اليسير يشتري الخلود الدائم في الجنان والبقاء الذي لا ينقطع كبقاء الرحمن ومن فرط في العمر وقع في الخسران‏.‏
فينبغي للعاقل أن يعرف قدر عمره وأن ينظر لنفسه في أمره‏.‏
فيغتنم ما يفوت استدراكه فربما‏.‏
بتضييعه هلاكه‏.‏
باب ذكر مواسم العمر الموسم الأول
من وقت الولادة إلى زمان البلوغ وذلك خمس عشر سنة‏.‏
الحديث وما احتمل من العلم أمراه به ويقبحان عنده ما يقبح ويحثانه على مكارم الأخلاق ولا يفتران عن تعليمه على قدر ما يحتمل فإنه موسم الزرع‏.‏
قال الشاعر‏:‏
لا تَسهُ عَن أَدَبِ الصَغي ** رِ وَإِن شَكى أَلَمَ التَعَب
وَدَع الكَبيرَ لِشانِهِ ** كَبُرَ الكَبيرُ عَنِ الأَدَب
وقال غيره‏:‏
إِنَّ الغُصونَ إِذا قَوَّمتَها اِعتَدَلَت ** وَلا يَلينُ قَوَّمتَهُ الخَشَبُ
قَد يَنفَعُ الأَدَبُ الصَغير في مَهلٍ ** وَلَيسَ يَنفَعُ في ذِى الشَيبَةِ الأَدَب
كان ‏[‏عبد الملك بن مروان‏]‏ يحب ابنه ‏[‏الوليد‏]‏ ولا يأمره بالأدب فخرج لحاناً فقال‏:‏ أضر حبنا بالوليد‏.‏
فصل وقد يرزق الصبي ذهناً من صغره فيتخير لنفسه
كما قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَقَد آتينا إِبراهيم رُشدَهُ من قَبل‏}‏ فذكر في التفسير‏:‏ أنه كان ابن ثلاث سنين فقال للكوكب والقمر والشمس ما فصل فإذا عبر الصبي خمس سنين بان فهمه ونشاطه في الخير وحسن اختياره وصدف نفسه عن الدنايا وعكس ذلك‏.‏
مر ‏[‏عمر بن الخطاب‏]‏ - رضي الله عنه - على صبيان يلعبون فنفروا من هيبته ولم يبرح ‏[‏ابن الزبير‏]‏ - رضي الله عنه - فقال له‏:‏ مالك لم تبرح‏!‏ فقال‏:‏ ما الطريق ضيقة فأوسعها لك ولا لي ذنب فأخافه‏.‏
وقال الخليفة لولد وزيره وهو في دارهم‏:‏ أيما أحسن دارنا أو داركم فقال‏:‏ دارنا‏.‏
قال‏:‏ لم قال‏:‏ لأنك فيها‏.‏
ويتبين فهم الصبي وعلو همته وتقصيرها باختياراته لنفسه وقد تجتمع الصبيان للعب فيقول العالي الهمة‏:‏ من يكون معي ويقول القاصر‏:‏ مع من أكون‏.‏
ومتى علت همته آثر العلم‏.‏
فصل فإذا راهق الصبي فينبغي لأبيه أن يزوجه
فقد جاء في الحديث‏:‏ ‏(‏من بلغ له ولد أمكنه أن يزوجه فلم يفعل وأحدث الولد إثماً كان الإثم بينهما‏)‏‏.‏
والعجب من الوالد كيف لا يذكر حاله عند المراهقة وما لقي وما عانى بعد البلوغ أو كان قد وقع في زلة فيعلم أن ولده مثله‏.‏
قال‏:‏ ‏[‏إبراهيم الحربي‏]‏‏:‏ أصل فساد الصبيان بعضهم من بعض‏.‏
وينزر من يؤثر العلم على النكاح‏.‏
ويعلم نفسه الصبر فإن ‏[‏أحمد بن حنبل‏]‏ - رحمه الله - لم يتزوج إلا بعد الأربعين‏.‏
الباب الثاني في ذكر الموسم الثاني
وهو من زمان البلوغ إلى منتهى الشباب
وهذا هو الموسم الأعظم الذي يقع فيه الجهاد للنفس والهوى وغلبة الشيطان وبصيانته يحصل القرب من الله تعالى وبالتفريط فيه يقع الخسران العظيم‏.‏
وبالصبر فيه على الزلل يثنى على الصابرين كما أثنى الله عز وجل على ‏[‏يوسف‏]‏ - عليه الصلاة والسلام - إذ لو زل من كان يكون‏.‏
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -‏:‏ ‏(‏عجب ربك من الشاب ليست له صبوة‏)‏‏.‏
ويقول الله تعالى‏:‏ ‏(‏أيها الشاب التارك شهوته من أجلي أنت عندي كبعض ملائكتي‏)‏‏.‏
وليعلم البالغ أنه من يوم بلوغه وجب عليه معرفة الله تعالى بالدليل لا بالتقليد ويكفيه من الدليل رؤية نفسه وترتيب أعضائه فيعلم أنه لا بد لهذا الترتيب من مرتب كما أنه لا بد للبناء من بان‏.‏
ويعلم أنه نزل إليه ملكان يصبحانه طول دهره ويكتبان عمله ويعرضانه على الله سبحانه وتعالى قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِن عَلَيكُم لَحافِظين كِراماً كاتِبين يَعلَمونَ ما تَفعَلون‏}‏‏.‏
قال ‏[‏محمد بن الفضل‏]‏‏:‏ منذ أربعين سنة ما أمليت على كاتبي سيئة ولو فعلت لاتسحيت منهما‏.‏
فلينظر العبد فيما يرتفع من عمله فإن زل فليرفع الزلل بتوبة واستدراك‏.‏
وليغض طرفه فقد قال الله عز وجل‏:‏ ‏{‏قُل لِلمُؤمِنينَ يَغضوا مِن أَبصارَهُم‏}‏‏.‏
ويقول الله عز وجل‏:‏ ‏(‏النظر إلى المرأة سهم مسموم من سهام الشيطان من تركه ابتغاء مرضاة الله آتيته إيماناً يجد حلاوته في قلبه‏)‏‏.‏
ومن استعمل الغض سلم‏.‏
وليكتف بالمرأة الواحدة ولا يترخص في كثرة الاستمتاع بالنساء فإنه يشتت القلب ويضعف القوى وليس لذلك منتهى‏.‏
كان بعض السلف يقول لنفسه‏:‏ ما ههنا إلا هذه الكسرة وهذه المرأة فإن شئت فاصبري أو وكان خلق كثير يتأسفون في حال الكبر على تضييع موسم الشباب ويبكون على التفريط فيه‏.‏
فليطل القيام من سيقعد وليكثر الصيام من سيعجز‏.‏
والناس ثلاثة‏:‏ من ابتكر عمره بالخير ودام عليه فذلك من الفائزين ومن خلط وقصر فذلك من الخاسرين ومن صاحب التفريط والمعاصي فذلك من الهالكين‏.‏
فلينظر الشاب في أي مقام هو فليس لمقامه مثل وليتلمح شرف اعته وثمنها المستوفى‏.‏
فالصبر الصبر فإن الساعي يصبر عن النكاح مع كونه شاباً شديد الشبق فيقال له أحسنت‏.‏
فليصبر الشاب ليقال له‏:‏ ‏[‏هَذا يَومُكُمُ‏]‏‏.‏
وليحذر زلله في الشباب فإنها كعيب قبيح في سلعة مستحسنيه‏.‏
ومن زل في الشباب فلينظر أين لذتها‏!‏ وهل بقي إلا حسرتها الدائمة التي كلما خطرت له تألم فصار ذكرها عقوبة ومن خرق ثوب التقى بيع بالخلق والمكسور‏.‏
قال ‏[‏الجنيد‏]‏ - رحمه الله -‏:‏ لو أقل عبد على الله ألف سنة ثم أعرض عنه لحظة كان الذي فاته أكثر مما حصل له‏.‏
وكان بعض السلف - رحمه الله - يقول‏:‏ وددت لو أن يدي قطعتا وغفر لي عن ذنوب الشباب‏.‏
قال المصنف - رحمه الله -‏:‏ قلت يوماً في الوعظ‏:‏ أيها الشاب أنت في بادية ومعك جواهر نفيسة وتريد أن تقدم بها على بلد الجزاء فاحذر أن يلقاك غرار من الهوى فيشتري ما معك بادون ثمن فتقدم البلد فترى الرابحين فتفقع أسفاً وتبكي لهفاً وتقول‏:‏ ‏{‏يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله‏}‏ هيهات أن يرد الأسف ما سلف‏.‏
ومما قلته من الشعر في هذا المعنى‏:‏
أَمّا الشَبابُ فَظُلمَةٌ لِلمُهتَدى ** وَبِهِ ضَلالُ الجاهِلِ المُتَمَرِدِ
لَيسَ الَّذي تَرَكَ الذُنوبَ مَشيباً ** كَالتارِكِ لَها وَقتَ شَعرٍ أَسوَدِ
فَافَرَح إِذا جاهَدتَ نَفسَكَ صابِراً ** يا صاحِ صِح في اللَهوِ يا نارُ اِخمِدي
اِغنَم مَدِيحَةَ يُوسِفَ في صَبرِهِ ** وَاِحذَر تَعَجلَ آدَمَ في المَفسَدِ
لَولا اِجتَباهُ لَكانَ شَيناً فاضِحاً ** يَعصى فَيَالَكَ مِن حَزينٍ مُكمَدِ
فَاِقمَعهُ بِالصَبرِ الجَميلِ وَدُم عَلى ** الصَومِ الطَويلِ فإَِنَّهُ كَالمَبرَدِ
وَاّغضُض جُفونَكَ عَن حَرامٍ وَاِقتَنِع ** بِحَلالِ ما حَصَّلتَ تُحمَد في غَدِ
وَدَعِ الصَبا فَاللَهُ يَحمدُ صابِراً ** يا نفسُ هَذا مَوسِمٌ فَتَزّوَّدي
الصَبرُ عَن شَهوَاتِ نَفسِكَ تَوبَةٌ ** فَاِثبُت وَغالِط شَهوَةً لَم تَرقُدِ
الباب الثالث في الموسم الثالث
وهو حال الكهولة هذا الزمان فيه بقية من الشباب وللنفس فيه ميل إلى الشهوات وفيه جهاد حسن وإن كانت طاقات الشيب تزع وتظعج عن مهاد اللهو‏.‏
وليكتف الكهل بنور الشيب الذي أضاء له سبيل الرحيل وليعامل بالبقية المائلة إلى الهوى يربح لكن لا كريح الشاب‏.‏
قال ‏[‏الشافعي‏]‏ - رحمه الله - فيمن أتى امرأة وهي حائض‏:‏ إن كان في أول الحيض فعليه دينار وإن كان في آخره فنصف دينار‏.‏
وهذا لأنه في أوله قريب عهد بالجماع فلا يعذر وفي آخره قد بعد عهده به فخفف عنه‏.‏
قال المصنف - رحمه الله -‏:‏ ومما قلته في هذا المعنى‏:‏
قَد رَأَيتُ المَشيبَ نُوراً تَبَدّى ** نُوَّرَ الطُرقَ ثُمَّ ما إِن تَعَدّى
إِن نُورَ الشَبابِ عَارِيَةٌ عِندي ** فَجاءَ المُعيرُ حَتّى اِستَرَّدا
جاءَني ناصِحٌ أَتاني نَذيرٌ ** بِبَياضٍ أَراني الأَمرَ جِدّا
دَع حَديثَ الصَبى وَرَامَةَ وَالغَو ** رِ وَنَجداً يا سَعدُ واسعَ لِسُعدى
وَتَزّوَّد زادَ الشِتاءِ فَقَد فا ** تَ رَبيعٌ ضَيَّعتَ فيهِ الوَردا
قِف عَلى البابِ سَئِلاً عَفوَ مَولا ** كَ فَما إِن يَزالُ يَرحَمُ عَبدا
وله أيضاً - رحمه الله -‏:‏
عِشتَ وَظِلُّ الشَبابِ مَمدُودُ ** وَالغُصنُ يَهتَزُّ وَالصَبا رُودُ
فَأَقبَلَ الشَيبُ في عَساكِرِهِ ** أُسودُ غابٍ فَغابَت السودُ
كُنتَ في ظُلمَةٍ فَأشرَقَ فَجرُ المَشي ** بِ فَاللَيلُ عَنهُ مَطرودُ
قَد مَيَّسَ الغُصُنُ في نَضارَتِهِ ** لَكِنَّهُ بَعدَ أَن ذَوَت عَودُ
وَجاءَكَ المَوتُ فَانتَظِرهُ وَذا العُم ** رُ يَسيرُ وَالسَيرُ مَعدودُ
لا بُدَّ مِن مُزعِجٍ عَلى غَرَرٍ ** هَيهاتَ بابُ البَقاءِ مَسدودُ
تَرَحَّل عَن كُلِّ مَا تَخلُفُهُ ** وَيَأكُلُ الجِسمُ في البِلى الدُودُ
نَعَم وَيَمحو الثَرى مَحاسِنَهُ ** لا تُعرَفُ البيضُ فيهِ وَالسودُ
وَالسَمعُ قَد صُمَّ عَن مَواعِظِهِ ** وَالجَهلُ فاسٍ وَالقَلبُ جُلمودُ
ما لِلشُموسِ قَد بَدَت أَوافِلا وَطَالَما ** رَأَيتُها طَوالِعا كانَ الصَبا لَهواً عَجيباً
حالُهُ يا سُرعانَ ما فُطِمتُ راضِعاً ** بادِر بِذا الباقي وَأَدرِك ما مَضى
لَعَلَّ ما يَبقى يَكونُ نافِعا يا حَسرَتي ** عَلى ما قَد مَضى وَذَهَبَت أَيّامُه ضَوائِعا
الباب الرابع في الموسم الرابع
وهو الشيخوخة قد يكون في أول الشيخوخة بقية هوى فيثاب الشيخ على قدر صبره وكلما قوى الكبر ضعفت الشهوة فلا يراد الذنب كما قال الشاعر‏:‏
تارَكَكَ الذَنبُ فَتارَكتَهُ ** بِالفِعلِ والشَهَوَةُ في القَلبِ
فَالحَمدُ لِلّهِ عَلى تَركِهِ ** لا لَكَ في تَركِكَ لِلذَنبِ
فإذا تعمد الشيخ ذنباً فهو مراغم إذ الشهوة الطالبة قد خسرت ولهذا قال رسول - الله صلى الله عليه وسلم -‏:‏ ‏(‏أبغض الخلق إلى الله تعالى شيخ زان‏)‏‏.‏
ومنهم من يقصد المراغمة فيلبس الشيخ الخاتم الذهب‏.‏
فالويل لمن لم ينهه شيبه عن عيبه ما ذاك إلا لخلل في إيمانه وقد يقول الشيخ العالم‏:‏ علمي يدفع وقد رؤى بعض مشايخنا في المنام فقيل له‏:‏ ما فعل الله بك فقال‏:‏ غفر لي وهو معرض عني‏.‏
فقيل له‏:‏ غفر لك وأعرض عنك‏!‏‏!‏ فقال‏:‏ نعم وعن جماعة من العلماء لم يعملوا بعلمهم‏.‏
وقد رأيت بعض مشايخنا - وكان مفرطاً - وهو عريان وقد تعلق بثديه ثلاث كلاب صغار - والجرو منهم - يمص ثديه‏.‏
وقد رؤي في المنام ‏[‏يحيى بن أكثم‏]‏ فقيل له‏:‏ ما فعل الله بك فقال‏:‏ قال لي يا شيخ السوء
‏[‏وكذلك منصور بن عمار‏]‏‏.‏
قال ‏[‏الفضيل‏]‏ - رحمه الله -‏:‏ يغفر للجاهل سبعون ذنباً قبل أن يغفر للعالم ذنب واحد‏.‏
قال ‏[‏أبو الدرداء‏]‏‏:‏ ويل لمن عمل ولا يعلم مرة وويل لمن يعلم ولا يعمل سبع مرات‏.‏
وقال‏:‏ أخوف ما أخاف أن يقال لي‏:‏ عملت فإن قلت‏:‏ لا فقد علمت وإن قلت‏:‏ نعم لم يبق آية آمرة أو ناهية إي وتجتني‏.‏
قال المصنف - رحمه الله تعالى -‏:‏ ومما قلته في ذكر الشيب‏:‏
غَرَرنا بِالشَبابِ المُستَعارِ ** اَفَقنا بِالمَشيبِ مِنَ الخَمارِ
أَنارَ لَنا المَشيبُ سَبيلَ رُشدٍ ** وَنَدِمنا على خَلعَ العِذارِ
فَنَحنُ اليَومَ تَبكي ما فَعَلنا ** فَكَيفَ وَكَم وَقَعنا في خَسارِ
فَلَيسَ لَنا سِوى حَزَنٍ وَخَوفٍ ** وَنَدبٍ في خُضوعٍ وَاِنكِسارِ
تَعالَوا نَبكِ ما قَد كانَ مِنّا ** وَقوموا في الدَياجي بِاِعتِذارِ
وَما شَيءٌ لِمَحوِ الذَنبِ أَولَى ** مِنَ الأَحزانِ وَالدَمعِ الغِزِارِ
سَتَدري يا مُفَرِطُ صِدقَ قَولي ** إِذا غُودِرتَ في بَطنِ الصَحارِ
وَخَلّاكَ الرَفيقُ اَسَيرَ قَفرٍ ** تُرافِقُكَ النَدامَةُ في القِفارِ
وَقَد فازوا بِما حازوا جَميعاً ** وَأَنتَ رَهينُ ذُلٍّ وَاِفتِقارِ
فَخُذ حَذَراً وَزاداً تَكتَفيهِ ** لِرحلَتِهِ إِلى تِلكَ الدِيارِ
تَمَتَّع مِن شَميم عَرارِ نَجدٍ ** فَما بَعدَ العَشِيَّةِ مِن عَرارِ
وقال أيضاً‏:‏
أَشَيبٌ وَعَيبٌ إِنَّ ذا لَبَغِيضُ ** سَوادُ صِحافٍ وَالغَدائِرُ بِيضُ
مُكاثِرةٍ لِلّهوِ وَالضَعفُ زائِدُ ** وَجِسمُ الكَبيرِ ذائِبٌ وَمَهيصُ
في الحديث‏:‏ ‏(‏ابن ثمانين أسير الله في الأرض‏)‏‏.‏
ولم يبق في زمان الهرم إلا تدارك ما مضى والاستغفار والدعاء وعمل ما يمكن من الخير اغتناماً للساعات والتأهب للرحيل‏.‏
وكان ‏[‏سرى‏]‏ لا ينام إلا غلبةً ودخلوا على ‏[‏الجنيد‏]‏ - رحمه الله تعالى - وهو في الموت وهو يركع ويسجد فأراد أن يثني رجله في صلاته فما أمكنه لخروج الروح منها‏.‏
فقال رجل‏:‏ ما هذا فقال‏:‏ هذه نعم الله أكبر‏.‏
وكان ‏[‏عامر بن عبد قيس‏]‏ يصلي كل يوم ألف ركعة ولقيه رجل فقال‏:‏ أكلمك كلمة فقال‏:‏ أمسك الشمس ‏[‏حتى أكلمك‏]‏
وقال رجل سأله‏:‏ ‏[‏عجل‏]‏ فإني مبادر‏.‏
قال‏:‏ وما الذي تبادر قال‏:‏ خروج روحي‏.‏
وقال ‏[‏عثمان الباقلاني‏]‏‏:‏ أبغض الأشياء إلى وقت إفطاري لأني أشتغل بالأكل عن الذكر‏.‏
وكان ‏[‏داود الطائي‏]‏ - رحمه الله - يشرب الفتيت ولا يأكل الخبز‏.‏
فقيل له في ذلك فقال‏:‏ بين أكل الخبز وشرب الفتيت قراءة خمسين آية‏.‏
ودخل قوم على عابد فقالوا‏:‏ لعلنا شغلناك‏.‏
قال‏:‏ صدقتم كنت أقرأ فتعتموني‏.‏
ومن نظر في شرف العمر اغتنمه‏.‏
وفي الصحيح‏:‏ ‏(‏من قال سبحان الله وبحمده غرست له نخلة‏)‏‏.‏ وقال الحسن رحمه الله‏:‏ الجنة قيعان والملائكة تغرس فربما فتروا فيقال‏:‏ مالكم فترتم‏!‏ فيقولون‏:‏ فتر صاحبنا‏.‏
فقال الحسن‏:‏ أمدوهم رحمكم الله‏.‏
وقد رأينا جماعة من الأشياخ يرتاحون إلى حضور الناس عندهم وسماع الأحاديث التي تضر ولا تنفع فمضى زمانهم في غير شيء ولو فهموا كانت تسبيحة أصلح‏.‏
وهذا لا يكون إلا من الغفلة عن الآخرة لأن بتسبيحة واحدة يحصل الثواب على ما ذكرنا‏.‏
والأحاديث الدنيوية تؤذى ولا تنفع‏.‏
كان ‏[‏أبو موسى الأشعري‏]‏ - رضي الله عنه - يصوم في الحر فيقال له‏:‏ أنت شيخ كبير‏.‏
فيقول‏:‏ إني أعده ليوم طويل‏.‏
وقيل لعابد‏:‏ ارفق بنفسك‏.‏
قال‏:‏ الرفق أطلب‏.‏
جاء بعض رفقاء ‏[‏سري السقطي‏]‏ - رحمه الله تعالى - إليه يزوره فوجد عنده جماعة‏.‏
فقال‏:‏ يا سرى‏!‏ صرت مناخاً للبطالين ثم ذهب ولم يقعد‏.‏
ومن عرف شرف العمر وقيمته لم يفرط في لحظة منه‏.‏
فلينظر الشاب في حراسة بضاعته‏.‏
وليحتفظ الكهل بقدر استطاعته‏.‏
وليتزود الشيخ للحاق جماعته‏.‏
ولينظر الهرم أن يؤخذ من ساعته‏.‏
نفعنا الله وإياكم بعلومنا ولا سلبنا فوائد فهومنا ‏(‏ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا ولا يجعل علمنا حجة علينا‏)‏ إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم‏.‏
وكان الفراغ من كتبها يوم الخميس المبارك تاسع عشر جمادى الآخرة سنة ثمان وتسعين وألف‏.‏
وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا وحول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم وصلى الله على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى صحبه وسلم آمين‏.‏
آمين‏.‏


مواعظ الشافعي









مواعظ الشافعي

فضيلة العلم:
قال الشافعي رحمه الله: كفى بالعلم فضيلة أن يدعيه من ليس فيه, ويفرح
اذا نسب اليه.
وكفى بالجهل شينا أن يتبرأ منه من هو فيه, ويغضب اذا نسب اليه.
أشد الأعمال:
قال الشافعي رحمه الله:
أشدّ الأعمال ثلاثة:
الجود من القلّة.
والورع في الخلوة.
وكلمة الحق عند من يرجى ويخاف.
ما أفلح سمين:
قال الشافعي رحمه الله:
ما أفلح سمين قط, الا أن يكون محمد بن الحسن.
قيل: ولم؟
قال: لأن العاقل لا يخلو من احدى خلتين: اما أن يغتم لآخرته ومعاده, أو
لدنياه ومعاشه, والشحم مع الغم لا ينعقد, فاذا خلا من لمعنيين صار في
حد البهائم فيعقد الشحم.
طلب الرياسة:
قال الشافعي رحمه الله:
من طلب الرياسة فرّت منه, واذا تصدّر الحدث فاته علم كثير.
ضعف الانسان:
قال الامام الشافعي رحمه الله:
أبين ما في الانسان ضعفه, فمن شهد الضعف من نفسه نال الاستقامة مع الله
تعالى.
علاج العجب:
قال الشاعي رحمه الله:
اذا أنت خفت على عملك العجب, فانظر: رضا من تطلب, وفي أي ثواب ترغب,
ومن أي عقاب ترهب, وأي عافية تشكر, وأي بلاء تذكر. فانك اذا تفكرت في
واحدة من هذه الخصال, صغر في عينك عملك.
وصف الدنيا:
قال الشافعي رحمه الله:
ان الدنيا دحض مزلة,ودار مذلة, عمرانه الى خرائب صائر, وساكنها الى
القبور زائر, شملها على الفرق موقوف, وغناها الى الفقر مصروف, الاكثار
فيها اعسار, والاعسار فيها يسار.
فافزع الى الله, وارض برزق الله, لا تتسلف من دار فنائك الى دار بقائك.
فان عيشك فيء زائل, وجدار مائل, أكثر من عملك, وأقصر من أملك.
عواقب الأمور:
قال الشافعي رحمه الله:
صحة النظر في الأمور, نجاة من الغرور.
والعزم في الرأي, سلامة من التفريط والندم.
والروية والفكر, يكشفان عن الحزم والفطنة.
ومشاورة الحكماء, ثبات في النفس, وقوة في البصيرة.
ففكر قبل أن تعزم
وتدبر قبل أن تهجم
وشاور قبل أن تتقدم.
فضل أصحاب الحديث:
قال الشافعي رحمه الله:
اذا رأيت رجلا من أصحاب الحديث, فكأني رأيت رجلا من أصحاب النبي صلى
الله عليه وسلم, جزاهم الله خيرا, هم حفظوا لنا الأصل, فلهم علينا
الفضل.
وقال: عليكم بأصحاب الحديث فانهم أكثر الناس صوابا.