في ليلة من ليالي صيف عام 1918م وفي غرب الهند، وبالتحديد في أحد الأحياء الفقيرة لمدينة سورات المطلة على بحر العرب ولد طفل لزوجين مسلمين، ومن باب التفاؤل به سمياه أحمد؛ تبركًا بالمصطفى (صلى الله عليه وسلم ) عاش هذا المولود ( بطل قصتنا ) كأي طفل في تلك الاحياء الفقيرة ، لم يكن يميزه عنهم إلا تعلق والده به
إذ كان ذكيا ذو وجه دائري حنطي داكن البشرة، لا يخفي تعجبه من أي شيء
ولا يوقف طوفان تساؤلاته إلا غلبة النوم عليه
وحين بلغ سن التاسعة عزم والده على الهجرة إلى بلد آخر؛ فقد دعاه له أبن عم له بحثًا عن الحياة الكريمة
وقد ضاق ذرعًا بما ألت إليه الأمور في الهند من كثافة سكانية هائلة، وقلة موارد المعيشة، فأستأذن أبو احمد من زوجته بالسفر في طلب الرزق؛ ولكونه متعلقًا بابنه أراد أن يذهب (أحمد) معه
ويعود به بعد عام، فوافقت على مضض شد أبو أحمد رحال السفر ليستقروا مؤقتًا في مدينةديربان عام 1927م وهي مدينه من مدن جمهورية جنوب أفريقيا، ولكن حينما تم لهم ثمانية أشهر هناك وأحمد الصغير يترأى وقت العودة ليحظى بحضن أمه، وصل الخبر بوفاتها وانتقالها لجوار ربها، فصدم الصبي وأبوه، وعزموا حينها على البقاء في جنوب أفريقيا وإلى الأبد
ديربان – جمهورية جنوب أفريقيا (الوطن الجديد)
درس أحمد حتى وصل للمرحلة المتوسطة، إلا أن مقدر الأقدار (جل وعلا ) قد كتب في الوح المحفوظ موت أبيه فمات عام 1934م وكان أحمد حينها يبلغ من العمر 16 عامًا، فترك دراسته وبحث عن عمل يعتاش منه ، فعمل لدى صاحب حانوت يدعى j.m وهو من الرجال البيض في جنوب أفريقيا (مسيحي) وقد رأى في الصبي علامات النبوغ والأمانة والإخلاص والصدق، فبدأ يلاطف عامله الصغير ويحسن له، وقد استقامت الأمور - أو كادت - لبطلنا، واعتقد هذا الصبي أن الزمن قد أعتقه، ولكن كانت الليالي حبلى ..!! فماذا بقي في جعبتها له ؟! إذ لم تكن تلك الراحة المؤقتة إلا الهدوء الذي يسبق العاصفة ! ولكن أي نوع من العواصف
في أحد الأيام زار قس مسيحي صديقه الحميم j.m في حانوته العامر، وفي أثناء الحديث مع صديقه لفت انتباه هذا القس صبي حنطي البشرة يتكلم الإنجليزية ولغة الزولو(لغة دول وسط و جنوب أفريقيا ) ولغة الأردو (لغة غرب الهند ولباكستان لغة أحمد الأم ) بطلاقة متساوية وبسرعة بديهية، وكان يأمر وينهى ويدير عمل الحانوت بإخلاص متفاني وكان عمره آنذاك 18 عام أو أقل تقريبًا
فسأل صديقه من هذا الغلام فقال له صديقه J.Mهذا فتى اسمه (أحمد) فقال القس متعجباً مسلم ! قيل له نعم فقال: هل تثق بمسلم لا تعرف أنهم يهينون ( ألرب يسوع ) ويقولون إنه (عبد )
فقال j.m ولكن هذا صبي صادق وأمين فقال وحتى
إذا ولا بد: فليتنصر أو اطرده ! .
الاستفزاز الأول: إشعال فتيل القنبلة
دعا J.M (صاحب الحانوت)الفتى المسلم أحمد ، وصديقه القس حاضر وقال له أنا أريد أن أخلصك من شقاءك فقال الفتى الذكي - وقد شعر بأن هناك ثمنا باهظا مقابل تلك المساعدة -: وما ذاك ؟!!
فقال J.M : إن هذا القسيس رجل دين فاضل ويقول إن الرب يسوع يريد مساعدتك
إن أنت خلصت نفسك وسيباركك الرب
فكانت ردة فعل هذا الشاب عنيفة وقال: لا أنا مسلم
فقال J.M لماذا يا أحمد فرد بأنه لا يعرف إلا إله واحد (هو الله جلا جلاله)
ويقدر المسيح (عليه السلام) تقدير نبي عظيم فقط
فقال القس مقاطعًا وغاضبًا من تمسك الفتى بدينه : هل تعلم أن الإسلام دين وثني وأنكم تطوفون بالبيت
وهو حجر - يعني البيت الحرام - ورسولك متزوج من تسع نساء..؟
ثم استرسل في الشبهات الملفقة ، وقد أكثر هذا القس المسيحي من الكلام الذي لم يرق لأحمد
إلا أن أحمد صمت تقديراً لرب العمل واعتقد أنj.m كان يحابي القس فقط
ولكن بعد ذلك بأيام: أصبح ديدنj.m هو التندر بالإسلام وشتم معتقداته وكأنه عرف من الإسلام مكانا يُجهل! فبدأ هذا الشاب اليافع ينكب على كتب الدين يدرسها ليدافع عن الإسلام ويجول ويصول عنه
حتى أتى ذلك اليوم الأسود على المسيحية حينما تجرأ أحد زوار J.M وقدم لهذا الفتى كتاب الإنجيل
وأعتقد أن مثل هذا الكتاب قادر على إلجام هذا الشاب
إلا أن هذا الشاب: التهمه وقد درسه حتى حفظه عن ظهر قلب، ثم قارنه بالقرآن، فوجد الفرق فارق
ولم يكتف بذلك ولم يشف غليله: فتتبع مخطوطات الإنجيل وجميع نسخه فكانت الكارثة وانكشف المستور
وأصبح ذلك المسيحي الذي منح الكتاب المقدس للفتى المسلم
( أبو رغال النصرانية ؛ حيث فتح بحمقه بابا في مثالب المسيحية لم يغلق إلى اليوم )
وبدأ أحمد: فناظر سيده فأفحمه فقام سيده واستدعى بعض القساوسة الذين أسقط في يدهم
ولم يكن لهم حظ أمام آلاف التساؤلات التي انفتحت كنهر متفجر
وأراد أحمد أن يلجم المسيحيين من التطاول على الإسلام وإلى الآبد: فترك العمل عند J.M وبدأ يستقبل الإرساليات المسيحية إلى بلدان جنوب أفريقيا ، ويناظرها . فلما كثرت مناظراته وهو في مطلع الثلاثينات من عمره بدأ يدعو أساتذتهم من الرهبان، ثم تحولت الوسيلة في الأربعينات من عمره إلى هدف الدعوة إلى الله
ومن ذلك اليوم: وصواعق هذا الرجل تدوي بالغرب المسيحي دويا اهتزت منه قاعات الفاتيكان منذ مطلع التسعينات وقد أحدث دوياً في الغرب بمناظراته الشهيرة التي ذاع صيتها وما زال صداها يتردد حتى اليوم..
فالحديث حول تناقضات الأناجيل: دفع الكنيسة ومراكز الدراسات التابعة لها والعديد من الجامعات في الغرب لتخصيص أقسام خاصة من مكتباتها لمناظرات (أحمد وكتبه) وإخضاعها للبحث والدراسة سعياً لإبطال مفعولها
لقد حرك ذلك البائع المسيحي الساذج J.M وصديقه القسيس: القمقم الفطري في فواد ذلك الطفل المسلم
فأيقظوا منه المارد الذي حين ما خرج (ورط الأغبياء)
وأصبحت النصرانية العالمية برمتها وبعد هذه التجربة القاسية: تحاذر أشد الحذر من أن توقظ أحمد ديدات آخر