الجمعة، 4 مايو 2012

تفاءل رغم الصعاب والأهوال ..!








تفاءل رغم الصعاب والأهوال ..!





حياتنا الدنيا ،

مزيج من الفرح والحزن ،

 مزيج من السعادة والتعاسة ،

مزيج من اللحظات المفرحة والمحزنة ..


لو كانت سعادة دائمة ،


 هل ستشتاق للجنة ؟


لو كانت تعاسة دائمة ،

 هل ستخاف من النار ؟

هل ستعمل وتجتهد ؟

كيف ستكون هناك درجات

 متفاوتة بين كل شخص

بالأعمال الصالحة وغيرها ؟


كيف سنتعلم الصبر حتى نظفر


 بجنة عرضها كعرض السماوات والأرض ؟


لذا من حكمة الحكيم سبحانه أن طُبعت على كدر .


ليس كل ما نريده نحصل عليه ،

 ليس كل ما نتمناه نجده .


نتألم و نحزن و نتكدر كثيراً ولكن من يصبر ؟؟


قلة هم الصابرون ولكنهم المحبوبون عند الله .


لهم البشرى منه سبحانه ،

 هو معهم سبحانه ، لهم الأجر العظيم .


ولابد لهذا الليل المظلم أن ينجلي بنهار مشرق .


فالعسر ملازم له اليسر ،

 انتبه ليس بعده بل ملازم له .


إلى كل محزون وكل مهموم ،

 إلى من تكالبت عليه الديون ،

 إلى من فقد حبيب ،

إلى من تخلى عنه صديق ،

إلى كل من يتألم لابد أن تتعلم الصبر .


لابد أن تتعلم فن الدعاء ،

لا تيأس لاتقنط أخي الحبيب و لا تقنط فالقنوط للظالمين ,

 ولا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون .


حاشا أن تكون من الظالمين أو تكون

أيها الغالي من الكافرين .


بل أنت من القوم المسلمين الصالحين.


ألست من المصلين ؟؟

ألست من الصائمين ؟؟

ألست من المتصدقين ؟؟

ألست من الذاكرين ؟؟


اسأل الله الإخلاص وأمضي قدماً

 مسرعاً مهرولاً لربٍ كريم عظيم رحيم ،

 ربٍ غفور ودود

وقل

 ( رب مسني الضر وأنت أرحم الراحمين )

 وقل

   
 لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
  

واستغفر ..


استغفر ..

 استغفر

 وسينجلي هذا الليل قريباً ويقينا بقدرة القادر سبحانه .


سأراك ضاحكاً فرحاً مستبشراُ قريباً بإذن الله !


يا الله لا تردنا خائبين ولا عن بابك مطرودين ..


هــــــــــدى :~


قال تعالى:



{ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}


نور من السنـــــة :~



عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :


{ كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل الحسن ويكره الطيرة }




الخميس، 3 مايو 2012

أقوام نعمّهم مولاهم بقربه





  أقوام نعمّهم مولاهم بقربه




يا أخي، لله درّ أقوام نعمّهم مولاهم بقربه، فحجبهم عن خطرات الوسواس. حمي اقليم قلوبهم من غبار الشهوات من حمايته بحراس، قبلوا أمره بالقبول، وقاموا به على العينين والرأس، قدّموا زاد الأعمال لسفر الموت وظلمة الأرماس، يا بطّال، أبطال ميدان الدّجى لله درّهم من أبطال وأفراس، خلع عليهم خلعة الرضا، ونادهم مرحبا بالأحباب الأكياس،{ كنتم خير أمة أخرجت للناس} آل عمران 110.



أيا نفس توبي قبل أن ينكشف الغطا وأدعى الى يوم النشور وأجزع
فلله عبد خائف من ذنوبه تكاد حشاه من أسى تتقطع
اذا جنّه الليل البهيم رأيته وقد قام في محرابه يتضرّع
ينادي بذل يا الهي وسيدي ومن يهرب العاصي اليه ويفزع
قصدتك يا سؤلي ومالي مشفع سوى حسن ظني حين أرجو وأطمع
فجد لي بعفو وامح ذنبي ونجّني من النار يا مولى يضرّ وينفع
بهذا ينال الملك والفوز في غد ويجزى نعيما دائما ليس يقطع



وقف الفضل الجوهري العالم في الحرم متوجها الى الكعبة وهو محرم ثم قال بأعلى صوته:


يا تلفى بحتوف المراقبة والمعرفة، يا قتلى بسيوف المؤانسة والمحبة، يا حرقى بنار الخوف والاشتياق، ويا غرقى في بحر المشاهدة والتلاق، هذه ديار المحبوب، فأين المحبون؟ هذه أسرار القرب، فأين المشتاقون؟ هذه آثار الديار والربوع فأين القاصدون؟ هذه ساعة العرض والاطلاع على الدموع فأين الباكون؟.



ثم شهق شهقة عظيمة وغشي عليه، فأفاق بعد ساعة وهو يقول:



مذ تبدي لناظري بلبل الشوق وخاطري
حاضر غير غائب ساكن في الضمائر
هو كنزي الذي بدا في الرسوم والدوائر



قال الراوي: فدنوت منه وقلت له: يا سيدي ما علامة المحبين لله؟.
قال: ان المحبين عند ظلام الليل عند الله سبحانه وتعالى نشاطا، وبينهم وبينه انبساطا، شغلهم الأنس بمعبودهم عن لذة الكرى، وقطعهم الشغل به عن جميع الورى، ولا يؤثرون على مناجاته مناما، ولا يختارون على كلامه كلاما، عرفه من عرفه، وذاقه من ذاقه، واستأنس به من استطابه.



سبحان من حكم بالفناء على الخلائق، فتساوى عنده الملوك والعبيد، تفرّد بالبقاء، وتوحّد بالقدم، وصرف أقداره في الملك بما يريد، ظهر افتقار الكل اليه، الصالح والطالح والغويّ والرشيد، { يسأله من في السموات والأرض كل يوم هو في شأن} الرحمن 29.



جواد غمر الكل عطاؤه، فأين يفر العاصي ومن يجبر الفقيد؟ كم جدّل القضاء من زعيم، وكم أدخل للحضر من طريد، ما أغفل أهل المعاصي عن قسمة العباد، فمنهم شقي ومنهم سعيد.



احدى وستون لو مرّت على حجر لكان من حكمها أن يخلق الحجر
تؤمّل النفس آمالا لتبلغها كأنها لا ترى ما يصنع القدر


قال أبو اسحاق الجبيلي: قدمت على علي بن عبدالحميد الغضائري، فوجدته أفضل خلق الله عبادة، وأكثرهم مجاهدة، وكان لا يتفرّغ من صلاته آناء ليله ونهاره، فانتظرت فراغه. فلم أصبه ولا وجدته.
فقلت له: انّا قد تركنا الآباء والأمهات والأهلين والأوطان ولبنين والبنات بالراحلة اليك، فلو تفرّغت ساعة تحدثنا بما آتاك الله من العلم.



فقال: أدركني دعاء الشيخ الصالح سريّ السّقطي رضي الله عنه، جئت اليه وقرعت عليه الباب، فسمعته يقول قبل أن يخرج اليّ مناجيا: اللهم من جاءني يشغلني عن مناجاتك، فأشغله بك عني، فما رجعت من عنده، حتى حبّبت اليّ الصلاة والشغل بذكر الله تعالى، فلا أتفرّغ الى شيء سواه، ببركة ذلك الشيخ.



قال أبو اسحاق: فرأيت كلامه يخرج من قلب حزين، وهم كمين، والدمع يسابقه رضي الله عنه.
سبحان من ألف بحكمته بين لطائف الأرواح، وكثائف الأشباح، جعل الليل والنهار جناحي الأعمال، يطيران للفناء بلا ريش ولا جناح، سقى أرواح المحبين شراب المحبة، فلله ما أحلاه من راح، غني لهم في مجلس أنسهم معبد الوجد، فشربوا بالدّنان، لا بالأقداح، زيّنوا روضة الدجى بأزهار التهجد، واصطبحوا على الأذكار أي اصطباح، فهم بين صبوح وغبوق وبين ريحان وراح، قلوبهم في قالب الابتلاء، تنادي بلسان تصبّرهم: لا براح. خلع عليهم خلعة الرضا، وأجلسهم بين أفراح من الشوق وافتراح. نظروا الى الكون، فما رأوا سواه، فليس عليهم في هيمانهم جناح. غشي بصائرهم نور معرفته، فترنّم عارفهم بألسنة من التوحيد، فصاح.




يا أعز الناس عندي كيف حتى خنت عهدي
سوف أشكو لك حالي فعسى شكواي تجدي
أنت مولاي تراني ودموعي فوق خدي
أقطع الليل أقاسي ما أقاسي فيه وحدي



قال ذو النون المصري رضي الله عنه: عطشت في بعض أسفاري عطشا شديدا، فعدلت الى بعض السواحل أريد الماء، فاذا أنا بشخص قد ائتزر بالحياء والاحسان، وتدرّع بدراع البكاء والأحزان، قائم على ساحل البحر يصلي، فلما سلّم دنوت منه، وسلمت عليه قال: وعليك السلام يا ذا النون.
قال: فقلت له: يرحمك الله، من أين عرفتني؟!.



قال: اطّلع شعاع أنوار المعرفة من قلبي على صفاء نور المحبة من قلبك، فعرفت روحي روحك بحقائق الأسرار، وألف سريّ سرّك في محبة العزيز الجبار.



قال: فقلت: ما اراك الا وحيدا!.
قال: ما الأنس بغير الله الا وحشة، وما التوكل بغيره الا ذل.
فقلت له: أما تنظر الى تغطغط هذا البحر، وتلاطم هذه الأمواج؟.
فقال: ما بك من العطش أكثر من ذلك.
فقلت: نعم، فدلني على الماء بقرب منه فشربت، ورجعت اليه، فوجدته يبكي بشهيق وزفير.
فقلت له: يرحمك الله، ما يبكيك؟ّ.



فقال: يا أبا الفيض، ان لله عبادا سقاهم بكأس محبته شربة أذهبت عنهم لذة الكرى.
قال: فقلت له: دلني على أهل ولاية الله يرحمك الله.



قال: هم الذين أخلصوا في الخدمة، فاستخصّوا بالولاية، وراقبوا مولاهم، ففتح لهم في نور القلوب.
قال: فقلت له: ما علامة المحبة؟.
فقال: المحب لله غريق في بحر الحزن الى قرار التحيّر.
قال: فقلت له: ما علامة المعرفة؟.
قال: العارف بالله لم يطلب مع معرفته جنّة، ولا يستعيذ من نار، فعرفه له ولم يعظم سواه معه.



ثم شهق شهقة عظيمة، فخرجت روحه، فواريته في الموضع الذي مات فيه، وانصرفت عنه، رحمه الله ونفعنا ببركاته.  

راجعوا أنفسكم قبل يوم الحساب








 راجعوا أنفسكم قبل يوم الحساب





يا أخي لا تغسل أدناس الذنوب الا بماء المدامع، لا ينجو من قتار المعصية الا من يسارع، أحضر قلبك ساعة، عساه بنائحة الموعظة يراجع، كم لي أتلو عليك صحف الموعظة، وما أظنك سامع.


لكن يوم المعصية ما أنحسه من طالع، ويوم الطاعة مختار وكل سعد فيه طالع، أطلب، ويحك، رفاق التائبين، وجدد رسائلهم للحبيب وطالع، مصباح التقوى يدل على الجادة، وكم في ظلمة الغفلة من قاطع، ابك، ويحك، على موت قلبك وعمى بصيرتك، وكثرة الموانع. اذا لم يعظك الدهر والشيب والضعف، فما أنت صانع، فبالله يا اخواني بادروا بالمتاب، وراجعوا أنفسكم قبل يوم الحساب.


ما اعتذاري وأمر ربي عصيت حين تبدي صحائفي ما أتيت
ما اعتذاري اذا وقفت ذليلا قد نهاني ما أراني انتهيت
يا غنيا عن العباد جميعا وعليما بكل ما قد سعيت
ليس لي حجة ولا لي عذر فاعف عن زلتي وما قد جنيت


قال علي بن يحيى في كتاب لوامع أنوار القلوب: صحبت شيخا من عسقلان سريع الدمعة، حسن الخدمة، كامل الأدب، متهجدا بالليل متنسكا في النهار، وكنت أسمع أكثر دعائه الاعتذار والاستغفار، فدخل يوما في بعض كهوف جبل اللكام وغيرانه، فلما أمسى رأيت أهل الجبل وأصحاب الصوامع يهرولون اليه، ويتبركون بدعائه، فلما اصبح وعزم على الخروج، قام أحدهم، وقال: عظني، قال: عليك بالاعتذار، فانه ان قبل عذرك وفزت بالمغفرة، سلك بك الى درجات المقامات، فوجدتها أمانيك، ثم بكى وشهق وخرج من الموضع، فلم يلبث الا قليلا حتى مات.
قال: فرأيته في المنام، فقلت له: ما فعل الله بك؟ فقال: حبيبي أكرم من أن يعتذر اليه مذنب، فيخيب ظنه ولم يقبل عذره. قبل الله عذري وغفر ذنبي، وشفّعني في أصحاب اللكام.


لا شيء أعظم من ذنبي سوى أملي في حسن عفوك عن جرمي وعن عملي
فان يكن ذا وذا فالذنب قد عظما فأنت أعظم من ذنبي ومن زللي


ويروى عن يوسف بن عاصم أنه ذكر له عن حاتم الأصم أنه كان يتكلم على الناس في الزهد، والاخلاص، فقال يوسف لأصحابه: اذهبوا بنا اليه نساله عن صلاته ان كان يكملها، وان لم يكن يكملها، نهيناه عن ذلك.


قال: فأتوه وقال له يوسف: يا حاتم، جئنا نسألك عن صلاتك، فقال له حاتم: عن أي شيء تسألني عافاك الله؟ عن معرفتها أو عن تأديتها؟


فالتفت يوسف الى أصحابه، وقال لهم: زادنا حاتم ما لم نحسن أن نسأله عنه. ثم قال لحاتم: نبدأ بتأديتها.
فقال لهم: تقوم بالأمر. وتقف بالاحتساب وتدخل بالسنة، وتكبّر بالتعظيم، وتقرأ بالترتيل، وتركع بالخشوع، وتسجد بالخضوع، وترفع بالسكينة، وتتشهد بالاخلاص، وتسلم بالرحمة.
قال يوسف: هذا التأديب فما المعرفة؟.


قال: اذا قمت اليها فاعلم أن الله مقبل عليك، فأقبل على من هو مقبل عليك، واعلم أن جهة التصديق لقلبك، أنه قريب منك، قادر عليك، فاذا ركعت: فلا تؤمّل أن تقوم. ومثل الجنة عن يمينك، والنار عن يسارك، والصراط تحت قدميك، فاذا فعلت فأنت مصل. فالتفت يوسف الى أصحابه، وقال: قوموا نعيد الصلاة التي مضت من أعمارنا.


يا من مات قلبه، أي شيء تنفع حياة البدن اذا لم تفرّق بين القبيح والحسن.
سلبك المشيب من الشباب، فأين البكاء، وأين الحزن؟ اذا كان القلب خرابا من التقوى، فما ينفع البكاء في الدّمن. يا قتيل الهجران، هذا أوان الصلح بادر عسى يزول الحزن.
وقال عاصم بن محمد في كتاب لوامع أنوار القلوب: كان لي معامل يهودي، فرأيته بمكة متضرعا مبتهلا فأعجبني حسن اسلامه. فسألته عن سبب اسلامه.


فقال: تقدّمت الى أبي اسحاق ابراهيم الآحري النيسابوري، وهو يوقد في تنّور الآجر، اطلب دينا كان لي عليه، فقال لي: أسلم، واحذر نارا وقودها الناس والحجارة، فقلت: لا بأس عليك يا أبا اسحاق، فأنت أيضا فيها. قال: فعسى تعني قوله سبحانه{ وان منكم الا واردها} مريم 71. فقلت: نعم. فقال لي: أعطني ثوبك، فأعطيته ثوبي، ثم لف ثوبي في ثوبه، ثم رمى بهما في التنور، وصبر ساعة طويلة ثم قام واجدا شاهقا، باكيا ودخل في الأتون، يعني مستوقد النار وهي تتأجج لهيبا وزفيرا، وأخذ الثياب من وسط النار، وخرج على الباب الآخر، فهالني ذلك من فعله، فهرولت اليه متعجبا، واذا بالرزمة صحيحة كما كانت، فحلها، واذا بثيابي قد احترقت كأنها فحمة في وسط ثيابه، وثيابه صحيحة لم تمسها النار.


ثم قال: يا مسكين، هكذا يكون{ وان منكم الا واردها كان على ربك حتما مقضيا} مريم 71.
فأسلمت على يديه في الحال، وهذا ما رأيت من احوال الرجال.
لله درّ قوم ملأ قلوبهم بأنوار الحكمة والرشاد، حرّك ساكنا وجدهم، فتمايلهم كالغصن الميّاد، صفت زجاجة أرواحهم ورقّ لهم شراب وجدهم، وطاب لهم سماع الانشاد.
ادار عليهم حميا الحماية، فألفت عيونهم السهاد، فمنهم سكران ونشوان، وكل أيامهم بمحبوبهم أعياد.
مدّ عليهم أطناب ليل الخلوة غيرة من رقيب الرقاد، فهم يتشاكون الشواق بنفس تلف في محبة أو كاد.


والمحروم نهاره في الشقا وليله في النوم، وعمره في نفاد ركب مركب القضاء للمحنة، ففي أصل تركيبة فساد. ضيّع أيامه في الغفلة، وفي الكبر يبكي على فائت لا يعاد.


فيا معشر المذنبين جدّوا قبل الرحيل عن الأجساد.
قال يوسف بن الحسن: كنت أسير في طريق الشام، اذ عرض لي عارض، فعدلت عن الطريق فهالتني المفازة، فبدت لي صومعة، فدنوت منها، واذا براهب فيها قد أخرج رأسه منها، فأنست به، فلما دنوت منه، قال لي: يا هذا، أتريد موضع صاحبكم؟.
قال: رجل في هذا الوادي على دينكم، متخل عن فتنة الأقران، منفرد بنفسه في ذلك المكان، واشوقاه الى حديثه!.
فقلت له: وما الذي يمنعك عنه، وأنت على قرب منه؟.
فقال: أصحابي أقعدوني في هذا الموضع، وأنا أخشى على نفسي القتل منهم، ولكن اذا مضيت اليه فأقرئه مني السلام، واساله لي في الدعاء.
قال: فمضيت اليه، واذا برجل قد اجتمعت اليه الوحوش، فلما رآني قرب مني وكنت أسمع جلبة عظيمة للقوم، ولا أرى أحدا منهم، فسمعت قائلا يقول: من هذا البطال الذي وطيء محل العاملين؟.


فرأيت رجلا منكّسا راسه مسترسلا في كلامه، تعلوه هيبة ووقار شديد. فسمعته يقول: لك الحمد على ما وهبت من معرفتك، وخصصتني به من محبتك، لك الحمد على آلائك، وعلى جميع بلائك. اللهم ارفع درجتي الى درجات الأبرار للرضا بحكمك، وانقلني الى درجة الأخيار.


ثم صاح صيحة عظيمة، ثم قال: آه من لي بهم، وخرّ مغشيا عليه، فلم يتحرّك لساني هيبة له، فلما أفاق من غشيته، قال لي: سر زودّك الله التقوى، وسار عني وتركني.
نفعنا الله به، وبأمثاله... آمين.

قيّدوا هذه النفوس بزمام






  قيّدوا هذه النفوس بزمام




اخواني: قيّدوا هذه النفوس بزمام، وازجروا، هذه القلوب عن الآثام، واقرؤوا صحف العبر بألسنة الأفهام. يا من أجله خلفه وأمله قدّام، يا مقتحما على الجرائم أيّ اقتحام، انتبهوا يا نوّام، كم ضيّعتم من أعوام، الدنيا كلها منام، وأحلى ما فيها أضغاث أحلام، غير أن عقل الشيخ فيها الغلام، فكل من قهر نفسه فهو الهمام. هذه الغفلة قد تناهت، والمصائب قد تدانت، فانّا لله وانا اليه راجعون، والسلام.


مرّ عيسى عليه السلام على قرية، فوجد كل من فيها أمواتا، وهم مطروحون على وجوههم في الأزقّة، فتعجّب عيسى عليه السلام من ذلك، وقال: يا معشر الحواريين، ان هؤلاء القوم قد ماتوا على سخط وغضب، ولو ماتوا على رضا من الله، لدفن بعضهم بعضا. فقالوا: يا روح الله، وددنا أن نعرف قضيّتهم وخبرهم. قال: فسأل الله عز وجل في ذلك، فأوحى الله اليه: اذا كان الليل نادهم، فانهم يجيبونك.


فلما كان من الليل، صعد عيسى على شرف ونادى: يا أهل القرية، فأجابه مجيب من بينهم: لبيّك يا روح الله، فقال: ما قضيتكم, وما خبلاكم؟ فقال: يا روح الله، بتنا في عافية، وأصبحنا في هاوية. قال: ولم ذلك؟ قال: لحبنا في الدنيا، وطاعة لأهل المعاصي، ولم نأمر بالمعروف، ولم ننه عن المنكر. فقال له عيسى عليه السلام: كيف كان حبكم للدنيا؟ قال: كحبّ الصبي لأمه؛ اذا أقبلت فرحنا، واذا أدبرت حزنّا وبكينا. فقال له عيسى عليه السلام: يا هذا: ما بال أصحابك لم يجيبوني؟ قال: انهم ملجمون بلجام من النار بأيدي ملائكة غلاظ شداد. قال: وكيف أجبتني أنت من بينهم؟ قال: اني كنت فيهم، ولم أكن منهم، فلما نزل بهم العذاب لحقني معهم، فأنا الآن معلّق على شفير جهنّم، لا أدري: أنجو منها، أم أكبّ فيها.


أعاذنا الله منها.
يا من يسير بعمره وقد تعدّى الحدود، ابك على معصيتك فلعلك مطرود. يا من عمره ينتهب وليس الماضي يعود، قد أسمعتك المواعظ من ارشادها نصحا، وأخبرك الشيب أنك بالموت تقصد وتنحّا، وناداك لسان الاعتبار:{ يا أيها الانسان انك كادح الى ربك كدحا} الانشقاق 6.

لما انقضى زمن التواصل والرضا قد صرت تطلب ردّ أمر قد مضى
هلا أتيت ووقت وصلك ممكن وبياض شيبك في العوارض ما أضا


يا أخي: هذا أوان الرجوع والاستغفار والاقلاع عن الذنوب والأوزار. " من بلغ أربعين سنة ولم يغلب خيره على شره، فليتجهز الى النار".


أتيتك راجيا يا ذا الجلال ففرّج ما ترى من سوء حالي
عصيتك سيّدي ويلي بجهلي وعيب الذنب لم يخطر ببالي
الى من يشتكي المملوك الا الى مولاه يا مولى الموالي
فويلي لم أمي لم تلدني ولا أعصيك في ظلم الليالي
وها أنا ذا عبيدك عبد سوء ببابك واقف يا ذا الجلال
فان عاقبت يا ربي فاني محق بالعذاب وبالنكال
وان تعفو فعفوك أرتجيه ويحسن ان عفوت قبيح حالي


يقول الله عز وجل: يا عبادي، أما علمتم أني جعلت الدنيا دار تكليف وامتحان، وأني لا أخص بمنازل الفضل والاحسان الا من تاب اليّ فيها عن مواطن الزلات والعصيان، فما لكم ما أتيتم لبابي، ولا رغبتم في جزيل فضلي وثوابي، ولا خفتم من أخذي وعقابي؟.
فيا من جلّت غفلته، وطالت سكرته، تأمّل عطف الموالي عليك، واحسانه اليك. فبالله عليكم، حطّوا بالتوبة عن ظهوركم، واغسلوا وجوهكم بقطرات الدموع، واشتملوا بأردية التذلل والخضوع.


ركبت مآثمي فلقيت ذلا وسالت عبرتي طلا ووبلا
وصرت أعاتب القلب المبلا الى من يشتكي المملوك الا
الى مولاه با مولى الموالي فلطفك بي اله العرش أولى