الثلاثاء، 27 مارس 2012

لايضيع المعروف اين وضع










لايضيع المعروف اين وضع
  

 



قال القاضي يحيى بن اكثم دخلت على هارون


 الرشيد وهو مطرقا يفكر فقال لي :


 أتعرف قائل هذا البيت :


الخير ابقى وان طال الزمان به 


والشر اخبث ما اوعيت من زاد 


فقال يحي يا امير المؤمنين ان لهذا

البيت شأن مع عبيد بن الأبرص فقال حدثني عنه ,,


قال يحيى يا امير المؤمنين حدث عبيد


 قال كنت في بعض السنين حاجا فلما

توسطت البادية في يوم شديد

الحر سمعت ضجه عظيمه في القافلة


 الحقت اولها بأخرها فسألت عن القصة


فقال رجل من القوم تقدم ترى ما بالناس 


فتقدم عبيد إلى اول القافله فإذا بشجاع

أسود فاغر فاه كالجذع وهو يخور كما يخور


 الثور ويرغو كرغاء البعير فهاله أمره


 وبقي لا يهتدي إلى ما يصنع فعدلت


القافلة عن طريقها الى الناحية الأخرى ,


 فعارضهم ثانية ,


فلم يجسر احد من القوم ان يقربه

فقال عبيد افدي هذا العالم بنفسي ,


وأتقرب إلى الله بخلاص هذا القافلة منه .


فأخذ قربة من الماء فتقلدها وسل سيفه


فلما رآه قرب منه سكن وبقي عبيد


 متوقعا منه وثبة يبتلعه فلما رأى


القربة فتح فاه وجعل فم القربة في


 فيه وصب الماء كما يصب في


إناء فلما فرغت القربة تسيّب في الرمل


ومضى فتعجب من تعرضه لهم وإنصرافه


من غير سوء لحقهم , ومضوا لحجهم 


ثم عادوا في طريقهم ذلك ,


 وحطوا في منزلهم ذلك ,في ليلة مظلمة 


مدلهمة فأخذ عبيد شيئا من الماء وعدل


إلى ناحية عن الطريق فأخذت عينه فنام


مكانه فلما استيقظ من النوم لم يجد للقافلة


حسا وقد ارتحلوا وبقي منفردا لم ير


 أحدا ولم يهتد إلى ما يفعله وأخذته الحيرة ,,


وجعل يضطرب وإذا بصوت هاتف يسمع


صوته ولا يرى شخصا يقول :


يا أيها الشخص المضل مركبه 

ما عنده من ذي رشاد يصحبه


دونك هذا البكر منا تركبه

 
وبكرك الميمون حقا تجنبه

 
حتى إذا ما الليل زال غيهبه

 
عند الصباح في الفلا تسيبه

 
فنظر عبيد ,

 فإذا ببكر قائم عنده ,

وبكره إلى جانبه , فأنساخه وركبه ,

 وتجنب بكره , فلما سار قدر عشرة


أميال لاحت له القافلة وانفجر الفجر


ووقف البكر فعلم عبيد انه قد حان نزوله ,


 فتحول إلى البكر وقال :


ياأيها البكر قد انجيت من كرب

 
ومن هموم تضل المدلج الهادي

 
ألا فخبرنـــــــــــي بالله خالقنــــا


من ذا الذي جاد بالمعروف في الوادي
 
ورجع حميدا فقد بلغتنا مننـــــــــا

 
بوركت من ذي سنام رائح غادي

 
فالتفت البكر إليه وهو يقول

 : 
أنا الشجاع الذي الفيتني رمضا

 
والله يكشف ضر الحائر الصادي


فجدت بالماء لما ضن حامله


نصف النهار على الرمضا الورى

 
الخير أبقى وإم طال الزمان به

 
والشر اخبث ما اوعيت من زاد

 
هذا جزاؤك منا لا يمن به


لك الجميل علينا انك البادي
 
فعجب الرشيد من قوله :


وأمر بالقصة والأبيات فكتبت وقال :


لا يضيع المعروف أين وضع 

الشجاع :الذكر من الحيات

 
تسيّب:

 جرى ومشى مسرعا

 
مدلهمة :

اشتد سوادها

 
الرمض:


 شدة الحر وشدة وقع الشمس على الأرض




ليست هناك تعليقات: